ترك “باراباس” قافلته، كما ترك سمعان وتداوس “يهوذا”، ومر الوقت حتى بدأ الظلام يزحف على اليهودية ... عندها بدأت التحركات من جديد، في هذا الوقت كان هناك رجلان كل في طريقهما ... في بيت عبرة، كان يسير سمعان الغيور في طريقه للقاء “يهوذا الإسخريوطي”، بينما باراباس في مكان آخر وهدفه رجل آخر... هيرودس انتيباس
&&&
سار باراباس في اتجاه قصر هيرودس، كان يلبس رداء يخفي معظم وجهه، وفي طيات ملابسه كان يرقد في سلام خنجره، وهو يسير بهدوء وسط غابات وأشجار تملأ الطريق إلى القصر، وما أن وصل إلى باب خلفي كان مخصصًا لدخول عربات الطعام واللحم التي كانت تغذي القصر، وقف برفق ودق الباب، وبهدوء فُتح الباب، لينفذ باراباس بهدوء ويبدأ في السير بهدوء داخل القصر
كان باراباس يتحرك بسرعة في الظلام، إذ كان قد تعود المجيء إلي هذا القصر ويعرف دهاليزه وطرقه، وكان هدفه الرئيسي حجرة نوم الملك هيرودس
&&&
بارباس يتحرك نحو حجرة هيرودس في الظلام بينما كان “هيرودس أنتيباس” جالس في غرفته بهدوء، مع أفكاره، وفي الواقع “هيرودس أنتيباس” كان لديه الكثير من الأفكار والخطط، وعلى الرغم من ولاء “هيرودس” الكامل للرومان، إلا أنه بالنسبة لليهود هو شخص متدين وأفضل كثيرًا من حاكم اليهودية، “بيلاطس” البنطي، وهذه الازدواجية في التفكير استطاع أن يلعبها “هيرودس” بحرفية تامة.
أما “باراباس” الغيوري فكان كعادته يحاول أن يخلق المزيد من التوتر بين الرومان وبين “بيلاطس” البنطي، الرمز الروماني في اليهودية، بينما ترك “هيرودس” ملك الجليل في أحلامه؛ إذ أن كل أحلام “هيرودس” كانت منحصرة في أن يضم أورشليم إلى الإقليم الذي يسيطر عليه، والذي يحكمه “بيلاطس”، وكذلك أن يسيطر على نواحي قيصرية التي يحكمها أخيه فيلبس والذي كان أنتيباس يراه ضعيفاً ولا يستحق أن يحكم، وفي سبيل هذا كان يريد ل”بيلاطس” الوالي الروماني أن يذهب إلى الجحيم.
فهيرودس أنتيباس لم ينس مطلقًا أنه في يوم من الأيام كان كل إقليم اليهودية والجليل والسامرة ضمن حدود مملكة والده “هيرودس” الكبير، والآن وقد تقسمت المملكة وتوزعت بينه وبين أخيه فيلبس، وبين “بيلاطس” رجل روما، أصبح كل همه أن يكون شوكة في ظهر “بيلاطس”، ويخلق المشكلة بعد المشكلة حتى تسوء صورة “بيلاطس” عند قيصر.
ومن جانب آخر، كان لدية مشكلة أخرى مع فيلبس أخيه والذي كان والي على قيصرية ... ولكن لم يكن فيلبس يستحوذ الكثير من اهتمامه ... فبعد أن استطاع أن يتودد لهيروديا زوجة أخيه ويميل قلبها نحوه، أحس أنه ضرب أخيه الضعيف في مقتل، وكان يستعد للضرب الحاسمة التي ستجهز على أخيه تمامًا، ولتنفيذ هذا كانت لديه خطة، خطة شريرة. وكان الأمر يستدعي وجود زميل يساعده على الوصول إلى هدفه، زميل لا يقل عنه قسوة وشر ... زميل يسير الآن في دهاليز قصره وهدفه الوصول إليه
&&&
لا يزال “باراباس” يسير في دروب القصر في هدوء وخفة ... لا يصدر منه إلا حفيف جلبابه الفياض، وقد وضع في داخله خنجر مسنون مثل كل جماعة حاملي الخناجر ... وفي هدوء وصل بغيته (هدفه)، ليفتح الباب الضخم، ويجد نفسه في مواجهة “هيرودس” أنتيباس شخصيًا، ووقف الرجلان يواجهان بعضهما بعضًا