إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

د. إميل شكرالله: الحقيقة .. وما أدراك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • د. إميل شكرالله: الحقيقة .. وما أدراك

    http://65.17.224.235/ElaphWeb/ElaphW...6/2/126000.htm

    الحقيقة .. وما أدراك
    د. إميل شكرالله



    ------------------------------


    نشرت إيلاف مجموعة مقالات مهمة لبعض كتابها التنويريين أمثال عصام عبد الله، أنور المغيث،.. عن ثقافة المتغيرات ومفاهيم الثابت والمتغير. في هذا المقال نلقي الضوء على مفاهيم الثوابت والمتغيرات من وجهة النظر العلمية. فنحن نعيش في عالم افتراضي.. كل ما فيه تقريبي ويخضع لتقدير الإنسان الذي يملك عقلاً ناقصاً من حيث عدم القدرة على معرفة ظواهر الأمور بدقة، فكم بالأحرى عدم قدرته على معرفة بواطن الأمور. ولكي تتضح الصورة أكثر سنعرض لمفاهيم الثابت والمتغير المبنية على أسس العلوم التجريدية بأمثلة عملية لعلنا نصل من ذلك إلى شيء يفيد في جعل الحياة أفضل. في الواقع أن كلمة ثابت (constant) لا وجود لها من الناحية العملية في الكون المادي الذي نعيش فيه؛ فلا وجود للثوابت بالمعنى المطلق للكلمة، فكل شيء حولنا يتغير ولا يوجد في ذلك أي استثناء. وفي علم الرياضيات يعرف المتغير بأنه الشيء الذي يأخذ قيماً متغيرة مثل السرعة، الوزن، الزمن،… فدرجة حرارة الجو ـ مثلاً ـ تختلف من فصل لفصل، ومن يوم ليوم، ومن ساعة لأخرى، وهكذا نجدها دائماً تتغير وغير ثابتة عند رقم بعينه. وأما الثابت فيرمز إلى الكمية أو القيمة الثابتة التي لا تتغير إلا عندما تتغير الظروف التي أوجدته. وبالتالي يمكن أن نعتبر أن الثابت مجازي أو نسبي لأن قيمته مرهونة بالحالة أو الظروف التي أوجدته، هذا من ناحية ذات الثابت وجوهر تكوينه. وهو كذلك نسبي ومجازي بالنسبة إلى الإنسان الذي لم يتمكن حتى اللحظة من تحديد قيمة مضبوطة أو غير ناقصة له. هذا، ويوجد الكثير من الكائنات الرياضية التي تسمى ثوابت مطلقة مثل الأعداد . فنجد أن الفراعنة الأمجاد الذين اكتشفوا أن النسبة بين محيط الدائرة (أية دائرة) وقطرها تساوي دائماً وأبداً العدد ط وبالإنجليزية لم يستطيعوا حساب قيمته المضبوطة واكتفوا بأربعة عشرة رقماً بعد العلامة العشرية. غير أن أحداً لم يتمكن حتى اللحظة ـ بالرغم من التطور العلمي المذهل الذي نعيشه ـ من معرفة مقدار هذا الثابت بدقة أو بالضبط، فقيمته مازالت تقديرية، بمعنى أن كل إنسان يستطيع أن يتعامل معه معطياً إياه القيمة التي تناسب حساباته. سيقول أحدهم بل أن النسبة بين محيط الدائرة وقطرها ستظل أبداً ثابتة وأن التقديرات ستكون متقاربة! ونجيب بنعم النسبة ثابتة فهي تساوي ولن تكون ، غير أن هذا الثبات هو ثبات في ذات الثابت وجوهر تكوينه وليس في قدرة الإنسان على تحديد المقدار الثابت الذي فيه. نعم تقديرات الإنسان أحياناً تكون متقاربة ولكنها تبقى دائماً مختلفة. أيضاً إذا أخبرتنا محطة الأرصاد الجوية أن درجات الحرارة قد ثبتت عند الدرجة 20 مئوية مثلاً فإن ذلك يقصد به ثبات مؤقت ونسبي في فترة زمنية معينة أو في لحظة بعينها. هذا الثبات النسبي سرعان ما يلبس ثوب التغير ويبدأ رحلة التغير متبعاً في رحلته البوصلة المناخية. علاوة على ذلك فإن القول أن درجات الحرارة قد ثبتت عند الدرجة 20 مئوية غير دقيق وغير مضبوط إذ أنه مهما كانت دقة أجهزة القياس فلن تستطيع أن تعطي قياس مطلق وسوف نضطر لإهمال بعض أجزاء من الدرجة المئوية، وبالتالي فالرقم 20 لا يعبر بدقة متناهية أو مطلقة على درجات الحرارة في اللحظة المعينة ويمكن أن يزداد أو ينقص قليلاً طبقاً لحساسية أجهزة القياس ولا يمكن أن نصل إلى قيمة واحدة ثابتة. وهكذا يمكن أن نؤكد أن وصف الإنسان لحقيقة ما أنها حقيقة مطلقة (ثابتة) لا تتغير بتغير الزمان والمكان قول عار تماماً عن الصحة على الأقل من ناحية البنية العقلية والفكرية للإنسان والتي هي الأخرى تتغير طبقاً لأبعاد الزمان والمكان التي توجد فيه. فالقول ـ مثلاً ـ أن الهرم الأكبر ثابتاً في مكانه في مدينة الجيزة في مصر في قارة أفريقيا يذكره الجميع على أنه حقيقية ثابتة من حقائق اللامساس وبالتالي لا يمكن المساس بها. والآن ألا يمكن لهذه الحقيقة أن تنقض بقوة إذا كان الهرم الأكبر يتحرك بسرعة سنتيمتر كل مليون سنة. ما عسانا أن نقول عندئذ هل الهرم ثابت في مكانه أم أنه يتحرك؟. بالطبع فإن أحداً لن يستطيع الإجابة على الأقل في المكان والزمان الذي نعيش فيه وذلك لأن الإنسان لا يمتلك القدرات التي تمكنه من رؤية الهرم وهو يتحرك بسرعة سنتيمتر في المليون سنة. أو ليست شواطئ البحر الأحمر تتحرك وتتباعد بعضها عن بعض، بل وتتحرك شواطئ كل بحار ومحيطات العالم ولكن بسر عات متناهية في الصغر بالمقاييس البشرية الخاضعة لإدراك العقل البشري. هذه التغيرات التي تحتاج آلاف وملاين السنين لا يمكن للإنسان أن يلحظها في اللحظة. وحتى هذه اللحظة لا يمكن للإنسان أن يحددها بدقة.

    سيقول أحدهم أن العدد 2 على سبيل المثال هو عدد ثابت. ونقول له أن العدد 2 يجب أن يعبر عن شيء مادي فإذا قلت أنه يرمز إلى تفاحتين ـ مثلاً ـ يكون الكلام غير دقيق لأن التفاحتين غير متشابهتين تماماً في أي شيء، فهما مختلفتان في الوزن، وفي الحجم، وفي اللون، والتجانس، والشكل الهندسي، .. فهل العدد 2 يرمز إلى تفاحتين من النوع الأول أم من النوع الثاني؟ وبذلك فالعدد 2 يرمز عددياً (Numerically) فقط إلى التفاحتين أي أنه ثابت من ناحية العدد لكنه لا يعطي أية قيمة مضبوطة (Exact value) أو أي معلومات عن التفاحتين. حتى العدد 1 ـ مثلاً ـ لا يعطي قيمة مضبوطة ولا يعبر بدقة مطلقة عن جوهر الشيء الذي يرمز له إلا من الناحية العددية فقط. فإذا قلت أن فلان شخص واحد فإن هذا يعبر عنه عدديا فقط ولا يعطي أية قيمة ثابتة أو مطلقة عنه. فوزن الإنسان ـ مثلاً ـ تقريبي وليس ثابتاً؛ لأنك إذا قلت أن وزن فلان ـ مثلاً ـ 60.5 كيلوا جرام طبقاً لأحدث أجهزة قياس الوزن، ستكون بذلك قد أهملت الأجزاء الصغيرة التي تقل عن الجرام. وهكذا الحال بالنسبة للسن ـ حيث لا يمكن تحديد جزء الثانية التي يولد فيه الإنسان. فلا يوجد شيء ثابت (يمكن تحديده) من ناحية قيمته ومقداره وشكله،... حتى القيم الإنسانية والفضيلة، والعقائد والأيدلوجيات ليست من الثوابت وتتغير أو تتطور بالتزامن مع تغير أو تتطور الإنسان. فما كان الأولون يعتبرونه حقيقة نعتبره اليوم خرافة، فكل شيء في هذا الكون تقريبي وافتراضي ومجازي ونسبي، وإذا أردت أن تعرف الحقيقة المطلقة فابحث عنها عند كل سكان الأرض فكل واحد منهم يملك جزء منها، وأبحث عنها في كل المعارف والثقافات والعلوم فكل منها سيخبرك عن جزء منها. مضطرين أن نردد لحن سقراط الخالد: "إنني أعرف أنني أكاد لا أعرف شيئاً، وحتى هذا أكاد لا أعرفه".

    كاتب المقال أستاذ الرياضيات بكلية الهندسة، مصر
    ولكن ان كان انجيلنا مكتوما فانما هو مكتوم في الهالكين -
    الذين فيهم اله هذا الدهر قد اعمى اذهان غير المؤمنين
    لئلا تضيء لهم انارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله .
    (2 كورنثوس 4: 3 - 4)
    للمراسلة
    sayNewMan@yahoo.com
    المدونة
    http://www.newman-in-christ.blgospot.com

من قاموا بقراءة الموضوع

تقليص

الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

    معلومات المنتدى

    تقليص

    من يتصفحون هذا الموضوع

    يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

      يعمل...
      X