برنامج القراءة

أيوب أصحاح 25

1
فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَقَالَ:
2
«السُّلْطَانُ وَالْهَيْبَةُ عِنْدَهُ. هُوَ صَانِعُ السَّلاَمِ فِي أَعَالِيهِ.
3
هَلْ مِنْ عَدَدٍ لِجُنُودِهِ؟ وَعَلَى مَنْ لاَ يُشْرِقُ نُورُهُ؟
4
فَكَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟ وَكَيْفَ يَزْكُو مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ؟
5
هُوَذَا نَفْسُ الْقَمَرِ لاَ يُضِيءُ، وَالْكَوَاكِبُ غَيْرُ نَقِيَّةٍ فِي عَيْنَيْهِ.
6
فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ، وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ؟».

أيوب أصحاح 26

1
فَأَجَابَ أَيُّوبُ وَقَالَ:
2
«كَيْفَ أَعَنْتَ مَنْ لاَ قُوَّةَ لَهُ، وَخَلَّصْتَ ذِرَاعًا لاَ عِزَّ لَهَا؟
3
كَيْفَ أَشَرْتَ عَلَى مَنْ لاَ حِكْمَةَ لَهُ، وَأَظْهَرْتَ الْفَهْمَ بِكَثْرَةٍ؟
4
لِمَنْ أَعْلَنْتَ أَقْوَالاً، وَنَسَمَةُ مَنْ خَرَجَتْ مِنْكَ؟
5
«اَلأَخْيِلَةُ تَرْتَعِدُ مِنْ تَحْتِ الْمِيَاهِ وَسُكَّانِهَا.
6
الْهَاوِيَةُ عُرْيَانَةٌ قُدَّامَهُ، وَالْهَلاَكُ لَيْسَ لَهُ غِطَاءٌ.
7
يَمُدُّ الشَّمَالَ عَلَى الْخَلاَءِ، وَيُعَلِّقُ الأَرْضَ عَلَى لاَ شَيْءٍ.
8
يَصُرُّ الْمِيَاهَ فِي سُحُبِهِ فَلاَ يَتَمَزَّقُ الْغَيْمُ تَحْتَهَا.
9
يَحْجِبُ وَجْهَ كُرْسِيِّهِ بَاسِطًا عَلَيْهِ سَحَابَهُ.
10
رَسَمَ حَدًّا عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ عِنْدَ اتِّصَالِ النُّورِ بِالظُّلْمَةِ.
11
أَعْمِدَةُ السَّمَاوَاتِ تَرْتَعِدُ وَتَرْتَاعُ مِنْ زَجْرِهِ.
12
بِقُوَّتِهِ يُزْعِجُ الْبَحْرَ، وَبِفَهْمِهِ يَسْحَقُ رَهَبَ.
13
بِنَفْخَتِهِ السَّمَاوَاتُ مُسْفِرَةٌ وَيَدَاهُ أَبْدَأَتَا الْحَيَّةَ الْهَارِبَةَ.
14
هَا هذِهِ أَطْرَافُ طُرُقِهِ، وَمَا أَخْفَضَ الْكَلاَمَ الَّذِي نَسْمَعُهُ مِنْهُ وَأَمَّا رَعْدُ جَبَرُوتِهِ فَمَنْ يَفْهَمُ؟».

أيوب أصحاح 27

1
وَعَادَ أَيُّوبُ يَنْطِقُ بِمَثَلِهِ فَقَالَ:
2
«حَيٌّ هُوَ اللهُ الَّذِي نَزَعَ حَقِّي، وَالْقَدِيرُ الَّذِي أَمَرَّ نَفْسِي،
3
إِنَّهُ مَا دَامَتْ نَسَمَتِي فِيَّ، وَنَفْخَةُ اللهِ فِي أَنْفِي،
4
لَنْ تَتَكَلَّمَ شَفَتَايَ إِثْمًا، وَلاَ يَلْفِظَ لِسَانِي بِغِشٍّ.
5
حَاشَا لِي أَنْ أُبَرِّرَكُمْ! حَتَّى أُسْلِمَ الرُّوحَ لاَ أَعْزِلُ كَمَالِي عَنِّي.
6
تَمَسَّكْتُ بِبِرِّي وَلاَ أَرْخِيهِ. قَلْبِي لاَ يُعَيِّرُ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِي.
7
لِيَكُنْ عَدُوِّي كَالشِّرِّيرِ، وَمُعَانِدِي كَفَاعِلِ الشَّرِّ.
8
لأَنَّهُ مَا هُوَ رَجَاءُ الْفَاجِرِ عِنْدَمَا يَقْطَعُهُ، عِنْدَمَا يَسْلِبُ اللهُ نَفْسَهُ؟
9
أَفَيَسْمَعُ اللهُ صُرَاخَهُ إِذَا جَاءَ عَلَيْهِ ضِيقٌ؟
10
أَمْ يَتَلَذَّذُ بِالْقَدِيرِ؟ هَلْ يَدْعُو اللهَ فِي كُلِّ حِينٍ؟
11
«إِنِّي أُعَلِّمُكُمْ بِيَدِ اللهِ. لاَ أَكْتُمُ مَا هُوَ عِنْدَ الْقَدِيرِ.
12
هَا أَنْتُمْ كُلُّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمْ، فَلِمَاذَا تَتَبَطَّلُونَ تَبَطُّلاً؟ قَائِلِينَ:
13
هذَا نَصِيبُ الإِنْسَانِ الشِّرِّيرِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمِيرَاثُ الْعُتَاةِ الَّذِي يَنَالُونَهُ مِنَ الْقَدِيرِ.
14
إِنْ كَثُرَ بَنُوهُ فَلِلسَّيْفِ، وَذُرِّيَّتُهُ لاَ تَشْبَعُ خُبْزًا.
15
بَقِيَّتُهُ تُدْفَنُ بِالْمَوْتَانِ، وَأَرَامِلُهُ لاَ تَبْكِي.
16
إِنْ كَنَزَ فِضَّةً كَالتُّرَابِ، وَأَعَدَّ مَلاَبِسَ كَالطِّينِ،
17
فَهُوَ يُعِدُّ وَالْبَارُّ يَلْبَسُهُ، وَالْبَرِئُ يَقْسِمُ الْفِضَّةَ.
18
يَبْنِي بَيْتَهُ كَالْعُثِّ، أَوْ كَمَظَلَّةٍ صَنَعَهَا النَّاطُورُ.
19
يَضْطَجعُ غَنِيًّا وَلكِنَّهُ لاَ يُضَمُّ. يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَلاَ يَكُونُ.
20
الأَهْوَالُ تُدْرِكُهُ كَالْمِيَاهِ. لَيْلاً تَخْتَطِفُهُ الزَّوْبَعَةُ.
21
تَحْمِلُهُ الشَّرْقِيَّةُ فَيَذْهَبُ، وَتَجْرُفُهُ مِنْ مَكَانِهِ.
22
يُلْقِي اللهُ عَلَيْهِ وَلاَ يُشْفِقُ. مِنْ يَدِهِ يَهْرُبُ هَرْبًا.
23
يَصْفِقُونَ عَلَيْهِ بِأَيْدِيهِمْ، وَيَصْفِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَكَانِهِ.

أيوب أصحاح 28

1
«لأَنَّهُ يُوجَدُ لِلْفِضَّةِ مَعْدَنٌ، وَمَوْضِعٌ لِلذَّهَبِ حَيْثُ يُمَحِّصُونَهُ.
2
الْحَدِيدُ يُسْتَخْرَجُ مِنَ التُّرَابِ، وَالْحَجَرُ يَسْكُبُ نُحَاسًا.
3
قَدْ جَعَلَ لِلظُّلْمَةِ نَهَايَةً، وَإِلَى كُلِّ طَرَفٍ هُوَ يَفْحَصُ. حَجَرَ الظُّلْمَةِ وَظِلَّ الْمَوْتِ.
4
حَفَرَ مَنْجَمًا بَعِيدًا عَنِ السُّكَّانِ. بِلاَ مَوْطِئٍ لِلْقَدَمِ، مُتَدَلِّينَ بَعِيدِينَ مِنَ النَّاسِ يَتَدَلْدَلُونَ.
5
أَرْضٌ يَخْرُجُ مِنْهَا الْخُبْزُ، أَسْفَلُهَا يَنْقَلِبُ كَمَا بِالنَّارِ.
6
حِجَارَتُهَا هِيَ مَوْضِعُ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ، وَفِيهَا تُرَابُ الذَّهَبِ.
7
سَبِيلٌ لَمْ يَعْرِفْهُ كَاسِرٌ، وَلَمْ تُبْصِرْهُ عَيْنُ بَاشِق،
8
وَلَمْ تَدُسْهُ أَجْرَاءُ السَّبْعِ، وَلَمْ يَعْدُهُ الزَّائِرُ.
9
إِلَى الصَّوَّانِ يَمُدُّ يَدَهُ. يَقْلِبُ الْجِبَالَ مِنْ أُصُولِهَا.
10
يَنْقُرُ فِي الصُّخُورِ سَرَبًا، وَعَيْنُهُ تَرَى كُلَّ ثَمِينٍ.
11
يَمْنَعُ رَشْحَ الأَنْهَارِ، وَأَبْرَزَ الْخَفِيَّاتِ إِلَى النُّورِ.
12
«أَمَّا الْحِكْمَةُ فَمِنْ أَيْنَ تُوجَدُ، وَأَيْنَ هُوَ مَكَانُ الْفَهْمِ؟
13
لاَ يَعْرِفُ الإِنْسَانُ قِيمَتَهَا وَلاَ تُوجَدُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ.
14
الْغَمْرُ يَقُولُ: لَيْسَتْ هِيَ فِيَّ، وَالْبَحْرُ يَقُولُ: لَيْسَتْ هِيَ عِنْدِي.
15
لاَ يُعْطَى ذَهَبٌ خَالِصٌ بَدَلَهَا، وَلاَ تُوزَنُ فِضَّةٌ ثَمَنًا لَهَا.
16
لاَ تُوزَنُ بِذَهَبِ أُوفِيرَ أَوْ بِالْجَزْعِ الْكَرِيمِ أَوِ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ.
17
لاَ يُعَادِلُهَا الذَّهَبُ وَلاَ الزُّجَاجُ، وَلاَ تُبْدَلُ بِإِنَاءِ ذَهَبٍ إِبْرِيزٍ.
18
لاَ يُذْكَرُ الْمَرْجَانُ أَوِ الْبَلُّوْرُ، وَتَحْصِيلُ الْحِكْمَةِ خَيْرٌ مِنَ اللّآلِئِ.
19
لاَ يُعَادِلُهَا يَاقُوتُ كُوشٍ الأَصْفَرُ، وَلاَ تُوزَنُ بِالذَّهَبِ الْخَالِصِ.
20
«فَمِنْ أَيْنَ تَأْتِي الْحِكْمَةُ، وَأَيْنَ هُوَ مَكَانُ الْفَهْمِ؟
21
إِذْ أُخْفِيَتْ عَنْ عُيُونِ كُلِّ حَيٍّ، وَسُتِرَتْ عَنْ طَيْرِ السَّمَاءِ.
22
اَلْهَلاَكُ وَالْمَوْتُ يَقُولاَنِ: بِآذَانِنَا قَدْ سَمِعْنَا خَبَرَهَا.
23
اَللهُ يَفْهَمُ طَرِيقَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَكَانِهَا.
24
لأَنَّهُ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. تَحْتَ كُلِّ السَّمَاوَاتِ يَرَى.
25
لِيَجْعَلَ لِلرِّيحِ وَزْنًا، وَيُعَايِرَ الْمِيَاهَ بِمِقْيَاسٍ.
26
لَمَّا جَعَلَ لِلْمَطَرِ فَرِيضَةً، وَمَذْهَبًا لِلصَّوَاعِقِ،
27
حِينَئِذٍ رَآهَا وَأَخْبَرَ بِهَا، هَيَّأَهَا وَأَيْضًا بَحَثَ عَنْهَا،
28
وَقَالَ لِلإِنْسَانِ: هُوَذَا مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ، وَالْحَيَدَانُ عَنِ الشَّرِّ هُوَ الْفَهْمُ».

أيوب أصحاح 29

1
وَعَادَ أَيُّوبُ يَنْطِقُ بِمَثَلِهِ فَقَالَ:
2
«يَا لَيْتَنِي كَمَا فِي الشُّهُورِ السَّالِفَةِ وَكَالأَيَّامِ الَّتِي حَفِظَنِي اللهُ فِيهَا،
3
حِينَ أَضَاءَ سِرَاجَهُ عَلَى رَأْسِي، وَبِنُورِهِ سَلَكْتُ الظُّلْمَةَ.
4
كَمَا كُنْتُ فِي أَيَّامِ خَرِيفِي، وَرِضَا اللهِ عَلَى خَيْمَتِي،
5
وَالْقَدِيرُ بَعْدُ مَعِي وَحَوْلِي غِلْمَانِي،
6
إِذْ غَسَلْتُ خَطَوَاتِي بِاللَّبَنِ، وَالصَّخْرُ سَكَبَ لِي جَدَاوِلَ زَيْتٍ.
7
حِينَ كُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْبَابِ فِي الْقَرْيَةِ، وَأُهَيِّئُ فِي السَّاحَةِ مَجْلِسِي.
8
رَآنِي الْغِلْمَانُ فَاخْتَبَأُوا، وَالأَشْيَاخُ قَامُوا وَوَقَفُوا.
9
الْعُظَمَاءُ أَمْسَكُوا عَنِ الْكَلاَمِ، وَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ.
10
صَوْتُ الشُّرَفَاءِ اخْتَفَى، وَلَصِقَتْ أَلْسِنَتُهُمْ بِأَحْنَاكِهِمْ.
11
لأَنَّ الأُذُنَ سَمِعَتْ فَطَوَّبَتْنِي، وَالْعَيْنَ رَأَتْ فَشَهِدَتْ لِي،
12
لأَنِّي أَنْقَذْتُ الْمِسْكِينَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْيَتِيمَ وَلاَ مُعِينَ لَهُ.
13
بَرَكَةُ الْهَالِكِ حَلَّتْ عَلَيَّ، وَجَعَلْتُ قَلْبَ الأَرْمَلَةِ يُسَرُّ.
14
لَبِسْتُ الْبِرَّ فَكَسَانِي. كَجُبَّةٍ وَعَمَامَةٍ كَانَ عَدْلِي.
15
كُنْتُ عُيُونًا لِلْعُمْيِ، وَأَرْجُلاً لِلْعُرْجِ.
16
أَبٌ أَنَا لِلْفُقَرَاءِ، وَدَعْوَى لَمْ أَعْرِفْهَا فَحَصْتُ عَنْهَا.
17
هَشَّمْتُ أَضْرَاسَ الظَّالِمِ، وَمِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ خَطَفْتُ الْفَرِيسَةَ.
18
فَقُلْتُ: إِنِّي فِي وَكْرِي أُسَلِّمُ الرُّوحَ، وَمِثْلَ السَّمَنْدَلِ أُكَثِّرُ أَيَّامًا.
19
أَصْلِي كَانَ مُنْبَسِطًا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالطَّلُّ بَاتَ عَلَى أَغْصَانِي.
20
كَرَامَتِي بَقِيَتْ حَدِيثَةً عِنْدِي، وَقَوْسِي تَجَدَّدَتْ فِي يَدِي.
21
لِي سَمِعُوا وَانْتَظَرُوا، وَنَصَتُوا عِنْدَ مَشُورَتِي.
22
بَعْدَ كَلاَمِي لَمْ يُثَنُّوا، وَقَوْلِي قَطَرَ عَلَيْهِمْ.
23
وَانْتَظَرُونِي مِثْلَ الْمَطَرِ، وَفَغَرُوا أَفْوَاهَهُمْ كَمَا لِلْمَطَرِ الْمُتَأَخِّرِ.
24
إِنْ ضَحِكْتُ عَلَيْهِمْ لَمْ يُصَدِّقُوا، وَنُورَ وَجْهِي لَمْ يُعَبِّسُوا.
25
كُنْتُ أَخْتَارُ طَرِيقَهُمْ وَأَجْلِسُ رَأْسًا، وَأَسْكُنُ كَمَلِكٍ فِي جَيْشٍ، كَمَنْ يُعَزِّي النَّائِحِينَ.

مرقس أصحاح 7

1
وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَقَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَادِمِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ.
2
وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ، أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ، لاَمُوا.
3
لأَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إِنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ بِاعْتِنَاءٍ، لاَ يَأْكُلُونَ، مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ.
4
وَمِنَ السُّوقِ إِنْ لَمْ يَغْتَسِلُوا لاَ يَأْكُلُونَ. وَأَشْيَاءُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِلتَّمَسُّكِ بِهَا، مِنْ غَسْلِ كُؤُوسٍ وَأَبَارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَأَسِرَّةٍ.
5
ثُمَّ سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ:«لِمَاذَا لاَ يَسْلُكُ تَلاَمِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ، بَلْ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ؟»
6
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا،
7
وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ.
8
لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ، وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».
9
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:«حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!
10
لأَنَّ مُوسَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا.
11
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي
12
فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ.
13
مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».
14
ثُمَّ دَعَا كُلَّ الْجَمْعِ وَقَالَ لَهُمُ:«اسْمَعُوا مِنِّي كُلُّكُمْ وَافْهَمُوا.
15
لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، لكِنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.
16
إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».
17
وَلَمَّا دَخَلَ مِنْ عِنْدِ الْجَمْعِ إِلَى الْبَيْتِ، سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَنِ الْمَثَلِ.
18
فَقَالَ لَهُمْ:«أَفَأَنْتُمْ أَيْضًا هكَذَا غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ،
19
لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى الْجَوْفِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ، وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ».
20
ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.
21
لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ،
22
سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ.
23
جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
24
ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ،
25
لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ.
26
وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا.
27
وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا:«دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».
28
فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ:«نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!».
29
فَقَالَ لَهَا:«لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ».
30
فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ.
31
ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ.
32
وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.
33
فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ،
34
وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ:«إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ.
35
وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا.
36
فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ. وَلكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيرًا.
37
وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ:«إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ».