إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

للبيت رب يحيمه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للبيت رب يحيمه

    للبيت رب يحميه

    م: عماد توماس
    emadtomas@hotmail.com

    بعد أن هدأت قليلا عاصفة الفيلم الهولندي (الفتنه) المسئ للإسلام، وانخمدت نار نشر الرسومات الكاريكاتورية المسيئة، وبعد أن تابعنا ردود الفعل المختلفة، سواء كانت منددة وغاضبة بشكل متحضر أو ساخطة عنيفة بشكل غير متحضر، وبعد تراجع إحسان جامى منتج الفيلم الكارتوني الذى يحمل اسم «حياة محمد» عن عرضة يوم الأحد الماضى 20 ابريل (نيسان) ، الذي يتعرض فيه لعلاقة نبى الإسلام الزوجية مع زوجاته وخاصة السيدة عائشة. التي تزوجها وهي في سن مبكرة. موضحاً أنه لا يريد أن يكون سبباً في انشقاق الجماعات المختلفة التي تكون المجتمع الهولندي.

    المدهش أن من يتزعم الحملة لعرض الفيلمين " فتنة" و "حياة محمد" يحملان الجنسية الهولندية، فالأول هو اليميني الهولندى فيلدرز ، والثانى هو السياسي الهولندي إحسان جامي من أصل إيراني، وارتد عن الإسلام، ولجأ إلي هولندا مع والديه وعمره ١١عاماً، وأسس في سبتمبر الماضي لجنة هدفها التشجيع علي ترك الإسلام وحماية المسلمين المرتدين.
    لذلك نرى انه لزاما علينا أن نضع بعض المفاهيم والتعليقات والملاحظات على ما حدث:

    أولا : لا شك أن الدين يمثل مكون رئيسي وهام في حياة شعوبنا الشرقية، فالحماسة والغيرة التي تظهر عندما يعتقد احد المتدينين أن هناك من يسئ إلى دينه، أمر مفهوم لا غبار عليه.والانزعاج والغضب مطلوب. لكن علينا قبل أن نغضب من صُناع الفيلم أن نعلن عن غضبنا فى من شاركوا فى هذه الأعمال.

    ثانيا : الدين اكبر من أن يدافع عنه إنسان مهما كان، فلا يمكن لفرد أو جماعه تنصب نفسها حكماً أو دفاعا عن الله، وتحضرني هنا قصة أبرهة عندما حاول أن يستولى على البيت الحرام فوقف أمامه عبد المطلب مدافعا عن الإبل تاركا البيت الحرام، فتعجب أبرهة لهذا الموقف فكان رد عبد المطلب : " أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه "
    وفى الإنجيل حاول احد الحواريين (التلاميذ) ويدعى بطرس أن يدافع عن السيد المسيح عندما جاء اليهود ليقبضوا علية ليصلبوه، فاستل بطرس سيفا وقطع أذن احد الجنود فكان جواب المسيح لبطرس " رد سيفك إلى مكانه لأن الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون , أتظن أنى لا أستطيع أن أطلب إلى أبى فيقدم لي أكثر من أثنى عشر جيشا من الملائكة. "
    أتعجب كثيرا عندما يثور بعض من المسيحيين عندما يهاجم احدهم الكتاب المقدس ويصفه بـ "المكدس" و "التحريف" ويتصورون أنهم حماة الدين والمتحدثون باسم الله ونسى البعض ما قاله العلامة سبرجن عندما سأله احدهم أن يدافع عن الكتاب المقدس فأجابه : "ماذا تقول؟ أنا أدافع عن الكتاب المقدس!! وهل يدافع أحد عن الأسد؟!! فالكتاب المقدس كالأسد، أطلق الأسد من عرينه وهو قادر أن يدافع عن نفسه" الم نتعلم الدرس إذن أننا لسنا بمحامين عن الله.
    فهل بضعة رسومات رسمها أحد الرسامين المغمورين، أو فيلم تسجيلي قصير مدته 15 دقيقة، يثور على أثرهما العالم الاسلامى وتخرج المظاهرات في كافة أرجاء المعمورة ، يحرقون سفارات الدول، ويقتلون أرواح بريئة ويتصورون أنهم يقدمون خدمة لله، وأتعجب أيضاً عندما أشاهد جمعا من طلبة الجامعة يحرقون أعلام الدول التي أساءت إلى نبى الإسلام، فمن نحن حتى ندافع عن الدين أو بالأحرى ندافع عن الله، فالله اكبر من إن يدافع عنه فرد أو جماعه، وهو وحده سبحانه القادر على حماية الدين، فمن يقف على صخرة الحق لا يخشى الأمواج الهائجة.

    ثالثا : يحتوى الفيلم المثير للجدل (فتنة)، وهو وناطق بعدة لغات العربية والانجليزية والهولندية، على مشاهد العنف التي قام بها بعض من الإرهابيين مثل حادث 11 سبتمبر2001 والتفجيرات التي تعرضت لها لندن ومدريد. ويبدأ بأحد الصور المسيئة لنبي الإسلام وقد تم حذفها فى النسخة المعدلة للفيلم بعد تهديد صاحب الرسم برفع دعوى حفاظا على حقوق الملكية ، ووضع بدلاً منها صورة قنبلة تشير الى العالم الذى على وشك الانفجار، ويتضمن الفيلم مشهدا من حلقة من إحدى البرامج الفضائية تظهر فيها طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها 4 سنوات وهى تقول أن اليهود "قردة وخنازير" كما يعرض بعض من الخطب الدينية الحماسية لائمة المسلمين وهم يهددون ويتوعدون النصارى واليهود، كذلك صورا لامرأة تتعرض للرجم ومشاهد من عملية قطع رأس شخص وصورا للمخرج الهولندي، فان كوخ الذي قتل على يد مسلم يحمل الجنسيتين الهولندية والمغربية عام 2004. ويحتوى أيضا على مشاهد لبعض المظاهرات التي خرج فيها مسلمين رافعين لافتات بالانجليزية تقول " فلتذهب الحرية إلى الجحيم". وفى نهاية الفيلم تظهر عبارة "أوقفوا الأسلمه. دافعوا عن الحرية".
    ويزعم النائب الهولندي فيلدرز أن فيلمه هو "التحذير الأخير" للغرب خوفا من الإسلام. وكأنه يصر على تأجيج الطائفية أو تأكيد حرية الرأى كما يزعم فيلدرز الذي ينشر فكر الكراهية للأخر ويحرض على العنف من خلال النظرة الأحادية للإسلام.

    رابعاً : دائما يعرف الشخص المتحضر من رد فعله تجاه الأفعال التي توجه ضده، فالرأي بالرأي والفكر بالفكر، والجزاء من جنس العمل، فيجب على كل من رأى أن هذا الفيلم يسئ إلى الإسلام، أن يظهر الجانب الايجابي ويقوم بتوضيح صحيح الإسلام، ولماذا لم يعتبر البعض أن صناع الفيلم أرادوا نقد الفكر المتطرف للدين وليس الدين نفسه. فلماذا لا يكون الرد بإنتاج فيلم يظهر الجانب الايجابي من الإسلام والمسلمين ومحو الصورة السيئة التى أخذها بعض من الغرب عن المسلمين.
    فحالة الجدل الاعلامى التي تثار حول الإسلام من أن لأخر، يجب أن يستفيد منها المسلمون، فالغرب لا يعرف إلا القشور عن الإسلام، وربما تكون صورة المسلم في نظره هى صورة "بن لادن" وأتباعه، فالعبء يقع على المؤسسات الدينية كالأزهر الشريف والمفكرين المستنيرين ليقوموا بدورهم في توضيح أسباب لجوء بعض من المسلمين للعنف ورفض الآخر، ويفسروا لنا آيات العنف التي استخدمها صُناع فيلم (الفتنة) تبريرا لأفعال المسلمين.

    خامساً : المؤسف في نظرة صناع الفيلم للإسلام، هى نظرة التعميم فأكثرية المسلمين ترفض التطرف والعنف، ولا يجب تحميل الجماعة خطأ بعض الأفراد.وأنصاف الحقائق ليست إنصافا للحق، فكان يجب أن تكون النظرة موضوعية وشاملة.

    سادساً: رغم شجبنا التام لمثل هذا الفيلم وهذه الرسومات التي يعتبرها البعض تندرج تحت بند التعبير والإبداع وحرية الرأي، إلا أنهم نسوا أو تناسوا انه لا يجوز استخدام حرية التعبير في الإساءة إلي المشاعر الدينية، وان الدين يمثل خصوصية في العالم الشرقي وان القيم الإنسانية والثقافية تختلف من الشرق عن الغرب، ففي عالمنا الشرقي إذا وجدت إنسانا يطلب المساعدة في الطريق العام تهب لنجدته وتقديم واجب المساعدة كنوع من الشهامة العربية، لكنك في الغرب إذا وجدت إنسان ملقى في قارعة الطريق فانك تتركه لحال سبيله بل إذا تتدخل احد لنجدته يعتبره البعض نوع من التدخل في أمر لا يخصه !!

    سابعاً: انتشر الفيلم على مواقع الانترنت المختلفة ربما كنوع من الدعاية فالممنوع مرغوب. فلو لم يكن قد عُرض الفيلم بدون احتجاج أو معارضة لما قد سمع عنه احد، ليتنا نتعلم ان تجاهل بعض الأشياء قد يكون مفيدا فى أحيان كثيرة والمواجهة لا تكون بالمنع والمصادرة بل بالرأي والفكر، فقد صادر الأزهر الشريف من قبل كتب للدكتورة نوال السعداوى والدكتور نصر ابو زيد والدكتور سيد القمنى، فانتشر فكرهم ولاقى رواجا غير مسبوق بسبب ثقافة المنع والمصادرة التى باتت لا تنفع فى زمن العولمة والفضاء المفتوح.

    ثامناً : لا يجب أن تأخذنا الحماسة الدينية في توجيه اتهامات للغرب بالمؤامرة الكبرى والحرب الشاملة ضد الإسلام، فالدافع الديني والنزعة الدينية في الغرب اقل ما تكون في مكان أخر فلا يمثل الدين مكون أساسي في حياة معظم الشعوب الغربية، فكما أساء بعض من الغرب لنبي الإسلام، أساءوا أيضا للسيد المسيح ، بأفلام تحض من قدره مثل فيلم "شفرة دافنشى" وفيلم "الإغواء الأخير" ، وأحد المسلمين قام بإعادة رسم لوحة "العشاء الأخير" بطريقة ساخرة من السيد المسيح وتلاميذه، واضعا السيد المسيح مرتديا عمامة وأمامه طعام فاخر "سمك ودجاج" وقام آخر بتعليقها كلافتة على مطعم للمأكولات، ولم تندلع مظاهرات من المسيحيين على أثرها، فهل هذا يعنى أن المسيحيون اقل حماسة وحبا للمسيح !! كما أن هناك مئات من أشرطة الكاسيت التي تهاجم العقيدة المسيحية وآلاف الكتب التي تزدرى بالمسيحية مثل كتاب "فتنة التكفير" لمحمد عمارة، و "عظمة الرسالة المحمدية" لمحمد السادات ، وأخيرا وليس أخرا كتاب " إنا كفيناك المستهزئين". للكاتب عبد الرازق قناوي، ناهيك عن كتابات المدعو د.زغلول النجار بجريدة الأهرام، ورغم ذلك لم نرَ جموع من المسلمين تندد وتشجب وتغضب !!

    تاسعاً: يجب أن نفكر بجدية لماذا يقف بعض من الغرب هذا الموقف ضد الإسلام، الم يشعروا بخطورته من خلال بعض من المتأسلمين الذين نالوا من سلامهم بهجمات إرهابية قتلت أبرياء لا ذنب لهم، أليس كل مشاهد الفيلم عبارة عن توثيق لما فعله المتأسلمين من عنف ضد الآخر، ولماذا يستخدم هؤلاء ويستندون على بعض من الآيات القرءانية ويرددون (قال الله وقال الرسول) فهل قال الله ما يزعمون، أليس من الأجدر أن نقف أمام هؤلاء المتأسلمين الذين أساءوا للعرب جميعا !!

    أخيراً : الأزمة التي نحن فيها هى أزمة ثقافية، فنحن في خلاف ثقافي كبير، قد يسميه البعض "صدام حضارات" أو "صدام ثقافات" ايا كان المسمى، ففي النهاية هناك هوة كبيرة بيننا وبين الغرب. فلا عجب أن يندهش الغرب من رد فعلنا تجاه الرسومات الكاريكاتورية والفيلم الهولندي (الفتنه) ،والحل نراه يتطلب جهد كبير من المؤسسات الدينية، بنشر فكر وثقافة قبول الآخر المغاير، واحترامه بعيدا عن التكفير والتخوين، وهناك حلول على الأمد الطويل من خلال تغيير منظومة التعليم والاعلام من الصورة النمطية (حفظ وتلقين) إلى الصورة الإبداعية (تفكير وإبداع) وأن نتسلح بالعلم والمعرفة فلا مكان لأنصاف المتعلمين والمغيبين.

من قاموا بقراءة الموضوع

تقليص

الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

    معلومات المنتدى

    تقليص

    من يتصفحون هذا الموضوع

    يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

      يعمل...
      X