إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ابني إني انتظرك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابني إني انتظرك

    ابني إني انتظرك


    كان عماد جالساً على المكتب أمام الكمبيوتر واضعاً السماعات على أذنيه يعمل بتركيز تام حين جاء إليه ابنه مسرعاً ومهللاً: أبي ..
    _ انتفض عماد من مجلسه ورفع السماعة قائلاً ألا ترى أنني مشغول .. بعد أن أنتهي من عملي سأجلس معك كما تريد
    _ ولكني يا أبي أريدك في موضوع مهم جداً
    كان عماد يعرف ابنه جيداً، طالما يريد منه شيئاً فإنه لن يتركه إلا إذا قال ما يريد، حتى ولو أطاعه وتركه في البداية سيظل يحوم حوله وكل دقيقة يسأله:" هل انتهيت يا بابا من عملك؟". والنتيجة أنه لن يستطيع أن يستمر في عمله بهدوء، لذا قرر عماد أن يترك ما يقوم به ويتفرغ له، وبعد أن ينتهي من طلبه سيعود لعمله مرة أخرى، فهذا استثمار أكثر للوقت.
    وفعلاً ترك عماد ما يقوم به وأخذ أندرو في حضنه قائلاً: ماذا تريد؟
    _ لقد نظمت مدرستي يوماً رياضياً وسيكون من ضمن فقراته سباق للجري لطلاب الصف الثاني الإبتدائي .. ومَن يرغب في الاشتراك بالسباق عليه أن يكتب اسمه عند المشرف
    _ فهم عماد ما يرمي إليه ابنه لكنه قال له: "وماذا في ذلك؟"
    _ فقال أندرو بتعجب وغيظ: وماذا في ذلك؟!! .. ألست طالباً في الصف الثاني الإبتدائي؟!
    _ فقال عماد بكل جدية وهو يحاول أن يخفي ابتسامته: نعم
    _ إذن هل تسمح لي بالاشتراك في هذا السباق؟
    - حسناً يا أندرو، أنا موافق .. ولكن حتى تفوز عليك بالتدريب، متى يحين موعد السباق؟
    - بعد شهر .. وسيكون في المنتزه
    - إذن سنذهب معاً يومياً للتدريب في المنتزه .. حتى تكون مستعداً وقت السباق


    بدأ عماد في تدريب ابنه يومياً في نفس مكان السباق، وكان يلاحظ أخطاءه في التدريب، وينصحه ويرشده للطريقة الصحيحة التي يجب عليه أن يتبعها في السباق حتى يفوز وينتصر. فمثلاً عندما كان أندرو يسرع في الجري في البداية كان يتعب في منتصف الطريق فيتوقف ولا يستطيع أن يُكمل للنهاية .. فكان عماد ينصحه بأنه عليه ألا يسرع، وإذا كان يريد أن يفوز في السباق ويصل للهدف عليه أن ينظم تنفسه ولا يتسرع في الوصول للهدف، لأن هذا سيفقده قوته ويجعله غير قادر على تكملة السباق، لذا عليه أن يكون صبوراً وهادئاً غير متجعل. وعندما كان أندرو يجلس في منتصف الطريق للراحة، كان عماد يعلمه أن الراحة في منتصف الطريق ستجعله ينهزم في السباق لأن الجميع يجري ولا أحد ينتظره، لذا إذا كان يريد أن يفوز في عليه أن يجري ولا يتوقف، فالسرعة الزائدة غير مطلوبة وكذلك البطء الشديد والتراخي غير مطلوبين أيضاً. ظل عماد يدرب ابنه في نفس الطريق المخصصة للسباق النهائي، لقد كان صبوراً معه .. هادئاً .. متحملاً أي خطأ .. ولكن كل هذا يهون أمام نجاح ابنه في السباق. جاء يوم الامتحان .. يوم السباق .. ووقف عماد ولديه ثقة كاملة بأن ابنه سينجح ويفوز في السباق بعد كل التدريب الذي قام به معه .. لقد اجتاز طريق السباق معه من قبل طيلة الشهر الماضي. هذا بخلاف الوقت الذي قضاه معه للتدريب، فهو لم يبخل على ابنه بالمجهود والوقت وكل هذا في سبيل فرحته به وبنجاحه. دوى صوت الطلقة معلنة عن بدء السباق، وقف عماد ينتظر ابنه عند خط النهاية، وقلبه يخفق متسائلاً: "ترى هل سينجح؟ .. هل سيجني ثمر تعبه ومجهوده في تعليمه طيلة الشهر الماضي؟ ..."، ثم يعود يقول بثقة، نعم سينجح، أبعد كل هذا التدريب من الممكن أن يخفق؟ بالتأكيد سينجح؟".. يظهر طفل من بعيد، وقلب عماد يخفق، هل هذا هو ابنه أندرو؟، ولكن بعد أن تظهر ملامح الطفل يشعر عماد بالإحباط فهو ليس أندرو، بالتأكيد سيكون هو الثاني .. ولكن الطفل الثاني وصل وتبعه الثالث والرابع ... أين أندرو؟ .. أين ذهب؟ .. لقد اجتازنا هذا الطريق معاً فكيف يخفق؟ .. لقد دربته كيف يصل للهدف فلماذا لم ينفذ وصاياي له؟ .. وقف عماد ينتظر وهو حزين لقد خذله ابنه .. وأخيراً ظهر أندرو وهو مرهق الجسد .. وبالرغم من حزن عماد إلا أنه جرى على ابنه وأخذه في حضنه قائلاً: "لماذا با بنيّ؟ .. لقد كنت أنتظرك في نهاية الطريق وكلي أمل أن تفوز في السباق .. ما الذي جعلك تتأخر؟ .. ألم نجتز معاً هذه الطريق مراراً وتكراراً فلماذا إذن أخفقت؟
    أجاب أندرو بكل بساطة: لأني كنت أستريح في منتصف الطريق عندما كنت أشعر بالتعب.

    عزيزي القاريء، هل فعلت يوماً مثل أندرو؟ هل أحزنت قلب أبيك السماوي لأنك أخفقت في السباق بعد كل التدريب الذي دربه لك؟. يقول الكتاب المقدس:

    "لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ." عبرانيين 14،13:5


    إن إلهنا يسير معنا في الطريق ليدربنا كيف نفوز في السباق .. ويدرب حواسنا على التمييز بين الخير والشر، وكيفية التصرف السليم عندما نواجه ألم أو مشكلة، وينتظر أن ننجح بعد كل هذا التدريب عندما نمر بظروف وضغوط وتجارب. ولكن حتى ننجح في الظروف والضغوط التي نواجهها علينا أن نتذكر أن أبانا السماوي قد سبق ومر معنا في هذه الطريق من قبل، وأن نتذكر كلماته وتوجيهاته لنا لننفذها، ولنتذكر أن أبانا السماوي ينتظرنا في نهاية السباق بشوق ولهفة .. وعلينا أن نختار بين أمرين: إما أن نفوز السباق ونجد أبانا السماوي في استقبالنا وهو فخور بنا، أو ننهزم في السباق ونُحزن قلبه. وبالرغم من ذلك يأخذنا بين ذراعيه متسائلاً: "لماذا يا بنيّ؟ .. لقد كنت أنتظرك، فلماذا لم تفز في السباق؟"، وعندها نجيب بكل بساطة: "كنت أستريح قليلاً!!".
    sigpic
    بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجعُ بَلْ أَيْضًا أَنَامُ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ مُنْفَرِدًا فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي

من قاموا بقراءة الموضوع

تقليص

الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

    معلومات المنتدى

    تقليص

    من يتصفحون هذا الموضوع

    يوجد حاليا 2 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 2 زائر)

      يعمل...
      X