مجازاة الإساءات

[القس / الفريد فائق صموئيل]

مجازاة الإساءات
بقلم القس / الفريد فائق صموئيل

كيف تجازي مَنْ قام بإساءة وُجهت إليك أو إلي من تحب أو إلي من تؤمن به؟
أمامك الإختيار. فهل سترد بالرد البشري أم بما هو أقل منه أم بما هو أعلى منه؟
إن ردك على الإساءة والإهانة هو دليل إيمانك وإنعكاس لعقيدتك.
قام كثيرون (ومعظمهم من اللادينيين) عبر الأزمنة وفي مختلف بقاع الأرض بإهانة المسيحية والرب يسوع المسيح والإنجيل وبالإساءة لكل رموز وشخصيات المسيحية وعلى رأسها القديسة العذراء والمطوبة مريم. وكان آخر هذه الاساءات (خارج مصر) الفيلم الذي أنتجته شركة قطرية باللغة الفرنسية. وحدث منذ أيام (داخل مصر) أن قام الشيخ أبو اسلام بإهانة وتمزيق الإنجيل على منصة الاحتجاج أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة؛ وقام أحد أتباعه وبجواره بحرق الكتاب المقدس؛ وتوعد وسط الزحام بعد أن خرج من سيارته وطلب مكبر الصوت قائلا أن سيتبول على الإنجيل في المرة القادمة؟. وكان رائعا من سيدة محجبة أن تعترض على ذلك وبكل جراءة تضرب سيارة الشيخ أبو إسلام وهي تقول انتم كده بتعملوا فتنة في البلد.
وهناك في مختلف بقاع الأرض صدر العديد من الرسوم المسيئة والأفلام المهينة والأغاني الهابطة والتي تسيء للمسيحية وشخصياتها ورموزها. ومن يرد عليهم بالعنف يؤكد لهم أن ماذكروه أو رسموه أو أصدروه من إساءات أو إهانات ـ أيا كان نوعها ـ كان صحيحا.
فماذا فعل أتباع الرب يسوع المسيح للرد؟ وماهي المجازاة التي ردوا بها على تلك الاساءات؟
ردوا بدليل إيمانهم وبإنعكاس لعقيدتهم. فماذا قال لنا الكتاب المقدس والذي أساء ويسيء إليه ـ وإلي صاحبه ـ إلي اليوم كُتّاب في الصحف المصرية وشيوخ على القنوات الفضائية والأرضية وعبر الانترنت والفيسبوك واليوتيوب؟
يقول هذا الكتاب المقدس (وليس المكدس كما يقول د. زغلول النجار) الذي مزقوه وأحرقوه ـ وتوعدوا بأن يتبولوا عليه في المرة القادمة ـ قال:
"لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ" (رو 12: 17).
"انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ" (1تس 5: 15).
"غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرّ بِشَرّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ، بَلْ بِالْعَكْسِ مُبَارِكِينَ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ لِكَيْ تَرِثُوا بَرَكَةً" (1بط 3: 9).
بل وقد طالبنا إيماننا الذي هو عقيدتنا وسلوكنا بأن نحب الإعداء ونقوم بأعمال الخير للجميع ـ فماذا قال كتاب الكتب ـ وحي الله من السماء في هذا الشأن؟
"وَأَمَّا أَنَا {أي شخص المسيح} فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،" (متى 5: 44).
"لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ {شخص المسيح يتحدث} أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ" (لو 6: 27).
"بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئًا، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ " (لو 6: 35).
هل علمت إذن أيها القاريء العزيز والقارئة الفاضلة ماهو رد المسيحيين على الاساءات والاهانات الشخصية والعامة؟ إنه رد يعكس ايمانهم وعقيدتهم. والرد هو أبلغ دليل على إظهار مظهر وسلوك إيمانك وعقيدتك للآخرين.
وأختم بهذه الآية من الكتاب المقدس العظيم والكريم: "فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ. لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ" (رو12: 20 و 21).