مقدمة عن مدينة كولوسي
مدينة صغيرة، تقع في مقاطعة فريجية ، في جنوب آسيا الصغرى، شرق مدينة أفسس وغرب أنطاكية بسيدية، كان يغذيها نهر اللوكس. تعرض وادى اللوكس لعدة زلازل، كما كان مهبطًا لترسيب تلالاً من الطباشير أطاحت بالكثير من معالم المنطقة، وفي نفس الوقت أصبغت عليها مناظر خلابة من أقواس وسراديب طباشيرية. وهي ملاصقة لمدينتين هامتين هما لاودكية وهيرابوليس وقد اشتهر ثلاثتهم بتجارة الأخشاب والصباغة.
من أثار البراكين الكثيرة صارت المنطقة حافلة بالمراعي، مما أدى إلى ازدهار صناعة الصوف وصباغته، وصار يوجد لون خاص بكولوسي يوصف بالصوف الكولوسياني.
لا نعرف الكثير عن تاريخ كولوسي، ذكرها هيروديت بكونها مدينة عظمى في فريجية في أيام سريكس، لكنها تضاءلت حتى صارت قرية صغيرة في أيام القديس بولس، لم يبقَ منها حاليًا سوى القرية التي تدعي كونوس أو كوناس في تركيا، تقع تحت ظلال جبل كادموس، تكتنفها أشجار عالية، ويبرز في ضواحيها آثار مدينة كولوسي القديمة من قباب وأقواس وحجارة مرصوفة.
هذا وقد وُجد ترابط بين كولوسي ولاودكية وهيرابوليس بسبب قرب المسافة. لهذا أوصى الرسول أن تُقرأ الرسالة إلى أهل كولوسي في لاودكية، وأن تُقرأ الرسالة إلى أهل لاودكية في كولوسي (كو 16:4).
يذكر يوسيفوس أن اليهود أقاموا في فريجية لمدة قرنين. وقد تطبعوا بعادات أهل البلاد، حتى أن الذين قبلوا الإيمان المسيحي حملوا معهم بصمات العادات الخاصة بالأمم.
ذكر يوسابيوس أن فيلبس الشماس وبناته العذارى الأربع قد أقاموا في هذه المنطقة، وقد اُكتشفت مقابرهم في هيرابوليس في الجزء الأخير من القرن الثاني
خدمة أبفراس في كولوسي
بعد عودة القديسين بولس الرسول وتيموثاوس وسيلا من المجمع الذي عُقد في أورشليم (أع 15: 9) بشروا في كورتي فريجيه وغلاطية، ثم عاد بولس وجاز في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ (أع 23:18)، وذلك بعد زيارته لأفسس. يرى البعض أن القديس بولس لم يذهب إلى كولوسي، إذ اجتاز الرسول في النواحي العالية (الشمال) كما جاء في أع 1:19، بينما تقع كولوسي في الجنوب. لهذا يرجح أغلب الدارسين أن أبفراس قان بالتبشير في كولوسي، هذا الذي وصفه الرسول بولس بأنه "خادم أمين للمسيح لأجلكم" (كو 7:1)، كما يقول: "الذي هو منكم" (12:4)، مما يدل على أنه كان من سكان كولوسي. يرجح أنه التقى بالقديس بولس في أفسس حيث آمن على يديه، فقد أمضى الرسول سنتين كاملتين في أفسس (أع 10:19). وإن كان بعض الدارسين يرون أنه ليس من دليل ينفي أن الرسول بولس قد قام بنفسه بالتبشير هناك. يرى البعض أن بعضًا من أهل كولوسي قبلوا الإيمان على يدي الرسول بولس إثناء خدمته في أفسس (53-56م).
تاريخ كتابتها
كُتبت الرسالة إلى أهل كولوسي من السجن مثل الرسائل إلى أهل أفسس وأهل فيلبي وفليمون. جاء في التقليد الكنسي القديم أنها كُتبت في روما في سجنه الأول هناك (أع 28) ما بين عامي 61 و63م.
ويعتقد بعض الدارسين أن هذه الرسائل ربما كُتبت أثناء سجنه في قيصرية (ما بين سنة 58 وسنة 60م) أو في أفسس (55 أو 56م). لكن الأرجح انه كتبها في روما للاعتبارات التالية:
1. عندما عدد الرسول بولس العاملين معه يُصعب أن يحذف اسم القديس فيلبس البشير الذي قطن معه قبل سجنه بوقت قصير (أع 8:21- 14).
2. لا نجد أي تلميح في سفر أعمال الرسل عن الكرازة بأبعادها المتسعة المذكورة في الرسائل المصاحبة بين الأفسسيين وأهل فيلبي.
3. يصعب تصور أن أنسيموس العبد الهارب قد ذهب إلى قيصرية، لكن من المعقول انه ذهب إلى روما، حيث كانت مليئة بأمثاله.
4. كان بولس يترجى إفراجًا مبكرًا (في 19:1- 25)، هذا يصعب تحقيقه في قيصرية بدون تقديم رشوة؛ وهذا ما لا يقبله الرسول. لكن في روما يمكن أن يتوقع الإفراج عنه، غالبًا أثناء السنة الثانية من السنتين المذكوريتين في أعمال 30:28.
كاتب الرسالة
جاءت الشواهد الداخلية والخارجية تؤكد أن الرسول بولس هو كاتب الرسالة:
1. جاء في مقدمة الرسالة أن كاتبيها هما بولس وتيموثاوس.
2. إن كان الرسول بولس هو كاتب الرسالة إلى فليمون كما جاء بصريح العبارة: "أنا بولس كتبت بيدي" (في 19)، فإن قارنا هذه الرسالة بتلك نجد اشتراكهما في بعض المعالم الهامة، مثل ذكر الأشخاص العاملين مع الرسول: أبفراس ومرقس وأرستوخس وديماس ولوقا. كما أن الرسالة إلى فليمون كُتبت على يد أنسيمس بينما قام أنسيمس مع تيخكس بتوصيل الرسالة إلى كولوسي (كو 18:4). كُتبت الرسالتان وهو في سجن روما (كو 4: 18؛ 1:24).
3. يليق بنا هذا أن نشير إلى أن الرسالة حملت ذات طابع رسائل القديس بولس في هيكلها حيث تبدأ بمقدمة تضم الشكر لله، تم تعرض الجوانب العقائدية يتبعها الجوانب السلوكية العملية.
اعتراضات على كاتب الرسالة
1. يعترض البعض بأن أسلوب الرسالة يختلف عن أسلوبه في الرسائل الأخرى. يُرد على ذلك بأن الرسالة عالجت بدعة ظهرت في كولوسي استدعت أن يكتب الرسول عن سيادة ربنا يسوع على كل ما هو مخلوق، وعن طبيعة المسيح وعمله، حتى صارت الرسالة مرجعًا كتابيًا هامًا لآباء الكنيسة للرد على بعض البدع، خاصة الرد على الأريوسية.
2. يعترض البعض بأن الرسالة تعالج الميول الغنوسية، بينما لم تهاجم الغنوسية المسيحية إلا في القرن الثاني، فيكون كاتب الرسالة بعد القرن الأول. ويُرد على ذلك بأن الغنوسية كفرقٍ مستقلة ادعت أنها مسيحية ظهرت في القرن الثاني، لكنها حاولت أن تتسلل بأفكارها إلى الكنيسة منذ بدء نشأتها خلال اليهود الذين حملوا هذه الاتجاهات، وأيضًا بعض الهيلينيين كانوا يحملون ذات الاتجاهات. فلم تكن الغنوسية فرقًا محددة تحت قيادة شخص معين مثل مرقيون وفلانتينوس وباسيليدس إلا في القرن الثاني. لكنها موجودة حتى قبل المسيحية وقبلها يهود وهيلينيون.
3. التعاليم بخصوص السيد المسيح تفوق ما ورد في غيرها من رسائل القديس بولس، خاصة دوره في الخلقة، مما يدل على أنها كُتبت بعد عصر الرسول. يُرد على ذلك أن وجود السيد المسيح السابق ورد أيضًا في الرسالة إلى أهل فيلبي (2: 9-11)، ودوره في الخلقة ورد في 1 كو 6:8، ولم يتشكك أحد في أصالة هذه العبارة الواردة في كورنثوس الأولى.
4. نظرًا للتشابه العجيب بينهما وبين الرسالة إلى أهل أفسس ادعى بعض الدارسين أنها اعتمدت على الرسالة الأخيرة. ويُرد على ذلك بأنه بمقارنة النصوص المتشابهة في الرسالتين يتضح أن النصوص التي في كولوسي أقدم من التي وردت في أفسس. هذا وتوجد أيضًا نصوص متشابهة هنا مع نصوص الرسالة إلى أهل فيلبي تحمل ذات الالتهاب مع نفس الجو الروحي.
غاية الرسالة
يظهر هدف الرسالة من سياق الرسالة نفسها، فقد ذهب أبفراس إلى روما لينقل إلى الرسول بولس الأخبار السعيدة عن الكنيسة في كولوسي، حيث ملك الإيمان والمحبة (4:1، 5:2). غير أنه قد تسللت بدعة ما إلى المجتمع الكولوسي، هذه التي تقلل من شان السيد المسيح، فتنزعه عن العرش، وتنكر رئاسته للكنيسة. وقد أرسل القديس بولس هذه الرسالة مع أبفراس ليعالج هذه المشكلة. لكن أُلقى القبض على أبفراس وسجن، فبعث الرسول بها بيد تيخكُس (7:4-9).
يرى البعض أن المنطقة المحيطة بكولوسي قد عانت الكثير من البدع، وقد أراد الرسول أن يحصنهم ضد هذه البدع التي يبدو أنها كانت تتسلل إليهم. إنه يمتدحهم لأجل تشجيعهم على الثبات في الإيمان ورفض البدع الغريبة: "فإني وإن كنت غائبًا في الجسد، لكني معكم في الروح، فرحًا، وناظرًا ترتيبكم ومتانة إيمانكم في المسيح، فكما قبلتم المسيح يسوع الرب، اسلكوا فيه" (كو 2: 5-6). بينما كتب إلى أهل غلاطية: "إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعًا عن الذين دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر. أيها الغلاطيون الأغبياء، من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق" (غل 6:1؛ 1:3).
ركز الرسول بولس في هذه الرسالة على شخص السيد المسيح، لذا كان يكرر اسم المسيح فيها. كتب الرسول بولس عن سمو السيد المسيح وألوهيته، مؤكدًا إنه الله، واحد مع الآب ومساوٍ له، يفوق كل الكائنات الأخرى. وكأنه كان يصرخ: "لا تسمحوا بأي شيءٍ يغتصب مكان المسيح، ولا تسمحوا لأحد أن يدفعكم لإنكاره.
مدينة صغيرة، تقع في مقاطعة فريجية ، في جنوب آسيا الصغرى، شرق مدينة أفسس وغرب أنطاكية بسيدية، كان يغذيها نهر اللوكس. تعرض وادى اللوكس لعدة زلازل، كما كان مهبطًا لترسيب تلالاً من الطباشير أطاحت بالكثير من معالم المنطقة، وفي نفس الوقت أصبغت عليها مناظر خلابة من أقواس وسراديب طباشيرية. وهي ملاصقة لمدينتين هامتين هما لاودكية وهيرابوليس وقد اشتهر ثلاثتهم بتجارة الأخشاب والصباغة.
من أثار البراكين الكثيرة صارت المنطقة حافلة بالمراعي، مما أدى إلى ازدهار صناعة الصوف وصباغته، وصار يوجد لون خاص بكولوسي يوصف بالصوف الكولوسياني.
لا نعرف الكثير عن تاريخ كولوسي، ذكرها هيروديت بكونها مدينة عظمى في فريجية في أيام سريكس، لكنها تضاءلت حتى صارت قرية صغيرة في أيام القديس بولس، لم يبقَ منها حاليًا سوى القرية التي تدعي كونوس أو كوناس في تركيا، تقع تحت ظلال جبل كادموس، تكتنفها أشجار عالية، ويبرز في ضواحيها آثار مدينة كولوسي القديمة من قباب وأقواس وحجارة مرصوفة.
هذا وقد وُجد ترابط بين كولوسي ولاودكية وهيرابوليس بسبب قرب المسافة. لهذا أوصى الرسول أن تُقرأ الرسالة إلى أهل كولوسي في لاودكية، وأن تُقرأ الرسالة إلى أهل لاودكية في كولوسي (كو 16:4).
يذكر يوسيفوس أن اليهود أقاموا في فريجية لمدة قرنين. وقد تطبعوا بعادات أهل البلاد، حتى أن الذين قبلوا الإيمان المسيحي حملوا معهم بصمات العادات الخاصة بالأمم.
ذكر يوسابيوس أن فيلبس الشماس وبناته العذارى الأربع قد أقاموا في هذه المنطقة، وقد اُكتشفت مقابرهم في هيرابوليس في الجزء الأخير من القرن الثاني
خدمة أبفراس في كولوسي
بعد عودة القديسين بولس الرسول وتيموثاوس وسيلا من المجمع الذي عُقد في أورشليم (أع 15: 9) بشروا في كورتي فريجيه وغلاطية، ثم عاد بولس وجاز في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ (أع 23:18)، وذلك بعد زيارته لأفسس. يرى البعض أن القديس بولس لم يذهب إلى كولوسي، إذ اجتاز الرسول في النواحي العالية (الشمال) كما جاء في أع 1:19، بينما تقع كولوسي في الجنوب. لهذا يرجح أغلب الدارسين أن أبفراس قان بالتبشير في كولوسي، هذا الذي وصفه الرسول بولس بأنه "خادم أمين للمسيح لأجلكم" (كو 7:1)، كما يقول: "الذي هو منكم" (12:4)، مما يدل على أنه كان من سكان كولوسي. يرجح أنه التقى بالقديس بولس في أفسس حيث آمن على يديه، فقد أمضى الرسول سنتين كاملتين في أفسس (أع 10:19). وإن كان بعض الدارسين يرون أنه ليس من دليل ينفي أن الرسول بولس قد قام بنفسه بالتبشير هناك. يرى البعض أن بعضًا من أهل كولوسي قبلوا الإيمان على يدي الرسول بولس إثناء خدمته في أفسس (53-56م).
تاريخ كتابتها
كُتبت الرسالة إلى أهل كولوسي من السجن مثل الرسائل إلى أهل أفسس وأهل فيلبي وفليمون. جاء في التقليد الكنسي القديم أنها كُتبت في روما في سجنه الأول هناك (أع 28) ما بين عامي 61 و63م.
ويعتقد بعض الدارسين أن هذه الرسائل ربما كُتبت أثناء سجنه في قيصرية (ما بين سنة 58 وسنة 60م) أو في أفسس (55 أو 56م). لكن الأرجح انه كتبها في روما للاعتبارات التالية:
1. عندما عدد الرسول بولس العاملين معه يُصعب أن يحذف اسم القديس فيلبس البشير الذي قطن معه قبل سجنه بوقت قصير (أع 8:21- 14).
2. لا نجد أي تلميح في سفر أعمال الرسل عن الكرازة بأبعادها المتسعة المذكورة في الرسائل المصاحبة بين الأفسسيين وأهل فيلبي.
3. يصعب تصور أن أنسيموس العبد الهارب قد ذهب إلى قيصرية، لكن من المعقول انه ذهب إلى روما، حيث كانت مليئة بأمثاله.
4. كان بولس يترجى إفراجًا مبكرًا (في 19:1- 25)، هذا يصعب تحقيقه في قيصرية بدون تقديم رشوة؛ وهذا ما لا يقبله الرسول. لكن في روما يمكن أن يتوقع الإفراج عنه، غالبًا أثناء السنة الثانية من السنتين المذكوريتين في أعمال 30:28.
كاتب الرسالة
جاءت الشواهد الداخلية والخارجية تؤكد أن الرسول بولس هو كاتب الرسالة:
1. جاء في مقدمة الرسالة أن كاتبيها هما بولس وتيموثاوس.
2. إن كان الرسول بولس هو كاتب الرسالة إلى فليمون كما جاء بصريح العبارة: "أنا بولس كتبت بيدي" (في 19)، فإن قارنا هذه الرسالة بتلك نجد اشتراكهما في بعض المعالم الهامة، مثل ذكر الأشخاص العاملين مع الرسول: أبفراس ومرقس وأرستوخس وديماس ولوقا. كما أن الرسالة إلى فليمون كُتبت على يد أنسيمس بينما قام أنسيمس مع تيخكس بتوصيل الرسالة إلى كولوسي (كو 18:4). كُتبت الرسالتان وهو في سجن روما (كو 4: 18؛ 1:24).
3. يليق بنا هذا أن نشير إلى أن الرسالة حملت ذات طابع رسائل القديس بولس في هيكلها حيث تبدأ بمقدمة تضم الشكر لله، تم تعرض الجوانب العقائدية يتبعها الجوانب السلوكية العملية.
اعتراضات على كاتب الرسالة
1. يعترض البعض بأن أسلوب الرسالة يختلف عن أسلوبه في الرسائل الأخرى. يُرد على ذلك بأن الرسالة عالجت بدعة ظهرت في كولوسي استدعت أن يكتب الرسول عن سيادة ربنا يسوع على كل ما هو مخلوق، وعن طبيعة المسيح وعمله، حتى صارت الرسالة مرجعًا كتابيًا هامًا لآباء الكنيسة للرد على بعض البدع، خاصة الرد على الأريوسية.
2. يعترض البعض بأن الرسالة تعالج الميول الغنوسية، بينما لم تهاجم الغنوسية المسيحية إلا في القرن الثاني، فيكون كاتب الرسالة بعد القرن الأول. ويُرد على ذلك بأن الغنوسية كفرقٍ مستقلة ادعت أنها مسيحية ظهرت في القرن الثاني، لكنها حاولت أن تتسلل بأفكارها إلى الكنيسة منذ بدء نشأتها خلال اليهود الذين حملوا هذه الاتجاهات، وأيضًا بعض الهيلينيين كانوا يحملون ذات الاتجاهات. فلم تكن الغنوسية فرقًا محددة تحت قيادة شخص معين مثل مرقيون وفلانتينوس وباسيليدس إلا في القرن الثاني. لكنها موجودة حتى قبل المسيحية وقبلها يهود وهيلينيون.
3. التعاليم بخصوص السيد المسيح تفوق ما ورد في غيرها من رسائل القديس بولس، خاصة دوره في الخلقة، مما يدل على أنها كُتبت بعد عصر الرسول. يُرد على ذلك أن وجود السيد المسيح السابق ورد أيضًا في الرسالة إلى أهل فيلبي (2: 9-11)، ودوره في الخلقة ورد في 1 كو 6:8، ولم يتشكك أحد في أصالة هذه العبارة الواردة في كورنثوس الأولى.
4. نظرًا للتشابه العجيب بينهما وبين الرسالة إلى أهل أفسس ادعى بعض الدارسين أنها اعتمدت على الرسالة الأخيرة. ويُرد على ذلك بأنه بمقارنة النصوص المتشابهة في الرسالتين يتضح أن النصوص التي في كولوسي أقدم من التي وردت في أفسس. هذا وتوجد أيضًا نصوص متشابهة هنا مع نصوص الرسالة إلى أهل فيلبي تحمل ذات الالتهاب مع نفس الجو الروحي.
غاية الرسالة
يظهر هدف الرسالة من سياق الرسالة نفسها، فقد ذهب أبفراس إلى روما لينقل إلى الرسول بولس الأخبار السعيدة عن الكنيسة في كولوسي، حيث ملك الإيمان والمحبة (4:1، 5:2). غير أنه قد تسللت بدعة ما إلى المجتمع الكولوسي، هذه التي تقلل من شان السيد المسيح، فتنزعه عن العرش، وتنكر رئاسته للكنيسة. وقد أرسل القديس بولس هذه الرسالة مع أبفراس ليعالج هذه المشكلة. لكن أُلقى القبض على أبفراس وسجن، فبعث الرسول بها بيد تيخكُس (7:4-9).
يرى البعض أن المنطقة المحيطة بكولوسي قد عانت الكثير من البدع، وقد أراد الرسول أن يحصنهم ضد هذه البدع التي يبدو أنها كانت تتسلل إليهم. إنه يمتدحهم لأجل تشجيعهم على الثبات في الإيمان ورفض البدع الغريبة: "فإني وإن كنت غائبًا في الجسد، لكني معكم في الروح، فرحًا، وناظرًا ترتيبكم ومتانة إيمانكم في المسيح، فكما قبلتم المسيح يسوع الرب، اسلكوا فيه" (كو 2: 5-6). بينما كتب إلى أهل غلاطية: "إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعًا عن الذين دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر. أيها الغلاطيون الأغبياء، من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق" (غل 6:1؛ 1:3).
ركز الرسول بولس في هذه الرسالة على شخص السيد المسيح، لذا كان يكرر اسم المسيح فيها. كتب الرسول بولس عن سمو السيد المسيح وألوهيته، مؤكدًا إنه الله، واحد مع الآب ومساوٍ له، يفوق كل الكائنات الأخرى. وكأنه كان يصرخ: "لا تسمحوا بأي شيءٍ يغتصب مكان المسيح، ولا تسمحوا لأحد أن يدفعكم لإنكاره.
تعليق