إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

    الثلاثاء 1 فبراير 2011

    يا حارس ما من الليل؟
    يا حارس، ما من الليل؟ يا حارس، ما من الليل؟ قال الحارس: أتى صباح وأيضًا ليلٌ. إن كنتم تطلبون فاطلبوا. ارجعوا، تعالوا ( إش 21: 11 ، 12)

    «ما من الليل؟» وإلى متى سيستمر ليل الشر والحزن؟ إلى متى يا رب، إلى متى؟ لقد تساءلت الأجيال جيلاً بعد جيل عن هذا الأمر، واشتاقت نفوسنا إلى الصباح الموعود به. لا زال الوقت ليلاً، ولم يَفح النهار، ولم تنهزم الظلال بعد، بل إن حلوكة الظلام تشتد وتشتد بصورة لم يسبق لها مثيل قبل اليوم. الزمن صعب، وعلى كل جانب اضطراب وقلق وحيرة. والإثم يتزايد وكلمة الله مرفوضة، وابن الله يُهان حتى وسط المسيحية الاسمية.

    «يا حارس، ما من الليل؟» أجاب إشعياء وقال: «أتى (يأتي) صباح». وههنا رجاء الخلاص والعتق من هذا السواد المتكاثف. سيأتي حتمًا صباح على كنيسة الله الحقيقية. نستطيع أن نقول بفرح: «يأتي صباح». الصباح قريب وحتمًا سيأتي. والعريس سيُقبل عما قريب. العريس الذي طالما انتظرته العروس وتاقت إليه. إنه لن يخلف وعده، وسريعًا سيدوي صوت الهتاف الذي سيدعو كل قديسيه لمُلاقاته في الهواء، ولرؤيته وجهًا لوجه، وللوجود معه في بيت الآب كل حين وإلى أبد الآبدين. فهل يهزنا هذا الرجاء المقدس؟ وهل يدفع ألسنتنا بالقول: «آمين. تعالَ أيها الرب يسوع»؟ ليت هذا هو حال كل قارئ لهذه الكلمات. وليتنا جميعًا، أمام ما نتوقع من صباح جديد ومجيد، أن نعيش ونسلك كأُناس ليسوا بعد من العالم. وليت الرب ـ بهذا الرجاء المبارك ـ رجاء مجيئه إلينا ـ يحفظنا قريبين منه، له المجد.

    والنبي إشعياء يقول بعد ذلك «وأيضًا ليل». إن الصباح يأتي لمنتظريه، ولكن للمسيحية المرتدة وللعالم السائر في تحديه لله ولجميع الناسين الله من يهود وأمم سيأتي ليل. ذلك الليل الذي سيعقب صباح مجيء الرب لخاصته وقديسيه هو ليل الدينونة؛ ليل الضيقة. ليل يستخدم فيه الشيطان قوته وسلطانه الرهيب في أروع صورة وفي أوسع مدى. هذا هو الليل الذي تسعى إليه المسيحية المرتدة والعالم.

    ولنتفكر في أن مِن حولنا نفوسًا مسكينة احتواها الليل البهيم، وعن قريب ستواجه دينونة وغضب الله، فهل تتحرك فينا العواطف لكي نسعى جهد الطاقة لأجل خلاص الهالكين؟

    فيا كوكبَ الصبح متى تلوحْ ونورُكَ يُنهي المساءْ
    فأكثر ممن يرقب الصباحْ عُيوننا نحوَ السمـاءْ

    و.ت. ولستون
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

  • #2
    رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

    الأربعاء 2 فبراير 2011

    سكان السماء
    الذي أحبنا، وقد غسَّلنا من خطايانا بدمه، وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه، له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين ( رؤ 1: 5 ، 6)

    مَنْ هم أولئك الذين يسكنون السماء إلى أبد الآبدين؟ هم خطاة مُخلَّصون بالنعمة. لا يوجد بينهم رجل أو امرأة لم يكن خاطئًا أو خاطئة. ولا واحد بينهم لم يكن قلبه «أخدع من كل شيءٍ وهو نجيس» ( إر 17: 9 ).

    وإن سرت في شوارع المدينة السماوية التي من ذهب وفي وسط مباهجها، تسمع ترنيمات شجية عذبة خارجة من فم اللِّص الذي صُلب مع الفادي، ومن فم المرأة التي كسرت قارورة الطيب عند قدميه ومسحتهما بشعر رأسها. هناك ترى شخصًا كان على الأرض مجنونًا يسكن فيه لجئون من الشياطين وشفاه الرب يسوع. هناك تسمع الترنيمة الخالدة: «الذي أحبنا، وقد غسَّلنا من خطايانا بدمهِ، وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه» ( رؤ 1: 5 ، 6).

    هناك السكير البائس التعيس الذي أحبه الرب يسوع وخلَّص نفسه. هناك المجدِّف والقاتل والزاني الذين افتداهم الرب يسوع بدمه الثمين الغالي. نعم هؤلاء هم سكان تلك الدوائر المجيدة. نعم قد نتعجب إذ نرى كل أولئك لامعين في المجد، ولكن لماذا نتعجب والجواب المُقنع، بل الحُجة الكافية عند كل منهم هي: «الذي أحبني وأسلَم نفسه لأجلي» ( غل 2: 20 ).

    نعم، ولماذا لا يكون كل أولئك الخطاة في المجد؟ إن دم المسيح فيه الكفاية لتطهيرهم كما فيه أيضًا الكفاية لتطهيري أنا وتطهيرك أنت. بل ما من عَجب في رؤية كل أولئك في السماء لأن هكذا هي محبة الله العجيبة. هناك في السماء يجتمعون من كل أطراف الأرض، من الشمال والجنوب، من الشرق والغرب. هناك تزول كل الفوارق الدنيوية. السُمر والصُفر والسود والبيض جميعهم سيلمعون بالمجد. لا جنسيات ولا أنساب. لا عبد ولا حُرّ. لا فقير ولا غني. لا متعلم ولا جاهل. الجميع أعضاء في الجسد الواحد لهم كرامة واحدة ولهم مقام واحد.

    أيها القارئ العزيز: إن سكان السماء لم يكونوا يومًا من الأيام أفضل منك «لأنه لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله» ( رو 3: 22 ، 23)، ولكن نقطة التحول هي في كونهم التجأوا إلى المخلِّص بالإيمان القلبي فطهَّرهم بدمه من دنس الخطية وحررهم بقوة روحه القدوس من عبوديتها القاسية. فهلا تأتي إلى المسيح الآن فيخلِّصك ويعطيك ميراثًا مع المقدسين؟

    ليتك تأتي فتكون معنا من سكان السماء!

    س. دارلينج
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #3
      رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

      الخميس 3 فبراير 2011

      نعمان العظيم الأبرص

      وكان نعمان رئيس جيش ملك أرام رجلاً عظيمًا عند سيده مرفوع الوجه .. وكان الرجل جبار بأس، أبرص ( 2مل 5: 1 )

      في 2ملوك5: 1 نرى حالة نعمان من وجهيها، فمن جهة ظروفه كان «عظيمًا»، «مرفوع الوجه» و«جبار بأس» و”منتصرًا“ ـ أي أنه كان حائزًا لكل ما يتمناه القلب من امتيازات. فكان القائد الأعلى لقوات أرام، وكان حائزًا لثقة الملك واعتباره، وكان يحمل على جبينه إكليل الفوز والنصر.

      ولكنه كان أبرص. يا لها من وصمة شنيعة على مقامه السامي، وسحابة قاتمة في جو مجده الساطع، فلم يكن ذلك المرض الخبيث عائقًا له عن التمتع بامتيازاته العظيمة فقط، بل كان مُنغِّصًا له ومُذلاً لنفسه، لأن علو منصبه جعل مرضه معروفًا ومشهورًا للناس، وأشعة عظمته كشفت وأوضحت قُبح منظره وتشويهه، فكانت البدلة العسكرية الفاخرة تكسو جسمًا أبرصًا، وإكليل النصر يتوج جبينًا أبرصًا، وبالاختصار نقول إنه لو فرضنا أن أحقر خادم من خَدَم نعمان أُصيب بذلك الداء الخبيث ما كان ليشعر بالمذلة التي شعر بها ذلك القائد العظيم نفسه. وإننا نؤكد أنه كان يتمنى أن يضحي بكل شيء في سبيل حصوله على الشفاء.

      وفي شخص نعمان نرى صورة الخاطئ في حالته الطبيعية، وهو مضروب من الداخل والخارج بمرض الخطية العديم الشفاء. فقد يكون الإنسان كنعمان مُحاطًا بالغنى والثروة، يتنعم كل يوم مترفهًا، ولكنه خاطئ هالك. وعندما تتفتح عيناه ليرى ذلك، لا يزيده غناه وتنعمه إلا آلامًا وشقاوة داخلية. فهو هالك محتاج إلى خلاص، محتاج إلى بُرء دائه ومحو ذنبه وتطهير ضميره، هذا ما يحتاجه وهذا ما أعدّه الله له. فكما أعد الله مياه الأردن لتطهير نعمان من كل آثار مرضه، هكذا أعدّ دم المسيح الثمين لتطهير الخاطئ من كل ذنب وإعفائه من كل دينونة.

      وكانت الفتاة الأسيرة المسكينة تعلم سرًا يجهله سيدها بالرغم من عظمته ومقامه؛ كانت تعلم أنه في أرض إسرائيل يمكن لسيدها أن يجد ما يتمناه. كانت تعلم أين توجد النعمة، ومعرفتها هذه ملأت قلبها شوقًا إلى اشتراك سيدها في تلك النعمة، فقالت: «يا ليت سيدي (هناك)» (ع3). وهكذا هو الحال دائمًا فالنعمة تملأ القلب بحب الخير للآخرين، فلم تهتم تلك الفتاة بكونها مسبية من أرض آبائها، وأسيرة في بيت شخص أرامي، ولكنها اهتمت بمرض سيدها واشتاقت لأن ترشده إلى طريق الشفاء. وأين يجد الأبرص شفاءه إلا عند إله إسرائيل؟

      دينيت
      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

      تعليق


      • #4
        رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

        الجمعة 4 فبراير 2011

        حيٌّ ليشفع فينا
        فمِن ثمَّ يقدر أن يخلِّص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حيٌ في كل حينٍ ليشفع فيهم ( عب 7: 25 )

        تعترض المسيحي في طريق الجهاد أزمنة عصيبة يحتاج إزاءها إلى عون حاضر سريع، وإلى قوة تشجيع يومًا فيومًا طوال الطريق حيث تقف في وجهه تجارب وامتحانات وصعوبات منوَّعة، عليه أن يواجهها جميعًا كجندي ليسوع المسيح. على أن الله في نعمته لم يسدد حاجة نفوسنا من حيث إعداد مخلِّص كريم كشخص ابنه العزيز وحسبْ، بل تنازل وعمل حساب أعوازنا اليومية وسددها في رحمته وغناه. ونقصد بذلك التشجيع المبارك الذي نناله من رثاء وشفاعة ربنا يسوع كاهننا العظيم في السماء. فإنه ـ له المجد ـ بعد أن قدَّم كفارة لخطايانا بدمه على الصليب، جلس في يمين الله ليشفع فينا دائمًا، ويعيننا في طريقنا على الأرض «إذ هو حيٌ في كل حين ليشفع فينا» ( عب 7: 25 ).

        وما أكمل لياقة شخص ربنا يسوع ابن الله لهذا المركز العجيب والخدمة المباركة! فإذ هو له المجد إنسان حقيقي (كما أنه ـ مبارك اسمه ـ الإله الحقيقي)، فإن في قلبه لشعبه العزيز حنان وعطف القلب الإنساني الكامل، لأنه مرة اجتاز تجارب الطريق لما عبَر برية هذا العالم كرجل الأحزان. أَ فلم يجلس عند بئر السامرة مُتعبًا؟ أَ لم يبكِ على لعازر؟ أوَ لم يتضايق في كل ضيق شعبه؟ حقًا إنه وحده الذي صدق فيه القول: «هو أخذ أسقامنا وحَمَل أمراضنا» ( مت 8: 17 ).

        وكم كان بديعًا جدًا ذلك الرمز القديم؛ هارون، الذي يرمز إلى مركز ربنا يسوع كرئيس الكهنة العظيم! فثيابه الكهنوتية لها مدلولها وأهميتها. فالأفود مثلاً يرمز إلى بعض وجوه خدمة ربنا المبارك الآن من حيث الشفاعة الدائمة في شعبه العزيز لدى حضرة الله. وكان لهذا الرداء كتفان وصُدرة تتصل به اتصالاً وثيقًا ليس له انفكاك. وكانت أسماء أسباط إسرائيل الاثني عشر منقوشة عليها حتى متى دخل هارون إلى المقادس مرتديًا هذا الرداء المُتقن الرمز، فإنه يدخل حاملاً أسماء الشعب أمام الله بلا انقطاع.

        هذا رمز ضعيف لشخص كاهننا العظيم. ولئن كان رمزًا صحيحًا صادقًا، إلا أن هارون لم يكن سوى إنسان مائت أصبح اليوم في عِداد الراقدين، فإن ربنا يسوع يحمل أعباء شعبه وأعوازهم المختلفة على كتفيه وعلى قلبه، ويحملها دائمًا أمام الله بفضل قيمته الشخصية وقبوله الخاص في حضرة الله. وإذ هو «يبقى إلى الأبد» فإن كهنوته عديم التغير لا يفشل ولا يبطل.

        أ.ج. بولوك
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #5
          رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

          السبت 5 فبراير 2011

          استجابة صلاتين
          بنو رأوبين والجادّيون ونصف سبط منسى من بني البأس ... انتصروا ... لأنهم صرخوا إلى الله في القتال، فاستجاب لهم لأنهم اتكلوا عليه ( 1أخ 5: 18 - 20)

          بلا شك أن الصلاة هي أسمى أنواع التعبير عن الاحتياج، وهي بحق حاجة كل مؤمن تقي يلاقي ما يلاقيه فيدفعه هذا إلى استخدام هذا السلاح.

          وفي سفر أخبار الأيام الأول أمامنا مشهدان للصلاة في أصحاحين متتاليين: ففي 1أخبار4: 10 نرى صلاة يعبيص، ثم في 1أخبار5: 18 نرى صلاة بني رأوبين والجاديين ونصف سبط منسى. فالأولى صلاة فرد، وأما الثانية فصلاة جماعة. الأولى صلاة عامة تخص حياة يعبيص بصفة شخصية، والثانية صلاة نبعت من الضغط ووجود هؤلاء الرجال أمام معركة، بل واحتياجهم إلى قوة الله للانتصار فيها. ونحن بحاجة إلى هذين النوعين من الصلاة، فيلزمنا أن نصلي في الرَحَب كيعبيص، وأن نصلي في الضيق كرجال السبطين ونصف. والرائع أن الله استجاب الصلاتين، فنقرأ في الحالة الأولى «أتاه الله بما سأل»، ونسمع التعبير في الثانية «استجاب (الله) لهم لأنهم اتكلوا عليه».

          أما عن المشهد الثاني ( 1أخ 5: 18 - 22) فنجد فيه رجال لديهم من المقومات ما يجعلهم لا يفكرون في الصلاة مُطلقًا، وعلى الرغم من ذلك فهم صرخوا إلى الله في القتال. فبالرغم من امتيازاتهم من حيث إنهم بنو بأس، حاملون الأتراس والسيوف، لهم أن يتقدموا ليهاجموا باستخدام سيوفهم، ولهم أن يدافعوا عن أنفسهم بالأتراس إذا انقلب عليهم القتال، بل لهم أن يطاولوا العدو من بعيد بأقواسهم، وهم فوق الكل مُتعلمون القتال، لهم من المهارات القتالية ما يكفيهم لإدارة معركة حربية متكاملة. أضِف إلى ذلك عددهم الكبير: أربعة وأربعون ألفًا وسبع مئة وستون، وعلى الرغم من ذلك فقد ضغط عليهم القتال فصرخوا إلى الله.

          ولنلاحظ أن يعبيص «دعا الله»، فكان أمامه وقت ليُعبِّر عن احتياجه وعما يريد، بينما أولئك «صرخوا إلى الله»، فالمعركة جعلتهم في احتياج عظيم لله ولتداخله السريع. ونرى نتيجة اتكالهم على الرب أنه استجاب لهم فانتصروا، ثم نهبوا الأعداء، وسَبوا منهم مئة ألفًا، بل سقط قتلى كثيرون في القتال، وما سبب كل هذا إلا «لأن القتال إنما كان من الله». فقد تدخل الله لصالحهم فجدَّد آمالهم وأدار الحرب على أعدائهم، فانتصروا أروع انتصار، وذلك لأنهم شعروا بضعفهم وبخوفهم بالرغم من امتيازاتهم الكثيرة، فصرخوا إلى الله فاستجاب لهم.

          إسحق شحاتة
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #6
            رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

            الأحد 6 فبراير 2011

            المسيح الكل وفي الكل
            يُقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون ( تث 18: 15 )

            مرَّت قرون على هذه الكلمات التي قالها موسى، وبعدها ظهر ذلك ”النبي“ الجليل في مشهد هذا العالم. وفي أحد أيام جسده أُعطيَ لموسى وإيليا أن يشاهداه «على الجبل المقدس» وأن يكونا في صُحبته المجيدة. وكان عجيبًا في تلك الفرصة الفريدة أن يحدث حادث أعاد إلى الأذهان تلك الكلمات التي فاه بها موسى «له تسمعون». إذ نقرأ أنه على أثر اقتراح بطرس الذي قدمه وهو لا يدرك، من حيث صُنع ثلاث مظال «لك واحدة، ولموسى واحدة، ولإيليا واحدة»، وعلى أثر هذا الاقتراح غير الحكيم «إذا سحابةٌ نيِّرة ظلَّلتهم، وصوتٌ من السحابة قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا» (مت17).

            فلو أن بطرس تذكَّر فقط تلك الكلمات المأثورة «مجدي لا أُعطيه لآخر» ( إش 42: 8 )، وأنه لم يكن قديمًا سوى خيمة (مظلة) واحدة وسحابة واحدة ( تث 31: 15 )، لَمَا تفوَّه بذلك الاقتراح الذي أدَّى في الحال إلى انسحاب الزائرَين السماويَين. حتى إذا ما عاد التلاميذ إلى صحوهم ونظروا حولهم «لم يروا أحدًا إلا يسوع وحده معهم» ( مر 9: 8 ).

            نفس هذا الدرس تُلقيه علينا رسالة كولوسي، إذ إنها تنذرنا بخطر الخروج عن المسيح والالتجاء إلى فلسفة الناس الفارغة أو الحكمة الإنسانية الباطلة. وإذ كان الرسول بولس يَغار على بقاء مجد الفادي العزيز مصونًا مُكرَّمًا، فإنه أنذر القديسين في كل مكان ( كو 2: 1 )، وحذَّرهم حتى لا يخدعهم أحد بكلام مَلِق (ع4)، ولا يسبيهم أحد بالفلسفة وبغرور باطل حسب تقليد الناس (ع8). كما حذرهم من أن يحكم عليهم أحد في أكلٍ أو شربٍ، أو من جهة يوم مقدس إن كان عيدًا أو هلالاً أو سبتًا (ع16)، وألاّ يخسِّرهم أحد الجعالة، راغبًا في التواضع وعبادة الملائكة (ع18)، وألاّ يخضعوا لفرائض حسب تعاليم ووصايا الناس (ع20).

            فاتقاء لهذا كله قاد روح الله القدوس، الذي عمله أن يمجد المسيح، الرسول بولس لأن يتأمل في شخص الرب كالبارز في كفايته واقتداره، سواء في دائرة الخليقة الواسعة ( كو 1: 15 - 17)، أو في دائرة القيامة (ع18). فهو الذي ستُجرى على يديه مصالحة كل شيء في المستقبل (ع20)، كما سبق وتمت مصالحة الأفراد المؤمنين الآن (ع21). وبهذه الطريقة ألفتَ الرسول أنظار قديسي كولوسي إلى حقيقة أن «المسيح الكل في الكل» ( كو 3: 11 ).

            هـ. ل. هايكوب
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #7
              رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

              الاثنين 7 فبراير 2011

              أبوك يُجازيك
              متى صنعت صَدَقة فلا تُعرِّف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يُجازيك علانيةً ( مت 6: 3 ، 4)

              في متى6: 2- 4 يذكر خبير القلوب ثلاثة توجهات مختلفة للإنسان في عمل الصَدَقة:

              (1) مدح الناس (ع2)

              (2) الإعجاب بالذات (ع3)

              (3) رضى وسرور الآب (ع4)

              إن الذين كان مقصدهم من العطاء الحصول على مدح الناس قد نالوه، ومثلهم أيضًا الذين كانوا مُعجبين بذواتهم، لقد كان هذا هو كل نصيبهم. مساكين هم، فإنهم لا يفرقون كثيرًا عن الحية التي «التراب طعامها». فهل تريد أنت أن يكون نصيبك في حِطام هذا العالم الزائل، أم أنك تريد أن يكون نصيبك شيئًا أفضل، وفي مجال أعظم وأمجد؟ إن كان عملك دافعه مجد الله فلقد رأى هو عملك، وكُتب أمامه سفر تذكرة، وحين يأتي وقت المُجازاة، سيجازيهم الآب الذي يرى في الخفاء. ليتنا نتذكَّر أن ما نحصل عليه من مديح الناس وإعجابهم يمضي، ولكن ما نحصل عليه من الله يبقى إلى الأبد.

              عزيزي .. لا تَدَع الناس يعرفون ما عملت، وأيضًا لا تعرِّف شمالك ما فعلَت يمينك، وانسَ أنت ما فعلت، لكن الله لن ينسى «لأن الله ليس بظالمٍ حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه، إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم» ( عب 6: 109 . وما دام هو لن ينسى، فحبذا لو نسينا نحن. إنني أعتقد أننا سننال المكافأة في ذلك اليوم على ما عملناه حبًا في الرب، ثم لم ننشغل به، بل ونسيناه، إذ إن قلبنا لم يكن على العمل نفسه بل على الرب ( مت 25: 37 - 39). نعم يا سيدنا أعِنا لنخدم بدافع المحبة والولاء لك، وشعارنا: ينبغي أنك أنت تزيد، وأننا نحن ننقص.

              ألا ليتنا نعيش دائمًا في ضوء هذه الحقيقة المباركة أن الله يرى كل ما نعمله، وأنه عن قريب سيُحضر كل عمل إلى الدينونة على كل خفي إن كان خيرًا أو شرًا ( جا 12: 14 ). وعليه فلنحترص أن نكون مرضيين عنده «لأنه لا بد أننا جميعًا نُظهَر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحدٍ ما كان بالجسد بحسب ما صنع، خيرًا كان أم شرًا» ( 2كو 5: 9 ، 10).

              أنتَ إن أعطيتَ حُبًا تنفتح كوى السماءْ
              كي تفيضَ بهباتٍ ضِعفَ أضعافِ العطاءْ
              فالربُ قاطعٌ وعدًا للأسخياءْ
              بالخير يغمرُ والخصبِ والنماءْ

              يوسف رياض
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #8
                رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                الثلاثاء 8 فبراير 2011

                يُذلك ويُجرِّبك
                سار بك الرب إلهك .. لكي يُذلك ويجرِّبك ليعرف ما في قلبك: أَ تحفظ وصاياه أم لا؟ فأذلك وأجاعك وأطعمك المنّ ( تث 8: 2 ، 3)

                «أذلَّك وأجاعَك» .. ما أقسى هذه الكلمات! أَ يمكن لمَن تمتعوا بكل عناية الله الفائقة أن يُقال عنهم: «أذلك وأجاعَك»! نعم يمكن أن يحدث ذلك مع الوضع في الاعتبار المصدر الذي منه يأتي الإذلال. فهناك فارق كبير بين ما كان يُعانيه الشعب من ذُل أثناء وجودهم في أرض مصر من يد فرعون القاسي، وما يلاقونه من ذل من يد الله المُحب:

                (1) إن إذلال فرعون هو ذل العبودية والقهر، أما ذاك الذي من يد الله فهو ذُل الأبوّة الحانية الصادرة من قلب مليء بالمحبة والعطف، والذي عبَّر عنه إرميا «فإنه ولو أحزنَ يرحم حسب كثرة مراحمه. لأنه لا يُذل من قلبه، ولا يُحزن بني الإنسان» ( مرا 3: 32 ، 33).

                (2) إن غرض إذلال فرعون للشعب هو تحطيمهم وإفشالهم، أما غرض إذلال الرب فيختلف تمامًا «يُذلك .. لكي يُحسن إليك في آخرتك» ( تث 8: 16 ).

                (3) إن إذلال فرعون لا حدود له، فلو أمكن لجعلهم في هذا الذل طوال حياتهم، حتى إنه ندم عندما أطلقهم من أرض مصر وأراد أن يُرجعهم مرة أخرى للعبودية والذل ( خر 14: 5 ). أما الرب فهو يُذل بحساب ولغرض معيَّن «يُذلك ويجرِّبك ليعرف ما في قلبك: أَ تحفظ وصاياه أم لا؟» ( تث 8: 2 ). فهناك هدف مُحدد في قصد الرب وهو يُذل شعبه، ولا يمكن أن يُطيل فترة الإذلال طالما استوعب شعبه الدرس الذي يريدهم أن يتعلموه.

                (4) نتيجة إذلال فرعون هو الصراخ والأنين، حتى إن الرب قال عن شعبه: «إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر، وسمعت صراخهم من أجل مُسخِّريهم. إني علمت أوجاعهم» ( خر 3: 7 ). أما نتيجة إذلال الرب لشعبه هو التمتع بطعام ما أروعه وما أمجده، يقول عنه موسى: «أذلك وأجاعَك وأطعمك المنّ الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك» ( تث 8: 3 ). أَ كان يحلم الشعب بطعامٍ رائع مثل هذا؟

                (5) إن الجائع ولا سيما نتيجة الإذلال يشتهي أي طعام يُقدَّم له، مهما كانت رداءته، لكن الرب في جوده وصلاحه ومحبته يقدم لشعبه وهم يجتازون تحت يديه التأديبية أفخر ما عنده «بُرّ السماء ... خُبز الملائكة» ( مز 78: 24 ، 25)، والذي عرفنا في نور العهد الجديد أنه يُشير إلى الرب يسوع ـ تبارك اسمه ـ الذي هو «خبز الله النازل من السماء» ( يو 6: 32 - 35، 49- 51).

                عاطف إبراهيم
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #9
                  رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                  الأربعاء 9 فبراير 2011

                  الشاب الغني والفرصة الضائعة
                  وفيما هو خارجٌ إلى الطريق، ركض واحدٌ وجثا له وسأله: أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ ( مر 10: 17 )

                  في هذه الحادثة التي وردت في الأناجيل الثلاثة: متى ومرقس ولوقا، نرى أنه مهما كانت الثروة الأرضية والمزايا الطبيعية حسنة في مكانها الصحيح، إلا أنها ليست فقط غير قادرة على أن تعطي صاحبها حق دخول ملكوت الله، ولكنها أيضًا تقف حائلاً حقيقيًا دون الحصول على البركة. فالطبيعة في أحسن حالاتها لا تدرك حاجتها للمسيح، وليس عندها تقدير صحيح لمجد شخصه الكريم.

                  لقد كانت في هذا الشاب صفات كثيرة ممتازة: لقد كان مملوءًا بحماس الشباب لأنه جاء راكضًا. وكان مستعدًا لأن يعترف بسمو المسيح لأنه بكل خشوع «جثا له». وكان راغبًا في أن يعمل الصلاح لأنه قال: «ماذا أعمل؟». شكله الخارجي يدل على أن صفاته ممتازة، ولقد حفظ الناموس ظاهريًا. لقد كان هناك الكثير من الجمال في صفاته (التي هي من ثمار خليقة الله الجيدة) وكانت هذه موضع تقدير من الرب، ولذلك نقرأ «فنظر إليه يسوع وأحبه». ومع ذلك فكل هذه الصفات الطبيعية المتميزة لم توجِد عنده تقديرًا حقيقيًا لشخص الرب ولمجده. كما لم تُوجِد شعورًا حقيقيًا بحالته وحاجة قلبه. لقد كان يستطيع أن يدرك تميز المسيح كإنسان، ولكنه لم يستطع أن يدرك مجد شخصه كابن الله.

                  وفي إجابة الرب له يتمشى معه من نفس أرضية سؤاله له إنه لا يقر أن الإنسان صالح: «ليس أحدٌ صالحًا إلا واحدٌ وهو الله». لقد كان المسيح صالحًا بحق، وذلك لأنه هو الله.

                  وإذ لم يكن لهذا الشاب شعور بحاجته، لذلك لم يكن سؤاله: ”ماذا ينبغي أن أعمل لأخلُص؟“، ولكن «ماذا أعمل لأرِث الحياة الأبدية؟». فوضعه الطبيعي الممتاز أعماه عن حقيقة أنه خاطئ هالك في حاجة إلى خلاص بالرغم من كل ما يتمتع به من صفات ممتازة.

                  ويكشف الرب الستار عن حقيقة حالته بهذا الطلب: «اذهب بِع كل مالك ... وتعال اتبعني حاملاً الصليب». ولقد أظهر هذا الطلب حقيقة قلبه وأنه يفضِّل المال عن المسيح، وهكذا نقرأ «فاغتم على القول ومضى حزينًا». هذا يبيِّن ما في قلب الإنسان الطبيعي من جهة الله، فالصفات الممتازة ليست دليلاً على حالة القلب الروحية الداخلية.

                  هاملتون سميث
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #10
                    رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                    الخميس 10 فبراير 2011

                    زكريا الكاهن
                    فظهر له ملاك الرب واقفًا عن يمين مذبح. فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف ( لو 1: 11 ، 12)

                    مشهد زكريا وأليصابات يُشبه إلى حد ما مشهد إبراهيم وسارة، وأيضًا مشهد ألقانة وحنة؛ كانوا جميعهم في مركز البر أمام الله، ولكنهم كانوا عقيمين بلا نسل. فقيل عن زكريا وأليصابات «وكانا كلاهما بارين أمام الله، سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم» ( لو 1: 6 ).

                    ونلاحظ أن الملاك الذي بشَّر زكريا بميلاد يوحنا، لم يصعد في لهيب المذبح نحو السماء، الأمر الذي حدث سابقًا مع ملاك الرب (الذي هو الرب يسوع)، الذي بشَّر منوح بميلاد شمشون ( قض 13: 20 ). ولم يَقُل الملاك لزكريا كما قال الرب يسوع لمنوح: «لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب؟» ( قض 13: 18 )، ولا نقرأ في حادثة زكريا مثلما قال منوح لامرأته: «نموت موتًا لأننا قد رأينا الله!» ( قض 13: 22 ). ففي مشهد لوقا1 يشغل الملاك مركزه باعتباره خادم واقف أمام الله ( لو 1: 19 ).

                    «لا تخف» .. يا لها من كلمة مطمئنة ومُشجعة قيلت لزكريا (ع13)، وقيلت أيضًا للعذراء (ع30)، وللرعاة ( لو 2: 10 )، وليوسف رجل مريم ( مت 1: 20 ). إن مجيء الفادي يبدد كل خوف. إن رؤية الرعاة للملائكة ملأتهم خوفًا، أما رؤيتهم للمسيح فقد ملأتهم فرحًا وتسبيحًا ( لو 2: 8 - 20).

                    إن زكريا الكاهن مثال لنا عندما نطلب ولا يستجيب الرب لطلبتنا سريعًا، وذلك لكي يدربنا على الخضوع لمشيئته وانتظار توقيته. كما يمثلنا زكريا في فشله، فمع أننا ـ من الكتاب المقدس ـ نعرف الكثير من الحقائق الروحية التي تطمئنا في تجاربنا وآلامنا، لكن كثيرًا ما ننسى ما عرفناه، فلا نستفيد عمليًا واختباريًا. فبكل تأكيد عرف زكريا الكاهن قصة إبراهيم وسارة، وقصة ألقانة وحنة، ومع أن إبراهيم قد صار مُماتًا وتأكد من مُماتية مستودع سارة، لكن القدير أعطاهما إسحاق. وكان على زكريا أن يستفيد عمليًا واختباريًا مما عرفه، وكان عليه ألا يضع العقبات أمام ما سمعه، فيسأل الملاك: «كيف أعلم هذا، لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها؟» (ع18). ليساعدنا الرب أن نعيش عمليًا واختباريًا ما نعرفه من مواعيد صادقة أُعطيت لنا.

                    انتظري الرب ورحمته يُريكِ عظائم قوتِهِ
                    ولو ظننتِهِ توانى فذا للخيرِ بحكمتِهِ

                    رشاد فكري
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #11
                      رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                      الجمعة 11 فبراير 2011

                      أمرت أن تعولك
                      الأشبال احتاجت وجاعت، وأما طالبوا الرب فلا يعوزهم شيء من الخير ( مز 34: 10 )

                      لا يترك الله أولاده في عَوَز أو احتياج، بل إنه يعولهم بطرق ووسائل مختلفة، وهذا وعده لنا. ونرى ذلك متمثلاً في إيليا، وكيف اعتنى الله به لمدة ثلاث سنوات ونصف، إذ انقطع المطر ( يع 5: 17 )، وحدثت مجاعة عظيمة في البلاد، وقد تكفَّل الرب به، مستخدمًا سلطانه المطلق، في تطويع الإنسان والمخلوقات العجماء (الطيور) لأمره، ولإعالة إيليا، ونرى ذلك في قول الرب له:

                      1 ـ أمرت الغربان:

                      قال الرب لإيليا: «انطلق .. واختبئ عند نهر كريث .. فتشرب من النهر. وقد أمرت الغربان أن تعولك هناك» ( 1مل 17: 3 ، 4)، فنجد أن الغربان كانت تحت طوع الله لإعالة إيليا، فكانت تأتي له بخبز ولحم صباحًا ومساءً، وذلك عكس طبيعتها، ولم تتخلف ولو مرة واحدة قرابة سنة ونصف، فكان إيليا عندما يسمع صوتها ويراها، يرى فيها عناية الله ومراحمه، فكان يُسرّ بمجيئها، بل وكان ينتظرها، وفي نهاية المدة المحددة من الرب، نجد أن النهر وهو مصدر المعونة الموثوق به للعيان قد يبس، ولم يذكر الكتاب أن الغربان وهي المصدر غير الموثوق به للعيان قد تخلفت عن إحضار الطعام.

                      2 ـ أمرت امرأة أرملة:

                      قال الرب لإيليا: «قم اذهب إلى صرفة التي لصيدون وأقم هناك. هوذا قد أمرت هناك امرأة أرملة أن تعولك» ( 1مل 17: 9 )، فقام وذهب حسب قول الرب، وهو لا يعلم مَن هي المرأة، وعندما ذهب وجد أنها امرأة فقيرة، وكل ما عندها «ملء كف من الدقيق .. وقليل من الزيت»، والحقيقة أنها تحتاج إلى مَن يعولها هي وابنها، ربما اندهش إيليا وتحيَّر، لكن لم يتركه الرب في حيرته، بل قال لها الرب بفم إيليا: «إن كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص إلى اليوم الذي فيه يُعطي الرب مطرًا على وجه الأرض»، وإن كانت المرأة فقيرة في الزمان، لكنها كانت غنية في الإيمان، «فذهبت وفعلت حسب قول إيليا»، وبهذا أعالت إيليا من مخازن الرب التي لا تفرغ. «وأكلت هي وهو وبيتها أيامًا» قرابة سنتين، حتى افتقد الرب شعبه بالمطر.

                      فهل تخشى من العَوَز أو الاحتياج في زمن الجوع والغلاء؟ اعلم أن مخازن الله لا تفرغ.

                      نشأت راغب
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #12
                        رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                        السبت 12 فبراير 2011

                        أنغام الساجدين
                        ما حبيبُكِ من حبيبٍ أيتها الجميلة بين النساء، ما حبيبُكِ من حبيبٍ حتى تُحلِّفينا هكذا؟ ( نش 5: 9 )

                        إنه سفر الألحان الرخيمة، حيث نستمتع بدفء لغة المحبة الكريمة، بل بخرير مياه الودّ المنسابة هديرا، من العريس الجوَّاد، لعروسه، قاطعةً شوط البرية الأليمة. في هذا السفر، بدءًا من أصحاح5: 9 وحتى أصحاح6: 13 نجد ثلاث أسئلة، الإجابة عنها تكوِّن فكرة ثلاثية جميلة:

                        السؤال الأول عنه: «ما حبيبُكِ من حبيبٍ أيتها الجميلة بين النساء؟» (5: 9)، والإجابة عنه هي أنغام الساجدين.

                        السؤال الثاني: عن المكان الذي ذهب إليه، وعن موعد مجيئه: «أين ذهب حبيبكِ أيتها الجميلة بين النساء؟» (6: 1) والإجابة عنه تُظهر أشواق الراجين.

                        السؤال الثالث عنها: «ماذا ترون في شولميث؟» (6: 13) والإجابة عنه تَصِف سلوك المُخبرِّين.

                        عزيزي، هل لديك إجابةٌ ضليعة، ينشئها فيك الروح القدس، «الذي يأخذ مما له ويُخبرنا» تدلي بها بإنشائك، إذا سُئلت عن هذا الفريد؟ فما أروع تلك العروس! التي كانت سجايا عريسها واضحة ومتسلسلة، من رأسهِ وحتى قَدمه، فأخذت تَصِف مَنْ «يبيت بين ثدييها» ( نش 1: 13 )، في حب وإعجاب، فجاءت بمثابة أنغام الساجدين.

                        وعندما نسجد له، متأملين إياه على مهلٍ، يأتي السؤال الثاني: «أين ذهب حبيبكُ أيتها الجميلة بين النساء؟» وكأن مَنْ حولنا يتساءلون: ”إن كنتم تحبونه، وأنتم لا ترونه، هلاَّ تذهبون إليه؟“.

                        عزيزي، هل تملأُك إجابةٌ أكيدة، ينشئها فيك الوعد، بل أقول بالأحرى: مَنْ وعد بقُرب مجيئه؟ فما أكثر تلك العروس ثباتًا، التي لم يكن وعدُ عريسها، مداعبًا خيالها، بل يقينٌ يملأ قلبها: «حبيبي نزل إلى جنته ... ليرعى في الجنات ويجمع السوسن» ( نش 6: 2 ). يقينًا سيجمع السوسن، أَ ليست هذه أشواق الراجين؟

                        وأما السؤال الثالث: «ماذا ترون في شولميث؟» وما أجمل ما يفتتح به الأصحاح الذي يليه مباشرةً: «ما أجمل رجليكِ بالنعلين يا بنت الكريم» ( نش 7: 1 ).

                        عزيزي، يا مَنْ تسجد وتُخبر، هل لديك شهادة، لا أقول عن ذيوع صيتك، ولا عن شهرة خدمتك، ولكن أقول عن تقوى مسلَكك؟ وإلاّ فأين سلوك المُخبرين؟

                        خُذ يدي مُحركًا لها بِفعلِ حُبِّكَ
                        جَمِّلَن رجليَّ بالسير القويمْ

                        بطرس نبيل
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #13
                          رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                          الأحد 13 فبراير 2011

                          في العُمق
                          لأنك طرحتني في العُمق في قلب البحار، فأحاط بي نهرٌ. جازت فوقي تياراتك ولُججك ( يون 2: 3 )

                          عميقة حقًا كانت تلك المياه التي أُرسل إليها يونان يوم اكتنفته مياهٌ إلى النفس، وأحاط به الغمر، والتف عُشب البحر برأسه، ولكن أعمق منها بما لا يُقاس مياه الموت تلك التي نزل إليها ابن الله الطائع، من أجل عصياننا، يوم كان «غمرٌ ينادي غمرًا عند صوت ميازيبك»، يوم كانت مياه الموت ليس فقط من تحت سيدنا ومن حوله، بل إن كل تيارات ولُجج غضب الله طَمَت عليه ( مز 42: 7 ).

                          عجيبة حقًا، وفوق متناول الاستقصاء، أعماق مشورات حكمة الله ومحبته ونعمته ومجده. مَنْ ذا في مقدوره أن يصل إلى أغوارها؟

                          لقد اقتضت تلك المشورات آلام الصليب لإنجازها؛ آلام ذاك الذي هو يوشك أن يسلِّم الروح فوق الصليب، إذ نكَّس رأسه المتوَّج بالشوك وصاح: «قد أُكمل».

                          عظيمة فعلاً كانت شدة نفس يونان يوم كان ـ في قبره الحي ـ محرومًا من كل عون بشري، ”صارخًا من جوف الهاوية“، يوم ”أعيت فيه نفسه“. ولكن ما تلك الآلام ـ وقد استحقها ـ قياسًا إلى آلام خشبة اللعنة؟ يوم صرخ أول المتروكين ـ متروكًا من أجلنا ـ «إلهي، إلهي، لماذا تركتني، بعيدًا عن خلاصي، عن كلام زفيري؟»، يوم كان متروكًا، لا من تلاميذه فحسبْ، أولئك الذين سمَّاهم «أحباء»، بل متروكًا ـ آخر المطاف ـ من الله، وقد «اكتنفته جماعة من الأشرار»، حيث انطلقت كل قوة الشيطان ومكره وعدائه، مُضافة إليها عداوة الإنسان.

                          فكل السهام التي ذخَرت بها جُعبة الشيطان، وكل عتاد ترسانة العدو اللئيم، تدفقت جميعها على الإنسان الإلهي الكريم اللطيف الصبور حين كان الوسيط بين الله والناس ـ كمَنْ هو حَمَل الله الذي يرفع خطية العالم ـ مجعولاً خطية لجميع الذين يؤمنون به، حاملاً خطاياهم يوم وقعت عليه تعييرات مُعيري الله.

                          إنه موقف أليم يجد الإنسان نفسه فيه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة مهجورًا من أحبائه وأقربائه وخَدَمه. وهكذا، فما من صوت تعزية، ولا من صلاة تُسمع، ولا من أُذن تصغي في عطف ورثاء، ولا من يد حانية تقدم إليه آخر جُرعة مقبولة، أو تمسح العرق البارد الذي يتصبب من جبين الصديق المحتضر!! مَنْ منا يرتضي أن يموت هكذا؟

                          أيرنسايد
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #14
                            رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                            الاثنين 14 فبراير 2011

                            سيروا زمان غربتكم بخوف
                            وإن كنتم تدعُون أبًا الذي يحكم بغير مُحاباة حسب عملِ كل واحد، فسيروا زمان غربتكم بخوفٍ ( 1بط 1: 17 )

                            هذا الكلام ليس عن كرسي المسيح، بل عن نظرة عيني الآب نظرة مستمرة لكل ولد من أولاده في كل يوم ليرى ما نحن فاعلون. والذي نزرعه فإياه نحصد أيضًا. يقول الابن المطيع: كم أتمنى أن لا يوجد في طريقي من يوم إلى يوم شيء لا يرضى الآب أن يراه. أي نعم، فهو يلاحظنا باستمرار متطلعًا علينا، ويدخل معنا أيضًا في معاملات لكي يحفظنا بنعمته ولكي يؤدبنا إذا استدعت الحال. وإنها غلطة كبيرة أن نتصوَّر، بسبب اختلاف شهادة الله في يومنا الحاضر في ضوء المسيحية عن شهادته في عهد اليهودية، أن مبادئ سياسة الله الأدبية تتغير تبعًا لتغير شهادته. كلا. فإن سياسة الله مع شعبه هي هي اليوم كما بالأمس. ولا أنت ولا أنا ـ أيها القارئ ـ مع أننا في عهد النعمة، نقدر أن نتجاوز كلمة الله أو طرقه دون أن نتحمل مُجازاة عادلة، نظير أولئك الذين كانوا تحت الناموس.

                            من أجل ذلك يحرِّضنا الرسول بطرس بالقول: «سيروا زمان غربتكم بخوفٍ». على أن الخوف المذكور هنا ليس هو الخوف الذي يولِّد العبودية، وليس هو الخوف من جهة الفداء، أو القبول أو العلاقة التي لنا بالآب، لأن الوحي يضيف بعد ذلك كلمة من شأنها أن تزيل الشك «عالمين أنكم افتُديتُم».

                            إذًا لماذا أخاف؟ أخاف لأنني أعلم بعض الأمور. فإن معرفة الفداء والتمتع بغبطة المركز الذي تعطيني إياه نعمة الله في المسيحية من شأنها أن تجعل سبيلي متميزًا بالخوف. وكلما كان لدينا كثير من هذا الخوف كلما قلَّت أحزاننا في يوم غربتنا. واللحظة التي يتعطل فيها خوفنا هذا، هي لحظة سقوطنا. أما طالما سار معنا هذا الخوف التَقَوي طالما كنا في حُزمة الحفظ والصيانة.

                            إذًا فهذا العدد يدور حول سياسة الله اليومية لأولاده. فلا هو عن العرش العظيم الأبيض ولا عن كرسي المسيح الذي سيقف أمامه قديسوه، بل عن حقيقة كون الآب يثبِّت عينيه عليَّ اليوم، ويتعامل معي اليوم أو غدًا بمقتضى ما تراه عيناه في طرقي.

                            إن لي «أبًا يحكم بغير مُحاباة حسب عملِ كل واحدٍ»، لذلك يجب أن أخاف لئلا أتجاوز فكره في أي ناحية من طرقي، أو أضل عن طريقه، أو أحزن روحه، فهو إذًا خوف الأبناء من أن يجلبوا الألم لأب مُحب ساهر.

                            هنري روسييه
                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق


                            • #15
                              رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2011

                              الثلاثاء 15 فبراير 2011

                              سماوات جديدة وأرض جديدة
                              ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها البر ( 2بط 3: 13 )

                              كم نتوق إلى جو الأبدية السعيد حيث الصفاء والنقاء، والراحة والهناء. حيث يسكن البر ويستقر، ويصبح كل شيء في توافق تام مع الله وصفاته، ولا يوجد مُطلقًا ما يعكر أو يكدِّر. فلا يوجد شر يحتاج إلى الحكم والإدانة، ولا يوجد تمرُّد أو عصيان يحتاج إلى قمع أو إخضاع، ولا يوجد شيطان يعربد ويفسد ما عمله الله لمسرته. ولا يوجد ليل أو أحزان. ولا توجد لعنة فيما بعد، فكل آثار الخطية تكون قد رُفعت تمامًا ونهائيًا من العالم بفضل حَمَل الله وما عمله على الصليب. وسيمسح الله كل دمعة من العيون، ويمحو من الذاكرة كل الذكريات الأليمة الماضية. والموت لا يكون فيما بعد، ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد. ويصنع الله كل شيء جديدًا. ويقول الرائي: «ثم رأيت سماءً جديدة وأرضًا جديدة، لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا، والبحر لا يوجد فيما بعد» ( رؤ 21: 1 ). فستزول السماوات الحالية بضجيج وتنحل العناصر مُحترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها ( 2بط 3: 10 ). ولقد أشار الرب إلى هذه الحادثة بالقول: «السماء والأرض تزولان» ( مت 24: 35 ). وذلك تحقيقًا للنبوة «السماوات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى، وكلها كثوبٍ تبلى، كرداء تغيرهن فتتغير» ( مز 102: 26 ). ستنحل السماوات ملتهبة والعناصر مُحترقة تذوب ( 2بط 3: 12 ). أي أنه سيحدث تحلل ذري للكون وسيصحب ذلك انفجارات هائلة مروعة، وضجيج صاخب وحريق مدمر، تزول به السماوات والأرض التي تدنست بفعل الشيطان وشر الإنسان. وكان لا بد أن الله يغيرها فتتغير. ليس أنه سيخلق سماءً جديدة وأرضًا جديدة، بل سيغيرها، أي سيجمع ذراتها من جديد في شكل جديد، مُصاغة بكيفية جديدة تناسب الحالة الأبدية. وهذا مثلما سيحدث في تغيير أجساد المؤمنين التي ستصبح على صورة جسد مجد المسيح وتناسب الحالة الأبدية.

                              «والبحر لا يوجد فيما بعد». فإن طبيعة الحياة في الحالة الأبدية ستختلف تمامًا عما هي الآن وحتى في المُلك الألفي على الأرض. ويا لها من تعزية أن البحر الذي يتكلم عن الاضطراب وعدم الاستقرار وهياج الشعوب والفواصل، لن يكون في الأبدية ـ بل سلام وهدوء وسرور وخلود مع الرب الودود.

                              محب نصيف
                              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                              تعليق

                              من قاموا بقراءة الموضوع

                              تقليص

                              الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                معلومات المنتدى

                                تقليص

                                من يتصفحون هذا الموضوع

                                يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                  يعمل...
                                  X