إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

    نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر وعبيد إذا لم نجرؤ أن نفكر
    أفلاطون


    لكل كيان دورة حياتية تختلف في شكلها وأسلوب حياتها، فلا يوجد كيان في العالم ثابت، لأن الشيء الوحيد في هذا العالم هو التغيير، لابد أن يحدث تغيير ما، بالطبع أنا أستثني الله من هذه الفكرة، فالله لا يتغير، ليس هذا موضوعنا، ولكننا نتكلم الآن عن كل كيان سواء هذا الكيان شخص أم مجتمع، مجموعة من المجتمعات المتحدة مع بعضها البعض!!! فنجد كيان يتسم بالانغلاق على نفسه، ولكن فجأة نجده ينفتح بطريقة ما على الآخر، عدو يصبح صديقاً بقدرة قادر، والعكس بالعكس، التغيير هي سمة هذا العالم.
    أيضاً كل كيان يحدث داخله كل فترة ثورة لتغيير شيء ما تغلغل واستفحل في الكيان. إذا نجحت يحدث تغييراً شاملاً وعاصفاً، وإذا فشلت لابد أن تترك أثراً دامغاً في هذا المجتمع. ومجتمعنا المصري، بل والعربي بات في هذه اللحظة على فوهة بركان، يسعى بكل طاقته للتغيير وهذا واضح بكل الصور والأشكال، وأقرب مثل لذلك، هو ما حدث في 25 يناير 2011 التي عاصرناها.
    نحن عشنا ثورة 2011، وسمعنا عن ثورة 1952، ودرسنا ثورة 1919، "وهوجة" عرابي، وإصلاحات إسماعيل وانقلاب محمد علي الكلي الذي غير المجتمع المصري كثيراً. فما هو المعنى؟
    المعنى أنه كل حوالي نصف قرن يحدث تغيير ما نتيجة فوران بركاني للمجتمع.
    وإذا كان الكيان الافتراضي كالدولة يحتاج كل فترة إلى ثورة، فالكيان الانساني البشري بالأولى يحتاج إلى مثل هذه التغييرات، ونحن لدينا فرصة لا ينبغي أن نفوتها، إذا تأملنا في كل أحداث تلك الصورة التي لا زلنا نعيشها، وتعلمنا منها نستطيع أن نخرج بدروس نقلب بها حياتنا رأساً على عقب. فقط أن تكون لدينا الأذهان القابلة للتعلم، وعيون ترى ما بين السطور، قدرة على مضاهاة وتطبيق كل هذا ومقارنته بكلمة الله، فتعلمنا كلمة الله من تلك الأحداث التي تمر بنا، وهذا ينتج بالتأكيد ثورة.
    إذا فكتابنا هذا مستوحى من ثورة نراها ونعيشها، ونتابعها يوماً فيوماً، بل عشنا كل مشاعر الثورة وتناقضاتها ومحاولات دفنها، وكل هذا يمكن أن يمر بنا ونحن نحاول أن نغير من أنفسنا للأفضل. لنتابع إذا باهتمام.
    لا أدعي أني ممن اشتركوا بجزء من الثورة في بلدنا الحبيبة مصر، فلا تصدق صورة الغلاف، لم أرتدي ملابس الصاعقة في أي يوم في حياتي، ولم أركب دبابة، ولكني أمام الكمبيوتر أسجل انطباعاتي أول بأول، ومعي أيضاً كلمة الله المعلم الرئيسي لي فكان هذا الكتاب.
    لقد رأيت نقاط كثيرة تسترعي الانتباه إذا طبقناها على المستوى الانساني الفردي أو لمجموعة من البشر لحدثت طفرة في الحياة، بل لتغيرت الحياة بالكامل.
    لذلك في هذا الكتاب أنا أدعوك للثورة، فقط اقرأ كل فصل بعناية، الترتيب ليس مهماً فأنا لم أقصد أن أكون مرتباً بطريقة تصاعدية لأنه ببساطة يمكن أن تحتاج إلى بعض هذه الأفكار وليس كلها – حسب الضرورة وحسب الوضع الذي أنت عليه – ولكن لنعرف أن هذا الذي حدث في أيامنا القليلة الماضية، والمستمر إلى الآن نافع جداً لتعليمنا، كيف نثور على أوضاعنا وعلى أنفسنا وعلى كل الجوانب الضعيفة في حياتنا.
    قلت لك إني لم أركب دبابة في أي يوم في حياتي، ولكني مارست العديد من الأمور الدفاعية والهجومية أيضاً في الأيام الماضية، لكي تتغير حياتي، وسأتكلم عنها أثناء كلامي عن موضوعي الرئيسي. وموضوعي هو "الثورة"
    اقرأ .. أنظر إلى نفسك وطبق .. لاتنسى وأنت تقرأ كل مقال من مقالاتي كوب من الشاي أو فنجان من القهوة وجلسة صحيحة في مكان مضيء، واستعداد للاستيعاب والتفكير .. والتغيير
    والله هو المغير

    عماد حنا
    الأسكندرية في 25 فبراير 2011
    "تابعني"
    أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
    Emad Hanna

  • #2
    رد: من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

    (2)
    هاتوا الخيمة ...وادينا قاعدين

    فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي» فَقَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ» فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ» وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. (تكوين32: 21-29)

    الاعتصام، لن نخرج من هذا المكان إلا عند تلبية طلباتنا، أنا أرفض الواقع الذي انا فيه، كفاية ... كل هذه الأشياء كانت تعبيرات مهدت للثورة، فالثورة لم تبدأ يوم 25 يناير، ولكن ظهرت من قبل في حركة كفاية التي كانت قبلها بعامين، وبعدها ظهرت في حركة 6 ابريل، ثم الكثير والكثير من التعبير بالرفض، والأعلان عنه.
    المسيحيون أيضاً كان لهم دور وهم يعبرون عن رفضهم للأضطهاد وبالذات بعد حادثتي نجع حمادي وتفجيرات القديسين. فخرجوا في مظاهرات واحتجاجات تعبر عن رفضهم وغضبهم للواقع والمطالبة بتعديل.
    في الواقع الخطوة الأساسية للتغييرمن وضع مرفوض لآخر هي الأعلان عن الرفض لذلك الواقع الحالي، هذه ظاهرة صحية، وإكتشاف الخطأ هو الخطوة الأولى في محاولة العلاج.
    في البداية كان المجتمع المصري يشعر بالكآبة وعدم الثقة وعدم الرغبة في الانتاج، بسبب الشعور الشديد باليأس، لا فائدة، لماذا أعمل وأكافح وأنا لن أصل لأبعد مما أنا عليه!!
    أيضا الفرحة مفقودة، حتى مع اعلانات زيادة المرتبات لا تجد هناك فرحة، بل في الآونة الأخيرة لم يعد الناس يريدون ذلك، لأنهم يعرفون أن المصاريف ستزداد بنسبة أكبر بكثير.
    ولكن بدأت حركة التغيير عندما بدأت أصوات خافتة تقول: نحن في طريق خطأ ... هناك من يسيطر علينا ويمتص واقعنا ويسرقه، لن نسمح بهذا...نريد التغيير، نريد أن نعلن أننا نرفض هذا الواقع.
    ولكن أين مكمن الفساد؟ هل تستطيع أن تضع يدك عليه؟ بعد أيام من سقوط الحكومة عرفنا الكثير من أخبار الفساد، وأرقام منهوبة بالمليارات، جيل كامل الحكام والوزراء ينهبون البلد، ومع الوقت بدأنا نكتشف الجيل الذي يليه من الفاسدين، وهم الذين كان يؤتمرون من قادتهم. ولكنهم يأخذون لأنفسهم قطعة صغيرة من التورتة، وأخشى ما أخشاه أنه باستمرار التحقيق ينفرط العقد لنكتشف أن المجتمع المصري كله يحتوي على فساد.
    فسارق العشرة جنيهات يتساوى مع سارق المليارات، لأن اتجاه السرقة واحد، والذي يمد يده بالرشوة لموظف صغير، يتساوي مع من يقدم رشاوي ليحصل على قطعة ارض ليست من حقه، أو ملك الدولة بتراب الفلوس.
    الأعتصام جعل الحكومة تسقط، والحكومة عندما سقطت انكشف المستور، لنرى سلسلة من الأخطاء والفساد لا يمكن التغاضي عنه.
    ولكن هذا فرحنا، لأننا في طريقنا للعلاج، بعد الحساب، لقد وضعنا أيدينا على الداء، لنجد الدواء.
    ***
    هذا درس نريد أن نتأمل يه، وقفة مع النفس جعلتنا كمجتمع نتفاجأ بحالتنا ووضعنا، لقد تعرى المجتمع، فوجد اباطرة المجتمع أنفسهم في السجن، تخيل نفسك ايها العزيز القاريء في حالة اعتصام لأصلاح نفسك، من هو الجدير أن تقف أمامه؟!
    سؤال صعب، اليس كذلك؟ لأننا عندما وقفنا لنحاكم المسؤولين لم نتهاون مع أخطائهم، وطالبنا بإعدامهم، ومحاسبتهم، ولنا كل الحق في ذلك، فهم سارقون للمجتمع، ولكن ماذا عنا نحن؟ ماذا عن فسادنا؟!!... هل سنتهاون فيه؟! أم أن الأصلاح سيشملكل شخص فينا!!
    إذا أردنا أن نعالج أنفسنا وعرضنا أنفسنا لهذه الوقفة، لكانت مشكلة لا يعرف عاقبتها الا الله.
    الله ... هو المناسب لكي نقف أمامه، نعتصم أمامه، لنقل له: "يارب ، لن أتركك ألا إذا كشفت عيوبي، لتعالجني وتغيرني، أقف أمامك فيحدث التغيير".
    في الواقع يوحد أكثر من حادث اعتصام في الكتاب المقدس، أول حادثة كانت ليعقوب، واستمرت طوال الليل، في الواقع لقد صورها الكتاب المقدس بصورة جميلة، إذ صوره كرجل يتصارع طوال الليل سعياً وراء ذلك التغيير المنشود، هو يعقوب الذي أعلنها صارحة، لن أطلقك أن لم تباركني.
    أليس هذا اعتصام؟ وصراع شديد طوال الليل، لقد كان واضح على يعقوب أنه لن يغادر المكان بدون هذا التغيير المنشود، وبالفعل تغير يعقوب تغيرا كبيرا ، إذ أصبح أسمه "إسرائيل"، ومعنى الكلمة "أمير الله" اليست هذه الثورة ناجحة بكل المقاييس؟ لقد حصل يعقوب على تغيير جزري في حياته.
    الحالة الثانية التي يذكرها الكتاب المقدس للأعتصام، حدثت بناء على وصية أوصاها السيد المسيح له كل المجد لتلاميذه، إذ قال لهم لا تغادروا أورشليم حتى ارسل لكم الروح القدس، ".. وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي».(لوقا24: 49). وفي الواقع هذه الوصية مرتبطة ارتباط وثيق بالنجاح، لأنه عندما حصل الرسول بطرس على قوة الروح القدس تحول من شخص ناكر للمسيح أمام جارية، الى رجل يشرح الايمان، ويعلن عن المسيح أمام جمهور من الناس، لقد أتى الاعتصام بثماره في الحال بعد الحصول على قوة من الأعالي.
    الاعتصام في انتظار أن يحدث الله تغيير في حياتك كفيل بأن يغير الله حياتك بالكامل، ليس ذلك فقط، ولكنه يدعمك من خلال الروح القدس فتستطيع أن تغير من كل أخطاءك، وهذه هي البداية.
    إذا كانت ثورة الشباب بالاعتصام حصلت على هذا النجاح بسقوط عناصر الفساد، فإن ثورتنا على عناصر الفساد في حياتنا لا تأتي إلا بالأعتصام أمام عرش النعمة، فإذا تعلمنا هذا واعتصمنا أمام الله، نرفض أي تنازل وأي تهاون مع أخطاؤنا، وفي نفس الوقت نعترف أن الاصلاح لا يمكن أن يتم الا من خلاله هو، وليس من خلالنا نحن سنحصل على التغيير المنشود.
    إذا حاولنا الاصلاح بجهودنا الذاتية سنفشل، لأن طبيعتنا فاسدة من حيث المبدأ، إذ يقول الكتاب المقدس أن الجميع اخطأوا وأعوزهم مجد الله، فإذا طلبنا مجد الله في إعتصامنا، إذا قلت أني لن أغادر هذا المكان – مكان الصلاة والسجود والصراع مع الله – إلا إذا تغيرت وحصلت على ما أصبو اليه فسيكون الأمر تغيير حقيقي في حياتنا. لأنه بكل بساطة هو الذي سيغير، فهل تجرب؟

    تابعني
    أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
    Emad Hanna

    تعليق


    • #3
      رد: من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

      من وحي الثورة 3




      كيف تمنع طلب التغيير؟
      اصرف اذهانهم بمشاكل اخرى

      قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا» أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ:«لَيْسَ لِي زَوْجٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ» قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:«يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ» (يوحنا 4: 16- 20)

      لنرجع إلى أعداء التغيير الذين يريدون منع هذا الاعتصام بشتى الطرق. والفكرة القديمة الجديدة هي صرف الذهن عن تلك الأخطاء التي تحتاج إلى تغيير، وذلك بوضع مشكلة شخصية في شكلها أكبر بكثير من الموضوع المطلوب تغييره، فيحدث إلهاء للموضوع الأصلي ويكثر النقاش حول الموضوع الآخر.
      بعدها تبدأ التصريحات الخاصة بالموضوع الآخر تملأ الصحف، ويُنسى الموضوع الأصلي.
      لنشرح الفكرة عملياً ..
      في مصر كان هناك الكثير من الفاسدين ومن الفساد الواضح الذي لابد من تغييره، بدءاً من هيئة المرور وحجز تذاكر القطار إلى أعلى الطبقات حتى نصل إلى رئيس الجمهورية، كما اتضح ذلك فيما بعد. ولكن لكي يبتعد ذهن الشعب عن هذا نبدأ في تفجير مشاكل بين المسلمين والمسيحيين، وإلهائهم في فكرة من هو الكافر ومن هو الملحد، ومن هو الذي يرضى عنه الله.
      إذا أراد محامي مسيحي أن يرشح نفسه للإنتخابات، يفبركون قضية في دائرته يهيجون فيها المسيحيين والمسلمين فتحدث كارثة، تجعل الشعب لا يرى بسببها أي كارثة أخرى، حيث يُشغل تفكيرهم تلك الكارثة التي تكاد تودي بحياتهم وتهدد أمنهم، مما يمنع أي تفكير في تغيير آخر.
      تأتي المشاكل الطائفية على قمة هذه المشاكل التي يستخدمها أعداء التغيير لإلهاء الشعب عن التغيير، لتنتهي أخيراً بحادثة القديسين الشهيرة، والتي أودت بحياة الكثيرين في سبيل أن ينشغل الشعب بكل هذا ويبتعدوا عنهم وعن أخطائهم.
      أيضاً سمعنا عن مشاكل السيدات التي انتشرت إشاعات أنهن أسلمن، وفي الواقع هن لم يسلمن، وانشغل الشعب – أسلمت أم لم تسلم – وهذا أدى إلى مشاكل داخل الكنائس، وعداء على مآذن الجوامع، وابتعد الناس عن المشاكل الحقيقية، ابتعدوا عن السعي وراء الفساد الحقيقي الذي يتغلغل داخل المجتمع. هذا ما حدث قبل الثورة.
      وهذا ما يحدث تماماً على المستوى الشخصي يحدث نفس الشيء، فقبل أن تبدأ لتثور على نفسك وتسعى وراء التغيير يشغلك الشيطان بالكثير والكثير من الأفكار الصعبة.
      لنأخذ مثل في هذا الأمر، المرأة السامرية التي التقت بالسيد المسيح، تقابلت معه، وهو كان يهدف لعلاج الفساد الذي داخلها، وهي تحاول أن تهرب من ذلك الإصلاح، لقد كانت ممتلئة من الفساد والخطايا، وحاورها السيد المسيح، لنقرأ هذا الحوار ولنتعلم.
      - لَهَا يَسُوعُ:«اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا»
      أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ:
      - «لَيْسَ لِي زَوْجٌ».
      قَالَ لَهَا يَسُوعُ:
      - «حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ»
      قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:
      - «يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ».
      فكر معي في الذي حدث، هل ترى أسلوب الحوار؟ .. المسيح يضع يده على الداء، ولكن السيدة هربت من هذه المشكلة، بأنها أوجدت مشكلة لاهوتية، أيهما أصح؟ هل نعبد في أورشليم أم على الجبل؟!! ... هل هذه هي المشكلة؟!، وهل أنتِ أيتها السامرية تعبدين بالفعل؟ هل هذه المشكلة تؤرقك؟ أم أنه من الصح أن نعالج الخطأ الداخلي الكامن فيك، ثم بعد ذلك ندخل على المرحلة الأخرى. لابد أن نتصالح مع الله، ثم نبدأ في البحث عن طرق العبادة الصحيحة. أليس هذا هو المنطقي؟
      ولكن لكي يحرمنا الشيطان من الثورة على الذات واللجوء إلى الله لينظف ما بداخلنا من أوساخ يبدأ في طرح قضايا ثانوية، تخص العبادة الشكلية والمشاكل الطائفية، فننسى العلاقة الحقيقية مع الله.
      صديقي ..
      هل تود أن تنجح ثورتك الداخلية؟، ركز على الفساد الحقيقي داخل النفس، وثق أن الله يستطيع أن يغيرك بالكامل، فإذا حدث هذا سوف تعلن أمام الجميع عن التطهير الذي حدث بداخلك، فلا تبالي بالمشاكل الجانبية.
      في ثورتنا المصرية عندما التفتوا إلى الفساد والمشكلة الحقيقية، لم تعد المشكلة هي مشكلة مسلم ومسيحي، لقد أصبح الكلام عن المواطن المصري، ومعالجة المواطن المصري، وتدمير الفساد الذي يؤذي المواطن المصري، وهي خطوة حقيقية تجاه الإصلاح.
      لنبتعد عن إلهاء أنفسنا بتفاصيل ليس لها نفس الأهمية، لنركع إلى الله ولنطلب منه إصلاح الفساد الموجود في حياتنا، وهذا لن يتم إلا من خلال روح الله الذي يسيطر على الإنسان بالكامل. فيغير ما به. هل نجرب؟
      صلاة
      إلهي .. أضع نفسي الآن بين يديك
      معترفاً بفسادي وخطاياي
      لن أدع أي شيء يلهيني عن حقيقة كوني فاسداً
      أحتاج إلى أن تأتي وتصلح ما بي من فساد
      أنت تريد أن تعالج ما بي من فساد
      وها أنا أسلم نفسي بين يديك
      استلم قلبي وحياتي
      وصالحني معك ومع نفسي،
      فأكون لك بالكامل، كي تغير وتصلح ما قد فسد
      يارب
      أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
      Emad Hanna

      تعليق


      • #4
        رد: من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

        4) اللي تعرفه احسن من اللي ماتعرفهوش


        أطلق لنا ... باراباس
        ليس لنا ملك إلا قيصر

        فارتفعت الصرخات، اتركوه اتركوه
        اتركوا رئيسنا الذي حكم طوال هذه الأعوام الثلاثين.
        هذه صيحات حدثت أثناء المطالبة بإقالة الرئيس، وكان السؤال المهم، هل هذه المطالبة لأن الرئيس وأعوانه جيدين، والأجابة دائماً تكون
        - لا
        - إذا لماذا؟
        - لأن الذي تعرفه أفضل بالتأكيد من الذي لا تعرفه،
        ولكي يوثق كلماته دينياً يقول أنه علينا أن نضع للسلطات القائمة بالفعل كما أوصانا الكتاب المقدس.

        في الواقع موضوع الخضوع للسلطات ظاهره طاعة وباطنه خوف وخنوع وتردد، فالكتاب لم يأمرنا أن نقمع أنفسنا ونقبل الذل والمهانة، ونترك الآخرين يسرقوننا بدعوى أننا نخضع للسلطات.
        ولكننا خنعنا، استسلمنا للرشوة وغيرنا أسمها لأكرامية وأسكتنا رغبات مكبوتة في الصراخ ... أننا نُسلب ونُسرق في وضح النهار وتضيع كلحقوقنا ولكن مع هذا لا نريد التغيير.
        لماذا؟
        لأن البديل المجهول مخيف ... ربما يحولنا لأيران أو أفغانستان ... أو عراق آخر. هذا الخوف هو صنيعة النظام القديم، بل هواستخدم هذا الأسلوب للسيطرة علينا ... وبعد أن يتملكنا الخوف يفعل ما يحلو له فينا. يمرح ويسلب وينهب ويظلم ويهدر حقوق ويأخذها في جيبه كأنها حق من حقوقه، وعلينا أن نصمت ونصمت ونصمت.
        الدستور يعطي الحق لأكل انسان أن نقول لا للظلم لا للرشوة لا للسرقة ... وكلمة (لا) لا تتنافي مع الخضوع الذي يأمرنا به الكتاب المقدس
        بل أن الكتاب المقدس سنن قوانين في شريعته لكل سارق وناهب ومرتشي ... الخ، فلماذا لا نطالب كل الناس بالخضوع لهذه الأمور، لماذا نروحن الأمور فنخضع للفاسد، الله يرفض أن نخضع للفاسد.
        فإذا رأينا حكامنا يسلبوننا لماذا لا نحاكمهم؟ عدم محاكمتهم يتنافى مع القانون الالهي والقانون الانساني الطبيعي.
        ولكن ما معنى الخضوع للسلطات؟!
        معناه أن أكون ملتزما بالقوانين، ألا أكسر أي قانون ، لا أسرق ولا أرتشي تحت أي مبرر، واؤدي العمل المطلوب مني بكل أمانة وشرف. هذا هو الخضوع الذي يطلبه الكتاب المقدس.
        اما الخنوع فهو أن أرى غيري يفعل الشر وأخضع له، وأكون ضمن منظومة الفساد العامة، غير مختلف عنهم ... وهذا ما كان يحدث في مجتمعنا، فنجد أن المؤسسات بها الفاسدون، وبها المؤمنون الصامتون، معادلة صعبة. ولا ترضي الله.
        أشهر أمثلة الكتاب المقدس للخضوع للسلطات مع عدم الخنوع لهم هو ما سلكه دانيال، الذي كان خاضعاً للملك، ولكنه وضع في قلبه ألا يتنجس لا هو ولا الفتية الثلاثة بأطايب الملك، لقد خضع، ولم يشارك أو يخنع، وواجه هو الاسود، وزملاؤه واجهوا النيران، ولكنه كان خضوع بلا خنوع.

        كثيرون منا غاضب، وصامت، لأن أصحاب المصلحة أقنعونا ان المجهول سيء والذي تعرفه أفضل من ذاك الذي لا تعرفه.
        ماذا نسمي هذا؟ هو نقص في معرفتنا لله، ونقص في ثقتنا به، لأننا إذا وثقنا في الهنا وان بين يديه كل مقاليد الأمور لهرب الخوف وعرفنا أننا نستطيع أن نتمرد على الفساد والله يعطي الصالح الذي يريده لنا، وينتظر منا أن نطلبه.
        هو يرينا الظلم لكي نصرخ ونطلب أن يطاح به، ونتمرد عليه بشتى الطرق، ولكننا لا نفعل.
        لا أقول أن الأمر سهل ... أذكر أختي التي تعمل طبيبة عيون، وقفت أمام مديرها منذ عامين لتقاوم فساده، وصعدت شكواها أمام الرؤساء والصحافة، فهي ترى الفساد واضح أمامها، ولم يقف معها أحد، رغم أن مديرها كان كالعنكبوت الذي تشعبت شبكة فساده لتشمل مساحة كبيرة من المسؤولين، وخاف الجميع، وعلى الرغم من أن فسادة شمل الكثير من زملاء وزميلات تلك الطبيبة الشابة، إلا أنه لم يتكلم أحد غيرها، هي التي دفعت الثمن في البداية، على حسابها وحساب اسرتها، ولكن بعد الثورة، صار صوتها الوحيد اعتصام أطاح بذلك الفاسد فحصدت أخيرا ثمار كانت قد تأجلت بعض الوقت.
        في خلال هذه الفترة ما بين وقوفها أمامه بمفردها وما بين اندلاع الثورة التي جرأت باقي المظلومين كانت مشاعرها منهارة، بدا لها أن يد الظلم أقوى وأكبر، وأيضاًً بدا لها أن الفشل هورفيقها عل الرغم من نبل قضيتها. لم تسمع كلمة ثناء واحدة بل سمعت تلك التعبيرات المقيتة
        - خليكِ بجوار الحائط
        - انت المضرورة الوحيدة
        - كل الدولة معه، أين تكونين
        - المسيح علمنا الحكمة في التصرف، فلا يجب أن نرمي أنفسنا في التهلكة.
        اتهموها بالاندفاع والمثالية الزائدة، وبشروها أن الشرير سيثبت وسيأخذ المزيد من حقها، ولن تستطيع أن تمارس عملها كطبيبة بعد الآن. ولكنها كانت مصرة على الوقوف أمام التيار. لذلك أكرمها الله بالتغيير. ليقول لها أنه حي وقادر على كل شيء.
        هذا مجرد نموذج، نموذج لشخص يريد أن يقف أمام الفساد فيواجه الفاسدين ومعهم أيضاً الخائفين والشكاكين.
        ***
        كل هذه التحليلات في وضعنا الحالي الذي نعيشه ذكرني كثيراً بالسيد المسيح وحملته الانتخابية للسيطرة على الحياة.
        عندما بدأ دعوته كان مال القلوب هو ابليس، بكل ما فيه من فساد، وبدأ يقول "تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم ... تعلموا مني فتجدوا راحة لنفوسكم" المسيح يطلب السلطان على الحياة ليكون الملك الجديد فيقول
        - اتبعني
        ويقرع على باب القلب منتظراً الدخول، ولكنه أيضا يقول أن من يتبعه لابد من أن يحمل الصليب.
        حمل الصليب؟ ما هو هذا الصليب؟ ... هو المجهول الذي نخاف منه، هو الخطة التي وضعها لنا الله لنسلك فيها. وعلى الرغم من كل وعود المسيح لنا بالراحة والسلام القلبي والتصالح مع الله والناس ولكننا نخاف من دفع الثمن.
        الملك المسيطر الآن يسلب حياتنا وصحتنا وحريتنا سنين هذه عددها، ولكننا نرضى بالذل والأهانة، لأن الذي نعرفه أفضل بكثير من الذي لا نعرفه مثلما يقول المثل الشعبي!!!
        اليهود في القديم كان لديهم انتظارات للمسيا القادم اليهم، ولكن عندما جاء المسيح بخطة أخرى فيه يملك على القلب قبل أن يملك على كرسي داود لم يعجبهم الحال، هو يريدون كرسي داود كأولوية. هو قال أنا ملككم ولكن خطته الانتخابية لم تشبعهم، فماذا اختاروا؟
        اختاروا باراباس، الرجل الذي احدث فتنة،وقتل كثيرين، لماذا اختاروه؟ لأن هذا الرجل خطته الانتخابية تتناسب مع تطلعاتهم، هم يريدون كرسي داود ... بغض النظر أن يكون اله داودهو الههم ، ومليكهم ... لذلك رفضوا الصالح ليبحثوا عن الفاسد!! ارادوا الرجل الذي قال سأسلبكم وأثير الفتنة في وسطكم وأحقق أيضاً احلامكم بأن اريحكم من الرومان!!
        فقالوا نريد باراباس
        ويسوع اصلبه
        من وحي هذه الثورة أقول أننا كثيرا ما رحبنا بذلك الباراباس الذي يثير الضغينة ولا يعطي السلام، وصلبنا يسوع مليكنا المحبوب الذي له كل المجد
        المسيح له كل المجد يريد أن يغير في القلب، ويسيطر عليه بالكامل. بدلا من ذلك الفاسد الذي يسيطر على القلب الآن فهل تطيح بالملك الفاسد من حياتك؟
        الثورة المصرية تشجعت ونزعت عنها الفساد .. رفضته .. فهل تجرب أن تعطي الملكوت لذاك الذي يغير حياتك بالكامل، حتى لو حملت الصليب
        ستكون أنت المنتصر مع الله ، وإلى الأبد.

        عماد حنا

        تابعني
        أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
        Emad Hanna

        تعليق


        • #5
          رد: من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

          ) لن تنجحوا



          ذَا قُلْتُمْ لِي: عَلَى الرَّبِّ إِلهِنَا اتَّكَلْنَا، أَفَلَيْسَ هُوَ الَّذِي أَزَالَ حَزَقِيَّا مُرْتَفَعَاتِهِ وَمَذَابِحَهُ، وَقَالَ لِيَهُوذَا وَلأُورُشَلِيمَ: أَمَامَ هذَا الْمَذْبَحِ تَسْجُدُونَ فِي أُورُشَلِيمَ؟


          23 وَالآنَ رَاهِنْ سَيِّدِي مَلِكَ أَشُّورَ، فَأُعْطِيَكَ أَلْفَيْ فَرَسٍ إِنْ كُنْتَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْهَا رَاكِبِينَ.


          24 فَكَيْفَ تَرُدُّ وَجْهَ وَال وَاحِدٍ مِنْ عَبِيدِ سَيِّدِي الصِّغَارِ، وَتَتَّكِلُ عَلَى مِصْرَ لأَجْلِ مَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ؟


          25 وَالآنَ هَلْ بِدُونِ الرَّبِّ صَعِدْتُ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ لأَخْرِبَهُ؟ اَلرَّبُّ قَالَ لِي اصْعَدْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ وَاخْرِبْهَا».


          (2مل1*: 22-25)


          وأنا أتكلم في الفصل الماضي عن كوننا نحتفظ بالفاسد، لأننا لن نعرق المجهول القادموما ينتظرنا منه، تكلمت عن اختبار شخصي، وما حدث لأختي طبيبة العيون، وما قالوه الناس لها لكي يبعدوها عما فعلت، وهذا كان ملخصه هذه العبارة
          - لن تنجحين.
          وهذا ما سمعناه كثيرا ونحن نرى هؤلاء الشباب واقفون في مجمع التحرير ومجمع المنشية، وكلما حققوا انتصار كانت الصرخات تقول اكتفوا بهذا، لا يمكن أن تصلوا لأبعد من هذا، لن تنجحوا، السلطة مسيطرة تماماً على الموقف. وهذا يعد تحطيم لمعنويات الشباب حتى يتراجعوا، ويرضون بأنتصار هزيل سرعان ما يزوب بعد أن تنفض التجمعات.
          وهذا ما فعله سنحاريب قديماً محاولا خداع الشعب، فهو لجأ لتحطيم معنويات شعب اسرائيل، حتى يستسلمون له، يقولون أن الحرب خدعة وأساس الانتصار هو كيفية إقناع الخصم بالاستسلام السريع، سواء كان هذا ناتج عن قوة حقيقية للخصم أم ناتج عن خدعة الخصم وإبراز ذاته في صورة غير صورته الحقيقية.
          هذا الملك - سنحاريب - وقف أمام شعب الرب الذي عرف طريق التوبة وأزال الأوثان الذي كان يعبدها، وملك عليه ملك صالح يخاف الله ويحفظ وصاياه. ولكن يأتي هذا الرجل الشرير ويحاصر المدينة ويقف على بابها يطلق حربه الاعلامية حتى تستسلم المدينة ... ويطلق هذا الملك الشرير خمس كذبات أساسية هذه الكذبات الخمس هي:
          1- الاتكال على الرب لن يجدي (ع19)
          2- الذي اتكلت عليه أضعف من أن يحميك (ع20) "هوذا اتكلت على عكاز هذه القصبة المرضوضة"
          3- هزيمتك آتية لا محالة فقوتنا (قوة الاعداء) عظيمة
          4- الرب قال لي أني سأهزمكم (هذه هي ارادة الرب فاستسلموا لها)
          5- لا تسمعوا لمرشدكم الذي يحاول أن يجعلكم تلتصقون بالله.

          هذه الأفكار موجودة في سفر ملوك الثاني من الكتاب المقدس ... ذلك الاصحاح الذي بدأ بعمل عظيم صنعه الملك حزقيا حفيد داود النبي عليه السلام. ذلك العمل الذي نستطيع تسميته نهضة عظيمة. لنرى تلك الثورة وآثارها
          <span>ثورة عظيمة</span>
          ونتيجة لتلك الثورة التي فيها أزال المرفعات وكسر التماثيل وقطع السواري وسحق حية النحاس التي عملها موسى لأن بني إسرائيل كانوا إلى تلك الأيام يوقدون لها.. التصق حزقيا بالرب ولم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي أمر بها الرب موسى .. وكان الرب معه فحصد النجاح بعد النجاح (2مل 18: 1-8)

          وفي ذلك الأصحاح الغني بالمعاني نجد صورتين في غاية الاهمية . الصورة الاولى هي صورة الثورة التي تمت على يد الملك حزقيا فانتعشت مملكة يهوذا جدا وكان الرب معها وحفلت بالانتصارات .. والصورة الأخرى هي صورة مملكة إسرائيل التي أصرت على فعل الشر أمام الرب فدمرت على يد مملكة آشور وسبي شعبها الى مملكة آشور .
          ولكن الشيطان لابد وأن يتحرك مع الثورة .. لابد أن يبذل مجهوده حتى يعطل تلك الثورة .. فحاولت مملكة آشور أن تدخل يهوذا وبالفعل حاصرت المدينة أيام عديدة في جيش عظيم وخرج قائد الجيش يهدد ويتوعد الشعب والملك حتى يستسلموا إلى تلك المملكة وعندما تكلم قائد الجيش كذب خمس كذبات كثيرا ما يستخدمهم الشيطان عندما تحل بنا ضيقة.. ففي وسط الحصار والشعب والقادة خائفون قال قائد الجيش هذه الأمور. والتي أوصلها أن سيطرة الشر هي رغبة الله المقدسة، فهو مرسل من قبل الله!!!
          <span>هل نصدق أكاذيب العدو؟! </span>
          بدلا من التصديق الذي يقلل من المعنويات كثيرا ويشعرنا بالاحباط واليأس ليتنا نفعل ما فعله الملك حزقيا ... فيقول الكتاب المقدس أن الملك حزقيا عندما سمع هذا الكلام أول شئ عمله أنه دخل بيت الرب ورفع صلاة للرب لكي يحميه.. وكانت استجابة الرب في منتهى السرعة لأنه في نفس الليلة أرسل الرب ملاك "وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب وخرج وضرب من جيش الأعداء مائة ألف وخمسة وثمانين ألفا.. ولما بكروا صباحا إذا هم جميعا جثث ميتة فانصرف سنحاريب ملك آشور وذهب راجعا.. وقتل وهو يسجد لآلهته الوثنية في بلدته " 2مل 19: 35-37
          ***
          <span> </span>
          <span>نصيحة الشيطان أمام التجربة</span>
          في الواقع هذا ما يفعله الشيطان معنا فنحن عندما نرفع قلوبنا أمام الله طالبين توبة حقيقية لا يرضى الشيطان عن هذه الثورة فيحاصرنا بكثير من الاساليب يحاول أن يوهمنا انه قادر على الايقاع بنا. هذا الوهم دائما يتمثل بتلك الاكاذيب الخمسة فيقول
          - أمام تلك التجربة العاصفة الاتكال على الرب لن يجدي بل علينا أن نفكر بأسلوب عملي ولا داعي للفلسفة الغير عملية.
          - لن تجد الله بالقوة الكافية أمام تلك التجربة
          - الهزيمة لابد وأن تأتي
          - من أدراك أن هذا العمل ليس بترتيب من الله وإرادته أن أنهزم !!
          - الذي ينصحك بالاتكال على الرب ليس في نفس موقفك.. ولو كان في موقفك لتغير ردة فعله تماما
          ***
          <span>عظمة الله في مواجهة أكاذيب الشيطان</span>
          لنجعل الأمر خاصا... بمعنى أن نتحول من الكلام على ثورة ضد نظام فاسد، الى تلك المعركة الدائرة بداخلي أنا... في حياتي واجهت ما أسميه جيش سنحاريب .. وكدت أقع في ليأس .. وجاءني الشيطان بتلك الأكاذيب الخمسة .. ولكن عظمة الله ومحبته وعنايته جعلت من جيش سنحاريب الخاص بي (تجربتي ) يموت بصورة لا تصدق . وانتصر بقوة عجيبة في هذه التجربة
          صديقي
          هل واجت يوما ما قوة مضادة تشبه قوة سنحاريب
          جرب ما فعله حزقيا .. اتجه الى الله وصلي .. وأنا أثق تماما أن الله سيرسل ملاكه ويقتل ذلك المخادع داخلي وستنتصر

          لأن الهنا اله انتصار وليس اله هزيمة
          فقط
          ضع ثقتك في قوته
          لا تستمع الى أكاذيب العدو
          عندئذ ستتمتع بنشيد الانتصار
          له كل المجد

          تابعني
          أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
          Emad Hanna

          تعليق


          • #6
            رد: من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

            ) وجبة كنتاكي لكل مواطن
            by Emad Hanna on Sunday, March 13, 2011 at 12:26am

            لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ. كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ! وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ. لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ (1يو3: 13-20)


            والآن اصبحت الثورة حقيقة واقعة، بدأ الناس يعلنون عن رفضهم لأشياء كثيرة، لقد بدأت الثورة فمن يقف أمامها؟!! هناك وسيلة تنجح كثيرا، وهي التشكيك في دوافع الثورة نفسها، والتشكيك في الهدف منها، فيبدأ الناس العاديون يبغضون الثائرون، وبعد أن يكتسب الثائرون بعض التعاطف، سرعان ما يفقدونه، بسبب ذلك الشك في الدوافع. وفي ثورتنا المصرية حدث هذا الشيء بعد أيام قليلة من الثورة، بالذات بعد أن بدأ رئيس جمهوريتنا السابق في اللعب على العواطف من خلال خطاب بليغ يريد فيه أن يموت في مصر مذكرا أيانا بذلك الرئيس التونسي الذي ترك بلاده وفر بحياته، وبعدها بدأت الناس تغير نغمتها، ورفض الثائرون ترك مقرهم، فبدأت الأشاعات لتسخف من الثورة، فقيل عن هؤلاء الذين وقفوا في ميدان التحرير هذه الأشياء:-
            1- يوجد من يدفع لهم. فهم ليسوا قادرون على البقاء كل هذه الأيام بلا عمل إلا إذا كانت هناك جهة تدفع لهم، وقد حددوا 50 جنيها لليوم الواحد يأخذونه هؤلاء المتظاهرون!!
            2- وجبة كنتاكي لكل شخص في الثورة يظل مكانه ولا يبارحه، ولست أدري لماذا الكنتاكي بالذات، هل هو دعاية لهذه الوجبة، ولكن هذا ما قيل.
            3- يوجد أجانب في المكان. فالأمر ليس ثورة داخلية محلية، ولكن هناك خفية تريد أن تلعب بأمن الممواطن المصري، وأعلن الاعلام المصري عن وجود أثيوبيين وأندونيسيين ... الخ
            4- شباب وبنات اخلاقيا غير منضبطين: بل لقد قيل أن المكان اصبح وكر للرزيلة، كل هذا لكي يسفهون من الثورة، وأهدافها.
            5- الأعلام العربي هو من صنع تلك الثورة، الجزيرة والحرة والمستقلة وجعل من شبابها ابطال لغاية في نفوسهم.
            كل هذه الأشياء كتبها الأعلام المصري المنقاد بأعداء الثورة، لتشكك في دوافع الثورة النقية، ودوافع أفرادها، حتى تفقد مصداقيتها، وتفقد مؤازرة الناس لها. وفي الواقع كثيرون انخدعوا بهذا الأمر، وكثيرون بدأوا يتخاذلون أمام مطالب الثورة بسبب تلك الاشاعات، كثيرون بدأوا يكتفون كلما حدث انتصار ما، فيقولون يكفي هذا، لن يحدث أفضل من هذا، أم أنك تفضلون البقاء في المكان أكثر، ويبدأ الاعلام في تزكية هذا الأمر، ويقولون، ها نحن نستجيب ... ما الذي يبقيهم أكثر، الأمر ليس مجرد مطالب ولكن هناك يد خفية تجاه هذا الأمر.
            وفي هذا الأمر علمتني أيام الثورة الكثير. الخصها في سطور قليلة
            - لابد لكي تحصل عل كل ما تريد من سياسة النفس الطويل.
            - لا تبالي بآراء الآخرين وركز نظرك على مطالبك – طالما مشروعة - و لا تتنازل عن أي منها.
            - لاتدع مبدأ الاكتفاء بمنتصف الطريق يجعلك تتخازل.
            كنت قد كتبت مقال منذ أكثر من عام يحتوي على قصة مشهورة هي قصة الضفدع الذي يعاني من الصمم الجزئي، ويقع في حفرة عميقة، فيحاول الخروج من الحفرة، وسط كلمات الاحباط من زملاءه الضفادع، ولكنه لأنه مصاب بالصمم الجزئي كان يظن صرخات التيأييس هذه هي صرخات مؤازرة وتشجيع، مما حفزه على بلوغ هدفه.
            وهذا هو المطلوب وأنت تثور على شيء ما سواء بداخلك أو من المتغيرات المحيطة بك، لا تلتفت لآراء الناس المحبطة، أو التي تستنكر نبل قضيتك، أو محاولة تلفيق أهداف أخرى أنت لا تقصدها مطلقاً بل ركز هدفك على ما تريد بدقة، ولا تتنازل عنه مطلقاً، لا تدع آراء الناس تحبط من عزيمتك، مهما كانت تلك الآراء سلبية في حقك. هذا مهم لكي تنجح في ثورتك
            في النص الذي ذكرته في أول هذا الفصل ذكرت عن تلك العداوة بين أولاد الله، وبين العالم، لذلك دائما يترجم أولاد العالم ما يفعله أولاد الله ترجمة غير حقيقية، ولكننا لا نسلك طكعا في إرضاء أحد، ولكن القضية دائما هي الله، والله أعطانا قواعد للحياة، لابد أن نسير فيها، وإذا كنا لا نسير فيها، ينبغي علينا أن نثور على أنفسنا لنطيع الله في هذا الموضوع، مهما كانت انطباعات الناس، لكن علينا أن نثور على أنفسنا ونحقق مقاصد الله في حياتنا. الأمر أصعب من ثورة 25 يناير، لأن المباديء الالهية أقوى وأصعب. وأيضا المفشلين أقوى وأشد من هؤلاء الذين حاولوا تعطيل الثورة، ولكن الله وعد بروح الحق المعزي الذي يؤازرنا ويعطينا القوة والقدرة لكي نسير وفق مشيئة الله، فهل نستغل هذا العامل المساعد؟
            حينئذ، بالتأكيد ثورتنا ستنجح.

            تابعني
            أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
            Emad Hanna

            تعليق


            • #7
              رد: من وحي الثورة (1) ثورة تجعلنا تفكر

              7- الورد اللي فتح في جناين مصر

              " أَنَا لِحَبِيبِي، وَإِلَيَّ اشْتِيَاقُهُ تَعَالَ يَا حَبِيبِي لِنَخْرُجْ إِلَى الْحَقْلِ، وَلْنَبِتْ فِي الْقُرَى لِنُبَكِّرَنَّ إِلَى الْكُرُومِ، لِنَنْظُرَ: هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ؟ هَلْ تَفَتَّحَ الْقُعَالُ؟ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ هُنَالِكَ أُعْطِيكَ حُبِّي اَللُّفَّاحُ يَفُوحُ رَائِحَةً، وَعِنْدَ أَبْوَابِنَا كُلُّ النَّفَائِسِ مِنْ جَدِيدَةٍ وَقَدِيمَةٍ، ذَخَرْتُهَا لَكَ يَا حَبِيبِي" (نش7: 10-13).

              قرأت على الانترنت تلك القصة التي لا أعرف لها مرجعية، تقول أن أحد الملوك العظماء كان في رحلة صيد، واصطحب معه صقره الخاص، كان الجو شديد الحرارة مما جعل الملك يبحث عن الماء، ليجد في النهاية صخرة ينساب منها الماء، وعندما ملأ كوبه انقض الصقر على الكوب ليوقعه، فيسب الملك الصقر ويبدأ من جديد، ويكرر الصقر فعلته، وتتكرر هذه العملية حتى استشاط الملك من هذا الصقر ومد يده بسيفه ويقتل الصقر، ويصعد بنفسه ليشرب من الماء أعلى الصخرة، ليجد ثعبان ضخم ينفث سمه في الماء الذي كاد يشربه ... لقد مات الصقر لكي ينقذ الملك الذي أحبه. أنه الثمن الذي دفعه ليبقي مليكه حياً.
              وثورة مصر على الرغم من أنهم يسمونها الثورة البيضاء، لأنهم أرادوا أن تكون ثورة سلمية، ليس بها حروب أهلية، ولا فتن طائفية، ولا شعارات دينية، كانت كلها تخص ذلك الكيان الذي نعيش فيه، مصر. إلا أنهم لم ينجحوا في أن تمر الثورة بدون ثمن يُدفع
              فعلى الرغم من كونها بيضاء، إلا أن من مات فيها أكثر من 300 شخص!! هذا غير بضعة آلاف من المصابين، أو الذين ماتوا ولم يسجل أهاليهم أن الثورة هي سبب الوفاة، وقد خرج الأعلام المصري بعد نجاح الثورة وتكلم عن الورد الذي فتح في جناين مصر، ويقصد هؤلاء الذين ماتوا لكي يتغير ذلك الكيان الاعتباري الذي نعيش فيه، مصر.
              في الواقع لا يمكن أن يكون هناك تغيير بدون دفع الثمن، فأنت تغير الفاسد، ولكن هل سيدعك الفاسد تغيره بدون اعتراض؟! انك تهدد وجوده وكيانه ولابد أن يدافع لأقصى درجة عن ذلك الكيان، ولذلك لابد أن يلحق بك الخسائر.
              لذلك وأنت تصنع الثورة ضد الكيان الذي تعيش فيه – نفسك - لابد أن تجهزنفسك انك سوف تميت أشياء في حياتك، وهذه الأشياء أنت تحبها، بل أنت تفعل ذلك عن قصد حتى تنجح ثورتك ضد كيانك الفاسد.
              هؤلاء الشباب خرجوا سعيا وراء التغيير، ولكن لكي يحدث التغيير فقدوا حياتهم، هذا ثمن نفيس دفعوه، ويذكرني بعذراء النشيد التي قررت أن تحتفظ بكل النفائس للحبيب لكي تقدم لها محبته" أَنَا لِحَبِيبِي، وَإِلَيَّ اشْتِيَاقُهُ تَعَالَ يَا حَبِيبِي لِنَخْرُجْ إِلَى الْحَقْلِ، وَلْنَبِتْ فِي الْقُرَى لِنُبَكِّرَنَّ إِلَى الْكُرُومِ، لِنَنْظُرَ: هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ؟ هَلْ تَفَتَّحَ الْقُعَالُ؟ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ هُنَالِكَ أُعْطِيكَ حُبِّي اَللُّفَّاحُ يَفُوحُ رَائِحَةً، وَعِنْدَ أَبْوَابِنَا كُلُّ النَّفَائِسِ مِنْ جَدِيدَةٍ وَقَدِيمَةٍ، ذَخَرْتُهَا لَكَ يَا حَبِيبِي" (نش7: 10-13).
              لنرجع الى ثورتنا ضد ذلك الكيان الذي نعيش فيه، نفوسنا، نحن نريد أن نقتل الفاسد بداخلنا، لكي نصحح اتجاهاتنا، فماذا نفعل؟ لابد لنا من عملية الاستغناء هذه، تقديم النفس بالكامل يستدعي ببساطة التخلص من صداقات، أو عادات، أو أماكن كنا نذهب اليها. ربما تقول لي أن هذه الأشياء سيئة لماذا تقارنها بهؤلاء [الشهداء] الذين فقدوا حياتهم في ميدان التحرير وغيره، أقول لك أنه ليس كل ما سوف تستغنى عنه سيء.
              فصديقك الذي تحبه منذ عهد الطفولة هو أيضاً يحبك ويريد لك الخير الذي تظنه، لقد أعتدت أنت وهو لممارسة أشياء ممتعة، وسيكون من الصعب عليك أن تمتنع عن عمل تلك الأشياء وأنت في صحبته، سيكون عليك أن تضحي به في جراء ثورتك ضد نفسك. ربما تحاول في البداية أن تكون ناصحاً له لكي يسير معك في طريقك، ولكن تكتشف مع الوقت أنه لا يريد أن يترك طريقه، فأصبح طريقك وطريقه لا يتفقان ولابد من الافتراق.
              عادات أنت تتمتع بها، مثل الانترنت مثلا الذي تفتحه كل يوم في وقت واحد، وتدخل صفحات تعودت أن تدخلها بتلقائية، وتساهم هذه الصفحات في إفساد نفسك، ربما عليك أن تتخذ قرار بقطع الانترنت فترة طويلة حتى تنسي تلك الصفحات التي تدخلها بهذه التلقائية، وقبل أن ترجع ثانية ربما أنت مضطر لفلترة جهازك، أو ربما لمسح أشياء كثيرة به، وتحدد لنفسك صفحات تكتسب بها عادات جديدة، انت تميت تلك العادات داخلك، هذا نتاج تلك الثورة التي تحدثها بنفسك.
              لن أذكر لك أمثلة أخرى، ولكن لا أريد أن تفهم من كلامي أن تلك الثورة التي تقودها بنفسك يمكن أن تنجح بقوتك الشخصية، هذا مستحيل أن ينجح، ولذلك شرح الرسول بولس الأمر قائلاً :" لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ، فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذلِكَ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي، وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ، فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ"(رومية7: 15-19)، لذلك نحن شبهنا هذا الأمر بالثورة، لأن الفساد قابع داخلنا، ويحتاج الامر أن نميت شيء أكبر من مجرد صداقات أو عادات، الامر يحتاج أن نميت أنفسنا.
              وهذا أيضاًً يشرحه الرسول بولس فيقول لنا " مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." (غلاطية2: 20).
              إذا الورد الذي ينبغي أن يفتح في الجناين لتنجح ثورة نفسك، هي نفسك ذاتها، اركع وصلي، أطلب من الله أن يستلم حياتك، فتستطيع أن تقول مع المسيح صلبت، وهذا هو ما تقدمه لكي تنجح ثورتك.
              ربي والهي
              اعلم أنك تشير إلى كل فاسد داخل حياتي
              أعترف لك أني حاولت بقوتي الشخصية أن أغير من ذلك الفاسد
              ولكن كان ذلك الفاسد أقوى مني
              كنت أفعل ما لااريده
              حاولت كثيراً ولم يبقى الا أن أطمع في قوتك أنت
              ها أنا أضع ذاتي بين يديك
              اسلمك حياتي
              راضيا ان تصلب تلك الحياة لكي تحيا انت في
              حينئذ تنجح تلك الثورة في داخلي
              وأقول مع بولس: فأحيا لا أنا بل المسيح في
              وأغني مع عروس النشيد: كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يارب.

              يتبع
              أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
              Emad Hanna

              تعليق

              من قاموا بقراءة الموضوع

              تقليص

              الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                معلومات المنتدى

                تقليص

                من يتصفحون هذا الموضوع

                يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                  يعمل...
                  X