إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تأملات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تأملات

    سعيد حقاً هو الإنسان الذي يسعى بإخلاص لأن يعرف إرادة الله لحياته، وبعد أن يعرفها أن يتممها بفرح وليس على مضض، ويقول حقاً لله: لتكن مشيئتك، لأن إرادة الله هي خير ما يمكن أن نحصل عليه في الحياة، كما يقول الرسول بولس في رسالة أفسس: ”من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب“ (أفسس 17:5). والجميل أن للرب في حياتنا مشيئة وله فيها خطة، كما قال أيضاً بولس: ”لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدّها لكي نسلك فيها“ (أفسس 10:2). وأيضاً مكتوب: ”مِن قِبَل الرب تتثبّت خطوات الإنسان وفي طريقه يُسرّ“ (مزمور 23:37). وفي سفر الأعمال يقول عن التلاميذ: ”وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه“ (أعمال 2:13). والجميل أيضاً أن الرب على استعداد أن يعلن لنا هذه المشيئة ”أعلّمك وأرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك عيني عليك“ (مزمور 8:32)؛ ”أنا الرب إلهك معلّمك لتنتفع وأمشّيك في طريق تسلك فيه“ (إشعياء 17:48). ومشيئة الرب لحياتنا ليست مشيئة جامدة، لكنها ديناميكية يعلنها لنا خطوة خطوة، ونتعرف عليها يوماً بعد يوم كمخطوطة تُسرد أمامنا لنقرأها تدريجياً.
    ولكن، كيف نعرف هذه المشيئة؟
    كلنا يتمنى لو كانت لنا جزّة جدعون التي نقرأ عنها في سفر القضاة الأصحاح السادس حين أراد جدعون أن يعرف مشيئة الله من جهة حربه ضد المديانيين. وضع جزة في البيدر وقال لله إن كنت سوف تعينني في الحرب وتنصرني فلتكن الجزة مملوءة ماء بينما البيدر يظل جافاً. إن رأيت هذا عرفت إرادتك أنك تريدني أن أحارب، وفعلاً في الصباح وجد الجزة مليئة بالماء والبيدر وجده جافاً، ولم يُرد جدعون أن يترك مجالاً للصدفة فأراد أن يفعل الشيء ذاته بصورة عكسية وقال جدعون للرب: هذه المرة إن كنت تريدني أن أحارب فلتبقَ الجزة جافة بينما البيدر يكون مليئاً بالماء، وقد حدث في الصباح ما طلبه جدعون. فعرف جدعون مشيئة الرب.
    ونحن - إن لم تكن لنا هذه الجزة - لنا ما هو أفضل منها! لنا كلمة الله التي تعلن لنا مشيئة الله.
    الوسيلة الأولى
    فأول طريق به نعرف مشيئة الله هو من خلال كلمة الله. وفي كلمة الله أوامر إيجابية واضحة، كما نقرأ في إنجيل مرقس: ”وقال لهم [يسوع] اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها“ (مرقس 15:16). ونقرأ أيضاً: ”لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكراً بين إخوة كثيرين“ (رومية 29:8). مشيئته الواضحة إذاً هي أن نكرز بالكلمة وأن نكون مشابهين صورة ابنه. وهناك في كلمة الله أوامر سلبية: ”لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟“ (2كورنثوس 14:6-15). هذا أمر سلبي واضح، لكننا نحاول كثيراً أن نهرب منه وأن نبرر زواج مؤمن بغير مؤمنة أو العكس مدّعين أننا نتمّم مشيئة الله بدعوى أننا نعمل على اجتذاب غير المؤمن إلى المسيح. دعونا لا نخدع نفوسنا بل نتمم أوامر ووصايا الله. ولا نقرأ الكلمة عشوائياً، أو نستخدمها كتعويذة أو لاستطلاع الطالع. وعلينا أثناء قراءة الكلمة لمعرفة مشيئة الله أن نفرّق بين أمرٍ عام وأمر خاص صدر في زمن معين ولمناسبة معينة. فالأمر الذي جاء لبني إسرائيل أن يدخلوا أرض الموعد وأن يقتلوا كل من فيها، لم يكن أمراً عاماً للإنسان في كل زمان ومكان.
    فماذا إذاً عن الأمور التي ليست واضحة في كلمة الله؟
    إن كنا نطلب مشيئة الله ولا نجد لها أمراً واضحاً في كلمة الله، فماذا نفعل حينئذ؟
    أقول إن هذه الأمور سيعلن لنا الله مشيئته فيها إن كنا على استعداد وقد عزمنا أن نخضع لهذه المشيئة حين يعلنها لنا، كما قال المسيح: ”إن شاء أحد أن يعمل مشيئته [أي مشيئة الله] يعرف التعليم هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي“ (يوحنا 17:7). وإن كنا مطيعين لما نجده في كلمة الله، فالله سيعلن لنا ما لا نجده في كلمته.
    الوسيلة الثانية
    أن نعرف مشيئة الله في الصلاة، لكن ليس أن نجعل الصلاة حديثاً مستمراً من ناحيتنا أو تقليداً أو عادة، لكن نصلي بثقة ثم نصمت أمامه وننتظره أن يعلن لنا مشيئته.
    الوسيلة الثالثة
    هي إحساسنا بالسلام الداخلي والاستراحة الداخلية، ”وليملك [أي ليحكم] في قلوبكم سلام الله الذي إليه دعيتم في جسد واحد وكونوا شاكرين“ (1كورنثوس 15:3). لكن علينا أن نحذر ألا نخدع نفوسنا فنتصوّر أننا في سلام بينما الأمر الذي نعمله لا يمجد الله.
    الوسيلة الرابعة
    هي مشورة الإخوة كما قال سليمان الحكيم: ”طريق الجاهل مستقيم في عينيه، أما سامع المشورة فهو حكيم“ (أمثال 15:12). وعلينا أيضاً أن نكون على حذر، فمشورة الله لإنسان ما قد لا يعلنها لإنسان آخر كما هو مكتوب في إنجيل يوحنا عندما ”التفت بطرس ونظر التلميذ الذي كان يسوع يحبه يتبعه... فلما رأى بطرس هذا قال ليسوع: يا رب. وهذا ما له؟ قال له يسوع: إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجيء فماذا لك؟ اتبعني أنت“ (يوحنا 20:21-22).
    الوسيلة الخامسة
    هي الأحداث التي حولنا، فالله أحياناً يغلق أبواباً لا يريدنا أن ندخل منها، ويفتح أبواباً يريد أن يوجهنا إليها، لكن علينا أيضاً أن نكون على حذر، فيونان جاءته الدعوة وجاء الأمر أن يذهب إلى نينوى، ولما خرج ليهرب من الله وجد سفينة متجهة إلى ترشيش.
    الوسيلة السادسة
    هي معرفة مشيئة الله من خلال العقل والمواهب والتكوين الشخصي، لأن الله الذي خلقنا لأعمال صالحة قد سبق فأعدّها لنسلك فيها قد أعطانا عقولاً ومواهب لنتمم بها هذه الأعمال، فعقولنا ومواهبنا إن أخضعناها لله فإنه يمكن أن تقودنا لمعرفة مشيئة الله. وعلى كل حال فإن كلمة الله تؤكد لنا أن إرادة الله هي ”... أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون“ (1تيموثاوس 4:3). وإرادته أيضاً أن نكون قديسين ”لأن هذه هي إرادة الله قداستكم..“ (1تسالونيكي 3:4).
    وهو يريدنا أن نكون معه، قال المسيح للآب: ”أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم“ (يوحنا 24:17)، له المجد آمين
    .


    عزيزى يسوع حياتى
    فضلت تجميع كل التأملات فى موضوع واحد لكى يكون موضوع متكامل وعدم كثرة المواضيع التى فى نفس السياق
    شكرا على تفهمك
    الشيخ
    التعديل الأخير تم بواسطة الشيخ; الساعة 20-02-09, 02:27 PM.

  • #2
    يونان والخدمة المثمرة

    فآمن أهل نينوى بالله ونادوا بصومٍ ولبسوا مسوحاً من كبيرهم إلى صغيرهم (يون 3: 5 )



    يا لها من مفارقة بين صخب وضجيج خطط الإنسان الفاشلة، وبين انتعاش هادئ بالنعمة يعمله الله في الشعب. ولكن لا يكون الانتعاش إلا بداية بمؤمن يشعر بالحاجة والحالة، ويغير لمجد الرب، وتكون له المشاعر المتطابقة لمشاعر الرب نحو كنيسته. وقد كان يونان مثلاً لما نريد أن نقوله. فقد كان أعظم مَنْ قدَّم رسالة مؤثرة ضد الدنس والشر، وبالرغم من أنه نادى بالتحذير في وسط أهل نينوى الأشرار جداً وكان يحمل لهم رسالة انتقام وقضاء من الله ـ وهي رسالة غير مرغوب فيها وغير مُرَّحب بها ـ ولكن كلماته البسيطة أثمرت نتائج مُدهشة وعجيبة «فآمن أهل نينوى بالله، ونادوا بصوم، ولبسوا مسوحاً من كبيرهم إلى صغيرهم. وبلغ الأمر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد. ونودي وقيل في نينوى عن أمر الملك وعظمائه قائلاً لا تَذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئاً. لا ترع ولا تشرب ماء. وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم. لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك» (يون 3: 5 -9).
    والسؤال الآن: لماذا كان هذا التأثير غير العادي لهذه الرسالة؟ أليس لأن ذاك الرجل يونان الذي نادى وقال بعد أربعين يوماً تنقلب نينوى، هو نفسه قد نادى برسالته هذه بعد اختبار اجتازه هو، فعرف قضاء وصرامة الرب. ألم يختبر هو انقلاباً بنفسه وتعلم الدرس حين أدرك اختبارياً ماذا يعني أن يُطرح الإنسان من وجه الرب، حين صرخ من جوف الحوت وقال «أحاط بي نهر. جازت فوقي جميع تياراتك ولججك. فقلت قد طُردت من أمام عينيك» (يون 2: 3 ،4).
    لقد كانت مرارة هذا الاختبار ناراً تتقد داخله بطريقة لم يختبرها من قبل ولا يمكن له أن ينساها، وكان لذلك هذا التأثير المبارك لرسالته عندما نادى لأهل نينوى. وعندما نادى يونان بهذا النذير على نينوى كان للنداء القوة والتأثير والفاعلية والسرعة الآتية من فوق أكثر جداً من تأثير الكلمات.
    دعونا أيها الأحباء نعي ونفهم درساً اختبارياً واحداً في مدرسة الرب، بدل أن نفتخر بالكمية الكثيرة من المعرفة بطريقة سطحية
    .
    التعديل الأخير تم بواسطة الشيخ; الساعة 20-02-09, 02:28 PM.

    تعليق


    • #3
      الابن المعاند والمارد

      إذا كان لرجل ابن معاند ومارد ... يُمسكه أبوه وأمه ويأتيان به إلى شيوخ مدينته ... فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت (تث 21: 18 -21)



      بالرغم من الحقيقة الدامغة أنه "لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رو 3: 22 ،23)، وتبرهنت حالة الإنسان الساقط وهو في حالة التمرد والعصيان على الله وعلى السلطة المُعطاة منه للوالدين (رو 3: 22 ،17)، بالرغم من كل هذا لا نقرأ أن شريعة الابن المعاند والمارد قد طُبقت أو نفذت ولا مرة واحدة في كل العهد القديم!! لقد أشفق كل أبٍ على ابنه.

      وهل يكتب الله شريعة يعلم أنها لن تُستخدم؟ حاشا .. فإن كان الروح القدس قد أملى على موسى هذه الشريعة، فلقد كان أمامه "أبٌ آخر وابن آخر"؛ الآب "الذي لم يُشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين" (رو 8: 32 )، الآب الذي قدَّم ابنه الوحيد على الصليب في الجلجثة.

      والذي يدعو إلى التعجب والدهشة، وأيضاً إلى السجود والخشوع، هو أن هذا الابن، الذي لم يُشفق أبيه عليه، هو الوحيد الفريد الذي ما كان قط مارداً ولا معانداً، حاشاه! لقد عاش على الأرض حياة هي إنسانية في كل شيء ما خلا الخطية، وكانت كل خطوة في حياته تحمل الشهادة لمحبته الكاملة لأبيه، وتشهد لمجده الأدبي الذي لم يكن ممكناً له أن يُستتر. لقد تميَّز طريقه بالخضوع التام لإرادة أبيه، وأطاعه في كل شيء، واستند عليه في كل شيء.

      فلماذا إذاً لم يشفق الله على ابنه؟!
      الإجابة التي تُظهر نعمة الله بلمعان هي أن الله بذل ابنه لأجلنا وقدَّمه كفارة لخطايانا. نحن أخطأنا وأثمنا وفعلنا الشر، وكنا بعدل نستحق الموت والعذاب الأبدي، ولكن الله "بذل ابنه الوحيد" ليكون بديلاً عن المارد والمُعاند، بديلاً عن السكير والمُسرف "كلنا كغنم ضللنا، مِلنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا" (إش 53: 6 ).
      نعم، أيها الأحباء، لم يشفق الله على ابنه، بل سلَّمه إلى شيوخ مدينته، مدينة أورشليم، وهؤلاء بدورهم، إمعاناً في القسوة والإهانة وإظهار الكراهية له، سلَّموه إلى الرومان، لا ليرجموه، بل ليصلبوه، ليقتلوه مُعلقاً على خشبة (تث 21: 22 ،23 قارن غل3: 13،14). ويا له من مشهد يستحضر أمامنا محبة الله في بذل ابنه، كما يستحضر أمامنا طاعة الابن الكاملة!

      تعليق


      • #4
        فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح

        --------------------------------------------------------------------------------

        كتب بولس وهو في السجن رسالة لأهل فيلبي أشار فيها إلى اهتمامات عديدة في الكنيسة الناشئة، ثم طلب منهم أن يلاحظوا شيئاً واحداً هاماً جداً في حياة المؤمنين عبر عنه بقوله
        "فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح"
        ما أشد حاجتنا نحن المؤمنين في العصر الحاضر إلى نفس الوصية
        إن كلمة "فقط" تعني أن شيئاً واحداً يجب ملاحظته ملاحظة خاصة.
        وكأنه يقول يا أعضاء الكنيسة بماذا تهتمون؟ بالمواعظ الرائعة! بجوقات الترانيم! بالنشاط الاجتماعي! كل هذا حسن – قد يكون نافعاً لبعض الناس وقد يؤدي إلى انتشار البشارة بالمسيح. لكن الذي يؤثر في العالم أكثر، والذي يجذب الناس إلى المسيح أكثرهو حياتكم التي يراها الناس في الأيام الأخري.
        ويمكننا أيضاً أن نعتبر كلمة فقط ليس في اهتمامات الكنيسة فحسب، بل في الاهتمامات الشخصية أيضاً. فماذا تهتم! بإرضاء الرؤساء في العمل والتضحية بالمبادئ في سبيل الكسب! هل يقلقكم غلاء المعيشة واحتمال التعطل عن العمل واحتمال المرض، ومئات الاحتمالات الأخري؟ لا تهتموا. اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره. في كل ظروف الحياة المختلفة تحتاجون إلى شيء واحد تلاحظونه – فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح.
        وما هو إنجيل المسيح! إنه بشارة الخلاص لكل من يؤمن. إنه بشارة التحرر من استعباد العالم الشرير. إنه بشارة المحبة لجميع الناس. كتب بولس لتلميذه تيموثاوس يقول: "لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرف، في المحبة، في الروح، في الإيمان، في الطهارة".
        وهو يقول لنا اليوم في عبارة واحدة موجزة "فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح".
        ربي يسوع
        لست اعلم ما تحملة لي الايام
        لكن سيدي الحبيب يكفيني شئ واحد
        ثقتي انك معي تعتني بي وتحارب عني

        تعليق


        • #5
          المسيح قام حقا قام

          نشير بداية إلى أن صليبَ المسيح وقيامتَهُ من بين الأموات وما تبعهما من أحداث، هي أحداث جلية وثابتة، لا سبيل فيها للاجتهاد، ولا تحتمل الظن أو الإبهام، ويكفي أن نذكر أنها مدعومة بوضوح من آيات الوحي سواء في أسفار التوراة السابقة لميلاد المسيح أو أسفار الإنجيل، ولم تواجه في التاريخ بأي تناقضٍ أو خلاف في التفسير، فهي من ثوابت الحياة المسيحية . فعندما نتحدَّث عن الصليب أو القيامة نحن نتحدَّث عن وقائع موثقة بوثائق نبوية سبقت ميلاد المسيح وأنبأت بكلّ ما يتعلق بحياته ورسالته من ميلاده إلى لحظة صعوده إلى السماء أمام تلاميذه وفي وضحٍ من النهار. فليست هناك مشكلة في إثبات ما نؤمن به بخصوص صليب المسيح وقيامته ولا يحق لأي كان أن ينقض أو يلغي ما نستند عليه .

          أولاً: من الملاحظ أن الأناجيل الأربعة متى ومرقس ولوقا ويوحنا التي تشكِّل كامل إنجيل المسيح، جميعها تشهد لأحداث الصلب، وجميعها تلقي الضوء على حدث القيامة بتفاصيله الدقيقة.
          بعد الأناجيل الأربعة يأتي سفر أعمال الرسل، وما تبعه من أسفار الوحي، وهذه جميعها أيضاً تشهد وتؤكد على صحة الأحداث الخاصة بالصليب وبالقيامة، وتلقي مزيداً من الضوء على معنى الصليب، ولماذا صلب المسيح، وعلى القيامة، وما تعنيه قيامة المسيح في عمق المسيحية. فمسيحياً الأمور واضحة لا لبس فيها، ونتمنى أن تكون كذلك لدى غيرنا .
          ثانياً: قيامة المسيح من القبر بعد صلبٍ مؤكد وموت محقق،غرست في قلوبنا العزة والابتهاج لانتمائنا إلي مسيح حيّ لا مكان له بين الموتى، ولا مقر له بين القبور، ونحن اليوم وعلى مدى التاريخ كله عندما نصلي ونخاطبه في صلواتنا، فهو يسمعنا ويستجيب لنا، لأنه حي، وهو حيّ بطريقة مميزة تختلف عمّا يقال عن الموتى الأحياء عند ربهم في عالم الخلود.
          ثالثاً: قيامة المسيح أكدت لنا وللعالم اجمع حقيقة يتساءل عنها الناس وهي: هل من حياة بعد الموت؟! فها هو المسيح مات ودفن وقام في اليوم الثالث وعاد حياً، فهو بذلك قدّم البرهان القاطع الذي أثبت فيه بأن الموت ليس هو الفناء كما يتوَّهم البعض. وعندما مات المسيح، ذهب إلى عالم الأموات، وصرف وقتاً كافياً للتأكيد على موته، ثمّ عاد من جديد وقام ليؤكِّد لأتباعه أن الطريق آمن، وأن عبور هذا النفق المعتم الذي يسمُّونه الموت هو عبور مأمون، ينتهي إلى حياةٍ أفضل في عالم الخلود للمؤمن الذي اغتسل بدم المسيح فتصالح مع الله. فقد أشار داود النبي إلى هذا في مزاميره، إذ قال: ”أيضاً إذا سرت في وادي ظلّ الموت، لا أخاف شرَّاً، لأنك (يا الله) أنت معي“. أنت رفيقي في دربي، تحملني إلى الشاطئ الآخر حيث النور والحياة الدائمة.
          دخل مؤمن تقي على أخيه وهو في حالة الاحتضار، فلما رآه شاحب الوجه بكى... فرد عليه ذاك وقال: لا تزعجني فأنا أسير في الطريق الملوكي!
          وعندما توفي أخوه رثاه بقصيدة قال في مطلعها:
          لولا الرجا بقيامة الأموات
          ما كنت أكفكف دمعي أو أتجلد

          رابعاً: بقيامة المسيح من بين الأموات تمت أول نبوة أشارت إلى المسيح وردت في سفر التكوين الأصحاح الثالث والآية الخامسة عشر عن ابن المرأة الذي سيسحق رأس الحية، والحية كانت الشيطان، وكان الصليب هو المطرقة التي سحقت رأس الشيطان، ولذا فالشيطان يرتعب من ذكر الصليب، لأن الصليب صار مفتاح الحياة للذين يلجأون اليه، والشيطان عدوّ الصليب وعدوّ الحياة، ذلك لأن الصليب أنجز عملية المصالحة بين الله والإنسان، وبعد الصليب جاءت القيامة لتؤكِّد على صدق رسالة الصليب، إذ بالصليب دفع المسيح ثمن مصالحتنا مع الله بدمه.
          خامساً: صلب المسيح ودفن، ثمّ قامت السلطات الرومانية بوضع حجرٍ كبيرٍ على باب (غرفة) القبر وأقامت عليه الحرّاس، وفي اليوم الثالث كان فجر الأحد حين هبط ملاكان من السماء على باب القبر، ودحرجا الحجر، وقام المسيح بمجدٍ تحفّ به الملائكة كما حفَّت به عند ولادته. فهم دوماً بخدمته.. فارتعب الحرّاس وصاروا كالموتى. وفي ذات الوقت، بينما معظم الناس نياماً عند الفجر، جاءت بعض النسوة المؤمنات وبينهنَّ مريم المجدلية، حاملات الطيب لينثرنه على جسده إذ كان القبر مغارة محفورة في سفح صخرة يسهل الوصول فيها إلى حيث الميت... وكن محتاراتٍ في الطريقِ في مَنْ يُمكن أن يُدَحْرج لهنّ الحجر عن باب القبر. وعندما وصلن إلى ساحة القبر، ذُهلن إذ وجدن أن الحجر قد دُحْرج، وبدا القبر فارغاً في الداخل، وبينما هنَّ يَتَلَفّتْنَ هنا وهناك محتارات، ظهر لهنّ ملاك وفاجأهنَّ بسؤالٍ محيِّر: "لماذا تطلبن الحيّ بين الأموات! ليس هو ههنا، لكنه قام"!
          قارئي الكريم، كلمات الملاك هنا ليست مجرّد سؤال، بل إعلانُ قرار! والقرار، ربما لم تستوعبه النسوة فور سماعه، بسبب رهبة الموقف من جهةٍ وتراكم الأحداث المتتابعة من جهةٍ أخرى. ولكن بالنسبة لنا نحن اليوم، فالرسالة واضحة تبعثُ فينا نشوة النصر. فنحن ننتمي إلى سيّدٍ حيّ صرع الموت في عقر داره وقام غالباً، وحطَّم وحشة القبر، ولم يعد بين سكان القبور.

          سادساً: المسيح قام - حقاً قام !
          ولذا فهو حي، والحيّ طليقٌ حرٌ يتحرّك ويتنقّل، ويقوم بمهامه كما يريد. ولأنه حيّ فبعد أربعين يوماً من قيامته، أخذ قراره وغادر أرضنا صاعداً إلى السماء، وهذا لم يكن في خيال تلاميذه، بل على مرأىً من الأحد عشر منهم وفي ضوء الشمس. فالمسيح الآن هناك بكامل هيئته التي عاش بها على الأرض، لكنه سيأتي أيضاً ثانيةً إلى هذه الأرض لأنه حي، فالحيّ يذهب ويجيء كما يشاء وفي أي وقت شاء، وسيأتي، وكلنا في شوق لرؤياه.
          فهو قبل صعوده سبق وأشار إلى أنه سيصعد إلى السماء، وقال لأتباعه أن له عملاً سيقوم به هناك، فقال: أنا ذاهب لأعدَّ لكم مكاناً، ومتى ذهبت وأعددت المكان آتي أيضاً وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً. يقول: "آتي أيضاً وآخذكم إليَّ"، هذه إشارة منه إلى ما نسميه "بالاختطاف". فالمسيح في مجيئه الثاني سيأتي ليختطف المؤمنين من الأرض أحياءً كانوا أم راقدين في مشهد عجيب ليرتفع بهم على سحاب المجد، هذه عملية تحدَّث عنها الإنجيل بوضوح.
          والمستغرب بان بعض الذين يتحدّثون عن المجيء الثاني للمسيح يتحدّثون وكأنهم يشيرون إلى مسيح آخر غير الذي نعرفه، ونحن عندما نتحدث عن المسيح في مجيئه الثاني نعتمد مصادر الوحي وليس أفكار الناس أو اجتهاداتهم أو تخيلاتهم، بل ما يحكمنا هو النص الكتابي الصريح والواضح في أسفار الوحي.
          كلمة أخيرة أهمسها في أذن كلّ من يهمه الأمر: مسيحٌ بهذِهِ الأوصاف، وبهذا الجلال لا نبادله بأحد آخر! فهو ليس للمبادلة، ولا نقبل بغيره أحداً، فالذين خلعوا عنهم ثوب المسيح واستبدلوه بغيره استبدلوا الربح بالخسارة فتعبوا وتأوَّهوا، وكثيرون ندموا لأن الصفقة الخاسرة أوهمتهم بأحلامٍ ظهرت فيما بعد بأنها سراب جرَّ وراءه اليأس والمرارة والضياع.
          ولعلّ الوقت اليوم يشكِّل فرصة للتائه أن يعود.. قد عاد البعض من الذين نعرفهم حق المعرفة، وبالمناسبة نهنئهم على سلامة الوصول، ومن عاد من هؤلاء إخوة أو أخوات ففي العودة ربح، وطريق العودة قد يحمل من الأشواك ما يدمي، ولكن في العودة استعادة لإكليل سقط وتغبّر. انفضوا عنه الغبار وعودوا.
          كان توما من بين الذين تعثروا ففشل وغاب وانعزل عن رفاقه في المسيح... لكنه عاد وقبله المسيح من جديد. وأقول للبعض الهارب من الحظيرة، متى تعود؟!

          ومتى تعودين؟! عودوا ففي العودة ربح.. وكما قال يسوع: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه".

          تعليق


          • #6
            مشاركة: الابن المعاند والمارد

            فعلاً ان محبة المسيح لنا هي من نوع آخر غير الذي نراه في احبائنا او اصدقائنا او في محيطنا اذ هي سامية عجيبة فائقة ، لا تحد بطول أو عرض ، بعمق او ارتفاع، انها محبة اذا ما تأملت بها سبت قلبك ، وجذبتك وغمرتك بافراح مجيدة مباركة. بهذه المحبة عينها ترك مجد السماء واتى الى ارض الشقاء لكي يفتقد سلامتنا ويصنع معنا احسان الله ويذهب الى صليب العار ، البار من اجل الأثمة وهو الذي علّمنا قائلاً من ضربك على خدّك الايمن حوّل له الآخر ، هناك على الصليب لم يكتف بأن يحوّل الخد الآخر بل بذل ظهره للضاربين وخدّيه للناتفين ، بذل جسده كله لهجمات ولكمات وطعن الحاقدين ،وقد احتمل كل هذا من اجل السرور الموضوع امامه وهو اعادة مجد الله المسلوب وخلاصنا نحنا الذين كنا في الظلمة وظلال الموت . تبارك اسم سيدنا الغالي يسوع المسيح الأبد. آمين.

            تعليق


            • #7
              مشاركة: المسيح قام حقا قام

              شكرآ يسوع حياتي علي التأمل الجميل والموضوع ربنا يباركك

              تعليق


              • #8
                مشاركة: معرفة أرادة الله

                احداث كتيرة الواحد بيواجهه في حياتة اليومية بأنة بيستخدم مشيئتة الشخصية وبيعتبر رائية هو الصح ومش بيصلي او يحط الموضوع امام ربنا بس بيعتمد علي التحديات اللي قدامه وانه ازاي يتعامل معاها عن طريق سيره فالحياة وفعلآ في النهاية بنشوف ان الموضيع بتفشل لانها بعيد عن ارادة الله ومشيئتة فلا ننسى قول الرب "إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يوحنا 15: 7) فالثبات في المسيح معناهُ تثبيت النظر عليه وأن تُصبح أفكارهُ هي أفكارنا وأن تنعكس صفاتهُ الأدبية على حياتنا وأن نُصبح أكتر تشبُهاُ في الرب فحينئذٍ أفكارنا ورغباتنا وطلباتنا ستُصبح مُتفقة مع أفكارهِ ولرغباتهِ.


                حتى أعرف مشيئة الله يجب أن تكون أولاً عند الله الرغبة في إعلان مشيئتهُ لي، فما أروع الكلمات الآتية:

                1. تكوين 18: 17 "فَقَالَ الرَّبُّ: هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ "

                2.يوحنا 15: 15 "لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي."

                3.مزمور 32: 8 "أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ"

                4.مزمور 25: 14 "سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ."

                وشكرآ علي الموضوع يسوع حياتي والرب يباركك

                تعليق


                • #9
                  من المذنوبية الى السلام

                  يا معلم، هذه المرأة أُمسكت وهي تزني في ذات الفعل، وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه تُرجم. فماذا تقول أنت؟ ( رو 1: 16 )




                  جماعة من الكتبة والفريسيين، في مظهر التقوى الخارجية، يصحبون معهم امرأة مُتهمة بالخطية ويقتربون من ساحة الهيكل، ليلقوا بأسيرتهم المرتعشة الخائفة أمام المسيح، ويشيروا بأنهم حضروا ليأخذوا رأيه.
                  كانت كلماتهم صادقة، ولم يكن هناك شك من جهة خطية المرأة، وكان الناموس واضحًا: «إن مثل هذه تُرجم». ولكن مَنْ يقوم بالتنفيذ؟! «مَن كان منكم بلا خطية فليَرمِها أولاً بحجر!»، هكذا أجابهم الرب. ولكن مَنْ يجسر أن يقول: ”أنا بلا خطية“؟! وإذا لم يكن هناك مَن يستطيع ذلك؛ فكل منهم تحت ذلك الحكم بعينه كما المرأة أيضًا، لأن «أجرة الخطية هي موت» ( رو 6: 23 ).
                  أنت تستطيع أن تقنع نفسك بأنك لست سيئًا جدًا، وحتى إذا وجدت هناك آخرين أسوأ منك بشكل ظاهر، ألا يصرخ ضميرك فيك بأنك لست بلا خطية؟ حسنًا، إذًا الموت هو الحكم النهائي: إن الله لا يكذب، وهذا حكمه القاطع. ولنتقدم خطوة أخرى: فإذا سمعنا مَن يقول بأن الله عادل فقط، فلا يمكن أن يكون هناك أمل. لكن الكتاب المقدس يقرر أنه «إلهٌ بارٌ (عادل) ومُخلِّصٌ» ( إش 45: 21 ). فهو يدين، ولديه القوة ليخلِّص أيضًا. ويبقى السؤال: هل يستطيع أن يسامح؟
                  «وبقى يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط». لقد كانت أمام ذلك الشخص الذي بلا خطية، وبالتالي الوحيد الذي له أن يرميها بحجر. هي طبقًا للناموس تستحق الدينونة، وهو وحده الذي له أن ينفذ هذا الحكم. لك المجد يا سيدنا المعبود، لقد قال لها: «ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا». إن هذا يكشف في شخصية مخلصنا عن حكمة عميقة، وعطفًا على الخطاة، مع كراهية شديدة للخطية، وإدراك فاحص بما في داخل قلب الإنسان.
                  إن سيدنا لم يعطها عفوًا تحت شرط؛ فهو لم يَقُل: ”ولا أنا أدينك إذا كنتِ سوف لا تخطئين“. كلا، بل أعطاها أولاً غفرانًا كاملاً عالمًا بأن ذلك سيعطيها قوة دفع لتجنب الخطية مستقبلاً. إذا شئت ـ عزيزي القارئ ـ أن تحصل على قوة ضد الخطية، عليك أن تؤمن بأن الله غفرها لك في المسيح، وبالإيمان بالمسيح وبعمله تتبرر مجانًا أمام الله على حساب دم ربنا يسوع الذي خرج منه وهو فوق الصليب، والذي به قد صنع الصُلح والسلام.

                  تعليق


                  • #10
                    ليس مثل الله

                    ليسَ مثلَ الله يا يَشُورُون. يركب السماء في معونتك، والغمام في عظمته ( تث 33: 26 )




                    «ليس مثل الله يا يَشُورون» ما أوقع تلك الكلمات إذ تصدر من شخص كموسى عرف الرب مائة وعشرين سنة منذ الطفولة إلى نهاية حياته. رأى عنايته به صغيرًا ولم يجد مثله إذ لم يستطع أبوه وأمه أن يحفظاه في البيت، ورأى قوته وآياته في أرض مصر، وشاهد أعماله وعجائبه في البرية حتى استطاع أن يتغنى في المزمور التسعين: «يا رب، ملجأ كنت لنا في دورٍ فدور». وهذا الإله يمتاز عن آلهة الأمم التي لها أعين ولا تُبصر، وآذان ولا تسمع. حقًا «لا مثل لك بين الآلهة يا رب، ولا مثل أعمالك» ( مز 86: 8 ).
                    «يركب السماء في معونتك» مَن الذي أنقذ الشعب من جيش المصريين الزاحف وراءهم؟ ومَن الذي أنقذه من أعدائه في البرية؟ ومَن الذي أنقذه من أعدائه سكان الأرض؟ أ ليس هو الرب الذي ركب السماء في معونة شعبه؟ مَن الذي أسقط أسوار أريحا المنيعة؟ هل هي قوة الأبواق التي في أيدي الكهنة؟ أ ليس هو الرب راكبًا السماء في معونة مختاريه؟ ونحن نرى في هذا تعليمًا ثمينًا مُشبعًا، فربنا يسوع المسيح بعد أن أكمل عمل الفداء ركب السماء لأجل معونتنا «بَعدَما صنع بنفسِهِ تطهيرًا لخطايانا، جَلَس في يمين العظمة في الأعالي» وذلك لأجلنا، لأجل معونتنا «لأنه في ما هو قد تألم مُجربًا يقدر أن يُعين المُجرَّبين» فقد ركب ربنا يسوع السماء، بل فوق جميع السماوات «لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا ... قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات» ( عب 7: 26 ) وهو هناك يظهر أمام وجه الله لأجلنا، ونحن نستطيع أن نستمد منه العون «فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونًا في حينه» ( عب 4: 16 ).
                    «والغمام في عظمته» ما أسرع النجدة التي يأتي بها الله إلى شعبه راكبًا الغمام «الجاعل السحاب مركبته، الماشي على أجنحة الريح» ( مز 104: 3 ) وهكذا فعل الرب مع الشعب في البرية، فقد قاده في مراحله راكبًا الغمام، وظلله من حرها ملتفًا بالغمام. وفي هذا أيضًا إشارة بديعة إلى المعونة الشاملة النهائية والرحمة التي يؤتى بها إلينا في مجيء ربنا يسوع المسيح حين «نُخطف جميعًا ... في السُحب لمُلاقاة الرب في الهواء» ونجد فيه أيضًا صورة إلى معونة إسرائيل المُستقبلة حينما يأتيهم الملك العظيم راكبًا الغمام في عظمته «هوذا يأتي مع السحاب، وستنظره كل عين» ( رؤ 1: 7 ).

                    تعليق


                    • #11
                      الأنسان الكامل

                      ..وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله (لو 23: 41 )



                      إن ربنا يسوع المسيح كان الإنسان الوحيد الكامل الذي وطأت قدماه هذه الأرض. وقد كان كاملاً في أفكاره، كاملاً في أقواله، كاملاً في أعماله. كل أوصافه كانت متناسبة ومتلائمة. فلم يتطرف قط في أمر، وكان جلاله باعثاً للرُعب، كما كان لطفه جاذباً للنفس. فالكتبة والفريسيون توبخوا منه بصرامة، بينما كان الخطاة والعشارون يدنون منه ليسمعوه. كل صفة من صفاته ظهرت في موضعها بدون أن تمس أو تعطل بقية الصفات.

                      ويمكننا مشاهدة ذلك في كل دور من أدوار حياته. فقد أظهر كرمه حين قال للتلاميذ لما رأى الجموع في حالة الجوع "أعطوهم ليأكلوا". كم أظهر حرصه إذ قال بعدما أكلوا وشبعوا "اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء".

                      وسواء أكان في التوزيع أو في الجمع، فقد عمل كل شيء في محله وأظهر الكمال المُطلق. وكل شعاع من أشعة بهائه كان يضيء في موضعه الخاص. فالجياع لم يشأ أن يصرفهم فارغين، وبركات الله لم يفرّط فيها بشيء. من الجهة الواحدة مدَّ يده السخية لسد أعواز الجموع. ولما انتهى من هذا العمل مدَّ يده ليجمع ما بقى من خيرات الله لكي لا يضيع منها شيء. فتلك اليد التي انفتحت لكي تشبع كل حي، قد انغلقت أيضاً خوفاً من التبذير المذموم وحرصاً على خيرات الله من التبديد. كان كريماً بغير تبذير، وكان مقتصداً بغير شُح. فهو الإنسان السماوي الكامل.

                      وما أعظم هذا الدرس لنا. فإن كرمنا أحياناً يتحول إلى تبديد في غير محله لخيرات الله. واقتصادنا مراراً يدل على روح البُخل. بل في أوقات تأبى قلوبنا الضيقة أن ترحب بأعواز الذين يمدون أيديهم إلينا، بينما نكون من الجهة الأخرى مبذرين ومنفقين بإسراف لغير اقتضاء. لو كنا صرفناه في محله لأغنى كثيرين وسدد أعواز نفوس محتاجة من إخوتنا.

                      فلننظر أيها الأحباء كيف نتصرف بما لنا جاعلين حياة "الإنسان يسوع المسيح" قدوتنا. وما أشهى التأمل في كمالات يسوع المسيح والنظر إلى طرقه الكاملة، فهو مثالنا في هذه جميعها "ليكون متقدماً في كل شيء". والمشغولية به هكذا تؤيدنا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن.

                      تعليق


                      • #12
                        خادم هارب

                        خادم هارب قُم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ونادِ عليها .. فقام يونان ليهرب إلى ترشيش (يون 1: 2 ،3)
                        نينوى وترشيش. الأولى كانت هدفاً إلهياً قصد الله أن يرسل عبده يونان إليها. أما الثانية فمع أنها نظير نينوى مدينة وثنية ولكن لم يكن في مشروع الله أن يرسل إليها يونان. فلماذا فكَّر يونان في الذهاب إليها؟ كان يمكن أن يذهب إلى نينوى بطريق البر، أما ترشيش فميناء على البحر الأبيض في أسبانيا في أقصى الغرب تقابلها يافا في أقصى الشرق. فلم يختر يونان ميناء متوسطاً بل اختار أبعد ميناء، ولا شك أن أجرة الوصول إليها كانت كبيرة. ولكن يونان دفع الأجرة لأنه لم يُرِد أن يذهب إلى نينوى ولا أن يبقى في أرض الرب. وهذا يأتي بنا إلى قول الرب "احملوا نيري عليكم ... لأن نيري هيّن وحملي خفيف" (مت 11: 29 ). إن الطاعة لا تكلف أية مشقة أو تعب "حافظ الوصية لا يشعر بأمر شاق" (مت 11: 29 ) أما العصيان فيكلف كثيراً. هذا فضلاً عن أن الرب يعطي معونات للمطيع، لا سيما عندما تكون المأمورية بتكليف منه. إنه يرسل إليك قوة وعوناً "لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك" (مت 11: 29 ) فالطريق سهلة عند التصميم على الطاعة.

                        ولماذا اختار يونان الطريق الشاق القاسي؟ إننا إذا لم نتعلم أن نتخلص من أنانيتنا وإرادتنا الذاتية، فلا بد أن ندفع الغرامة. أما إذا تنازلنا عن رأينا وسلَّمنا للرب فإنه يرسل لنا قوة تحمينا وتحفظنا.

                        كان بولس مأخوذاً أسيراً في رحلة مثل هذه، ولكن الله أكرمه إذ قال "لأنه وقف بي هذه الليلة ملاك الإله الذي أنا له والذي أعبده قائلاً: لا تخف يا بولس ... وهوذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك" (أع 27: 23 ،24). أما يونان فقد اعترضه الله في نصف الطريق وأهاج على السفينة رياحاً مُضادة ليعطلها عن السير. إن المؤمن العاصي يسبب خسائر للآخرين ويتلف سلام نفسه وسلام غيره.

                        ولنعقد مقارنة بين يونان وفيلبس المبشر الذي كان في السامرة وقد نجحت خدمته هناك، ولكن قال له الرب: قُم اذهب نحو الجنوب على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة التي هي برية، فقام وذهب حيث قابل الوزير الحبشي وأوصل إليه رسالة الخلاص. ثم يقول الوحي: "خطف روح الرب فيلبس فوُجد في أشدود". فما أجمل النتائج للمؤمن المُطيع.

                        فايق إسحاق

                        تعليق


                        • #13
                          أنا أعينك

                          ليتنا نسمع هذا الصباح الرب يسوع متكلماً إلى كل واحد منا قائلاً: "أنا أعينك". إنه لأمر هيِّن بالنسبة لي، أنا إلهك، أن أعينك.

                          تفكَّر في ما فعلته لأجلك بالفعل. ماذا؟ ألم أعينك؟ لماذا تقول هذا؟ ألم أشترِكَ بدمي؟ ماذا؟ ألم أعينك؟ لقد مُت من أجلك، وإذا كان هذا هو العمل الأعظم، أفلا أستطيع أن أفعل ما هو أقل؟ "أن أعينك". فهذا هو أقل شيء يمكن أن أفعله لك. لقد فعلت ما هو أكثر.

                          وسأفعل ما هو أكثر. قبل أن يبدأ العالم أنا اخترتك. لقد تخليت عن مجدي وأصبحت إنساناً من أجلك. لقد بذلت حياتي لأجلك. وإذا كنت قد فعلت كل هذا، فإنني بالتأكيد أستطيع أن أعينك الآن. إنني إذ أعينك، فإنني أعطيك ما اشتريته لك بالفعل. إذا كان ما تحتاجه يستلزم معونة تزيد آلاف المرات عما يجول بخاطرك، فإنني لعلى استعداد أن أهبك إياها.

                          إن ما تحتاجه لقليل بالمقارنة مع ما أنا مستعد أن أعطيك إياه. إنه لأمر كبير بالنسبة لي أن تحتاج، وإنه لأمر هيَن بالنسبة لي أن أعطي. أتطلب أن أعينك؟ لا تخف. إذا وقفت نملة على باب جرنك تطلب معونة، فلن يفقرك أن تعطيها ملء قبضة من الدقيق. وبالمثل فما أنت إلا مخلوق صغير جداً عند باب كفايتي الكاملة و"أنا أعينك".

                          آه يا نفسي. أليس هذا كافياً؟ أتحتاجين قوة أكثر من القدرة غير المحدودة للإله الواحد مثلث الأقانيم؟ أتحتاجين حكمة أكثر من الحكمة التي للآب؟ أتحتاجين محبة أكثر من تلك التي أُعلنت في الابن؟ أم تحتاجين قوة أكثر من تلك التي ظهرت في أعمال الروح القدس؟ احضري إذاً وعاءك الفارغ وبالتأكيد سيُملأ من هذا النبع.

                          أسرعي واجمعي طلباتك وتعالي بها إلى هنا، فراغ نفسك، وأحزانك، واحتياجاتك. وانظري! ها نهر نعمة الله مليء وكافِ لإرواء كل احتياجاتك. وماذا تريدين أيضاً؟ تشجعي يا نفسي، ففي هذا قوتك: أن الإله الأزلي هو معينك.


                          نفسي اقربي بالشوقِ من كرسي رحمته حيثُ يسوعُ للدُعا يصغي بنعمته يا مَن وعدتَ المُتعبَ بالراحة العُظمى أقتربُ مُطالباً بوعدِك الأسمى

                          تعليق


                          • #14
                            مشاركة: تأملات

                            مجوس المشرق

                            ولما وُلد يسوع ... إذا مجوسٌ من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين: ... أتينا لنسجد له ( مت 2: 1 ، 2)



                            المجوس هم طائفة من العلماء، مختصون بالأكثر في علوم الفلك. كانوا رفيعي الشأن في بلاد المشرق، والتي يرجَّح ـ من القرينة التاريخية ـ أن تكون بلاد فارس. كما أنهم أمميون، يُفترض أن موضوع مَلِك اليهود لا يخصهم. ومن هداياهم نفهم أنهم كانوا من الأغنياء أيضًا. فما الذي يحدو بأُناس بهذه المواصفات أن يسافروا آلاف الكيلومترات في أيام لم تكن الطرق فيها مُعبَّدة، ممتطين ظهور الجمال لا العربات الفاخرة، قاطعين سفرتهم في شهور كثيرة من التعب؟!
                            لقد أتوا وقلوبهم متعلقة بالأمل أن يمتعوا عيونهم برؤياه، مملوءة بالرغبة الصادقة في السجود له. واليوم، دعونا نسأل: هل نتكلف كل هذه المشقة لتقديم السجود؟! ألا يخجلنا سعي المجوس الحثيث، الذي لم يعرف الكلل، ولم يتطرق إليه الملل، لتقديم السجود للمسيح؟! إني بحق اشعر بخجل كل مرة مرَّ ذكرهم ببالي.
                            «جاءوا إلى أورشليم» .. بالاستنتاج الطبيعي أتوا إلى أورشليم. نعم لقد أتوا إلى المكان الخاطئ. فالمعرفة الكتابية بالنبوات كانت تنقصهم، ولم يكن بين أيديهم ما يعلمهم أنه من بيت لحم يخرج المسيح. لكن هل تُرى حرمهم ذلك من تقديم السجود؟! .. أعتقد أن في باقي القصة الرد الشافي.
                            لقد سألوا في كل مكان، حتى علمت المدينة كلها بخبرهم، وعلى رأسها هيرودس. سألوا مَنْ لا يمكنه أن يفيدهم، ولا يريد إن أمكنه. على أن هذا أيضًا لم يَحُل دون تقديمهم السجود. فما أقل علمهم .. وما أخطأ المكان الذي سألوا فيه، والأشخاص الذين سألوهم .. لكنهم بقيادة النجم، سجدوا أروع سجود في النهاية.
                            عزيزي القارئ: ألا يشجعك هذا، حتى إن كنت قد عرفت المسيح بالأمس فقط، أن تسجد له، وإن كانت معرفتك قليلة وإمكانياتك محدودة؟! فروح الله كفيل بأن يمهِّد لك الطريق لتفعل، بل سيقودك لتقديم سجود يشبع قلب سيدك.
                            «جاءوا .. قائلين» .. تزامن الفعلين هنا يعطينا معنى أنهم جاءوا مهدَّفين، وأنهم ما كانوا ليألوا جهدًا حتى يصلوا إلى قصدهم. فبمجرد أن جاءوا قالوا، ما أضاعوا وقتًا في هذا أو ذاك، بل فورًا بدأوا في السؤال باحثين. كم نضيِّع أوقاتًا في ما لا ينبغي أن ننشغل به، وننسى أهدافًا مقدسة وضعها الله في قلوبنا؟!

                            تعليق


                            • #15
                              مشاركة: تأملات

                              وعود الله صادقة وامينة

                              بل الارض التي أنتم عابرون اليها لكي تمتلكوها هي أرض جبال وبقاع من مطر السماء تشرب ماء.أرض يعيش بها الرب ألهك عليها دائما من أول السنه اى أخرها.تثنييه11:11-12 نحن الان واقفون على اعتاب سنه جديده على اعتاب مستقبل مجهول امامنا عام جديد بما بما سنجتاز من خلاله من صعوبات وشدائد أو اختبارات ووقائع؟ من من يتنبأ بحاجات المستقبل فنذخر لها هذه الاموركلها نجهلهاتمام الجهل لكننا نتقوى ونتشجع بوعود الرب المفرحه "الرب الهك يعتني بك وعيناه ترعيانك كل الطريق من أول العام حتى نهايته"كفايتنا هي في الله ينابيع عطاياه لا ينضب معينها لا يجف بركاته غزيره ورحمته لا حد لها فما دام الله مرجعنا ومنه خلاصنا لا خوف ولا اي ضيقه تؤذينا لان سواقي نهره تفرح مدينة الله

                              الاض ارض جبال وبقاع اي متنوعه ليست سهلا وحسب بل هكذا الحياة فلو كانت تسير على وتيره واحده وبلا تنوع أو تبديل لفجرنا من الرتابه.فنحن بحاجه الجبال والبقاع. الجبال تجمع مياه الشتاء لتسكبها على البقاع فتحي زرعها وتزيد ثمرها. هذا حالنا مع المصاعب والضيقات تدفع بنا الى عرش النعمه من حيث تنهال البركات فجبال الحياة وتلالها التي طالما تذمرنا لوعرتها هي عينها السبيل لنيل نعمة الله وبركاته
                              أمين

                              تعليق

                              من قاموا بقراءة الموضوع

                              تقليص

                              الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                معلومات المنتدى

                                تقليص

                                من يتصفحون هذا الموضوع

                                يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                  يعمل...
                                  X