إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

    الجمعة 1 يناير 2010


    العام الجديد



    إن لم يَسِر وجهك فلا تُصعِدنا من ههنا ( خر 33: 15 )

    مضى العام وانقضى، بخير استقبلناه، وبخيرٍ ودعناه، فشكرًا لله على آلائه، وحمدًا على نعمائه .. قطعنا اثني عشر شهرًا كنا في غضونها نسير والأذرع الأبدية تحملنا، والعناية الإلهية تظللنا، وها نحن في ختامها نقول من أعماق القلب: «إلى هنا أعاننا الرب». ولّت تلك الأيام سِراعًا، رأينا فيها أمانة القدير تتجلى تباعًا، فكل ثانية تشهد على حراسته، وكل لحظة تُعلن لنا رعايته.

    أَمَا سار وجهه أمامنا فأراحنا؟ أمَا سطع بريق مُحياه، فأنار لنا ظُلمات الحياة؟ أمَا أخرجنا من المآزق الحَرِجة إلى رَحبٍٍ لا حصر فيه؟ أمَا تغلغل معنا في مصائبنا، وجعل كل الأشياء تعمل معًا لخيرنا؟ أمَا حل مُعضلات وفك مشكلاتنا؟ أمَا كان لنا رفيقًا لا تنقطع عِشرته، ومُعينًا يقدم لنا بسخاء معونته؟ أَمَا صدّ هجمات الشيطان وأنقذنا من شِراكه وحَفِظَ أرجلنا من الوقوع في حبائله؟ أما حَالَ بيننا وبين سهام كثيرة كانت تُصوَّب نحونا ونحن لا ندري عنها شيئًا؟ ثم أَمَا خلَّصنا من أخطار عديدة واجهناها، ولولاه تعالى لجندلتنَا وكنا من صرعاها؟

    لا مَراء أن العام المنصرم كتاب مسطور، نقرأ فيه بحروف من نور أعمال الله معنا، وتدبيراته الصالحة الأزلية لأجلنا، وفي الوقت عينه نذكر فيه تقصيراتنا ونقائصنا لعله في الذكرى فائدة وعِبرة.

    على أن مجال الذكرى قد يرجع بنا إلى ظروف مُرّة سكبنا فيها دموعنا وتقرحَّت من هولها أجفاننا، فنتذكَّر أحباء كانوا قرّة لعيوننا ثم أصبحوا تحت أطباق الثرى أجسادًا هامدة نناديهم ولا مُجيب، نخاطبهم ولا سميع. لربما تمرّ على مخيلاتنا خسائر لحقت بنا فحطَّمت آمالنا، وأودت بالكثير مما بين أيدينا، وهناك خطر من أن أمثال هذه الأمور تعقد ألسنتنا عن الحمد، وتعطل قلوبنا عن الشكر، فنقف في بَدء هذا العام متألمين جامدين، عوضًا عن أن نكون مُبتهلين شاكرين. لذلك وَجَب علينا أن لا نستسلم لهذا التيار الجارف، بل لندرس هذه الوقائع في نور الوحي الإلهي وعندئذٍ يتضح لنا غرض الله من اجتيازنا فيها، أو نعلم على الأقل أن القدير سمح بها لتدريبنا ولتهذيبنا ولخيرنا، سواء أدركنا هذا الخير الآن أم بقيَ خافيًا عنا، وبهذا يتبدَّل الأنين بالهتاف، وتكون تلك الظروف داعية للشكر. وعلى هذا المنوال يمكننا بالشكر لله أن نستدر عزاءً وسلوانًا من مسراتنا المحطمة، وآمالنا التي كانت زاهية وانتكست. إذًا لا ننسى أن نتذكَّر الماضي شاكرين.
    إسحاق لوزا
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

  • #2
    رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

    السبت 2 يناير 2010


    الاسم الغالي



    اسمك دهنٌ مُهراقٌ، لذلك أحبتك العذارَى ( نش 1: 3 )

    إن اسم ربنا المجيد المبارك والحلو «يسوع» هو ما يلذ للمؤمن الحقيقي التغني به والتحدث عنه، وكل حديث لا يدور حول هذا الاسم العجيب، لا يُشبع النفس بل يملأها كمدًا ويبوسة. نعم يا ربنا المعبود إن «إلى اسمك وإلى ذكرك شهوة النفس» ( إش 26: 8 ). فالتأمل ولو في قليل من كثير من البركات الغنية التي نلناها بواسطة هذا الاسم الجليل، يملأ قلوبنا فرحًا وألسنتنا ترنمًا لهذا الاسم الفريد، أو بالحري لشخصه المبارك، لأن اسمه هو ذاته الكريمة له المجد.

    فبهذا الاسم وحده نلنا خلاصًا كاملاً وأبديًا «ليس بأحدٍ غيره الخلاص. لأن ليس اسمٌ آخر تحت السماء، قد أُعطيَ بين الناس، به ينبغي أن نخلُص» ( أع 4: 12 ).

    وبهذا الاسم وعلى أساس عمله المبارك، أرسل الآب الروح القدس المعزي الذي يعلّمنا كل شيء، والذي يأخذ مما للمسيح ويُخبرنا. «وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيُرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء» ( يو 14: 26 ).

    وبهذا الاسم وحده نقترب إلى عرش النعمة ونطلب من الله أبينا كل أعوازنا واحتياجاتنا، روحية كانت أو زمنية. «ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. إن سألتم شيئًا باسمي فإني أفعله ... لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي ... الحق الحق أقول لكم: إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم» ( يو 14: 13 ، 14؛ 15: 16؛ 16: 23).

    نعم وبهذا الاسم وحده وتحت لوائه تجتمع كنيسة الله في كل مكان «لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم» ( مت 18: 20 ). وأية بركة يمكن أن تُعادل بركة حضور المسيح في وسط المجتمعين باسمه مهما قلّ عددهم، ولو اثنين أو ثلاثة، فإنهم يتمتعون ـ بقوة الروح القدس ـ بكل تعزية وفرح وبُنيان روحي.

    هذا ولنراعِ هذه الحقيقة العملية الهامة وهي أن كل أقوالنا وأفعالنا التي نعملها، يجب أن تكون لمجد ذلك الاسم الكريم «وكل ما عملتم بقولٍ أو فعلٍ، فاعملوا الكل باسم الرب يسوع، شاكرين الله والآب به» ( كو 3: 17 ).

    متى بهنام
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #3
      رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

      الأحد 3 يناير 2010


      آية المولد العذراوي



      ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلِد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل ( إش 7: 14 )

      يُخطئ كثيرًا مَن يظن أن المسيح بمولده من عذراء يُشبه آدم في خلْقه. ففي الحقيقة إن الاختلاف هنا أكبر جدًا من المُشابهة. فالبعض يقول إن قدرة الله تجلَّت في خلق آدم بدون أبٍ وأمٍ، ثم في حواء التي خُلقت من أب وبدون أم، وأخيرًا في المسيح الذي وُلد من أمٍ بدون أب. لكن هذا الكلام غير صحيح بالمرة. فآدم مخلوق من الله خلقًا مباشرًا، وبالتالي فإنه ليس له أب أو أم. وبالنسبة لحواء فآدم لم يكن أبًا لها بل زوجها. والله لما خلق حواء من ضلعة أخذها من آدم، كان غرضه من ذلك توضيح نظرة الله المقدسة للزواج، وأنهما في نظر الله جسد واحد. لكن لا آدم ولا حواء وُلد، بل الله خلقهما «خلق الله الإنسان ... ذكرًا وأُنثى خلقهم» ( تك 1: 27 ).

      لكن بعد حادثة خلق آدم وحواء، فإن الله جعل طريقة الدخول إلى العالم هي طريقة واحدة، لا يمكن أن يحدث دخول إلى العالم بغيرها، وهي تزاوج رجل بامرأة. واستمر هذا الأمر آلافًا من السنين، فيها وُلد ملايين وبلايين البشر بهذه الطريقة الوحيدة. إلى أن جاء المسيح، فوُلد، ولكنه وُلد بطريقة مختلفة تمامًا عن سائر البشر. لماذا؟ ليس من سبب لذلك سوى أن المسيح مختلف عن كل البشر. ويمكن القول: إن آدم خُلق ولم يُولد، وكذلك حواء. أما المسيح فقد وُلِد ولكنه لم يُخلَق.

      وآدم قبل خلقه لم يكن له وجود، ولا حواء كانت موجودة قبل خلقها، لكن المسيح كان موجودًا قبل ولادته. لقد قال ـ تبارك اسمه: «قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» ( يو 8: 58 ).

      إذًا فمسألة الميلاد العذراوي، لها أبعاد تختلف عن مجرد قدرة الله، التي نحن نؤمن بها تمامًا، بل إنها تؤكد سمو شخص المسيح. فهذا العظيم عندما دخل إلى العالم، لم يدخل بالطريق الذي دخل منه سائر البشر.

      في المطارات ومحطات السكك الحديدية الكبرى، يكون هناك عادةً باب لا يُفتح إلا للملوك والعظماء دون جماهير البشر الآخرين. على أن الباب الذي دخل منه المسيح إلى العالم لم يُفتح ولا حتى للمشاهير والعظماء، ولا للرُسل أو الأنبياء، بل لشخص واحد في كل الكون، وذلك لأن المسيح ليس واحدة من زُمرة الأنبياء، بل هو يختلف اختلافًا جوهريًا وجذريًا عن سائر البشر، سواء في حقيقة شخصه، أو غرض مجيئه إلى العالم.

      يوسف رياض
      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

      تعليق


      • #4
        رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

        الاثنين 4 يناير 2010


        العمل العظيم



        إني عامل عملاً عظيمًا فلا أقدر أن أنزل. لماذا يُبطل العمل بينما أتركه وأنزل إليكما؟ ( نح 6: 3 )

        أتى أعداء شعب الله باقتراح جديد يتسم بالرياء: «هلم نجتمع معًا في القرى في بقعة أُونو» ( نح 6: 2 ). إن بقعة أُونو (أو وادي الصُنَّاع ـ نحميا11: 35)، التي اختاروها كمكان للاجتماع، تُوحي بالمشاركة في العمل مع أعداء شعب الله. لكن هذا العرض قد رُفض. وما أجمل حيثية الرفض: «أنا عاملٌ عملاً عظيمًا فلا أقدر أن أنزل». وهي تذكّرنا بمَن هو أعظم من نحميا، وكان يعمل عملاً أعظم من عمل نحميا بما لا يُقاس، وتحدّوه لينزل من على الصليب ( مت 27: 42 )، ولكنه لم ينزل حتى أتمَّ العمل العظيم الذي به تمجد الله وخلُصنا نحن. أما العمل العظيم الذي كان نحميا يعمله، فهو بناء سور أورشليم المُنهدم. وسنتأمل في هذا العمل العظيم من عدّة زوايا، فهو أيضًا درس أدبي لكل خادم للمسيح:

        أولاً: العامل:«أنا عاملٌ». هو لا يلقي المسؤولية على آخر، لكنه يشعر أن الضرورة موضوعة عليه هو. عندما مسّت الجمرة شفتي إشعياء، قال على الفور: «هأنذا أرسلني» (إش6). فالخدمة تطوعية، وكل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بكل أمانة وإخلاص.

        ثانيًا: التوقيت: مستمر في العمل: لا يكفي أن أكون قد عملت في الماضي، بل إني مستمر وسأظل أعمل حتى أتمم بفرحٍ سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله ( أع 20: 24 ). البعض يعيش على أمجاد الماضي، والبعض الآخر يعيش على آمال المستقبل، لكن علينا أن نستغل الفرصة الآن «هذا اليوم هو يوم بشارة ونحن ساكتون .. فهلم الآن .. نُخبر» (2مل7).

        ثالثًا: نوعية العمل: «عامل عملاً»، وليس قولاً أو كلامًا «لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق!» ( 1يو 3: 18 ). كثير من المؤمنين يُحسنون فيما يتكلمون به فقط، لكنهم لا يفعلون شيئًا. لقد بنى نحميا السور ولم تبقَ فيه ثغرة. ما أعظم هذا العمل! إنه بناء! هل نحن نبني أم نهدم؟ ليحفظنا الرب من أن نكون معاول هدم بالنقد اللاذع، بالغيرة الجسدية، بتحطيم سُمعة الآخرين.

        رابعًا: صفة هذا العمل: «عظيمًا»: (1) لأنه أنقذ من حالة شر عظيم وعار. (2) لأن وراءه الإله العظيم. (3) لأنه نتج عنه فرح عظيم. فبعد أن أكملوا العمل، ذبحوا في ذلك اليوم ذبائح عظيمة وفرحوا لأن الرب أفرحهم فرحًا عظيمًا ( نح 12: 43 ).

        فهد حبيب
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #5
          رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

          الثلاثاء 5 يناير 2010


          حالة الانتظار


          ولما رجع يسوع قَبِلَهُ الجمع (بفرح) لأنهم كانوا جميعهم ينتظرونه ( لو 8: 40 )

          كانت السفينة التي تشرَّفت بأن تحمل الرب يسوع وتلاميذه، تعبر بحر الجليل آتية من كورة الجدريين ووجهتها كفرناحوم. ترك الرب وراءه تلك الكورة التي أبغضت حضوره. كان قد شفى بينهم ذلك الرجل المجنون الذي ملأ رُعبه البلاد المجاورة ومع ذلك «طلب إليه كل جمهور كورة الجدريين أن يذهب عنهم» ( لو 8: 37 ). وإذ رجع عنهم كان يستقبله جمهور منتظر متعطش، اجتمعوا حول الشاطئ، كانوا يرسلون أبصارهم متفرسين في مياه البحيرة، يتلمسون رؤية السفينة القادمة. ربما اختلفت عواطف الأفراد وتنوعت بواعثهم واختلطت على كثرتها، إلا أنهم كانوا جميعًا في حالة انتظار، متعطشين بشوقٍ شديد إلى مجيء المسيح.

          وربنا آتٍ من الأعالي، وفي طريقه إلينا يمتحن ويفحص قلوب جميع الناس. فهناك فريق منهم يريد أن يبقى السيد بعيدًا عنهم نظير الجدريين. وهناك فريق آخر يتوقون بحرارة إلى مجيئه وإلى حضرته، ينتظرون إتمام وعده الكريم بالرجوع إليهم كما كان أهل كفرناحوم الذين قبلوه بفرح لأنهم كانوا ينتظرونه.

          وأي الفريقين له التقدير الخاص في قلب الرب؟ هل يستطيع الرب أن ينظر بفرح إلى أولئك الذين يماثلون الجدريين في أن يريدوه بعيدًا عنهم؟ ومن الجهة الأخرى ألا يغتبط إذ يرى أن هنالك فريقًا لا يستريحون ولا يشبعون حتى يكونوا حوله في حضرته؟

          كان الجمع على البحر في حالة الانتظار والتلهف على ذلك الإنسان الكُفء لأن يوزع عليهم بركة الله. لم يكونوا متراخين متكاسلين، بل كانوا بالفعل منتظرين شخصه المحبوب. حرصوا على أن يكونوا السابقين في الترحيب بمَقدِمه، أحسوا بأنه جدير بلقائهم، لذلك هان عليهم الانتظار ولم تكن فترته سوى دقائق أو لحظات في نظرهم.

          وحتى ونحن في العالم، لا يزال إيماننا يسمع وقع أقدام الحبيب الذي يُخبر كل نفس منتظرة أن الرب قريب منا في حضوره المُبهج العظيم. وسيطلع علينا حبيبنا بطلعَته سريعًا، نازلاً من أوج السماء، وسنسمع كلنا، كشخص واحد، صوته العذب الجميل، وسنرى سريعًا وجهه الصبوح وثغره البسَّام، وسيأخذنا سريعًا إليه، ويُدخلنا إلى بيت خمره في الأعالي لنستريح إلى الأبد تحت علم محبته التي بلا حدود. «آمين. تعال أيها الرب يسوع».

          و.ج. هوكنج
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #6
            رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

            الأربعاء 6 يناير 2010


            بالنعمة مُخلَّصون



            لأنكم بالنعمة مُخلَّصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمالٍ كيلا يفتخر أحد ( أف 2: 8 ، 9)

            ”مناقشة في السماء“ .. كان هذا عنوان ملحَمة شعرية تخيَّل فيها الشاعر نفسه يقطع شوارع المدينة السماوية، فرأى جماعة من المفديين وقد احتدمت بينهم المناقشة، فاقترب ليسمع حوارهم، فإذا بهم يتحاورون فيما بينهم عمَّن منهم كان شهادة لنعمة الله المخلِّصة أكثر من غيره. وكل واحد منهم كان يسوق الأدلة على أنه الأوفر نصيبًا في نعمة الله، وأخيرًا انتهوا إلى أخذ الرأي بالأصوات، وانتهت مُحصلة التصويت إلى اثنين منهم أولهما رجل متقدم في الأيام جدًا، وثانيهما رجل كَهل، ودُعيَ الاثنان ليقدم كل منهما دليله على أنه الأوفر نصيبًا في نعمة الله. قال الأول: إن نعمة الله لا يمكن أن تكون قد عملت لأجل واحد من القديسين بمقدار ما عملت معه، لأنه كان شريرًا جدًا، كان فاسقًا سكيرًا ومُجدفًا وقاتلاً. كَذِب كثيرًا وسرق أكثر، ولكن بنعمة الله غُفرت خطاياه الكثيرة إذ اعترف بها وهو على فراش الموت، وحصل على الخلاص.

            ثم دُعيَ الثاني ليقول ما عنده، فقال: إنه الأوفر نصيبًا في نعمة الله لأن الرب يسوع افتقد نفسه وخلَّصه وهو بعد صبي، ومنذ أن تعرَّف بالرب المخلِّص، سار في حياته ترعاه النعمة وتملأ طريقه بالخير وتحوطه بالرعاية.

            ثم أُخذت الأصوات وكان عجيبًا أن تكون النتيجة في جانب هذا الأخير، لأن النعمة التي تحفظ إنسانًا بلا عثرة وهو في وسط فخاخ وأشواك ومعاثر وشِباك، هي بالحقيقة أعظم من نعمة تغسل آثام عربيد يقضي نحبه بعد ميلاده الجديد. إن سورًا على حافة جرف منحدر أفضل بكثير من مستشفى يُبنى في السفح. والوقاية خير من العلاج.

            هذه القصة الخيالية تصوِّر مجموعة من مبادئ إنجيل نعمة الله، فهي تعرِّفنا أن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله، كما تعلِّمنا أن الرجل الذي تحفظه نعمة الله في طريق البر، إنما يحتاج إلى دم يسوع المسيح الذي يُطهّر من كل خطية، تمامًا كحاجة الخاطئ الغارق في المعاصي والفجور، كلاهما يخلص بنعمة الله العجيبة.

            لما وصل أحد المبشرين العِظام إلى ختام حياته قال: ”إنني ألقي إلى البحر جميع أمتعتي من أعمال صالحة ورديئة على السواء، وأنشر قلاع سفينتي لتتجه نحو المجد على حساب نعمة الله المجانية“.

            هنري دربانفيل
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #7
              رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

              الخميس 7 يناير 2010

              المجوس واللص التائب


              رأوا الصبي مع مريم أمه. فخرّوا وسجدوا له ( مت 2: 11 )
              قال ليسوع: اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك ( لو 23: 42 )

              نحن لا ندري عن يقين من أين عرف ذلك اللص التائب مسألة مُلك المسيح: هل هي تلك اللافتة التي وضعها بيلاطس كعنوان عِلته فوق رأسه على الصليب كنوع من التهكم؟ ربما يكون ذلك كذلك، فنحن نعرف أنه حتى غضب الإنسان يحمد الله، كما يقول المرنم في المزمور76: 10. والله قادر أن يرسل سهمًا مستقيمًا بقوس معوجة. وروح الله يقدر أن يستخدم أي شيء ليقود النفوس للخلاص.

              والواقع إننا نعجب كثيرًا بمشهدين تجلَّت فيهما بصيرة الإيمان النافذة بصورة تدعو للعجب. المشهد الأول عندما أتى المجوس من المشرق ليسجدوا للملك العظيم المولود، لكنهم لم يروا طفلاً تحوطه هالات المجد الأرضي ويقيم في قصرٍ عظيم، بل رأوا مولودًا متواضعًا في حضن امرأة بسيطة، في مكان بسيط. لكن إيمانهم اخترق حجاب الاتضاع ورأوا عظمة شخصه، فخرُّوا وسجدوا له، وقدموا له هداياهم: ذهبًا ولبانًا ومُرًا. وأما المشهد الثاني فهو مشهد اللص التائب فوق الصليب، والإيمان هنا أروع وأعجب، فهو لم يرَ مجرد طفل تحمله الأيدي، بل رأى شخصًا مرفوضًا مُعلقًا على صليب العار. لكن اللص رأى في ذلك المصلوب مسيح الله والملك الآتي عن قريب في ملكوته. ولقد كانت كلمات ذلك اللص للمسيح تمثل كلمات الاحترام الوحيدة التي وصلت آذان الرب بعد ساعات طويلة فيها سمع المسيح من كلمات الهُزء والتعيير والشتيمة ما يجلّ عن الحصر.

              ونحن نعرف أن المسيح، في صباح ذلك اليوم، عندما سأله هيرودس الملك بكلام كثير لم يُجِبه بشيء، ولما سأله بيلاطس لم يُجِبه ولا عن كلمة واحدة حتى تعجَّب الوالي جدًا. بل بعدما عُلق على الصليب أيضًا، عندما عيَّره رؤساء الكهنة وجدَّف عليه المجتازون، لم يرُّد على تعييرهم وتجديفهم. لكنه أجاب نداء ذلك اللص، وصرخة ذلك الخاطئ المستغيث. لقد وصل نداء ذلك اللص في الحال إلى أُذن المسيح وإلى قلبه، فقال له الرب: «الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس».


              جاءَنا طفلاً في مِذود سائرًا إلى الصليبْ
              بهِ تمَّ كلُّ موعِدْ أكملَ الفِدَا العجيبْ
              فهلُمَّ بالسجودِ بخُشُوعٍ مُستديمْ
              قدِّسوا ربَّ الجُنودِ فهوَ السيدُ العظيمْ

              يوسف رياض
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #8
                رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                الجمعة 8 يناير 2010

                السامري الصالح


                ولكن سامريًا مُسافرًا جاء إليه، ولما رآه تحنن، فتقدَّم وضَمَد جراحاته، وصبَّ عليها زيتًا وخمرًا، وأركبه على دابته ( لو 10: 33 ، 34)

                لقد وصل الإنسان إلى حالة الخراب إذ نزل من حضرة الله ووقع تحت سلطان العدو، وأصبح فريسة لإبليس وعبدًا للخطية وخاضعًا لحكم الموت، ولم يكن لحالته من علاج بالنسبة إلى ذاته. ولكن شكرًا لله، فقد أتى السامري الصالح ونزل إلى حالته التعيسة؛ ابن الله جاء إلينا من مجده الأسنى مقرّ سُكناه الأزلي، ونزل إلى العالم ليعالج بؤسنا ويحمل ذنبنا، ويقبل غضب الله بالنيابة عنا. عمل كل هذا أيها القارئ العزيز تبيانًا لمحبته وحنانه علينا. لقد «تحنَّن» ونزل ليضمد جراحنا، ويصب من خمر وزيت نعمته في نفوسنا، ويشفينا ويباركنا ويضعنا في مركزه بحسب تلك القوة عينها التي وضعته في مركزنا. وهكذا يسد كل أعوازنا إلى ذلك الوقت السعيد الذي يجمعنا فيه بشخصه المبارك إلى الأبد.

                «جاء إليه» حيث هو. لا إلى نصف الطريق، ولا إلى تسعة أعشارها، بل إلى نهايتها. «ولما رآه» ماذا عمل؟ هل جاز مُقابِلهُ مشمئزًا من منظره، يائسًا من إصلاحه؟ كلا، بل تحرك قلبه الرقيق بالحنو والعطف، غير مهتم بمَن هو ـ يهودي أو أممي، لأن ينبوع ذلك القلب المُحب كان فائضًا بالنعمة، مبتهجًا بتقديم الخدمة لسد جميع أعواز البشر، ولم يكن حنوه بالكلام واللسان، ولم يكن ليعبِّر عن حنوه بألفاظ فارغة ثم يعبر ويمضي. بل كان حنوه حقيقيًا عمليًا، «فتقدم» لماذا؟ لكي يسد كل عَوَز ولا يتركه حتى يوصله إلى مركز الأمان والسلام والبركة.

                ولم يكن هذا الكل. لم يكتفِ السامري الصالح بسد أعواز الجريح الحاضرة، ولكن قبل أن يتركه، قال هذه الكلمات الحلوة: «اعتنِ به». يا لها من نعمة تُذيب قلب ذلك المسكين، نعمة غنية صادرة من شخص غريب لا تربطه به بحسب الطبيعة علامة صُلح وسلام.

                وفي النهاية نسمعه يقول: «عند رجوعي»، فيوقظ في القلب بهذه الكلمات الأخيرة رجاءً مباركًا برؤيته مرة ثانية. يا لها من صورة جميلة توضح لنا قصة الرب يسوع الحلوة الذي من عطفه وحنانه نظر إلينا في بؤسنا وشقائنا، فأتى إلينا في صورة إنسان، صائرًا في شبه الناس الخطاة، مولودًا من أمرأة تحت الناموس، وعاش عيشة طاهرة وأتم خدمة كاملة مدة ثلاث وثلاثين سنة، وأخيرًا مات على الصليب كفارة عن الخطية لكي يكون الله بارًا ويُبرر كل خاطئ مسكين يؤمن ويتكل على المسيح.


                بللت
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #9
                  رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                  السبت 9 يناير 2010

                  ماذا نقدم؟


                  ماذا أردُّ للرب من أجل كل حسناته لي؟ ( مز 116: 12 )

                  عندما نفكر في عطية الآب المُحب لنا؛ شخص ربنا المعبود يسوع، ونفكر في بذل المسيح نفسه لأجلنا كفارةً عن خطايانا، فإننا بالحق والصدق نشعر بالعجز والتقصير عن تقديم ما يتناسب من شكر وسجود يُعبِّر عن امتنان القلب العميق لله. وحول السيد في عشاء الرب، كثيرًا ما نرنم ”يا صاحب الإحسان لقد خَلَت يدي ... ماذا لك أقدم، ماذا لك أهدي؟“ نعم إن بذل الآب ابنه الوحيد الحبيب عنا، يفوق إدراك العقول، وبذل السيد نفسه من أجلنا يتجاوز طاقة القلوب.

                  على أن الكتاب المقدس، وفم الرب يسوع نفسه، حوى الإجابة على هذا السؤال، ماذا نقدم: للآب والابن. ففي يوحنا4: 23 تحدَّث المسيح عما نقدمه للآب، وفي لوقا17: 17 تحدَّث عما ينتظره الابن نفسه من مفدييه. فالآب طالب ساجدين حقيقيين، يسجدون له بالروح والحق. نعم إنه لا يطلب مجرد سجود، بل أشخاصًا ساجدين، قلوبهم متعلقة بالابن حتى الفيض بعمل الروح القدس الذي فيهم، رأسيًا لأعلى، فيقدمونه للآب الذي لا يشبع ولا يُسرّ سوى بابنه الحبيب.

                  إن الشخص المُرتوي بعمل الروح القدس بشخص المسيح، ليس فقط لا يطيق مياه العالم الملوَّثة غير المُروية، بل يكون هو شخصيًا سبب إرواء لقلب الآب (يو4)، وسبب إرواء للآخرين أيضًا ( يو 7: 37 )، عندما يفيض فيه الروح، أفقيًا، في صورة أنهار تجري على الأرض الظمآنة لإرواء المساكين ـ وما أكثرهم من حولنا ـ إرواء بالمسيح نفسه.

                  والابن ينتظر الشكر والعِرفان ممن سبق وأن أحسن هو إليهم، إن سؤاله «أين التسعة؟» في قصة تطهير العشرة البُرص، يؤكد ذلك. على أنه ما أجمل صورة ذلك الشخص الذي لم يُكمل طريقة للكاهن بعد أن طهر، إذ رجع إلى الرب ليشكره. وجميعنا كنا مرضى ببرص الخطية، وقد طهَّرنا المسيح كمؤمنين، فهل قلبنا مُفعم بالشكر؟

                  لقد رجع ذلك الرجل وهو يمجد الله، ورجع ليجثو عند قدمي المسيح شاكرًا. ليتنا لا نُهمل هذه البركة العظمى: أن نعرفه أعمق ما يكون ( في 3: 10 ؛ 1يو2: 2)، ولا يفوتنا هذا الامتياز الثمين أن نشكره في كل حين.

                  ماهر صموئيل
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #10
                    رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                    الأحد 10 يناير 2010

                    الشخص العجيب


                    فأخذت الجميع حيرة ومجَّدوا الله، وامتلأوا خوفًا قائلين: إننا قد رأينا اليوم عجائب! ( لو 5: 26 )

                    لقد جمع الرب يسوع في شخصه العجيب كل صفات الجمال والكمال. فالإنسان الكامل يسوع المسيح كان ينمو في النعمة عند الله والناس ( لو 2: 52 ). وكان قلبه مستعدًا دائمًا لخدمة الجميع.

                    فعند قراءة الأناجيل، كان الشيء الذي استرعى انتباهي هو أني وجدت شخصًا لم يطلب ما هو لنفسه، ولا فعل شيئًا واحدًا لأجل نفسه. ويا له من أمر مُدهش أن تجد شخصًا على الأرض لا يطلب ما هو لنفسه، ولا يعيش لأجل ذاته. فقد أخذ الله كنصيبه الصالح. فالأناجيل تستعرض لنا شخصًا فريدًا، غير مشغول بذاته على الإطلاق، وتُرينا القلب الصالح المستعد لخدمة الكل. فمع عُمق أحزانه، إلا أنه كان مهتمًا ومشغولاً بالآخرين. فاستطاع أن يحذِّر بطرس من ذاته في جثسيماني، ويعزي اللّص المنسحق فوق الصليب. فلقد كان قلبه دائمًا فوق الظروف، مرتفعًا عن كل الأحزان، لا تؤثر الظروف عليه، بل كان دائمًا يسير تمامًا وِفق إرادة الله وسط الظروف المختلفة.

                    فآدم رغم كونه ضعيفًا مسكينًا مُقرصًا من الطين، إلا أنه ارتفع وعصى الله، أما المسيح القدير صاحب السلطان، استخدم قوته وسلطانه في عمل الخير للبشرية المُعذبة. ومع كونه العالي والمرتفع، أخذ مكان الطاعة والخضوع وأخلى نفسه. فيا لروعة طرق هذا الإنسان الكامل الفريد.

                    وعلى قدر ما كان أمينًا لله، هكذا احتُقر من الناس. وعلى قدر وداعته واتضاعه، هكذا أيضًا لم يُعتَّد به. وكل هذا لم يكن ليؤثر في خدمته لأنه كان يفعل كل شيء لمجد الله.

                    فكل تصرفاته أمام الجموع وأمام تلاميذه كانت في تمام الكمال واللياقة، واضعًا نصب عينيه مجد الله.

                    فماذا كانت حياة يسوع، رجل الأوجاع ومُختبر الحَزَن، إلا شُعلة من النشاط رغم وجوده في عالم الأتعاب والظلمة!

                    وبقلب مليء بالمحبة، ذهب إلى كل طبقات المجتمع، مُسددًا الأعواز المختلفة والاحتياجات. فهذا الفريد لم يقف أمام تعاسة المجتمع والعالم، الموقف السلبي، وعزل نفسه عن العالم، بل لقد كان الرب يسوع إيجابيًا لتخفيف أعباء المُتعبين، مُتداخلاً في ظروفهم، مُسببًا السعادة والخير لهم. فيا لروعة هذا الكامل في كل طرقه!

                    داربي
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #11
                      رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                      الاثنين 11 يناير 2010

                      يوم البشارة


                      لسنا عاملين حسنًا. هذا اليوم هو يوم بشارة ونحن ساكتون، فإن انتظرنا ... يصادفنا شرّ فهلمُّ الآن ندخل ونُخبر ( 2مل 7: 9 )

                      دخل البُرص إلى المحلة وتجولوا فيها إلى آخرها، ودخلوا خيمة واحدة فأكلوا وشربوا وحملوا ذهبًا وفضة وثيابًا ومضوا وطمروها، وهكذا يدخل الخطاة إلى دائرة النعمة ويجوبون فيها، ويصلون إلى آخر درجة من أفراحها وتعزياتها، فيدخلون في أية خيمة من خيامها، وأي اجتماع من اجتماعاتها، ويجدون طعامًا وشبعًا، ولكنهم للأسف الشديد بعد أن يشبعوا ويمتلئوا، ينسون أن هناك جياعًا وعطاشًا غيرهم.

                      وإذ تفتر حالتهم الروحية يبدأون في الانشغال بجمع المال من الفضة والذهب والثياب، ويا ليتهم يجمعون ليحسنوا به أو ليوزعوه في بيوتهم، وإذ هم يبدأون في الجمع يزدادون شغفًا به، فلا يكتفون بأن يدخلوا خيمة واحدة أو يشتغلوا بعملٍ واحد، ولكنهم يدخلون إلى خيام أخرى، ويرتبكون بأعمال عديدة، لكي يزداد ربحهم ويعظم كسبهم من الفضة والذهب. وحقًا قال الرب يسوع: «كل مَنْ يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا» ( يو 4: 13 )، وليس شيء يستطيع أن يُغني النفس إلا القناعة، لأنها مع التقوى تجارة عظيمة.

                      أخذ البُرص يحملون ذهبًا وفضة ويطمرونها، ولكنهم وجدوا بعد تكرار العملية أن هذا الجمع والتكويم لا يُلِذ ولا يُشبع، حينئذٍ تنبهوا وشعروا أن مهمتهم لا يمكن أن تكون هذه، وأن الغرض لا ينحصر في هذا، وأن هناك فراغًا يجب أن يُملأ، وواجبًا يجب أن يُؤدى. فعاد كل واحد منهم إلى رُشده، وأخذوا يقولون بعضهم لبعض: «لسنا عاملين حسنًا». هل وجدنا في المادة سعادة، أو في المال شبعًا؟ ألاَ نشعر بفراغ في النفس ينذرنا بأن هناك شيئًا أعظم وغرضًا أسمى يجب أن نسعى إليه؟ فلنسعَ لا للغنى، ولكن كسفراء عن المسيح قائلين للناس تصالحوا مع الله. لنسعَ وشعارنا قول الكتاب: «أما أنتم فجنسٌ مُختار، وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تُخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب» ( 1بط 2: 9 ).

                      لنسعَ ونحن ننادي بكم صنع بنا الرب ورحمنا، لنسعَ صارخين في الناس: هلموا انظروا إنسانًا قال لنا كل ما فعلنا، أَ ليس هذا هو المسيح؟ ( يو 4: 29 ).

                      أيها القرّاء الأعزاء .. اسمحوا لي أن أقول: «لسنا عاملين حسنًا. هذا اليوم هو يوم بشارة ونحن ساكتون». أجَلْ إن هذا الوقت أوان البُشرى وإذاعة البشارة، فهي فرصة مقدمة للمبشِّرين وللمبشَّرين.

                      أزوالد سميث
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #12
                        رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                        الثلاثاء 12 يناير 2010

                        في يوم الضيق


                        ادعُني في يوم الضيق أُنقذك فتمجدني ( مز 50: 15 )
                        يدعوني فأستجيب له. معه أنا في الضيق. أُنقذه وأُمجده ( مز 91: 15 )

                        ليس أحد منا يحب يوم الضيق. بالعكس إننا دائمًا نفضل حياة ”مطمئنة هادئة“، وهذا «حسنٌ ومقبولٌ لدى مخلصنا الله» ( 1تي 2: 2 ، 3). ولكن الله أحيانًا ـ في محبته وحكمته ـ يسمح لنا باجتياز ”يوم الضيق“. إنه يوم يحمل لنا دعوة خاصة جدًا لأن ندعو الرب ونناديه، ومع هذه الدعوة بطاقة ضمان بتجاوب الرب واستجابته لندائنا. وهذا ما أكده الرب مرة أخرى في مزمور91: 15 «يدعوني فأستجيب له»، أي أنه تجاوب فوري لندائنا ودعائنا. وهذه هي أول بركة نجتنيها من يوم الضيق، شركة حلوة بيننا وبينه. نحن ندعوه وهو يتجاوب معنا ويستجيب لنا. لن يسدّ أذنه إطلاقًا بل يتجاوب ويستجيب حسب حكمته.

                        ولكن هناك ما هو أكثر، أَلاَ وهو استشعار حضوره «معه أنا في الضيق»، فإذا كان الضيق مريرًا جدًا كأتون النار المُحمَّى، فلنثق أنه سيمشي معنا في الأتون، فلا يلذعنا اللهيب ولا يضرنا.

                        بل إن هناك ما هو أكثر أيضًا: لقد وعد أن ينقذنا، وسينقذنا بالطريقة التي تحددها حكمته، وفي الوقت المعيَّن من قِبَله. وما أعظم وأجمل الإنقاذ عندما يأتي مباشرةً من يده!

                        ولكن هل تتوقف معاملاته عند هذا الحد؟ كلا. بل يوجد ما هو أكثر من الإنقاذ، فبعد أن يقول: «أُنقذه» يتبعها بكلمة «أُمجده» أي أُكرمه وأُرفِّعه. وهكذا قد يبدأ اليوم بالضيق، ولكنه ينتهي بالكرامة والرِفعة.

                        ولكن أعظم مما سبق كله هذه الكلمة الرائعة «فتمجدني». ما أروع أن يكون لي هذا الشرف وهذه البركة الجليلة، أنني أُمجد الله من خلال الضيق، بسبب خضوعي وتسليمي وثقتي العظيمة في محبته، ثم حمدي وتسبيحي على إنقاذه.

                        دعونا نتأمل كل هذه البركات التي نجتنيها عندما يسمح الله لنا باجتياز «يوم الضيق»؛ شركة، ومعيّة، وإنقاذ، وكرامة، ولكن أعظم كل البركات هو تمجيده من خلال الضيق.

                        أبانا نحن في يديك نودع أوقاتنا

                        حياتنا أرواحنا وما حَوَت آجالِنا

                        وهذا مُبتغانا أن نكونَ في عنايتكْ

                        فلا ضمان إلاّ ما نودعه في حوزتِكْ

                        أنيس بهنام
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #13
                          رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                          الأربعاء 13 يناير 2010

                          ثلاثة أسئلة خطيرة


                          ماذا ينتفع الإنسان لو رَبِحَ العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟ ( مت 16: 26 )

                          (1) «ماذا ينتفع الإنسان لو رَبحَ العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يُعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟» ( مت 16: 26 ). ماذا تنتفع أنت؟ إنك لا تحصل على الكثير من الدنيا. مهما كان نجاحك، فإنك لا تحصل إلا على القليل من المال أو الشُهرة أو المجد. لهذا نطلب إليك أن تفكر كثيرًا في هذا السؤال الذي يوجهه إليك الرب يسوع، رب الكل. ماذا تنتفع من كل ما يقدمه لك العالم إذا خسرت نفسك؟ قد تستهين بكيفية عيشتك لتتمتع بالملذات العالمية، ولكن إذا كان هذا يفقدك نفسك إلى الأبد، فإن ذلك يكون ولا شك أمرًا في غاية الخطورة.

                          (2) «ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟» ( أع 16: 30 ). إنك هالك الآن بسبب خطاياك، قلَّت أو كثرت، ولكن مع هذا يمكنك أن تخلُص. إن الرجاء لا يزال موجودًا أمام نفسك. هل تستطيع الإجابة على السؤال المتقدم؟ إنه أهم سؤال بالنسبة لك. إن مخلِّص الخطاة قد مات لكي نحيا نحن. لقد بذل نفسه ليخلِّص الخطاة. إن الخاطئ لا يستطيع أن يخلِّص نفسه، لأنه لو استطاع أن يخلِّص نفسه لم تكن له حاجة إلى مخلِّص. اترك كل أمل في تخليص نفسك بنفسك، وانظر إلى الرب يسوع وحده، مصلوبًا من أجل الخطاة، والآن موجودًا في السماء بعد أن أكمل العمل؛ عمل الخلاص. إنه المخلِّص الكامل، المخلِّص الذي يقدر أن يخلِّصك الآن كما أنت. وإنه ـ له المجد ـ يُسرّ بذلك. وإذ لا تزال توجد فرصة أمامك، لذلك نحثك قائلين: «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلُص ..» ( أع 16: 31 ).

                          (3) كيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصًا هذا مقداره؟ ( عب 2: 3 ) مَن يستطيع أن يُجيب على هذا السؤال الرهيب؟ افرض أنك أخذت تستهين بالخلاص وتلعب بالوقت، وفجأةً استيقظت وأنت في الأبدية. كيف تنجو؟ كيف؟ ستمر الدهور، تمر بلا انقطاع، وسوف لا يستطيع أحد أن يجد جوابًا لهذا السؤال. سوف لا يستطيع أحد أن يجد طريقًا للخلاص. إن أهملت المسيح المخلِّص، إن أهملته الآن ثم مُت في بُعدك عنه، فستمضي هالكًا في عذابٍ أليم إلى الأبد، وليس لك أدنى أمل في الحصول على راحة أو على تغيير للحالة ولو طفيفًا.

                          فاقبلهُ تُقبَل في السَّما في مجدهِ الأرفَعْ
                          تَبْقَ سعيدًا دائمًا معْ شعبهِ أجمَعْ

                          كاتب غير معروف
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #14
                            رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                            الخميس 14 يناير 2010

                            ملكة سَبَا والخصي الحبشي (1)


                            وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان لمجد الرب، فأتت لتمتحنه بمسائل ( 1مل 10: 1 )
                            رجلٌ حبشي خصي.. كان قد جاء إلى أورشليم ليسجد
                            ( أع 8: 27 )

                            في ملكة سَبَا وفي الخصي الحبشي اللذين ينتميان، في الغالب، إلى بلد واحد، ولو أنهما في زمانين مُتباعدين، نجد عدم شبع القلب البشري في أفخر أمور هذا العالم ما دام ينقصه شخص المسيح، إنما الشبع والامتلاء فيه وحده تبارك اسمه الكريم، سواء عرفناه في النعمة أو في المجد.

                            كانت ملكة سَبَا تتقلد كل الجلال الملكي، وتحوطها أبهة المُلك من كل جانب، وكل مسرات بني البشر طوع أمرها وفي متناول يدها. وواضح أنه كان لها من الصحة والعافية ما يمكنها من التمتع بها جميعًا. كان العالم في خدمتها، ولكن عجز العالم عن أن يُشبع نفسها وإذا بقلبها جوعان وظمآن، يطلب ريًا وراحة من جهة أمور تساوره، ولم تجد ريّها أو راحتها في قصرها الملكي، فتحملت مشاق رحلة طويلة من أقصى الأرض إلى أورشليم، لأنها سمعت بخبر سليمان ”لمجد الرب“ أو ”من جهة اسم الرب“. وجاءت أورشليم وهناك وجدت أكثر جدًا من كل ما سمعته وتوقعته. لقد شبعت روحها ورأت عيناها في كل شيء هناك ما مَلك عليها مشاعرها وملأ نفسها بفرحٍ لا يُنطق به ومجيد لأن مجد الرب كان هناك لامعًا ومُنيرًا في سليمان الذي كان ظلاً له في مدينة الملك العظيم، التي كانت ”سماء تحت السماوات“. لم يستطع العالم أن يُشبع أشواق قلبها، لكن الرب الآن ملأه فرحًا فائضًا، ورأت في هذا مكسبًا يفوق الذهب والفضة، وأفضل من طيبات الأرض كلها. وإذ أُجيب على كل مسائلها، فرحت نفسها، وارتاحت عينها إلى كل مناظر المجد ـ مجد الله ـ فقدمت ذهبها وأطيابها وحجارتها الكريمة وغنى مملكتها كذبيحة شكر متواضعة.

                            وهناك فرق بين ملكة سبا والخصي الحبشي؛ فالمسيح في المجد هو الذي استُعلن للملكة، والمسيح في نعمته وتواضعه هو الذي استُعلن للخصي. سليمان أظهر لها المَلك في جماله، وإشعياء كرز بالخروف المذبوح. ولكن لا فرق. كلاهما شبع وارتوى وفاض. إن المسيح في تدبير النعمة الحاضر ـ تدبير الخلاص المختوم بالدم ـ يعطي شبعًا وسلامًا للخاطئ. والمسيح في مظهر أمجاده المَلكية العتيدة، سيُشبع ويُبهج أُمم العالم وكل خليقة الله. هو هو المسيح، سواء كان كحَمَل الله على المذبح، أو كملك المجد على العرش. فيه شبع وكفاية للكل «مجدٌ وجلالٌ قدامه ... العز والجمال في مقدسه» ( مز 96: 6 ).

                            بللت
                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق


                            • #15
                              رد: من "طعام وتعزية" - ينـاير 2010

                              الجمعة 15 يناير 2010

                              الله صالح للكل


                              إنه يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويُمطِر على الأبرار والظالمين ( مت 5: 45 )

                              الحقيقة أننا كمؤمنين نتعلَّم الصلاح من إلهنا وأبينا. فالصلاح ليس صفة أصيلة فينا، بل هو صفة مُكتسَبة، أما هو فمتفرِّد في الصلاح كما في باقي الصفات. وهو لا يمكن أن ينقص في صلاحه عما هو عليه، ولا يمكن أن يزيد شيئًا في صلاحه. هو نبع الصلاح، ودائم الصلاح، وكُلي الصلاح، ومُطلق الصلاح.

                              ويمكن القول إن الصلاح هو نشاط إيجابي لخير الآخرين. اعتبره بعضهم أنه يعني الكَرَم والسخاء. ومن رومية5: 7 نفهم أن هناك فرقًا بين البار والصالح. فالبار هو مَن يعمل الصواب، والصالح هو الذي يعمل الخير. ويمكن أن نُشبِّه الشخص الذي يُظهر الصلاح بينبوع الماء الذي يظل يتدفق ليلاً ونهارًا بدون توقف، سواء كان هناك مَن يستحق الماء الذي يقدمه أم لا، ولذلك فإن المسيح عندما حدَّثنا عن أبينا الذي في السماوات قال: «فإنه يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويُمطر على الأبرار والظالمين» ( مت 5: 45 ). أي أنه يعطي، بغض النظر عن أي شيء آخر.

                              وعن صلاح الله المتجه نحو جميع الناس، قال عبد الرب داود: «ما أكرم رحمتك يا الله! فبنو البشر في ظل جناحيك يحتمون» ( مز 36: 7 ). بل إن صلاح الله تنعَم به كل المخلوقات. وصلاحه يجعله يتصرف بكل الجود تُجاه الجميع. ما أرق قلبه! وما أروع تعاطفه! إن الله بطبيعته يريد أن يبارك الجميع، وهو يجد لذة مقدسة في أن يُسعد خلائقه. في هذا يقول المرنم: «أعين الكل إياك تترجَّى، وأنت تعطيهم طعامهم في حينه. تفتح يدك فتُشبع كل حي رضىً» ( مز 145: 15 ، 16)، وعبارة «الكل» و«كل حي»، تتضمن كل الخلائق العاقلة وغير العاقلة أيضًا (ارجع إلى يون4: 10، 11).

                              ولأن الله صالح، فهو لا يمكن أن يقف موقف اللامُبالاة تجاه أحزان خليقته. كثيرًا ما كان هذا موقفنا نحن، لكننا نؤكد أن الله لا يجد لذة في دموع بني البشر. وإذًا فلماذا أتى ابن الله من عليائه؟ لقد أتى إلى الأرض وبكى فيها، ليجفف وإلى الأبد ينبوع دموع البشر. أتى وأثكل أمه لكي يُدخل العزاء في قلوب كل الثكالى، لقد «قُطع وليس له»، لكي يعالج جروح مَنْ فقدوا أي شيء!

                              يوسف رياض
                              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                              تعليق

                              من قاموا بقراءة الموضوع

                              تقليص

                              الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                معلومات المنتدى

                                تقليص

                                من يتصفحون هذا الموضوع

                                يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                  يعمل...
                                  X