إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من "طعام وتعزية" - مارس2010

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من "طعام وتعزية" - مارس2010

    الاثنين 1 مارس 2010

    تكلفة الخدمة (2)

    في كل شيء نُظهر أنفسنا كخدام الله. في صبرٍ كثير، في شدائد، في ضرورات، في ضيقات، في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام ( 2كو 6: 4 ، 5)

    في 2كورنثوس6: 3- 10، عندما أراد بولس أن يقدم نفسه ومَن معه «كخدام الله»، بدأ بالقول: «في صبرٍ كثير». وخيار الصبر في حدّ ذاته شاق جدًا، بصفة خاصة في عصر السرعة والإنجاز الذي نعيش فيه. فهو يتعارض مع رغبات الجسد الجامحة، ويصبح غير منطقي في عصر ما بعد عصر السرعة! أما الخدمة، ففي كلمة الله كثيرًا ما تُشبَّه بالزرع، فيه الحَرث ثم رمي البذار، ثم انتظار يصحبه توقع صابر، حتى ينمي الرب. فهل نصبر منتظرين ثمار الكلمة التي زرعناها؟ أم نطلب النتائج السريعة بغضّ النظر عن كونها حقيقية أم لا؟ هل نصبر على الآخرين، محتملين إياهم، حتى ينموا ويدركوا معاملات الله؟ أم في تعجل نحكم عليهم فنفشِّلهم؟ هل نصبر ملتمسين توقيتات الله في كل ما نعمله؟ أم نتسرع فنتصرف بحسب البشر؟

    وإذ صَبر، كان عليه أن يتحمل «شدائد .. ضرورات .. ضيقات». مرة ثانية أقول: إن هذا أمر صعب في زمن الرفاهية الذي نعيش فيه. إن التاريخ القريب يُخبرنا عن أفاضل تكبدوا الكثير من المشقات. لقد قطعوا الكيلومترات سيرًا على الأقدام أو على ظهور الدواب، حاملين أغراضهم على أكتافهم. ناموا في العَراء أو مع البهائم. ارتضوا بالقليل من كل شيء دون تذمر. قَبِلوا كل ضيق حاسبينه فرحًا. ولم يكن أمامهم إلا غرض واحد: أن يكرموا المسيح!

    بخجل أقولها: ليتنا نتعلم، فلا نطلب ما هو أكثر راحة في خدمتنا، بل نسعى لتتميمها مهما تكبدنا من مشقات.

    وعندما نصل إلى قوله: «في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعابٍ»، هل نجد بعد ذلك من تصوير لتكلفة الخدمة؟! وبالمقارنة، ألا نعترف بأنه ما أبخس التكلفة المطلوب منا أن ندفعها نحن في خدمتنا، ومع ذلك ”نفاصل“ فيها؟

    «في أسهار، في أصوام»، ولنقِّر جميعًا أننا في هذا من المقصّرين. فكم سهرنا روحيًا وفعليًا، من أجل الخدمة؟! وكم من أجلها لم نجد طعامًا، فبِتنا صائمين؟

    ومرة أخرى يؤكد بولس على التكلفة الأدبية التي قد يكون من الواجب أن ندفعها حتى لا تتعطل الخدمة «بـ.. هوان، بصيتٍ رديء .. كمُضلِّين ونحن صادقون، كمجهولين ونحن معروفون، كمائتين .. كمؤدَّبين .. كحزانى ..».

    عصام خليل
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

  • #2
    رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

    الثلاثاء 2 مارس 2010

    بقيت راحة

    إذًا بقيت راحة لشعب الله! ( عب 4: 9 )

    يا للاختلاف بين ما ستكون عليه حالة المؤمن في السماء، وبين ما هي عليه هنا. هنا هو قد وُلد للمشقة والمُعاناة، ولكن في السماء لا يوجد تعب قط. هناك يشتاق المؤمن لأن يخدم سيده ولكنه يجد أن قدرته غير متكافئة مع غرضه، ولذا فصرخته الدائمة هي: ”أعنّي لأخدمك يا إلهي“. وإذا كان نشيطًا في الخدمة فسيكون أمامه عمل كثير، ولكن ليس أكثر مما يرغب في أن يقوم به، ولو أنه أكثر كثيرًا من قدرته، ولذلك يصرخ: ”إنني لا أتعب من العمل، ولكن أتعب فيه“. ولكن آه أيها المسيحي، إن يوم التعب الحار لن يدوم إلى الأبد، والشمس قد اقتربت من الأفق وستُشرق ثانيةً بيوم أكثر لمعانًا من أي يوم رأته عيناك على الأرض. ويومذاك ستخدم سيدك ليلاً ونهارًا، ولكنك مع ذلك سترتاح من أتعابك.

    قد تجد هنا على الأرض راحة جزئية، ولكن هناك راحة كاملة. هنا لا يحصل المؤمن أبدًا على استقرار، فهو يشعر دائمًا بأنه لم يصل إلى مُبتغاه، لكن هناك سيستقر كل شيء إذ نصل إلى قمة الجبل عندما نصعد إلى حضن إلهنا، ولا يصبح هناك ما هو أعلى لنصعد إليه.

    آه، أيها العامل التاعب، فقط تذكَّر ذلك الحين حينما ترتاح إلى الأبد، أ ليس هذا بكافِ لك؟ إنها راحة أبدية، راحة ”تبقى“. هنا تحمل أفضل أفراحنا كلمة ”مائتة“ مدموغة على جبينها. هنا تتعرض زهورنا الجميلة للذبول، وتتحول كؤوسنا الشهية إلى عكارة، وتسقط عصافيرنا الحلوة بسهام الموت، وتختفي أسعد أيامنا في ظلام الليالي، وتنكسر أمواج مدّ السعادة مخلِّفة جَزر الأحزان، ولكن هناك كل شيء خالد. تظل القيثارة جديدة أبدًا، ولا يلحق الصدأ بالتاج، ولا يصيب العيون كَلَل، ولا يخفت الصوت، والقلب لن يعتريه الوَهَن. ولسوف يستغرق الوجود الأبدي بالكامل في السعادة اللامُتناهية.

    يا له من يوم سعيد! سعيد حقًا! حينما يُبتلع المائت من الحياة ويبدأ سبت الراحة الأبدي.

    ما أبهى مكانًا أُعدَ لنا زانه جمالُ شخص ربنا
    فيهِ نستريح من أتعابنا ونرى الحبيبَ مَنْ أراحنا

    سبرجن
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #3
      رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

      الأربعاء 3 مارس 2010

      البُعداء يَبيدون والزناة يهلكون


      لأنه هوذا البُعداء عنك يبيدون. تُهلك كل مَن يزني عنك ( مز 73: 27 )

      يتحدث آساف في مزمور73: 27 عن البُعداء والزناة. وهما فريقان من الأشرار، لا فريق واحد. فعندما يقول: «لأنه هوذا البُعداء عنك يبيدون»، فإنه يقصد بهم أولئك الذين أعطوا الرب القفا لا الوجه، الذين قالوا لله: «ابعُد عنا، وبمعرفة طرقك لا نُسَرّ» ( أي 21: 14 ). وهي تنصرف بالأكثر إلى الأمم الذين لا يعرفون الله، والذين مثلهم مثل «الابن الضال» الذي أخذ حصته من مال الأب، وسافر إلى كورة بعيدة، وهناك بذَّر ماله بعيشٍ مُسرف (لو15)!

      وأما عندما يقول: «تُهلك كل مَن يزني عنك»، فإنه لا يشير إلى الذين سافروا إلى الكورة البعيدة، بل الذين يقيمون مع الأب في نفس الدار. إننا هنا نرى الابن الأكبر لا الأصغر، ويقصد بهم الذين لهم معرفة صورية بالله، لكن قلبهم منصرف إلى غيره. إن فريق الزناة عن الرب هم المُعترفون بشفاههم بالرب، بينما يعطون القلب لغيره، فهذا هو الزني الروحي. إنهم الذين، رغم معرفتهم الصورية والخارجية لله، ليست لهم أية علاقة حب حقيقية معه. إنهم منحرفون عنه بقلوبهم، مع استمرار اعتراف الشفتين.

      وثمة اختلاف آخر بين العبارتين السابقتين، فهو يقول: «هوذا البُعداء عنك يبيدون»: هذا تحصيل حاصل، فهم يبيدون نظرًا لابتعادهم عن الله مصدر الحياة، الذي «به نحيا ونتحرك ونوجد» ( أع 17: 28 )، والذي قال: «مَن يجدني يجد الحياة» ( أم 8: 35 )، والذي قال له المرنم: «لأن عندك ينبوع الحياة» ( مز 36: 9 )، وقال له بطرس: «كلام الحياة الأبدية عندك» ( يو 6: 68 ). ونتيجة لكل ما سبق، فإن «البُعداء عنك» بحكم ابتعادهم عنك «يبيدون». لكنه من الجانب الآخر يقول: «تُهلك كل مَن يزني عنك»، بمعنى أن المعترفين الذين يتصرفون عكس اعترافهم، لأنهم مراؤون، سيقعون تحت يد الرب المُرعبة و«مُخيف هو الوقوع في يدي الله الحي» ( عب 10: 31 ). هؤلاء سوف يُهلكهم الرب. نعم، إنه سوف يسحقهم في يوم غضبه، بعد طول أناته وصبره عليهم.

      يمكننا أن نرى في هذه الصورة المزدوجة، الموت في صورتيه: الموت الأدبي والذي يعقبه الموت الأبدي. فالإنسان هالك لأنه ابتعد عن الله مصدر الحياة، هذا هو الموت الأدبي، أما غضب الله الذي سيمكث إلى أبد الآبدين على الأشرار، فهو يمثِّل الموت الثاني ـ الموت الأبدي.

      يوسف رياض
      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

      تعليق


      • #4
        رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

        الخميس 4 مارس 2010

        مسبية ولكن!


        كمجهولين ونحن معروفون، كمائتين وها نحن نحيا... كفقراء ونحن نُغني كثيرين، كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء ( 2كو 6: 9 ، 10)

        فتاة مسبية صغيرة، كل ما نعرفه أنها سُبيت من إسرائيل لتعمل عند مولاتها زوجة نعمان السرياني رئيس جيش أرام، والذي كان أبرصَ. وكل ما فعلته سجله الوحي المقدس في عددين ( 2مل 5: 2 ، 3)، حيث نسمعها تقول لمولاتها: «يا ليت سيدي أمام النبي الذي في السامرة، فإنه كان يشفيه من برصه». إلا أنه بوسعنا أن نخرج من هذه القصة بباقة من الدروس العملية المفيدة من هذه الفتاة الرائعة.

        فهي فتاة .. ولكن ناضجة، فرغم أن صِغَر السن يرتبط عادةً بالدوران حول الـ”أنا“، إلا أننا نراها تهتم بالآخرين حتى الأعداء! فيا للنضج المبكر!

        وهي صغيرة .. ولكن خبيرة، فرغم حداثة عمرها إلا أنها تعرف إله إسرائيل وقدرته، كما تعرف رجل الله في خدمته النبوية، وكذا محل إقامته!

        ثم هي مسبية .. ولكن حرة، فالسبي قيد ولا شك، والعمل كجارية يحِد من حريتها الخارجية تمامًا، إلا أنها من داخلها حرة. وما أكثر مَن يعملون الشر ويقولون إنهم أحرار، في حين أن واقعهم أنهم «عبيد للخطية» ( يو 8: 34 ؛ رو6: 16)، من الداخل عبيد وإن كانوا يظهرون من الخارج أحرارًا. أما هذه الفتاة فهي على العكس من ذلك، فهي تبدو خارجيًا مقيدة الحرية كجارية مسبية، إلا أنها في واقعها حرة لتُخبر عن إله شعبها، الإله الذي لا مثل له.

        وهي فقيرة .. ولكن غنية، تبدو من الخارج بلا أية ممتلكات، إلا أنها في الواقع أغنَت البيت الذي عاشت فيه غنى لا تقدر كل كنوز الدنيا أن تشتريه. لقد بَدَت وكأن لا شيء لها، في حين أنها كانت تمتلك «كل شيء»؛ الله نفسه لحسابها!

        وهي كذلك محزونة .. ولكن فَرِحة؛ بكل يقين ظروفها محزنة إلا أن بشارتها المُفرحة لمولاتها تعبِّر عن نفس تفرح لا بالظروف، بل بالله الذي هو فوق كل الظروف.

        وهي أيضًا مكسورة .. ولكن واثقة. إن التغرب عن الأهل والوطن، والعمل كجارية يكسر أقوى النفوس، إلا أنها بثقة في إلهها تقول: «فإنه كان يشفيه»، وليس ”ربما يشفيه“. وهذه، كما نعرف، أول حالة شفاء من البرص نقرأ عنها في كل الكتاب المقدس.

        وأخيرًا هي مجهولة .. ولكن مؤثرة. فنحن ـ إلى الآن ـ لا نعرف اسمها، والعالم بكل يقين لم يُقِم لها وزنًا، إلا أن تأثيرها، في سيرتها وفي شهادتها كان رائعًا. ليتنا جميعًا نحيا كذلك!

        إسحق إيليا
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #5
          رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

          الجمعة 5 مارس 2010

          يهديني إلى سُبل البر


          لا تخف! من الآن تكون تصطاد الناس! ( لو 5: 10 ) وأنت متى رجعت ثبِّت إخوتك ( لو 22: 32 )
          أ تحبني؟ ... ارعَ خرافي ... ارعَ غنمي ( يو 21: 15 - 17)

          ربما البعض يقول لنا إنه إذا سقط إنسان فلا يمكن أن يسترد مركزه، ومما لا شك فيه أننا أمام العدل يجب أن نحصد ما نزرع، ولكن النعمة هي شيء خلاف ذلك، فالعدل قد طرد آدم من الجنة ولم يُرجعه إليها بتاتًا، ولكن النعمة نادت بنسل المرأة المنتصر. العدل منع موسى من دخول كنعان، ولكن النعمة قادته إلى رأس الفسجة. العدل سلَّط سيفًا مسلولاً باستمرار على بيت داود، ولكن النعمة جعلت من ابن بثشبع أحكم وأغنى ملك من ملوك إسرائيل. ويجب أن لا يغرب عن ذهننا هذا الفرق، فالخلط بين العدل والنعمة معناه ارتكاب غلطة خطيرة للغاية حقًا.

          وبالنسبة لِما حدث مع سمعان بطرس بعد إنكاره المُشين لسيده وقت المحاكمة، فنحن لا نراه فقط راجعًا إلى عمله الذي دُعيَ له أولاً ليكون صيادًا للناس، ولكن إلى شيء أسمى وأعظم، لأن «ارعَ خرافي ... ارعَ غنمي» كانت المأمورية الجديدة التي كُلِّف بها ذلك الشخص الذي أنكر سيده بحَلف. أَ ليس هذا شيء أعظم من ”اصطياد الناس“؟ «وأنتَ متى رجعت ثبِّت إخوتك» ( لو 22: 32 )، هل يوجد شيء في طريق الخدمة أسمى من رعاية الغنم وإطعام الخراف وتثبيت الإخوة؟!

          إنه لا يوجد شيء في هذا العالم أقرب وأعز لقلب ربنا يسوع من غنمه ومن خرافه ومن إخوته، ومن ثم لم يكن في إمكانه أن يعطي سمعان بطرس برهانًا على ثقته فيه أقوى وأشد تأثيرًا من استيداعه أعز أغراض قلبه الرءوف ومحبته العميقة.

          ولاحظ بعد ذلك الكلمات الختامية لبطرس: «الحق الحق أقول لك: لما كنت أكثر حداثةً كنت تُمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء؛ ولكن متى شخت فإنكَ تمد يديك وآخر يُمنطقك، ويحملك حيث لا تشاء. قال هذا مُشيرًا إلى أية مِيتة كان مزمعًا أن يمجد الله بها. ولما قال هذا، قال له: اتبعني» ( يو 21: 18 ، 19). ما أعظم وأمجد هذه الكلمات، مَن يستطيع أن يسبِر غورها ويقيس قوتها وأهميتها؟ وأي فرق بين سمعان وهو «أكثر حداثةً» نشطًا متهورًا، كثير الغَلَط، مفتخرًا واثقًا بذاته، وبين بطرس «شيخًا» خاضعًا وديعًا، مُسالمًا مصلوبًا! وأي فرق بين رجل يمشي حيث يشاء، وبين رجل يتبع سيده مرفوضًا في طريق الصليب المُظلمة الضيقة التي تؤدي إلى المجد الأبدي.

          ماكنتوش
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #6
            رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

            السبت 6 مارس 2010

            الشركة مع الحبيب


            ها أنتَ جميلٌ يا حبيبي وحلوٌ، وسريرنا أخضر. جوائز بيتنا أرزٌ، وروافدنا سروٌ ( نش 1: 16 ، 17)

            «وسريرنا أخضر» ألا نرى في السرير رمزًا جميلاً للشركة الهادئة مع ربنا المبارك، وراحة النفس الناشئة عن الوجود في القُرب منه بمعزل عن ضجيج العالم «تعالوا أنتم منفردين إلى موضعٍ خلاءٍ واستريحوا قليلاً» ( مر 6: 31 ). هذه هي الراحة الصحيحة التي نستطيع أن نَظفَر بها في عالم البؤس والشقاء، وما أحلى وأشهى الثمار التي تتمتع بها النفس الرابضة في حضرة الراعي المبارك، وهذا ما تُشير إليه العروس بقولها ”سريرنا أخضر“. إنه في «مراعٍ خُضرٍ يُربضني. إلى مياه الراحة يوردني» ( مز 23: 2 ).

            حقًا ما أجملك وما أحلاك أيها العريس المحبوب والراعي الصالح. هبنا أن نوجد في شركة دائمة معك فنشبع بك وبمراعيك الدسمة ونرتوي من مياهك العذبة.

            ثم لنلاحظ قول العروس «سريرنا»، فهي لا تقول ”سريري“ لأنها لا تستطيع أن تتمتع بهدوء وهناء، ولا براحة وسلام بدونه. كما أنها لا تقول ”سريرك“ ليقينها بأن سروره ولذّته في تمتع النفس به وتمتعه هو بالنفس «لذاتي مع بني آدم» ( أم 8: 31 )، ولكنها تقول «سريرنا» لأن قُربنا من الرب وشركتنا معه تنشئ سرورًا مُتبادلاً وشبعًا مشتركًا بيننا وبينه «أتعشى معه وهو معي» ( رؤ 3: 20 ).

            «جوائز بيتنا أرزٌ وروافدنا سروٌ» .. الأرز الذي كان يؤتى به من جبال لبنان الشامخة، هو أقوى وأمتن الأخشاب، وفي هذا نرى أن علاقة الرب بشعبه المحبوب الذي اشتراه لنفسه، علاقة متينة وثابتة لا يمكن أن تؤثر فيها عوامل الحياة المتقلبة «وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى16: 18). وتبارك اسم إلهنا الذي أعطانا أيضًا ميراثًا لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، ونحن محفوظون بقوته لهذا الميراث عينه.

            أما السرو فهو رمز البهجة والجمال، فآلات الطَرب والغناء كانت تُعمل من خشب السرو ( 2صم 6: 5 )، هذا فضلاً عن أنه خشب مشهور برائحته الذكية، فنحن في حالة الشركة مع الرب داخل المقادس، نستنشق رائحة السرو ونستمتع بنغمات آلاته المُبهجة «أمامك شبع سرور» ( مز 16: 11 ).

            إن الأرز رمز الجلال والعظمة، والسرو رمز البهجة والبهاء «الجلال والبهاء أمامه. العزَّة والبهجة في مكانهِ» ( 1أخ 16: 27 ).

            متى بهنام
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #7
              رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

              الأحد 7 مارس 2010

              بماذا أعلم أني أرثها؟


              فقال (أبرام): أيها السيد الرب، بماذا أعلم أني أرثها؟ فقال له: خُذ لي عِجلة ثُلاثية، وعنزة ثُلاثية، وكبشًا ثُلاثيًا، ويمامة وحمامة ( تك 15: 8 ، 9)

              في تكوين15 يسأل أبرام قائلاً: «أيها السيد الرب، ماذا تعطيني وأنا ماضٍ عقيمًا، ومالك بيتي هو أليعازر الدمشقي؟». وجواب هذا السؤال نجده في رومية8: 32 «الذي لم يُشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يَهَبنا أيضًا معه كل شيء؟».

              ولأن المسيح، تبارك اسمه، هو جواب الله على كل سؤال، فإزاء سؤال أبرام لله: «بماذا أعلم أني أرثها؟»، كان المسيح في ذبيحته هو جواب الله على هذا السؤال، فقال الرب لأبرام: «خُذ لي»، وليس ”خُذ لك“ «عجلة ثُلاثية، وعنزة ثُلاثية، وكبشًا ثُلاثيًا، ويمامة وحمامة»:

              عِجلة ثُلاثية: فالثور يُشير إلى المسيح الخادم والعامل بصبر «لا تَكُم ثورًا دَارِسًا» ( 1كو 9: 9 ). والمسيح جاء لا لكي يُخدَم، بل لكي يَخدِم ويبذل نفسه فديةً عن كثيرين ( مر 10: 45 ). أما كونها أُنثى، فهذا إشارة إلى الخضوع «أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُرِرت» (مز40).

              عنزة ثُلاثية: الأنثى أيضًا رمز للخضوع. أما الجِداء فصورة للخطاة ( مت 25: 33 ، 41). والمسيح أخذ مكان الخطاة «البار من أجل الأثمة، لكي يقرِّبنا إلى الله» ( 1بط 3: 18 ).

              كبشًا ثُلاثيًا: وليس حَمَلاً ـ أي كامل النضوج. والذَكَر يُشير إلى القوة. وفي تكوين22: 13 نقرأ عن «كبشٌ مُمسَكًا في الغابة بقرنيه»؛ صورة للخضوع ولكنه خضوع القوة. لقد خضع بمحض إرادته «ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطانٌ أن أضعَها ولي سلطان أن آخذها أيضًا» ( يو 10: 18 ).

              يمامة وحمامة: صورة للمسيح السماوي: «الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع» ( يو 3: 31 ). ونلاحظ أنه في الذبائح السابقة تحدد السن بثلاث سنين، إشارة للمسيح كإنسان، أما كونه السماوي (الطيور) فلا بداءة أيام له ولا نهاية حياة. والمسيح كإنسان كانت له سلسلة نَسَب، أما باعتباره السماوي ابن الله، فإن «مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل» ( مي 5: 2 ).

              «فنزلت الجوارح على الجُثث، وكان أبرام يزجرها». والجوارح تُشير إلى الشيطان الذي يريد أن ينال من عمل المسيح بالتعاليم الشريرة الفاسدة. وكان أبرام يزجر الطيور، حارسًا الذبيحة من أن تُمتهن كرامتها مثل بولس الذي قال «لأني موضوع لحماية الإنجيل» ( في 1: 17 ). فقد كان الرسول جنديًا جسورًا في الدفاع عن الحق، وليتنا نحن أيضًا نكون كذلك.

              فهد حبيب
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #8
                رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                الاثنين 8 مارس 2010

                تكلفة الخدمة (3)


                وأما أنا فبكل سرور أُنفِق وأُنفَق لأجل أنفسكم، وإن كنت كلما أُحبكم أكثر أُحَب أقل! ( 2كو 12: 15 )

                عندما أراد الرسول بولس أن يفارق ويباين بين خدمته وخدمة الرُسل الكَذَبة ( 2كو 11: 23 - 33)، فنَّد ادعاءهم هكذا: «أَ هُم خدام المسيح؟ أقول كمختل العقل، فأنا أفضل». ولعلنا كنا نتوقع أن يُسهِب في دفاع عن رسوليته كما سبق وفعل، لكنه يفاجئنا بالقول إن ما أكسبه الأفضلية هو أنه «في الأتعاب أكثر»!! هذه علامة الخدمة الحقّة، فبحق أن ”الخدمة التي لا تتعب، تلعب“!

                ولقد كان دليل الأتعاب الدامغ أنه «في الضربات أوفر، في السجون أكثر، في الميتات مرارًا كثيرة ... خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة .. ضُربت بالعصي .. رُجمت .. انكسرت بي السفينة، بأخطار في المدينة، بأخطار في البرية، بأخطار في البحر. بأخطار من إخوة كَذَبة. في تعبٍ وكدٍّ .. عدا ما هو دون ذلك: التراكم عليَّ كل يوم، الاهتمام بجميع الكنائس. مَن يضعف وأنا لا أضعف؟ مَن يعثر وأنا لا ألتهب؟». يا لها من قائمة مشحونة بالأتعاب! ولنقف بتقدير أمام هذا الختم العجيب: «الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي هو مبارك إلى الأبد، يعلم أني لست أكذب».

                ثم، وكما نرى في أعمال20، لقد تميزت خدمته بـ «دموع كثيرة»، لا لأجل أموره وصحته المُعتلة واحتياجاته الشخصية المُلِحّة، بل يقول: «لم أفتُر عن أن أُنذر بدموع كل واحدٍ». لقد شارك الذي كانت عيناه «ينبوع دموع»، فبكى الهالكين ( في 3: 18 )، وكذا بكى من أجل القديسين ( 2كو 2: 4 ) .. فليت عيوننا تدمع معه!

                بالجملة؛ يمكننا أن نرى فلسفة العطاء في الخدمة عند بولس في القول: «وأما أنا فبكل سرور أُنفِق وأُنفَق لأجل أنفسكم» ( 2كو 12: 15 ). «أُنفِق» فلم يكن يضِن بمال أو مقتنى من أجل الخدمة، ولم يرضَ أن يثقل على الكورنثيين الميسوري الحال، ولم يطمع فيهم. ثم يقول: «وأُنفَق»، فلقد كان على استعداد أن يُنفق الصحة والطاقة، بل والعمر كله، من أجل أولئك الذين قال عنهم: «وإن كنت كلما أُحبكم أكثر أُحَب أقل!».

                آه يا رب .. زِد غلاوتك على قلوبنا، فنسترخص الكل، المال والحياة، ولا يبقى غالٍ في سبيل إرضائك.

                عصام خليل
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #9
                  رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                  الثلاثاء 9 مارس 2010

                  تحريك العش


                  كما يحرِّك النسر عُشه وعلى فِراخه يَرِف، ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها على مناكبه، هكذا الرب وحده اقتاده وليس معه إلهٌ أجنبي ( تث 32: 11 ، 12)

                  في ذلك النشيد الخالد الذي اختتم به موسى حديثه لشعبه، يحملنا الخيال على أجنحة الريح لنقف بجانب عش أحد النسور في قمم الجبال الشامخة، حيث نجد مفتاحًا لإدراك طرق معاملة الله للإنسان. عندما تكبر فراخ النسر، ويكون في استطاعتها الطيران، تلازم عُشها، ولا تتجاسر أن تزج بنفسها في الجو الذي لم تختبره بعد، ولا تثق في أجنحتها. ولكنها يجب أن تتعلم الطيران. هنالك سعادة وأمجاد تنتظرها في الفضاء الفسيح المترامي الأطراف لا تُقاس بجانبها سعادة العش الخشن الذي نشأت فيه، لذلك يحرك النسر عُشه فيدفعها منه.

                  ويا له من رُعب لا مزيد عليه يملأ قلب النسور إذ ترى ذلك العش قد تهدَّم، وتتوهم أنها ـ وقد أُلقيَ بها في الجو ـ قد أصبح مصيرها الهلاك المُحقق. ولكنها عندما ترى الهواء قد حملها على أجنحته، وعندما تختبر عمليًا لذة حرية الطيران وسعادته، تحس بأنها مَدِينة بالشكر الذي لا يُعبَّر عنه نحو الأب الذي لم يحجم عن تلك العملية المُزعجة، والذي يظل مُلازمًا فراخه بجانبها مستعدًا لأن يحملها لو خانتها قواها، ويرفعها إلى فوق. وهنالك في كَبد السماء يتركها ثانيةً ثم يتلقاها مرةً أخرى، وهكذا في كل مرة تزداد فراخ النسر ثقة بنفسها كما تزداد قوة وتتفتق موهبة الطيران التي كانت لا تحس بها وهي مُلازمة لعُشها.

                  هذا مَثَل جميل يمثل الحياة البشرية. فإننا جميعًا نميل إلى مُلازمة العش القديم، الموطن القديم الذي وُلدنا فيه، الأشخاص الأعزاء المُخلصين الذين يستطيعون حمايتنا والدفاع عنا، المكان الذي أصبحنا فيه معروفين، الوجوه التي اعتدنا رؤيتها.

                  على أن محبة الله العظيمة قد ادخرت لنا أمورًا أفضل. فهو يعلم أن هناك مرتفعات ومنخفضات لا نعرفها حتى نخرج إليها. قد تشتد آلام وفزع تلك اللحظة التي فيها يتحرك العش، والتي عندها نجد أنفسنا قد دُفعنا إلى وَسَط غريب وأصبحت حياتنا كأنها مُعلَّقة في الفضاء، ولكن تلك الآلام لا تُقاس بالمجد الذي يُعلَن لنا في الحال «وأما مُنتظرو الرب فيجددون قوة، يرفعون أجنحة كالنسور» ( إش 40: 31 ). إن اليد التي ثُقبت بالمسامير، هي التي تحطم عش الماضي، وتومئ إليك مُشيرة إلى الحقائق المباركة التي لم تختبرها، والتي تنتظرك.

                  ف.ب. ماير
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #10
                    رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                    الأربعاء 10 مارس 2010

                    ولا أنا أدينكِ


                    قال لها: يا امرأة، أين هم أولئك المُشتكون عليكِ؟ أمَا دَانكِ أحدٌ؟ فقالت: لا أحد، يا سيد! فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك، اذهبي ولا تخطئي أيضًا ( يو 8: 10 ، 11)

                    لقد بقيَ يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط كما أقامها الشامتون بها. وقد يقول العقل البشري: إذا كانت فرقة المشتكين قد وجدت مهربًا، فقد كان أجدر بهذه المرأة أن تبارح ”الأرض المقدسة“، لكن لسان حالها هو: ”إلى مَن أذهب؟ أنت سترٌ لي“.

                    «فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحدًا سوى المرأة، قال لها: يا امرأة، أين هم أولئك المُشتكون عليكِ؟» «أين هم؟» وهم المشكو في حقهم إذ أرادوا أن يحرجوا سيد موسى وإله جبل سيناء؟ وقد ألفت نظري أن هذا الأصحاح يبدأ بالحكم بالرجم بالحجارة على المرأة الساقطة، وينتهي بالشروع في الرجم بالحجارة ضد المسيح!! ( يو 8: 5 ، 59).

                    «أما دانك أحدٌ؟» ومَن ذا الذي أعطاه الآب أن يدين؟ إن الآب أعطى كل أنواع الدينونة للابن ( يو 5: 22 ). وكأن الرب أراد أن يُعلن للمرأة أن الدينونة عمل قاصر على شخصه الكريم، غير أن الآب «لم يرسل ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلُص به العالم» ( يو 3: 17 ). فليس الآن وقت الإدانة «ولا أنا أدينك»، ولكن احترسي أن تقفي أمام عرش الدينونة العظيم الأبيض إذا استمررتِ في خطاياكِ «اذهبي ولا تخطئي أيضًا (فيما بعد)». نفس التعبير الذي نطق به السيد في مسامع مُقعد بيت حسدا «ها أنت قد برئت، فلا تخطئ أيضًا (فيما بعد)، لئلا يكون لكِ أشر»، إذ تقف عريانًا أمام العرش العظيم الأبيض يومئذٍ. وأرجو ألا يحسب القارئ أن الرب أعطاها قرارًا رسميًا بالغفران أو الخلاص، وإنما تنازل وأمهلها حتى لا تعود إلى السيرة الأولى. فالغفران ثمرة الإيمان بشخصه الكريم كما حدث مع السامرية، وكذلك المرأة التي كانت خاطئة إذ قال لها: «إيمانك قد خلَّصك. اذهبي بسلام» ( لو 7: 50 ).

                    وأريد أن أقف قليلاً عند لفظ خرج من فم المرأة. أولئك الأدعياء وجهوا حديثهم إلى معلِّم «يا معلِّم»، أما هي فنادت مُبرئها، لا مُبررها، «لا أحد، يا سيد!». إذ كان في نظرها ليس مجرد إنسان، بل هو «السيد».

                    يا لجمال ألطافك يا سيدنا، يا مَنْ تكشف ذاتك للخاطئ المعترف بأحقيته للإدانة: «لا أحد، يا سيد!» فأنت وحدك «السيد» الجدير بالخضوع والوقار، في حين أن أولئك جاءوا إليه كمَن هو «المعلِّم». وهذا هو الفارق بين مَنْ يرى النور فيسير في هُداه، وبين مَنْ لم يرَ النور فيسير في عماه.

                    أديب يسى
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #11
                      رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                      الخميس 11 مارس 2010

                      بولس الرسول ونظرة للماضي


                      فإني أنا الآن أُسكب سَكيبًا، ووقت انحلالي قد حَضَر. قد جاهدت الجهاد الحَسَن، أكملت السعي، حفظت الإيمان ( 2تي 4: 6 ، 7)

                      إذ أوشكت حياة الرسول بولس على النهاية، نظر نظرة شاملة لحياة عاشها للمسيح، وأعطى تقريرًا ما أحلاه، فقال:

                      * «قد جاهدت الجهاد الحَسَن»

                      (I have combated the good combat )، فلقد شبَّه حياته الروحية بمعركة أو مصارعة، واعتبر نفسه جنديًا أو مُصارعًا، وفي نهاية المعركة قرر أنه أبلى حسنًا. لقد كان بولس في جهاده ضابطًا نفسه في كل شيء. لم يكن له غرض إلا أن يُرضي مَن جنَّده. ولاحظ أنه لم يَقُل: ”جاهدت جهادًا حسنًا“ بل «الجهاد الحَسَن»، فهو لم يُرِد لفت الأنظار إلى جهاده الشخصي، بل إلى الجهاد المسيحي الذي ينبغي على كل تقي أن يحياه، فيقول لمؤمني فيلبي: «إذ لكم الجهاد عينُه الذي رأيتموه فيَّ، والآن تسمعون فيَّ» ( في 1: 30 )، ويقول لابنه تيموثاوس: «جاهِد جهاد الإيمان الحَسَن» ( 1تي 6: 12 ).

                      * «أكملت السعي» (I have finished the race)، هذه المرة شبَّه الحياة الروحية بسباق، واعتبر نفسه متسابقًا أو عدَّاءً. من أعمال9: 15، 16 بدأ بولس سعيه، واستمر مواصلاً سعيه بكل قوة، حسب قوله: «ولكنني لستُ أحتسبُ لشيءٍ ولا نفسي ثمينة عندي حتى أُتمم بفرحٍ سعيي» ( أع 20: 24 )، وقوله أيضًا: «أسعى نحو الغرض، لأجل جعالة دعوة الله العُليا في المسيح يسوع» ( في 3: 14 ). ولم يكن طريقه سهلاً، بل كان وعرًا مليئًا بالمصاعب، لكنه تخطى جميع المعوقات حتى وصل لنهاية السباق. وما كان في ماضيه غايةً وهدفًا، أصبح في حاضره حقيقة وواقعًا.

                      * «حفظتُ الإيمان» (I have kept the faith )، هنا يشبِّه بولس حقائق الإيمان التي وصلت إليه بالوديعة، مُعتبرًا نفسه كالحارس على هذه الوديعة. ولقد حفظ بولس الوديعة، إذ كان له كل الحرص على أن يقدم للآخرين الحق كاملاً، مُدافعًا بكل قوة ضد أي تعاليم مُضللة، متخذًا موقف المُحاماة عن الإنجيل. ولقد سلَّم الوديعة للأمناء كما تسلمَّها. لاحظ قوله لتيموثاوس: «احفظ الوديعة» ( 1تي 6: 20 ؛ 2تي1: 14)، وقوله أيضًا: «وما سمعته مني بشهودٍ كثيرين، أَودعِهُ أُناسًا أُمناء، يكونون أكفَاءً أن يعلِّموا آخرين أيضًا» ( 2تي 2: 2 ). ومن ناحية أخرى عاش عمليًا ما كان ينادي به من حقائق. ليتنا جميعًا هكذا!

                      عادل حبيب
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #12
                        رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                        الجمعة 12 مارس 2010

                        صلاح الله في معاملاته


                        احمدوا الرب لأنه صالح، لأن إلى الأبد رحمته ( مز 107: 1 )

                        إن صلاح الله يكمن خلف كل بركاته الدائمة لنا. إننا نلمسه في تعامله اليومي معنا. الطبيعة من حولنا تنطق به، والتاريخ يشهد له، واختباراتنا تؤيده، وكلمته تُعلنه.

                        قال أحدهم: ”إن عطايا الله لشعبه هي أسمى كل العطايا. فمن جهة التنوّع: هي الأكثر، ومن جهة الكمية: هي الأوفر، ومن جهة النوعية: هي الأفضل، ومن جهة الاستمرارية: هي الأضمن، ومن جهة تاريخ الصلاحية: هي أبدية!“

                        في مزمور107 يكرر المرنم أربع مرات حمد الرب على صلاح معاملاته مع البشر في ظروف الحياة المتنوعة: فيذكر لنا شخصًا ضلَّ وتاه، لا مؤونة معه، وأصبح على وشك الإعياء والهلاك، ثم يصرخ إلى الرب فينجيه، أَ لم يحدث معك عزيزي القارئ شيء مُشابه؟ إن هذا من صلاح الله معك! وآخر موثق بالذل والحديد، في ورطة لا مَخرَج منها، وغير مأمول خلاصه من سجنه هذا، يصرخ إلى الرب فينجيه الرب. أَ ليس هذا من مُطلق صلاح الرب؟ وآخر على فراش المرض، الذي تحوَّل له إلى فراش الموت. يأَسَ البشر من حاله، وعَجَزَ الطب عن علاجه، ولكن الرب يتحنن عليه ويرحمه. أَ ليس هذا أيضًا من صلاح الله؟ وفريق رابع في وسط البحر، وقد داهمتهم العاصفة الهوجاء، فابتُلعت كل حكمتهم، وبات هلاكهم وشيكًا، ولكنهم صرخوا للرب فأنقذهم. أَ ليس هذا أيضًا من صلاحه؟ ثم يختم المزمور بمفارقة بين الإنسان الطبيعي الذي لا يقدِّر مُعاملات الله هذه، والمؤمن الحكيم الذي يرى يد الله في كل شيء، فيقول: «مَن كان حكيمًا يحفظ هذا، ويتعقَّل مراحم الرب» ( مز 107: 43 ).

                        لنكن حكماء إذًا. ودعنا نقتنع قلبيًا أن كل يوم جديد في عمرنا، وكل ليلة نوم هادئة، وكل وجبة نتناولها، وكل دقيقة من الصحة والأمان في حياتنا، وكل حركة نتحركها، بل كل نَفَس طبيعي نتنفَّسه، إنما هي جميعها من كَرَم الرب ومن جوده.

                        قال إرميا: «إنه من إحسانات الرب أننا لم نفنَ، لأن مراحمه لا تزول. هي جديدةٌ في كل صباح. كثيرةٌ أمانتُك» ( مرا 3: 22 ، 23). أما عبد الرب أيوب، وهو في مرضه المُذل، الذي أصابه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، فقد قال للرب: «منحتني حياةً ورحمةً، وحفظت عنايتك روحي» ( أي 10: 12 ). فكم بالأحرى يجدر بنا أن نقولها يوميًا، وأن نقولها من كل قلوبنا!

                        يوسف رياض
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #13
                          رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                          السبت 13 مارس 2010

                          الكتاب المقدس


                          ما أحلى قولك لحَنَكي! أَحلى من العسل لفمي ( مز 119: 103 )

                          جديرٌ بنا ألاّ نتناول الكتاب المقدس إلا والإحساس يغمرنا بكل التوقير وعِرفان الجميل. وهنا تحضرني كلمات لقديس فاضل: ”الكتاب المقدس هو السماوات المفتوحة تتحدث على الأرض، فيه نسمع صوت الله الحي“. وفي ساعة احتضاره قال هذا القديس عينه: ”عندما أدخل العالم غير المنظور ذلك، فإني لا أتوقع أن أجد الأمور هناك مختلفة عما حدثتني به كلمة الله بشأن ذلك العالم، فالصوت الذي سوف أسمعه هو الصوت عينه الذي يهمس في أذني على الأرض، ويومئذٍ سأصيح في هتاف: هذا فعلاً ما قاله الله لي، وكم أنا شاكر لأنني لم أنتظر حتى أرى فأؤمن“.

                          عندما نقرأ الكتاب ينبغي أن ندنو منه كما لو كنا ندنو إلى الأقداس في رهبة وإجلال، بذهن غير موزَّع، بجد يغلفه الحب، بقلب رَحب ساجد. وكم ينبغي أن نكون شاكرين من أجل هذا الإعلان، من أجل ملئِه وبساطته، من أجل الحقائق الخطيرة التي يبسطها، من أجل المشورات الدقيقة التي يحتويها، من أجل التعليم والتعزية، من أجل تاريخ الماضي، ونبوءة المستقبل، قدوة القديسين، وتنُّوع اختبارات أولاد الله وتدريباتهم.

                          لو أن ملاكًا من السماء ظل في خدمة عرش الله آلافًا وآلافًا من السنين، ونزل إلى الأرض ليُقيم بيننا، وأراد أن يُبلّغنا أو يوصّل إلينا قدرًا من كنوز معرفته بالأمور الإلهية، كم يكون شوقنا وشغَفنا للسعي إلى صُحبته! وكم نكون جادين في اختزان أقواله! لكن الكتاب المقدس خير من ذلك الرسول السماوي، فهو مُعطَى من الله نفسه، وهو تعالى أفضل وأكمل مُعلِّم. إن الله في مُطلق حكمته قد أعد كل ما من شأنه مواجهة أعوازنا ومواقفنا المتنوعة في هذا العالم، فأعلن لنا ما تشتهي الملائكة أن تطلع عليه، وأي شيء ـ يا تُرى ـ أكرم من لغته وأقواله التي أعلنت أفكار قلبه ومقاصده الكريمة الطيبة؟ ينبغي أن نفتح الكتاب بأكثر ما لدينا من عِرفان الجميل، فإن في دفتيه كنزًا لا يُقوَّم. «كم أحببت شريعتك! اليوم كله هي لَهجي» ( مز 119: 97 )، «أشهى من الذهب والإبريز الكثير، وأحلى من العسل وقطر الشهاد» ( مز 19: 10 ).

                          بكلِّ قلبي طالبٌ وَجهكَ يا كريمْ
                          فاهدِ طريقي دائمًا في حقك القويمْ

                          أدولف سفير
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #14
                            رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                            الأحد 14 مارس 2010

                            المحبة الفادية


                            ليُقبِّلني بقُبلات فمهِ، لأن حُبك أطيب من الخمر ( نش 1: 2 )

                            سمَن هو هذا الذي تطلب منه العروس أن يقبِّلها، أ ليس هو الرب يهوه ـ الله؟ نعم، إنه هو بلا شك، كما إنه أيضًا الإنسان يسوع المسيح.

                            والقُبلة هي علامة المُصالحة، وهوذا العروس تطلب إليه أن يُقبِّلها، فهي أدركت أنه ـ تبارك اسمه ـ هو «الوسيط المُصالح». نعم، إن العداوة أتت من جانب الإنسان، فقد كنا «قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر، في الأعمال الشريرة» ( كو 1: 21 )، أما المُصالحة فقد أتمها الله بتقديمه ابن محبته للموت نيابةً عنا «... فقد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت، ليُحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه» ( كو 1: 21 ، 22). وإن صليب ربنا يسوع المسيح، والحجاب الذي شُق من فوق إلى أسفل، والحربة التي طُعن بها سيدنا في جنبه الطاهر، هذه كلها تُعلن بكل وضوح هاتين الحقيقتين: العداوة من جانب الإنسان، والمحبة والمُصالحة من جانب الله بواسطة موت ربنا يسوع المسيح ( 2كو 5: 18 - 21؛ أف2: 13- 16).

                            لقد كانت لغة العداوة من ناحية الإنسان «اصلبه .. اصلبه»، ولكن كان جواب المسيح على تلك العداوة: «يا أبتاه اغفر لهم». وقد وضحت عداوة القلب البشري وبُغضته في الحربة التي طُعن بها جنب المسيح، فجاوبت محبته ـ له المجد ـ على تلك البُغضة «بالدم والماء» اللذين خرجا من جنبه. حقًا ما أردأ وأبشع القلب البشري، وما أعجب محبتك يا سيدنا! هبنا أن ننمو في معرفتك وفي معرفة محبتك «الفائقة المعرفة».

                            وهناك أمر آخر جدير بالملاحظة، وهو أن العروس لا تطلب قُبلة واحدة ولا قُبلات كثيرة من فمه، بل «قُبلات فمه»، أي كل قُبلات فمه. والمؤمن الذي ذاق حلاوة النعمة، يريد أن يتمتع في كل حين بكل محبة العريس، ويمتلكه، ويخصصه لنفسه. يريده هو وليس سواه.

                            هكذا كانت حالة المجدلية عند قبر السيد، فقد قالت له عندما ظنت أنه البستاني: «يا سَيِّدُ، إن كنت قد حملته فقُل لي أين وضعته، وأنا آخذه» ( يو 20: 15 ). فقد اعتبرت أنه له المجد ملكها وحدها دون سواها، وأن من حقها أن تأخذه. أَوَ ليس هذا هو التكريس بمعناه الصحيح؟ أَوَ ليس هذا ما يعوز المؤمنين الحقيقيين في أيام الهُزال الروحي التي نعيش فيها؟

                            متى بهنام
                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق


                            • #15
                              رد: من "طعام وتعزية" - مارس2010

                              الاثنين 15 مارس 2010

                              كسفراء عن المسيح

                              إذًا نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله ( 2كو 5: 20 )

                              كنا قد دُعينا ـ زوجتي وأنا ـ إلى حفل مدارس الأحد، ثم بعد انتهاء الحفل، وفي طريق عودتنا، دخلنا مطعمًا جديدًا لتناول الغذاء. وعند دخولنا سلَّمنا أحد المسؤولين بطاقة استبيان مكتوب فيها: ”من فضلك أخبرنا كيف نقدم خدمة أفضل“.

                              أثناء تناولي الطعام أخذت أفكر في السلبيات، ثم بدأت الكتابة: الخدمة بطيئة إلى حدٍ ما، الطعام ليس ساخنًا بالدرجة الكافية، طريقة التقديم ليست على أرقى مستوى .. وهكذا.

                              لكن عندما جاءت المضيّفة بادرتني بالسؤال: ”هل حقًا أنت تحب الرب يسوع؟“. وكأنها بهذا السؤال قد جردتني من كل أسلحتي، فأجبت على الفور: ”بالطبع، ولكن لماذا تسأليني هذا السؤال؟“.

                              بابتسامة رقيقة أشارت إلى حليةٍ صغيرة مُثبَّتة بمعطفي، مكتوبٌ عليها: ”أحب الرب يسوع“ كان المسؤول عن مدارس الأحد قد أهدى هذه الحلية الصغيرة لكل منا، كهدية تذكارية من مدارس الأحد. والآن، ونحن في طريقنا إلى المنزل، تفعل هذه الحلية الصغيرة فعلها، وتقدم شهادتها.

                              وضعت ورقة الشكوى جانبًا، وسألتها: ”وأنتِ، هل تحبين الرب يسوع؟“ .. أجابت، وابتسامتها المُشرقة تملأ وجهها: ”نعم أُحبه“، ثم أضافت: ولكنني حديثة العهد بهذه الوظيفة، ولذلك تصدر مني أخطاء كثيرة، ولذلك فقد كنت أشعر هذا الصباح بالضيق والإحباط، ولكن شكرًا لك، لقد تشجعت جدًا بهذه الكلمات الثلاث، فالرب يحبني، وأنا أحبه، وفي هذا منتهى سروري وسعادتي.

                              هل قدمت ورقة الشكوى؟ كلا بالطبع، فقد كان هناك حديثًا رائعًا مُشجعًا بين ثلاثتنا، يدور حول حبيبنا وربنا يسوع المسيح. وبعد عودتنا تذكرت أننا ما كنا لنبدأ الحديث المشجع لولا هذه الحلية الصغيرة، وشعرت بكَمّ التقصير الهائل في تطبيق الآية التي في مطلع مقالنا: «إذًا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا». ليت هذا يكون شعارنا عندما نقوم بأي عمل، عندما نكون في أي مكان، عندما نضطلع بأية مهمة. وإن كان ذهننا مشغولاً بالرب، فالحديث عنه سيكون سهلاً، والمدخل إلى الحديث سيكون بسيطًا وميسورًا.

                              أخي: لا تنسَ أبدًا ـ أينما كنت ـ أنك سفير عن المسيح كأن الله يعظُ بك، فلا تتنحى عن سفارتك أبدًا.

                              لاري أوندريجاك
                              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                              تعليق

                              من قاموا بقراءة الموضوع

                              تقليص

                              الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                معلومات المنتدى

                                تقليص

                                من يتصفحون هذا الموضوع

                                يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                  يعمل...
                                  X