إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

    الأربعاء 1 سبتمبر 2010

    وليمة المرأة الخاطئة


    جاءت بقارورة طيبٍ... وابتدأت تبلُّ قدميه بالدموع، وكانت تمسحهما بشعر رأسها، وتُقبِّل قدميه وتدهنهما بالطيب ( لو 7: 37 ، 38)

    هذا المشهد الذي نراه في بيت الفريسي له قيمة أدبية عُظمى لأنه يبيِّن لنا أن لا شيء يعطينا حق التقدم إلى ربنا يسوع إلا خطايانا. فالتعجب منه كمعلم أو صانع معجزات، لا يمكن أن يجعلنا نلتقي به في طريقه بحسب الله، إنما الخطية ومشهد الخطية هما اللذان يقوداننا إلى التعرف بابن الله لأنه مخلِّص وقد أرسله لنا الله المُنعم مخلصًا. قد أتى إليه نيقوديموس كمَن يعمل أعمالاً عظيمة، ولكن كان ينبغي أن يولد نيقوديموس ثانيةً، وكان يجب أن تكون له أفكار أخرى عن المسيح قبل أن يستطيع أن يأتي إليه إتيانًا صحيحًا. وهكذا هذا الفريسي هنا، واضح أنه لم يأتِ كخاطئ إلى المسيح بل قد انجذب نحوه بواسطة شيء رآه فيه أو كلام سمعه منه، ولذلك أعدَّ له وليمة. ولكن وُجد في البيت مَن وصل إلى المسيح عن طريق آخر يختلف كل الاختلاف عن هذا الطريق، هي امرأة خاطئة في المدينة، وخطاياها هي التي أتت بها إليه. وقد أعدّت هذه المرأة وليمة أخرى وهي الوليمة التي جلس عليها الرب وتلذذ بها حقيقةً، لا وليمة الفريسي. دموعها وطيبها وقُبلاتها هي الوليمة التي جلس عليها ابن الله غاضًا الطرف عن كل المُعدات التي جهزها صاحب البيت.

    أمر مبارك للغاية أن الخاطئ هو الذي يعدّ الوليمة للمسيح ويتمتع برفقته. فمائدة الفريسي وأصدقاؤه لم يكونوا بيت القصيد عند المسيح، وإنما الإيمان الذي يدركه كمخلِّص هو الذي يستطيع أن يرتب المائدة قدام ابن الله في هذا العالم المُقفر. إني ألاحظ أنه في كل المواضع التي يُذكر فيها اهتداء لاوي العشار، يُذكر بعدها مباشرةً أنه أعدّ غذاء للرب في بيته، لأنه كان واحدًا من الذين نزل المسيح من المجد الأسنى لافتقادهم إذ كان عشارًا، أي معروفًا ومشهورًا في العالم بأنه خاطئ، والمسيح هو المخلِّص. فإيمان شخص كهذا فتح الباب له ورحب به في صفته الخاصة، بينما كان كل شيء مُبعدًا إياه بعيدًا.

    إن سرورنا هو أن نعرف هذا ونؤمن به. وعندما نبدأ كخطاة مع المخلِّص، تكون رحلتنا عجيبة ومجيدة فوق الوصف لأن خطايانا تقودنا إلى المسيح والمسيح يقودنا إلى الآب. ويا له من طريق!

    بللت
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

  • #2
    رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

    الخميس 2 سبتمبر 2010

    فيلبس والخصي الحبشي

    ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع ( أع 8: 35 )

    في أثناء النهضة الروحية العظيمة في السامرة، وجَّه ملاك الرب فيلبس إلى حقل جديد للعمل. كان عليه أن يترك المكان الذي تباركت فيه أعداد كبيرة، وأن يخدم رجلاً واحدًا. الملاك يمكن أن يوجّه فيلبس للخدمة، ولكن لا يستطيع أن يقوم بعمل فيلبس في الخدمة والتبشير بالإنجيل. فهذا الامتياز أُعطيَ للناس لا للملائكة.

    وفي طاعة، وبلا تردد أو مناقشة أو اعتراض، ذهب فيلبس إلى إحدى الطرق التي تؤدي إلى غزة التي هي برية. لقد ترك مكانًا عامرًا بالسكان وفيه خصوبة روحية إلى منطقة جدباء.

    ويا له من أمر عجيب! كان الخصي يقرأ إشعياء53 بوصفه الرائع لآلام المسيا! كانت هذه الفقرة من إشعياء تصوِّر شخصًا وديعًا صامتًا مُستسلمًا في أيدي أعدائه، فأسرعوا بقتله محرومًا من أية محاكمة عادلة.

    سأل الخصي فيلبس في تعجب: هل كان إشعياء يتكلم عن نفسه أو عن شخص آخر. وبالطبع أعطى هذا فيلبس الفرصة التي كان يتمناها ليقول له كيف أن هذه الآيات قد تمت بالتمام في حياة يسوع الناصري وموته. وبلا شك كان الخصي الحبشي قد سمع، عندما كان في أورشليم، أخبارًا عن رجل اسمه يسوع. والآن، وبعد كلام فيلبس، علم الخصي أن يسوع الناصري هو ذلك الشخص الذي تألم كثيرًا لأجل خلاص البشر، والذي كتب عنه إشعياء بوصفه عبد يهوه المتألم.

    وفي الأرجح أن فيلبس شرح للخصي الحبشي امتياز المعمودية المسيحية، وأنها تجعل الإنسان يتحد بالمسيح في موته ودفنه وقيامته. فعندما اقتربا من ماء، أبدَى الخصي رغبته أن يعتمد ( أع 8: 36 ). وحالما انتهت المعمودية خطف روح الرب فيلبس. يوحي لنا هذا الحَدَث أنه انتقال معجزي ومفاجئ، كان الغرض منه أن لا ينشغل الخصي بالأداة البشرية التي هَدَته إلى المسيح، بل ينشغل بالرب نفسه. وبعد ذلك ذهب الخصي في طريقه فَرِحًا. فهناك فرَحًا يأتي من طاعة الرب يفوق كل الأحاسيس السارة الأخرى.

    وماذا عن الخصي؟ لم تكن هناك فرصة لِما نسميه ”خدمة المُتابعة“ بواسطة فيلبس. كل الذي استطاع فيلبس أن يعمله، هو أن يسلِّمه لله ولأسفار العهد القديم (لم يكن العهد الجديد قد كُتِب). إلا أنه بقوة الروح القدس عاد هذا التلميذ الجديد إلى الحبشة ليشهد هناك للجميع بنعمة الرب يسوع المسيح المخلِّصة.

    وليم ماكدونالد
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #3
      رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

      الجمعة 3 سبتمبر 2010

      فاعلية الإيمان

      وأما الإيمان فهو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمورٍ لا تُرى ( عب 11: 1 )

      إذا كانت نظرتنا البشرية للأمور خادعة، فأين البديل؟ الإجابة: «ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى، بل إلى التي لا تُرى، لأن التي تُرى وقتية، وأما التي لا تُرى فأبدية» ( 2كو 4: 18 ).

      لكن كيف يمكننا أن نرى الأمور التي لا تُرى؟ الإجابة:«لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان» ( 2كو 5: 7 ).

      وفي أصحاح الإيمان الشهير في الرسالة إلى العبرانيين، أوضح الرسول مجالين لعمل الإيمان: الأول هو «الثقة بما يُرجى»، والثاني هو «الإيقان بأمورٍ لا تُرى» ( عب 11: 1 ). هذا معناه أن الإيمان يعمل في دائرتين: غير الحادث، أو المستقبل، وغير المنظور، أو الروحي. الإيمان يُمكِّن الشخص المؤمن من أن يرى المستقبل كما يرى الحاضر، والذي لا يُرى كأنه يُرى. بعبارة أخرى، إن الإيمان هو تليسكوب يقرِّب البعيد، وهو أشعة إكس يكشف بواطن الأمور.

      وكم نحتاج في هذا العالم الخادع الزائل إلى عمل الإيمان في هذين المجالين. والإيمان، مع إبراهيم خليل الله، جعله يرى البعيد، فرأى المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وباريها الله. والإيمان مع موسى رجل الله، جعله يرى أن التمتع بالخطية في قصر فرعون، وتحت إمرته كل خزائن مصر، إنما هو تمتع وقتي، وبالتالي لا يستحق من العاقل أن يهيم به. وأن تضعف عيون إيماننا وتظلم، فهذا يقودنا إلى التعثُّر، وهذا ما حدث مع آساف في مزمور73.

      ونحن حقًا بحاجة إلى منظار الإيمان. إن الإيمان في القلب يجعل صاحبه يرى العالم الآخر، فتكون النتيجة أن يحتقر ملذَّات العالم الحاضر الوقتية والزائلة. وهذا ما جعل أبرام يقنع بسُكنى الخيام، وجعل موسى العظيم يختار الذل على النعيم. فلقد كان الأول «ينتظر المدينة التي لها الأساسات»، وأما الثاني فقد «كان ينظر إلى المُجازاة».

      عزيزي القارئ .. ماذا في هذا العالم يجعلك تهيم به؟ «إن كل ما في العالم: شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظُّم المعيشة؛ ليس من الآب بل من العالم، والعالم يمضي وشهوته» ( 1يو 2: 16 ، 17). فهل تخدعك تلك الشهوات؟ إن كنت تشعر بأنك مغلوب، وقد نجح الشيطان في أن يجعلك عبد الأشياء، فاطلب من الرب أن يزيد إيمانك «وهذه هي الغَلبة التي تغلب العالم: إيماننا» ( 1يو 5: 4 ).

      يوسف رياض
      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

      تعليق


      • #4
        رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

        السبت 4 سبتمبر 2010

        طاقة الفاغية

        صُرة المُر حبيبي لي. بين ثدييَّ يبيت. طاقة فاغية حبيبي لي في كروم عين جَدي ( نش 1: 13 ، 14)

        يعتقد البعض أن الفاغية هي غصن الحنّاء يُزرع مقلوبًا فيُخرج زهرًا أطيب من الحنّاء. وفي هذا نرى صورة جميلة لعمل ربنا المبارك الذي أخلى نفسه آخذًا صورة عبد، وإذ وُجد في الهيئة كإنسانٍ، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب، لقد نزل إلى أقسام الأرض السُفلى ـ «إلى تراب الموت» ( مز 22: 15 ). هو حبة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت فأتت بثمرٍ كثير. نعم، لقد مات ربنا المبارك وقام أيضًا فأتى بثمرٍ كثير، ونحن ثمر عمله. وكلمة «فاغية» باللغة العبرية هي ”كوفرcopher “ بمعنى كفارة، وتبارك اسم إلهنا لأن ربنا يسوع المسيح الذي مات وقام من بين الأموات بمجد الآب «هو كفارة لخطايانا» ( 1يو 2: 2 ).

        وإن كانت «صُرَّة المُرّ» المذكورة أولاً تُشير إلى آلام المسيح وموته كمَن «أُسلِم من أجل خطايانا»؛ أعني ”المسيح على صليب الجلجثة“، فإن «طاقة الفاغية» تُشير إلى المسيح في القيامة: أي كمَن «أُقيم لأجل تبريرنا». نعم، إن صُرَّة المُرّ وطاقية الفاغية المُزهرة يُعيدان إلى أذهاننا آلام الصليب ومجد القيامة، ويقوداننا لأن نفكر في ذاك الذي بذل نفسه لأجلنا، والآن نراه مُكللاً بالمجد والكرامة.

        وكما أن الحبيب للعروس كصُرَّة المُرّ وبين ثدييها يبيت (أي أنه بالإيمان في قلبها، ولا يستطيع العالم أن يراه لأنه لا يعرفه إذ هو مختبئ في أحشائها، ولكنها فقط تحمل رائحته الذكية ـ رائحة صُرَّة المُرّ ـ في كل حين، وفي كل مكان)، فهو أيضًا حبيبها الذي لها «كطاقة الفاغية» (أي كزهور الحنّاء) التي تنشر رائحته الذكية في الأرجاء الفسيحة فيعطّر الهواء برائحته المُنعشة. فهو ليس مستقرًا في قلبها كغرضها وموضوع تعلقها وتعبدها فحَسبْ، ولكنه أيضًا محمول على يديها على مرأى من جميع الناس، هو موضوع شهادتها، لذا تُعلي اسمه للجميع ـ لا بكلامها فقط، بل وبإظهار صفاته في حياتها ـ إنه حبيبها وتدعو الجميع لأن يختبروه مثلها «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب» ( مز 34: 8 ).

        إن الشهادة العَلَنية لربنا يسوع المسيح «كطاقة الفاغية» إنما نتيجة شركتنا السرية معه «كصُرَّة المُرّ» الذي يحتل مكانه بالإيمان في قلوبنا.

        فأنا أحيا سعيدًا في التِصاقي بالأمينْ
        شاكرًا أشدُو لرَبِّي معْ جُموعِ المؤمنينْ

        متى بهنام
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #5
          رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

          الأحد 5 سبتمبر 2010

          العصفور المنفرد

          سَهِدتُ وصرتُ كعصفورٍ منفردٍ على السطح ( مز 102: 7 )

          إنْ كان هناك طائرٌ يشتهر بالمودة والألفة فهو العصفور، فعادةً لا نجد عصفورًا إلاَّ وأليفه معه. وما أقسى ما يعانيه العصفور عندما ـ لسبب أو لآخر ـ يُحَرم من أليفه.

          وإنْ كان هذا نادرًا ما يحدث في مملكة العصافير، غير أنَّه حدث مع أعجب إنسان وُجد على الأرض، إذ عاش فريدًا غريبًا في عالم لم يعرفه ولم يفهمه أو يُقدِّره، فنراه يُشَبِّه نفسه بالعصفور المنفرد، لقد كان في كل حياته «كالحمامة البكماء بين الغرباء» (عنوان مزمور 56).

          إنَّ أقرب الأقربين له .. تلاميذه، الذين قال عنهم مرة: «أنتم الذين ثبَتوا معي في تجاربي» ( لو 22: 28 )، لم يفهموا مشاعره ولم يشاركوه في عواطفه وأفكاره، ولم يفهموا كلامه وتعليمه، وفي الليلة الأخيرة نجدهم في بستان جثسيماني وهو يبدأ رحلة آلامه الرهيبة، ينامون من الحزن، ولم يقدروا أن يسهروا معه ساعةً واحدة، وفي لحظة القبض عليه نجدهم يبادرون جميعًا بالهَرب ويتركونه وحده ( مت 26: 56 ) !

          بل إنه وهو فوق الصليب .. في ثلاث ساعات الظلمة الرهيبة لم يُترك فقط وحيدًا من أحبائه وتلاميذه، بل أنه تُرك من الله وحجب الله وجهه عنه، حتى أنَّه تبارك اسمه صرخ قائلاً: «إلهي إلهي لماذا تركتني؟!». فلم يُعانِ عصفورٌ ما عاناه هو له المجد، بل لم يُعانِ كائنٌ مَنْ كان ما عاناه هو في وحدته وانفراده.

          وإن تساءلنا مَنْ هو الذي عانى كل هذا؟ إنه رجل رفقة الله الذي قال عن نفسه: «كنت كل يوم لذته، فرحةً دائمًا قدامه» ( أم 8: 3 )، والذي قال عنه يوحنا: «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب» ( يو 18: 1 ).

          لقد صار في حالٍ لم يألفه من قبل، وإنْ تساءلنا أيضًا .. لِمَ عانى كل هذا؟ يُجيبنا يوحنا قائلاً: «إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى» ( يو 13: 1 ).

          لقد عانى الوحدة والانفراد كي ما يضمنا إليه، ولكي يكون هو بكرًا بين إخوة كثيرين. كان هو حبة الحنطة (الوحيدة الفريدة)، التي وقعت في الأرض وماتت، ومن ثم أتت بالثمر الكثير ( يو 12: 24 ).

          ونتيجة انفراده هذا، سنسمعه قريبًا ـ وهو آخذٌ مَنْ فداهم إلى بيت الآب ـ قائلاً: «ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله» ( عب 2: 13 ).

          عاطف إبراهيم
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #6
            رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

            الاثنين 6 سبتمبر 2010

            مَن هو الأعظم؟

            سألهم: بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق؟ فسكتوا، لأنهم تحاجوا في الطريق بعضهم مع بعض في مَن هو أعظم ( مر 9: 33 ، 34)

            في مرقس9: 33، 34 يصل الرب إلى ضمير تلاميذه ويكشف عن أصل حالة الضعف التي هم فيها بسؤال بسيط واحد يقوله لهم وهو منفرد بهم في البيت: «بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق؟ فسكتوا، لأنهم تحاجوا في الطريق بعضهم مع بعض في مَنْ هو أعظم» ومنذ ذلك التاريخ، نجد أن أصل أغلب المُشاحنات والخلافات بين شعب الله هو رغبة كل واحد في أن يكون أعظم. فمهما كان موضوع المناقشة المباشر، نجد أن الذات هي التي تكمن وراء هذا النزاع. فالذات لا تريد أن تتعظم فقط، بل تريد أن تكون هي الأعظم. فإذا أراد أحد المؤمنين أن يكون هو الأعظم، فسوف يؤدي إن عاجلا أو آجلاً إلى حدوث خلافات، إذ سوف يتمسك هذا الشخص بأقل هفوة لأخيه لكي يُنقص شأنه ولكي يرفع نفسه ويعظم ذاته. ونفس فكر مَن يكون أعظم، يُرينا كيف أن التلاميذ لم يدركوا الحق الخاص بالملكوت. فلقد فشلوا في معرفة أن الملكوت هو لإظهار كل ما في الله من محبة ونعمة وبر وقوة. وهكذا قد نقع نحن في يومنا هذا في فخ اتخاذ الكنيسة مجالاً لتعظيم أنفسنا. لقد فعل الكورنثيون هذا باستخدام المواهب بطريقة جسدية، ولقد فعل الغلاطيون الشيء نفسه باستخدام الناموس، كما كان الكولوسيون في خطر اتباع الديانة الجسدية.

            عندما تكثر المشاحنات بين المؤمنين، تأكد أن ذلك هو من ضعف الإحساس بحضرة الرب. وبصبر لا حدّ له ينصح الرب تلاميذه ويعلمهم. فنجده لا يقوم ويتركهم بسبب غلاظة قلوبهم لتفكيرهم في عظمتهم الشخصية في نفس الوقت الذي كان يذكّرهم فيه بأنه على وشك أن يُقتل ( مر 9: 30 - 32)، ولكنه «جلس ونادى الإثنى عشر» من حوله، وأخذ يوضح لهم برِفق؛ طريقة العظمة الحقيقية «إذا أراد أحدٌ أن يكون أولاً، فيكون آخر الكل وخادمًا للكل» (ع35). قد نكون مستعدين في بعض الأحيان أن نخدم بعض الأشخاص العظماء أو بعض القديسين المكرسين، ونفعل هذا لتعظيم ذواتنا وسعيًا وراء الشُهرة، ولكن هل نحن على استعداد لأن نخدم الكل. ولقد قيل بحق ”المحبة أقوى من كل شيء، وهي تُسرّ بأن تَخدم لا أن تُخدم“، وأيضًا ”الأعظم هو ذلك الذي يعتبر نفسه الأصغر“.

            هاملتون سميث
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #7
              رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

              الثلاثاء 7 سبتمبر 2010

              أفراح الكِبَر

              أيضًا يُثمرون في الشيبة. يكونون دِسامًا وخُضرًا، ليخبروا أن الرب مستقيم. صخرتي هو ولا ظلم فيه ( مز 92: 14 )

              لما بلغ واحد من خدام الرب الأجلاء الشيخوخة، قال:

              فمي اليوم مملوء ضحكًا وقلبي يترنم. وأنا أعجب لقوم لا يريدون أن يبلغوا الكِبَر، وفي كل لحظة يحاولون أن يؤكدوا أنهم أصغر من سنهم، بل قد يستنكرون الحقيقة عن أعمارهم، أما أنا فارفل في مباهج شيخوختي، إنها ثروة لي.

              أنا اليوم في أفضل العمر. في أحلى أيامي وأصفاها. طريقي يتزايد نورًا، وغناء الطير في أذني يزداد سحرًا. النسمات تهب رقيقة والشمس أكثر سطوعًا. صحيح أن «إنساني الخارج» يفنى، ولكن «إنساني الداخل» يتجدد يومًا بعد يوم. وسأحكي هنا بعضًا من الدروس التي تعلمتها ولو جزئيًا:

              أولها: أن نعمِّق إيماننا بالله؛ إيمان الثقة في كمال رعايته وعنايته ودوام محبته. الإيمان بدقة الترتيب الإلهي الذي يحكم الحياة الحاضرة، وبمراحم محبة الله.

              ثانيها: أن نتقبَّل بالرضى ظروف الحياة المُرّة والحلوة، وكثيرًا ما كان المُرّ منها أحلى من الحلو. والصبر من العادات الجميلة التي ينبغي أن نتعهدها في حياتنا. وحينما نقع في تجارب متنوعة فلنحسب هذا كل فرح، عالمين أن امتحان الإيمان يُنشئ صبرًا، وينبغي أن يكون للصبر عمل تام، لأن الغلبة الصحيحة نحصل عليها عن طريق القبول الحسن للشدائد والضرورات والضيقات، لأنها كلها تخدم أغراض الله في حياتنا ( يع 1: 2 - 7).

              ثالثها: ينبغي أن تملأ المحبة قلوبنا. المحبة لجميع الناس. يجب أن نصبر على الذين يمتحنون الصبر فينا، فإن لم نستطع أن نحبهم للطف يبدو منهم، فلنحبهم لعطف منا عليهم. وعلى أي الحالين يجب أن نحبهم، وأن نصلي من أجلهم، وأن نطرح جانبًا المرارة من جهتهم شعورًا أو تفكيرًا.

              ورابعها: ينبغي أن لا نصرف الوقت هباءً حسرة على الماضي، أو نضع اليد على الخد أسفًا على أخطاء الأمس أو على ذاهب الأيام. هذه جميعها نستودعها في يدي الله ونمتد إلى ما هو أعلى وما هو قدام ( في 3: 13 ، 14)، لنبدأ حياة خدمة، وحياة محبة، وحياة تقدم في كل شيء، ونمو في معرفة الله. هذه هي الحياة التي لا تشيخ أبدًا لأنها تتجدد دائمًا كالينبوع الفائض المتلألئ، تغذيه باستمرار سيول بركات تنحدر من القمم الأبدية.

              هنري دربانفيل
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #8
                رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                الأربعاء 8 سبتمبر 2010

                إلى مَن نذهب؟

                يا رب، إلى مَن نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك، ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي ( يو 6: 68 ، 69)

                المسيح ـ تبارك اسمه ـ عنده كل ما نحتاج إليه، سواء كان للزمان الحاضر، أو للأبدية. فكلام الحياة الأبدية ينسكب من شفتيه إلى قلوبنا، ويجعل الذين يتبعونه «يرثون رزقًا»، كما أنه يمنحهم «قنية فاخرة وحظ». ونستطيع أن نقول بحق أن كل غنى العالم وما فيه من كرامة وشرف ومسرات، لا تُعتبر شيئًا بالمقابلة مع ما يعطيه المسيح. فكلها تغيب وتتلاشى كما تتلاشى سُحب الصباح، ولا تترك وراءها إلا فراغًا يورِّث الحسرة، فما من شيء يقدمه العالم يستطيع أن يُشبع مطامع النفس البشرية «الكل باطل وقبضُ الريح». وليس هذا فقط، بل لا بد من تركها. لو كان لأي إنسان كل ثروة سليمان، فكل عمرها ما هو إلا لحيظة بالمقابلة مع تلك الأبدية اللانهائية غير المحدودة التي تنتظر كل واحد منا. فعندما يأتي الموت، فكل ثروة العالم مجتمعة لا يمكنها شراء لحظة واحدة من الراحة، فالعدو الأخير لا يعرف الرحمة، لكنه بكل غلظة يكسر تلك الحلقة التي تربط الإنسان المسكين بكل مشتهيات قلبه على الأرض، ثم يطوِّح به إلى أعماق الأبدية. ومَنْ يستطيع أن يصوِّر مستقبل ذلك الشخص الذي يفتح عينيه بغتةً، وإذ هو أمام الحقيقة المُرَّة المُفزعة، إنه خسر نفسه، وخسرها إلى الأبد، بدون أي أمل! خسارة أبدية!

                فإذا كان القارئ العزيز لم يَزَل من العالم، ولم يعرف الرب معرفة قلبية بعد، غير مهتم، غير مُفكِّر، غير مؤمن، فنحن نتوسل إليه الآن ـ نعم الآن حالاً ـ أن يوجه كل اهتمامه إلى موضوع خلاص نفسه عظيم الخطورة والأهمية؛ موضوع تتضاءل أمامه كل المواضيع الأخرى وتصير كَلا شيء.

                «ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟» ( مت 16: 26 ). وإذا كان واحد يستفهم ماذا عليه أن يفعل في هذا الأمر، فالجواب لا شيء. لا شيء كبيرًا كان أم صغيرًا، فيسوع عنده كلام الحياة الأبدية، وهو الذي يقول: «الحق الحق أقول لكم: إن مَن يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة» ( يو 5: 24 ). هنا كل المحور الذي يدور عليه الأمر بأكمله. اسمع كلام المسيح، آمن بالذي أرسله، ضع ثقتك الكاملة في الله وأنت تخلص وتنال الحياة الأبدية ولا تأتي إلى دينونة.

                ماكنتوش
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #9
                  رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                  الخميس 9 سبتمبر 2010

                  إرميا ونجاحه

                  تمَّ ما قيل بإرميا النبي القائل: وأخذوا الثلاثين من الفضة، ثمن المُثمَّن الذي ثمَّنوه من بني إسرائيل، وأعطوها عن حقل الفخاري ( مت 27: 9 ، 10)

                  في البداية دعنا نسأل: ما هي مقاييس العالم وتصوره للنجاح؟ هل هو التقدم الذي يُحرزه الفرد ويحصل عليه؟ أم الناجح هو القائد الشهير الذي يجتذب إليه الجموع لسماعه، واتباعه؟ أم هو ذلك الشخص الذي تلتف الجماهير حوله إعجابًا بشخصيته؟ أم هو ذاك الذي يحترمه ويوقره الجميع؟ هل هو ذو الشخصية الجذابة، وصاحب الشُهرة والنجاح المتميز؟ هذه هي مقاييس العالم النمطية والمعروفة.

                  لهذه الأسباب جميعًا، ينظر العالم بعين الاحتقار إلى شخص مثل إرميا باعتباره فاشلاً وبائسًا. فرغمًا عن أن الله قد اختاره نبيًا له، وهيأه وأعدّه لخدمته، حتى أنه قضى أربعين سنة يخدم الرب بكل أمانة مُحذرًا شعب الله المختار قديمًا ومُناديًا بالتوبة، مؤكدًا أن الدينونة والعقاب آتيان، إلا أنهم رفضوه، واحتقروه، وسجنوه، حتى إنهم في النهاية نفوه خارج البلاد. لقد تعرَّض لضربات وحبس مرات عديدة، وتُرك في بئر حتى الجوع، ووضع ضمن زُمرة الخوَنة حينما دعا للخضوع للبابليين بينما كان هجومهم وشيكًا ( إر 11: 19 ، 20؛ 18: 18؛ 20: 2، 26). لقد أُسيء فهمه، وأُسيئت مُعاملته، ولم يكن له سوى أصدقاء قليلون، وكان الناس يتجاهلونه، وظل موضع سخرية إذ حسبوه ”النبي المشئوم“ وكانت إنذاراته موضع السخرية. وبكل المقاييس العالمية كان إرميا فاشلاً حقيقةً، إلا أنه كان قد تعلَّم أن حياته ليست مِلكه، وامتلأ بالثقة في أن يحيا للرب «صانع الأرض بقوته.. مؤسس المسكونة بحكمته، وبفهمه بَسَط السماوات» ( إر 10: 12 ).

                  لكن ما هو رأيك أنت عزيزي القارئ؟ إن نجاح النبي لم يكن بحسب هذه المقاييس العالمية، بل بمقاييس الله فإن النبي يُعتبر من أكثر الأنبياء نجاحًا في الكتاب المقدس. ولقد أعلن الرب تقديره لهذا النبي، رغمًا عن عدم تقدير العالم له واعتباره فاشلاً وبائسًا. فقد أكد الرب نجاح إرميا المتميز أربع مرات على الأقل في الوحي المقدس ( عز 1: 1 ؛ دا9: 2؛ مت2: 17؛ 27: 9)، وفي كل منها يذكر الكتاب أن نبواته قد تمت بكاملها. وبكل يقين، فإن كلمات ربنا يسوع المذكورة في متى25: 13 تتضمن إرميا أيضًا «نعِمًا أيها العبد الصالح والأمين. كنت أمينًا ... ادخل إلى فرح سيدك» وبالنسبة إلينا نحن المؤمنين، الذين تعرَّفنا على الرب وعرفناه، لا يوجد أفضل من هذه المقاييس للنجاح.

                  لاري أوندرجاك
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #10
                    رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                    الجمعة 10 سبتمبر 2010

                    الشيطان في حضرة الرب!

                    وكان ذات يومٍ أنه جاء بنو الله ليمثُلوا أمام الرب، وجاء الشيطان أيضًا في وسطهم ( أي 1: 6 )

                    في الواقع كان الشيطان يومًا ما مثل الملائكة أدبيًا، رئيسًا عليهم جميعًا (حز28)، «الكَروب المُظلِّل» الذي كان يظلل كرسي الرب. ولكن «كيف سقطت من السماء يا زهرة، بنت الصبح؟» (إش14)، ما أسرع ما هويت!! فإذ أذهله مجده، وإذ نسيَ، في عناده، مكانة المخلوق التي عليه أن يبقى فيها أبدًا، سقط في الكبرياء (دينونة إبليس ـ 1تي3: 6)، فصار العدو الأبدي اللدود لكل ما هو خير، وعدوًا لله ذاته.

                    ومن أيوب1، 2 نجد أنه بينما الشيطان قد سقط أدبيًا، لكن لا يزال له اقتراب إلى حضرة الله، ولا يزال يحضر مع «أبناء الله». فعوض أن نراه مُغلقًا عليه في الهاوية، أو مقصورًا على الأرض، نرى هذا المرتد المتبجح يأخذ مكانه هناك، كما لو كان هذا من حقه بعد. وقادم اليوم، وليس ببعيد، الذي سيُطرح فيه من السماء إلى الأرض (رؤ12) ليبقى فيها زمانًا قصيرًا، بعده يُقيَّد ألف سنة في الهاوية، وفي آخر المطاف، وبعد أن يتزعم ثورة أخرى قصيرة لبعض المرتدين، سينال جزاءه الأبدي في بحيرة النار.

                    ما أعظم صبر الله! فإنه ـ تعالى ـ قد احتمل خبث الشيطان ومُخططاته خلال كل أجيال تاريخ الإنسان الساقط، وأجاز له في الواقع أن يُجرِّب أبوينا الأولين وهما في براءتهما، ويسمح له أن يلقي اتهاماته وتلميحاته أمام وجهه تعالى، وشكايته بأنه لا يوجد صلاح ولا صالح. غير أن هذا جميعه قد أُجيز لتخرج لنا منه دروس للأبدية. فالشيطان إنما يذخر لنفسه غضبًا، وفي الوقت نفسه لن يكون من مَكرِهِ إلا أن يخدم أغراض الله البارة للبركة.

                    وفي الحوار الذي دار بين الرب والشيطان، نرى من الله تحديًا، ومن الشيطان اتهامًا وشكاية. ومن جواب الشيطان على سؤال الرب الأول، نتبيَّن دائرة عمل الشيطان، فهو في السماء مُتهم شاكٍ، وعلى الأرض مُعتنف مِتلاف. فحيثما كان، هو الشيطان على طول الطريق، عدو الله وعدو كل خير.

                    «هل جعلت قلبك على عبدي أيوب؟»، هكذا يتساءل الرب، مستخدمًا نفس الوصف الذي يوصف به أيوب، فالله يُسرّ بشعبه المحبوب، وبطرقهم البارة. ولئن كان الشيطان، حسب أخلاقه، يتهم ويقدح، فإن إلهنا يوصي ويمدح. وهذه طريق معاملاته على مداه، فالدينونة فعله الغريب، إنما هو مشغول بالخير «وإن كانت فضيلة وإن كان مدح» ففي هذه يفتكر.

                    صموئيل ريداوت
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #11
                      رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                      السبت 11 سبتمبر 2010

                      صوت الله

                      الرب صنع الكل لغرضه ( أم 16: 4 )

                      خلق الله الخليقة فأبدع. وإنها للحظات خلاّبة حين نتأمل في جمالها، ودقة الأداء الوظيفي لكل عنصر منها، فلا يملك القلب إزاءها إلا تسبيح ذلك الخالق العظيم الذي «صنع الكل لغرضه» ( أم 16: 4 ). فكل عنصر يعمل لصالح الآخر، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في تناغم شجي، لصالح المنظومة الكونية المُتقنة؛ فهي إذًا خليقة خادمة. وليس من المُستغرب أن هذه الخليقة الخادمة تخدم خالقها، بل لعلها من الخدام الأوائل له. فمنذ القديم و«السماوات تحدِّث بمجد الله، والفلَك يُخبر بعمل يديه ... (وإن كان) لا قول ولا كلام، لا يُسمع صوتهم. (لكن) في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقصى المسكونة كلماتهم» ( مز 19: 1 - 4). إننا لا نستطيع أن نُحصي مَن شهدت لهم الخليقة، وتم فيهم القول: «إذ معرفة الله ظاهرة فيهم، لأن الله أظهرها لهم. لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم، مُدركة بالمصنوعات (الخليقة) قدرته السرمدية ولاهوته، حتى إنهم بلا عذر» ( رو 1: 19 ، 20). كما لا يمكننا أن نتوقع عدد مَن، من خلال هذه الخليقة، عرفوا الخالق. إنها أول ”إذاعة“ تذيع عن الله، وأوسع ”فضائية“ انتشارًا تحدِّث بحقه.

                      كذلك، من خلال التأمل في الطبيعة، كم أُعلنت حقائق لقديسين. يقول المرنم: «إذا أرى سماواتكَ عمل أصابعك، القمر والنجوم التي كوَّنتها؛ (اكتشف ضآلته، فقال) فمَن هو الإنسان حتى تذكره؟ وابن آدم حتى تفتقده؟ ...» (مز8). ويقرّ الرسول بولس هذا المبدأ: «أم ليست الطبيعة نفسها تُعلمكم ...؟» ( 1كو 11: 14 )، وذلك في سياق تعليم كنسي!

                      وعلى مرّ التاريخ المدوَّن بالوحي، كم رأينا الله يستخدم الخلائق العجماء لخدمة مقاصده ولخير قديسيه! فقد أمر الغربان أن تعول إيليا ( 1مل 17: 4 )، وأعدَّ حوتًا ليعلِّم يونان درسه المشهور، ثم أعدَّ يقطينة ليسري عن قلبه وليعلّمه درسًا آخر ( يون 1: 17 مت 26: 74 - 11)، كما واستخدم الديك ليذكِّر بطرس بما قاله (مت26: 74، 75).

                      والحمار هو مَثَل رائع على استخدام الله للحيوان. فعلى سبيل المثال استخدم حمارًا لمنع حماقة بلعام العرَّاف الشرير ( 2بط 2: 16 ). لقد «أبصرت الأتان ملاك الرب واقفًا في الطريق» في حين أخفق بلعام في ذلك، وبعينيها المفتوحتين استبقت حياة ذلك الأحمق.

                      عصام خليل
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #12
                        رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                        الأحد 12 سبتمبر 2010

                        حادثة التجلي

                        إذا سحابة نيِّرة ظللتهم، وصوت من السحابة قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا ( مت 17: 5 )

                        لقد كانت المعمودية في بداية خدمة المسيح، بينما التجلي كان قُرب نهاية خدمته. وكما خرجت السماء عن صمتها عند مشهد المعمودية، لكي تميز المسيح القدوس عن الباقين، فقد كرر الآب على مسامع تلاميذه الإعلان عينه من فوق جبل التجلي، ليميزه لا عن الخطاة التائبين، بل عن القديسين!

                        لقد أخطأ بطرس عندما قال للمسيح: «يا رب، جيدٌ أن نكون ههنا! فإن شئت نصنع هنا ثلاث مظال: لك واحدة، ولموسى واحدة، ولإيليا واحدة» ( مت 17: 4 ). نعم أخطأ بطرس حينما ساوى الخالق بالمخلوق، والابن بالعبد، والسيد بالخادم. لذلك نقرأ: «وفيما هو يتكلم إذ سحابة نيِّرة ظللتهم، وصوتٌ من السحابة قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا» ( مت 17: 5 ).

                        ولقد انتهى مشهد التجلي الجميل بسقوط التلاميذ على وجوههم وخوفهم الشديد. ولعل النور الفائق، وصوت الآب من المجد الأسنى، سبَّبا لهم هذا الخوف الشديد، فلقد كانوا ما زالوا في أجسادهم الترابية التي لا تتحمل بهاء النور وعظمة المشاهد السمائية، لكن المسيح جاء ولمسهم. والمسيح في هذا يقف موقف المُباينة ليس فقط من التلاميذ، بل أيضًا من موسى والأنبياء العظيمين، فموسى قال يوم أن رأى مشهد جبل سيناء وقد وقف الرب عليه: «أنا مرتعبٌ ومرتعدٌ» ( عب 12: 21 )؛ وإيليا أيضًا لف وجهه بردائه يوم أن استشعر عبور الرب أمامه وهو في المغارة ( 1مل 19: 13 ). وأما المسيح فقد أتى لتلاميذه وشجعهم «فرفعوا أعينهم ولم يروا أحدًا إلا يسوع وحده» ( مت 17: 8 ).

                        ويلذ لنا أن نلحظ كيف، في كل المواقف التي وصل فيها اتضاع المسيح العجيب إلى بُعد كبير، أرادت السماء فورًا أن تؤكد عظمته. فعندما وُلد في مذود للبهائم، ظهر جمهورٌ من الجُند السماوي مسبحين الله وقائلين: «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة» ( لو 2: 14 ). وعندما أتحد نفسه مع الخطاة التائبين «السماوات قد انفتحت له» ( مت 3: 16 ). وبعد الإعلان الأول عن رفض اليهود له وقتله ( مت 16: 21 )، تبع ذلك مباشرةً حادثة التجلي ( مت 17: 1 - 8)، حيث جاءت شهادة الآب ثانيةً من السماء بأنه «الابن الحبيب» الذي فيه وجد الآب سروره.

                        وأخيرًا في موته فوق الصليب حدثت أعاجيب الجلجثة المذكورة في متى27: 50- 54.

                        يوسف رياض
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #13
                          رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                          الاثنين 13 سبتمبر 2010

                          مخاطر الخدمة

                          زبولون شعبٌ أهان نفسه (خاطر بنفسه) إلى الموت مع نفتالي على روابي الحقل ( قض 5: 18 )

                          المؤمن يخدم الرب في عالم مُعادٍ، لذا من الطبيعي أن يكون هناك مخاطر للخدمة، وعلى كل مَن يخدم الرب أن يحمل صليبه طواعية، ويكون لديه توقع أنه في يوم ما قد يُعلَّق عليه، وقد يصل الأمر به، ليس إلى الرفض والاضطهاد فقط، بل إلى الموت أيضًا.

                          وفي العهد القديم تَرِد كلمة ”المخاطرة“ ومشتقاتها، بحصر اللفظ، ثلاث مرات.

                          1ـ في قضاة9: 17 نقرأ هذه الكلمة عن فرد واحد هو جدعون. وقالها عنه ابنه يوثام حيث قال: «لأن أبي قد حارب عنكم وخاطر بنفسه وأنقذكم من يد مديان». لقد خاطر جدعون بنفسه أولاً وهو يهدم مذبح البعل ويقطع السارية، فقد كان من الممكن أن يقتله أهل مدينته نتيجة هذا العمل. كما خاطر وهو يحارب جيش المديانيين، الذي كان قوامه 135 ألفًا، بثلاثة مئة رجل فقط ( قض 8: 10 ، 11). ومن جدعون نتعلم أن مخاطرته كانت من أجل شعب الرب. فهو يحارب ويخاطر بنفسه، والسبب: لكي ينقذ هذا الشعب من يد مديان. والخدمة في إحدى صورها قد يكون غرضها شعب الرب وخلاصهم.

                          2ـ في 2صموئيل23: 17 نرى نوعًا آخر من المخاطرة أثناء الخدمة، ولكنها لا تتحدث عن فرد واحد بل عن ثلاثة رجال. «وقال (أي داود): حاشا لي يا رب أن أفعل ذلك. هذا دم الرجال الذين خاطروا بأنفسهم. فلم يشأ أن يشربه. هذا ما فعله الثلاثة الأبطال». هؤلاء الرجال الثلاثة قد خاطروا بحياتهم، وكان من الممكن أن يُقتلوا بيد الأعداء. وفيهم نرى المخاطرة لأجل داود؛ صورة لمَن يخاطر من أجل الرب نفسه. لقد كان تأوُّه داود كافيًا أن يدفعهم للمخاطرة بحياتهم لتتميم رغبته.

                          3ـ في قضاة5: 18 نقرأ، لا عن فرد ولا عن مجموعة، بل عن سبط يُوصف بأنه «زبولون شعبٌ أهان نفسه إلى الموت مع نفتالي على روابي الحقل». وكلمة «أهان نفسه» تأتي في أغلب الترجمات بمعنى ”خاطر بنفسه“. لماذا وصف زبولون بهذه الصفة؟ الإجابة أن كثيرًا من الأسباط استعفت من أن تشارك باراق ودبورة في حربهما ضد كنعان، ولكن زبولون شارك من البداية، وهذا ما نعرفه من قضاة4: 10. ونشيد دبورة يعطي صورة لكرسي المسيح، فإن كان مَن تعب لأجل الرب له مدحه، فكم بالحري مَن خاطر بحياته.

                          إسحق شحاتة
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #14
                            رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                            الثلاثاء 14 سبتمبر 2010

                            كلمات الوحي الختامية

                            ها أنا آتي سريعًا. طوبى لمَن يحفظ أقوال نبوة هذا الكتاب ( رؤ 22: 7 )

                            إن سفر الرؤيا، هو آخر أسفار الوحي الإلهي ـ أعطاه الرب لرسوله المحبوب يوحنا.

                            صحيح أن إجراء الدينونات هو الشيء البارز في هذا السفر، وكذلك مُلك السلام والبركة الذي سيتبع ذلك، ولكن عندما يأتي الرب للدينونة والمُلك سيكون معه قديسوه، وهذا يتضمن أنهم سبق أن اختُطفوا إليه وتمجدوا.

                            والآن نقتبس بعض الآيات من الأصحاح الأخير من هذا السفر، التي تُرينا بصورة مؤثرة عُظم قيمة هذا الرجاء لقلب الرب يسوع ولقلوب قديسيه.

                            ذُكر مجيء الرب مرتين في هذا الأصحاح على سبيل التحذير: «وها أنا آتي سريعًا». ولكن قبل أن يُختم الوحي الإلهي نرى الرب يعلن نفسه لشعبه فيقول: «أنا يسوع أرسلت ملاكي لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس. أنا أصل وذرية داود. كوكب الصبح المنير» وهذا الإعلان من الرب نفسه يجعل الكنيسة تطلب منه أن يأتي «والروح والعروس يقولان تعال». وكل مَن له أُذنان للسمع مدعو لأن يشترك في هذا الصراخ «ومَن يسمع فليَقُل تعال» والخطاة العطاشى مدعوون، ومعهم كل مَن يريد، لأن يأخذ ماء حياة مجانًا. ثم، بعد عبارة معترضة خاصة بموضوع آخر، يُجيب الرب يسوع على طلب مجيئه بالقول: «ها أنا آتي سريعًا» وهذه عبارة يؤكد بها لقلوب منتظريه المشتاقين إليه بأنه سوف لا يتأخر كثيرًا. «يقول الشاهد بهذا نعم. أنا آتي سريعًا». ثم تُجيب الكنيسة ثانيةً: «آمين تعال أيها الرب يسوع». بهذا يمكننا القول بأن هذه المُناجاة المؤثرة بين العريس والعروس، بين المسيح والكنيسة بخصوص شخصه ومجيئه السريع، هي ما اختُتمت به كلمة الله. أَ يشُك أحد بعد ذلك في أن مجيء الرب يسوع لأخذ قديسيه إليه، وأن يكونوا دائمًا معه، قد قُصد به أن يكون رجاء المسيحي؟ ليت هذا الرجاء المبارك يتعمق في قلب كل منا!

                            تاقت لكَ العروسْ حَنَّت لكَ النفوسْ
                            طالَ اغترابنا يا صادقَ الوُعودْ
                            فاذكرْ نِداءنا واسمعْ دُعاءَنا
                            أقبِل عَريسَنَا مِنا لكَ السجُودْ

                            كاتب غير معروف
                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق


                            • #15
                              رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                              الأربعاء 15 سبتمبر 2010

                              توبوا وارجعوا

                              يقول السيد الرب: توبوا وارجعوا عن كل معاصيكم، ولا يكون لكم الإثم مَهلكةً ( حز 18: 30 )

                              على سرير الموت اقترب رجلٌ خاطئ ـ كان يعمل سائقًا ـ من الأبدية، وقد انزعج من الظلمة الدامسة التي اكتنفته، فصرخ قائلاً: ”إني على منحدر رهيب ولست أجد الفرامل“. وإننا لنخشى أن يكون هناك كثيرون، مثل هذا المسكين، ينحدرون ”ولا يجدون الفرامل“، وليس بَد من أن تكون جهنم مستقرهم إلى أبد الآبدين.

                              أيها الأصدقاء: إن الله «لا يقبل الوجوه» ـ أي لا يحابي لأجل اعتبارات جسدية، مهما كان الشخص عظيمًا أو حقيرًا، غنيًا أو فقيرًا، متعلمًا أو جاهلاً، متدينًا أو فاجرًا، فالجميع أخطأوا، والجميع يحتاجون إلى مخلِّص. الجميع مدعوون ليقبلوا رجلاً قد عيَّنه الله؛ ابنه يسوع المسيح. والجميع بدون استثناء تتهددهم الدينونة إذا رفضوه. هناك مكان واحد يُلقى فيه غير المؤمنين جميعًا حيث يأخذون نصيبهم الأبدي في عذابات النار الأبدية ـ أي «الموت الثاني» ( رؤ 21: 8 ). أصحاب البر الذاتي ـ الأبرار في نظر أنفسهم ـ والفجار المستبيحون، مهما كانت الفوارق الاجتماعية بينهم في الحاضر، سوف يكونون معًا في مكانٍ واحد خلال أبديتهم التي لا تنتهي في بحيرة النار، ما لم يقبلوا طريق الله للخلاص بالإيمان بربنا يسوع المسيح الذي دمه يطهر من كل خطية.

                              إن كلمة الله تُعلن أن حالة الإنسان الطبيعية هي «ظلمة» ( أف 5: 8 ). هو مخلوق ساقط ولا يعرف إلى أين يمضي. هو ”متجنب عن حياة الله“. قد يتمرد ويقاوم ويرفض تصديق هذا التقرير عن حالته، لكنه هو كذلك سواء صدَّق أو لم يصدِّق. وعدم تصديقه لا يغيِّر من الحال شيئًا.

                              كثيرون بلا شك أُعطوا مواهب طبيعية وذكاءً فطريًا، وآخرون أُعطوا مشاعر وميول دينية، لكن هذه كلها لا تفيد شيئًا قدام الله. هؤلاء وأولئك بالطبيعة في ظلمة ويستمرون في الظلمة إلى أن تخترق كلمة الله ضمائرهم وتأخذ سلطانها في قلوبهم. نعم، «فتْح كلامك يُنير، يُعقِّل الجهال» ( مز 119: 130 )، وكلام المرنم هنا معناه: ”إن دخول كلامك يا رب إلى النفس يُنيرها ويعطي فهمًا للبسطاء“. عند ذلك، وعند ذلك فقط، يستطيع مَن يؤمن أن يقول: «كنت أعمى والآن أُبصر». وشكرًا لله أنه توجد رحمة ويوجد سلام ويوجد غفران وتوجد حياة أبدية وبركات غنية لكل مَن يرغب ويرفع القلب تائبًا ومؤمنًا بالمسيح وبعمله على الصليب.

                              داربي
                              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                              تعليق

                              من قاموا بقراءة الموضوع

                              تقليص

                              الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                معلومات المنتدى

                                تقليص

                                من يتصفحون هذا الموضوع

                                يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                  يعمل...
                                  X