إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

    الأحد 1 مايو 2005

    ابن الله في إنجيل يوحنا


    --------------------------------------------------------------------------

    أجاب نثنائيل وقال له: يا معلم، أنت ابن الله! أنت ملك إسرائيل!(يو 1: 49 )


    إننا من قلوبنا نشكر الله من أجل إعلانات الإنجيل الرابع الغنية العميقة. لنقرأ فيه حيثما أردنا، فسنجد أنفسنا في محضر الثالوث الأقدس. فإننا في كل مكان نسمع صوت بذل حياته، ونرى مجد بنوته، ونشخَص كما شَخَص الثلاثة المأخوذون بجلال المنظر فوق جبل التجلي، في ذاك الذي كان وجهه يضيء كالشمس، وهيئته تلمع ببهاء مجد السحابة؛ فلا يسعنا إلا أن نقول له: «ربي وإلهي».

    وأكثر من ذلك، نحن نراه في هذا الإنجيل، ليس فقط مُستعلنًا في مجده الشخصي، بل أيضًا نسمع صوته كمن هو ابن محبة الآب. لقد كلَّم الله الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق متنوعة، ولكن في هذا الإنجيل يكلمنا الله في ابنه، فذلك الابن الأزلي هو كلمة الله الحي إلى الأبد، الكلمة الذي أعلن الآب.

    وما أرق وأحلى صوت يسوع ابن الله. لقد كسر صوت الرب «يهوه» في جلاله وجبروته أرز لبنان (مز 29: 5 )، وعند جبل سيناء جلجل ذلك الصوت، فارتعب السامعون وارتعدوا (خر 20: 18 -20؛ عب12: 19)، أما اليوم فكلمات الرب يسوع في إنجيل يوحنا هي لنا حلوة كالعسل ولذيذة كقطر الشهاد. وفي عبيرها الزكي هي «دهن مُهراق»؛ كلمات عذبة رقيقة لا تقصف قصبة مرضوضة ولا تطفئ فتيلة مدخّنة، تواسي الضعيف وتكسب القوي، سمعان الجريء المتسرع، كما نثنائيل الهادي الوديع.

    يُرينا هذا الإنجيل كيف أن صوت ابن الله، كان بالنعمة يتكيف ليناسب كل ظرف وكل حالة بين الناس. فنراه يتكلم في اليهودية وفي الجليل، وأيضًا في السامرة وفي الهيكل في أورشليم، وفي المجمع في كفر ناحوم، وعلى سطح البحر الهائج، وعلى الشاطئ الهاديء، وفي وسط أفراح عُرس قانا الجليل، وأحزان بيت عنيا، ومع معلّم غني بالليل، ومستعطي أعمى بالنهار.

    إن كلمات ربنا يسوع، ابن الله، لم تكن حادة كسيف قاطع، ولا هي رخوة، بل حلوة المذاق؛ حتى أن بعضًا ممن لم يكونوا من تلاميذه قالوا: «لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان!» (يو 7: 46 )؛ ولا عجب، فالنعمة قد انسكبت على شفتيه، والنعمة والحق به صارا.

    و.ج. هوكنج
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

  • #2
    مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

    الاثنين 2 مايو 2005

    المسيحي والاضطهاد


    --------------------------------------------------------------------------

    طوبى لكم إذا عيَّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة. من أجلي، كاذبين. افرحوا وتهللوا. لأن أجركم عظيم في السماوات(مت 5: 11 ، 12)


    تُرى كيف يتصرف المسيحي إزاء الاضطهاد. إن وجه الاختلاف بين الشخص المسيحي وغيره، يظهر بالأكثر من تفاعله مع الظروف الصعبة. ذلك التفاعل الذي تلخصه النقاط الآتية:

    1ـ المسيحي لا يأخذ بثأره: فالانتقام ليس من شيم المسيحي.

    2ـ المسيحي لا يشعر بالحقد على أحد: فليس هو فقط لا يقابل الإساءة بمثلها، بل هو أيضًا لا يشعر بالغيظ في نفسه من أحد.

    3ـ المسيحي لا يشعر بالإحباط نتيجة الاضطهاد: فلا هو يشعر بالغيظ من شخص معين، ولا حتى بالتذمر على وضع معين.

    ولكن ليس هذا فقط ما يميز المسيحي، بل هناك شيء إيجابي يميزه، كقول المسيح هنا: «افرحوا وتهللوا». فنحن لا نفرح فقط رغم الآلام، بل إننا نفرح بسبب هذه الآلام التي هي لأجل المسيح (1بط 4: 12 ، 13؛ أع5: 41) وذلك لأسباب ثلاثة:

    1ـ هذه الآلام هي لأجل المسيح «طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة، من أجلي، كاذبين». تفكر أيها الأخ المتألم في التعيير والافتراءات التي احتملها رب المجد لأجلك (عب 12: 2 ، 3). لقد احتمل المسيح كل هذا لأجلنا، والآن جاء دورنا أن نحتمل نحن لأجله.

    2ـ يدعونا المسيح لكي نفرح ونتهلل لأن أجرنا عظيم في السماوات. ليس أن الأجر العظيم هو الباعث أو الحافز على محبة المسيح أو حياة الشهادة له، بل هو فقط مُشجع أمام مفشلات العدو وعثرات الطريق.

    ولم يُخبرنا المسيح عن هذا الأجر العظيم الذي ينتظرنا في السماوات. فيبدو أن لغتنا البشرية لا تحوي المفردات المناسبة لوصفه، لكنه باليقين أعظم من كنوز الأرض كلها.

    3ـ إن آلامنا لأجل المسيح تجعلنا ننضم إلى موكب عظيم من الشهود والشهداء الذين سبقونا. فكم هناك من ربوات على مرّ العصور احتملوا لأجل المسيح رفض العالم واضطهاده. ونحن بأخذنا نصيبنا في ذلك، ننضم إلى هذا الموكب العظيم، كقول المسيح هنا: «فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم» (مت 5: 12 ).

    يوسف رياض
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #3
      مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

      شكرا على الموضوع ، كانت اول تعزية ابدأ بها هدا الصباح.

      تعليق


      • #4
        مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

        الأخت راحة
        أشكرك على تعليقك الذى يعطينى حافز للأستمرار فى تقديم هذه التأملات ويطمئننى بان هناك من يقرأ هذه التأملات– صدقينى هذه التأملات اليومية هى سبب عزاء ورجاء وأمل لكل مؤمن –
        كما أشكرك أيضا على مواضيعك التى تشاركينا بها – الرب يباركك
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #5
          مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

          الثلاثاء 3 مايو 2005

          مستندة على حبيبها


          --------------------------------------------------------------------------

          مَنْ هذه الطالعة من البرية مستندة على حبيبها؟(نش 8: 5 )


          البرية لن تستمر طويلاً، ولسنا ساكنين فيها، بل إننا نعبرها كغرباء ونُزلاء، قاصدين وطننا السماوي. رحلة لنا فيها أعظم رفيق نتكئ على صدره فننعم بحبه، ونُحمَل على منكبيه فنتمتع بقوته، ونسكن في ستره فنفوز بحمايته.

          ومن البرية نتعلم درسين: مَنْ نحن في ذواتنا، ومَنْ هو المسيح بالنسبة لنا. في الدرس الأول إقرار بضعفي. لأن مَنْ يستند على آخر هو الضعيف «اسندوا الضعفاء». درس نستريح إن تعلمناه سريعًا، لأننا مُحاطون بالأعداء من الخارج، وقائدهم «رجل الحرب منذ صباه». فماذا يفعل الضعيف. درس ظهر في حياة حزقيا (قوة الله)، فقد أقرَّ بضعفه عندما جاء عليه سنحاريب بجيش عظيم وأخذ مدن يهوذا الحصينة، وحاصر أورشليم. وماذا فعل حزقيا؟ «على الرب إله إسرائيل اتكل، وبعده لم يكن مثله في جميع ملوك يهوذا ولا في الذين كانوا قبله» (2مل 18: 5 ).

          ومن الداخل، ماذا نختبر في ذواتنا إلا الضعف. وبالنسبة لمن شرّفه الرب يسوع بخدمته وليُظهر به رائحة معرفته في كل مكان ولكل الناس، قال: «مَنْ هو كُفؤ لهذه الأمور؟ «ليس أننا كُفاة من أنفسنا أن نفتكر شيئًا كأنه من أنفسنا، بل كفايتنا من الله» (2كو 2: 15 ؛ 3: 5). مع ملاحظة الفرق بين الشعور بالضعف، وهذا مطلوب، والاستضعاف، وهذا مرفوض. فالأول يقودني للاستناد على حبيبي، والثاني يقود الأعداء لضربي وهزيمتي.

          أما عن الدرس الثاني، ففيه إعلان قوة المسيح. وأية قوة؟! «ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا، مَنْ خلق هذه؟ مَنْ الذي يُخرج بعددٍ جُندها، يدعو كلها بأسماءٍ؟ لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا ُيفقد أحد» (إش 40: 26 ). ويا للعجب!! إن هذه القوة غير المحدودة هي لحساب أضعف مؤمن «يُعطي المُعيي قدرة، ولعديم القوة يكثّر شدة» (إش 40: 29 ). ومتى شعرنا بالضعف أمام ما حولنا أو إزاء ما فينا، لنا صوت الرب «تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل».

          ولكل مَنْ يخدم الرب، ليذكر أنه قبل أن يرسل الرب تلاميذه للكرازة باسمه، ألبسهم قوة من الأعالي (لو 24: 49 ) «إن كان يخدم أحدٌ فكأنه من قوة يمنحها الله» (1بط 4: 11 )

          معين بشير
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #6
            مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

            الأربعاء 4 مايو 2005

            تفتة .. مكان الإيقاد


            --------------------------------------------------------------------------

            لأن تُفتة مرتبة منذ الأمس، مهيأة هي أيضًا للملك، عميقة واسعة، كومتها نار وحطب بكثرة. نفخة الرب كنهر كبريت توقدها(إش 30: 33 )


            «تُفته» كلمة معناها "مكان الإيقاد" أو "موضع الاشتعال والنار". وكانت تُفتة (إر 19: 6 ، 11، 13). وإذا نظرنا إلى الجانب الرمزي، نجد أنها إشارة إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت، حيث أن الأشرار الذين سيذهبون إلى بحيرة النار تنطبق عليهم هذه الأوصاف الثلاثة: فهم رفضوا المسيح ليملك عليهم فاستحقوا الذبح (لو 19: 27 )، وهم أموات بالذنوب والخطايا (أف 2: 1 )، ونجسون بسبب شرورهم (مر 7: 23 ).

            ويذكر إشعياء ستة أوصاف عن تُفتة:

            1ـ مُرتبة منذ الأمس: أي أن بحيرة النار المتقدة بالكبريت مرتبة من قبل وجود الإنسان، من لحظة سقوط الشيطان. لم يعدّها الله للإنسان، لكن أعدّها منذ الأمس لإبليس وملائكته (مت 25: 41 ).

            2ـ مُهيأة هي أيضًا للملك: تستقبل كل الأشرار: الغني والفقير، الملك والحقير، المتعلم والجاهل، إبليس وملائكته، الوحش والنبي الكذاب.

            3 ـ عميقة: أي لا نهاية لهذا العذاب، إذ يقول الرب: «فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي» (مت 25: 46 ).

            4ـ واسعة: أي تسع لكثيرين «لأنه واسعٌ الباب ورحبٌ الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه» (مت 7: 13 ).

            5ـ كُومتها نارٌ وحطبٌ بكثرة: أي أن عذابها شديد جدًا، نار لا تُطفأ ودود لا يموت، إنها النار الأبدية «ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين. ولا تكون راحة نهارًا وليلاً» وأيضًا «وسيُعذبون نهارًا وليلاً إلى أبد الآبدين» (رؤ 14: 11 ؛ 20: 10).

            6ـ نفخة الرب كنهر كبريت توقدها: أي عظيم هو غضب الله الذي سينصب على الأشرار، لأن «غضب الله مُعلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم» (رو 1: 18 ).

            تفتة مكان مُرعب لكل نفس بعيدة عن المخلص الوحيد، الذي هو الرب يسوع. لذلك اهرب من الغضب الآتي.

            أمين هلال
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #7
              مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

              الخميس 5 مايو 2005

              أليمالك والبؤس في موأب


              --------------------------------------------------------------------------

              صار جوعٌ في الأرض، فذهب رجلٌ (أليمالك) من بيت لحم يهوذا ليتغرب في بلاد موآب هو وامرأته وابناه ... ومات أليمالك(را 1: 1-3)

              مذكور مرتين في سفر الأمثال أنه «توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت» (أم 14: 12 ، 16: 25). فأليمالك اختار الطريق التي تؤدي إلى موآب ليجد الطعام البائد، ولكنه وجد هناك قبراً «ومات أليمالك رجل نُعمي، وبقيت هي وابناها» (ع3)، فأصبح بيتهم في موآب بيت نوح إذ ناحت هناك نُعمي على فقد زوجها الذي كانت تحبه وتجلّه، وخسر محلون وكليون الرعاية الحكيمة القوية التي كان يحيطهما والدهما بها.

              ولا شك أن التغرب في موآب بدا لأليمالك بأنه الخطة الحكيمة التي تُتبع، ولكن هل سعى لمعرفة مشيئة الله أولاً؟ هل انتظر حتى يسمع صوت الله قائلاً له: «هذه هي الطريق، سِر فيها». لقد كان يطلب الخبز ولكنه كان يجب أن يتذكر كلمات موسى التي لم يَطل العهد على كتابتها «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان» (تث 8: 3 ). لا ريب أنه وجد خبزاً في موآب لأنها مكان حقول مُثمرة (إر 48: 31 -33) وكروم (إش 16: 8 -10) ومراعي للقطعان (2مل 3: 4 ) ولكن لم تكن له كلمة من فم الرب يستند عليها في الذهاب إلى موآب، ولذلك مات هناك.

              على أن هذه الكارثة لم تدفع نعمي وابنيها للرجوع إلى بيت لحم، بل ظلوا مستقرين في موآب، واتخذ الابنان لهما «امرأتين موآبيتين ... وأقاما هناك نحو عشر سنين» (ع4). فمحلون وكليون تصرفا كما أرادا تحت مسئوليتهما. صحيح أنهما حضرا إلى موآب بأمر والدهما، ولكنهما اختارا زوجتيهما بمحض إرادتهما. لقد كان قصد الأب أن «يتغرب» في موآب ولكنهما الآن قررا أن يستقرا نهائياً في الأرض الوثنية. فالذين يسلكون طريقاً منحدراً يسيرون بخطوات سريعة. لقد كان الزواج بالوثنيات محظوراً في ناموس موسى (تث 7: 3 ) ولم يكن مسموحاً أن «يدخل موآبي في جماعة الرب إلى الأبد» (تث 23: 3 ،4)، ولكن هذين الشابين الجاهلين العنيدين تزوجا بعُرفة وراعوث، وأقاما في موآب نحو عشر سنين، وماتا كلاهما بغير نسل، وتم في هذه العائلة البيتلحمية ما كتبه الرسول بعد ذلك بزمن طويل «لا تضلوا! الله لا يُشمخ عليه. فإن الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً» (غل 6: 7 ).

              و.ج. هوكنج
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #8
                مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                الجمعة 6 مايو 2005

                معجزة إشباع الجموع الأولى


                --------------------------------------------------------------------------

                ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين: الموضع خلاء والوقت قد مضى. اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا(مت 14: 15 )

                إني قد تأثرت جدًا من منظر التلاميذ وربهم في حادثة إشباع الجموع، وفيها رأيت مَنْ هو الله، ومَنْ هو الإنسان، ورأيت البُعد الشاسع بينهما والتباين بين قلب الله وقلب الإنسان؛ الفرق بين قلبنا وقلب ربنا يسوع.

                ففي الأصحاح الرابع عشر من إنجيل متى، نجد التلاميذ هم البادئون في الكلام، وباعث قلوبهم أن يصرفوا الجموع لا أن يطعموهم «اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا». فباعث القلب هذا، باعث رديء جدًا وسيء للغاية ـ باعث يُظهر مشغولية التلاميذ بأنفسهم ونسيانهم للجموع، اشتاقوا أن يُتركوا وحدهم لأنهم شعروا بتطفل وتهجم الجموع (مر 6: 33 )، وامتاز هذا الباعث بالرياء وبرودة القلب وعدم المبالاة، وقد تجلت فيهم الأنانية بصورة واضحة. أما قلب الرب فكان خلاف ذلك بالتمام، وما كان منه إلا أن أمر بإطعامهم في الحال لا بصرفهم.

                وما أغبطنا أيها القارئ العزيز عندما نرى قلبه العطوف يوبخ قلوبنا، وعندما نرى ظلام أنانيتنا الدامس يكشف بهاء نعمته وجمال محبته، ويجب علينا أن نجد لذتنا في هذا النور الذي من الجهة الواحدة يوبخنا ومن الجهة الأخرى يعكس نور محبته فينا.

                اغتاظ التلاميذ وأخذهم الغضب، وقالوا، لا يوجد لدينا إلا القليل من الأرغفة والسمك، كيف نبسط مائدة أمام هذا الجمع الغفير؟ وهنا انكشفت حالة قلوبهم وظهر أن لا إيمان لهم ولا محبة فيهم، لم يعرفوا إلا زادهم وقُفتهم وأرغفتهم وسمكهم، ولم يحسبوا لوجود المسيح الرب في وسطهم حسابًا، لم يراعوا الشخص الكريم الحاضر في وسطهم الذي قال: «ائتوني بها إلى هنا». وما أعذب المعاني المتضمنة في هذا القول الذي نطق به الرب، ولسان حاله يقول: في صُحبتكم ورفقتكم مَنْ هو أعظم وأكثر من الأرغفة والسمك، في وسطكم إله البرية الذي أطعمكم أكثر من أربعين سنة. وفعلاً برهن لهم في الحال أن ذراعه لم تقصر عن أن تخلص، وعندئذ أخذ في بسط المائدة وإعدادها.

                هنا نرى الإنسان ونرى الله، هنا قلبنا وقلب الرب يسوع المُحب الذي لم يرض أن يعيّرهم أو يوبخهم، بل جعل قلوبهم تؤدبهم مُعطيًا إياهم شاهدًا آخر لمحبته، فوطأ الأمواج وجاء إليهم (مت 14: 25 ).

                بللت
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #9
                  مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                  السبت 7 مايو 2005

                  وادي بَرَكة


                  --------------------------------------------------------------------------

                  وكانوا ثلاثة أيام ينهبون الغنيمة لأنها كانت كثيرة. وفي اليوم الرابع اجتمعوا في وادي بركة، لأنهم هناك باركوا الرب(2أخ 20: 25 ، 26)

                  في أثناء تسبيح بني إسرائيل بترنيمة الخلاص، كان أعداؤهم يهلكون بعضهم البعض (ع22، 23). وكل ما كان عليهم أن يفعلوه حينئذ هو مشاهدة هلاك أعدائهم الكامل وأن ينهبوا الغنيمة الكثيرة «وكانوا ثلاثة أيام ينهبون الغنيمة لأنها كانت كثيرة» (ع25).

                  ولنلاحظ أن فترة الثلاثة أيام تُشير إلى موت وقيامة ربنا يسوع المسيح من الأموات (1كو 15: 3 ، 4). ما تبعه أحد إلى الجلجثة، إلى أرض المعركة، حتى ولا أقاموا عند الأمتعة، بل قد تركوه كلهم، ولكنه رجع منتصرًا من أعظم صراع، ليقتسم أسلابه مع قطعانه الضعيفة!! (قارن من فضلك 1صم30: 24، 25). فلقد وزع لكل واحد وللجميع، بسخاء يد المحبة السرمدية، السلام والفرح (يو 20: 19 ، 20). المقام الجديد أمام إلهه وأبيه (يو 20: 17 )، وخُلاصة القول، وزع عليهم الخلاص العظيم الذي هو غنيمة صراع الجلجثة الرهيب! .. ولقد صعد ابن الله إلى العلاء، وسبى سبيًا، وقبل عطايا بين الناس (عب 2: 9 )، الجالس في يمين عرش العظمة في السماوات (عب 8: 1 ). وكل العطايا والمكافآت التي قبلها من الآب (بحسب مزمور68: 18) قد أعطاها للمؤمنين به، الذين يسميهم الرسول بولس في أفسس4: 8 «الناس».

                  وكما احتفل الشعب في 2أخبار20 بالانتصار بقلوب شاكرة «وفي اليوم الرابع اجتمعوا في وادي بركة، لأنهم هناك باركوا الرب، لذلك دَعَوا اسم ذلك المكان وادي بركة إلى اليوم» (ع26)، دعونا نحن أيضًا ـ أيها الأحباء ـ نفكّر كمؤمنين في نُصرة الصليب التي ربحها لنا الرب يسوع المسيح بكُلفة غالية دون أن نشاركه في عاره وفي آلامه. وماذا إذًا تُرك للمؤمن المسيحي لكي يفعله؟ لا شيء سوى أن يتمتع بنتائج هذا الانتصار، وفي «وادي بركة» الحقيقي نجتمع معًا إلى اسمه لنقدم السُبح والسجود والبركة لإله وأبي ربنا يسوع المسيح كمن هو مصدر كل بركة.

                  نعم «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح» .. ويا لروعة هذه الأنشودة التي تتكرر في ثلاثة مواضع في العهد الجديد؛ من أجل الماضي (أف 1: 3 )، ومن أجل الحاضر (2كو 1: 3 )، وأيضًا من أجل المستقبل (1بط 1: 3 ).

                  فايز فؤاد
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #10
                    مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                    الأحد 8 مايو 2005

                    المحبة الشارية


                    --------------------------------------------------------------------------
                    وقال الرب لي: اذهب أيضًا أحبب امرأة حبيبة صاحب وزانية، كمحبة الرب لبني إسرائيل ... فاشتريتها لنفسي(هو 3: 1 ، 2)

                    ذهب النبي هوشع إلى سوق العبيد ليشتري جومر، التي كانت قد هجرته وذهبت وراء آخرين ظنًا أنهم مُحبيها ومصدر خيراتها وسعادتها!! (هو 2: 5 ). لكنها اكتشفت عكس ذلك، فبعد أن استغلوها تنكَّروا لها وتركوها، وتردّت في مذلة وهوان، وانتهى بها المطاف جارية تُعرَض للبيع في سوق العبيد.

                    دعونا نتصور المشهد في ذلك اليوم: ذهب هوشع إلى سوق العبيد، بناءً على أمر الرب له. وبدأ المزاد، وكانت جومر تقف في الوسط، يغطي الخجل وجهها، والرعشة تسري في جسدها، والعرق يتصبب من جبينها. وكانت لا تجرؤ أن ترفع وجهها نحو المُحيطين بها!! يا للعار! يا للهوان!

                    وإذ بشخص يقف ويقدِّم الثمن المطلوب. ثم يتقدم منها ويفك قيدها، ويكسو جسدها بثوب، ثم يمسك يدها ويهمس في أذنها: "لقد اشتريتك"!! واستفاقت من غيبوبتها، وعرفت أنه هوشع رجلها الذي هجرته وخانته، فانهمرت الدموع من عينيها، وقامت وسارت وراءه وجاءت إلى البيت، وقد انفطر قلبها من محبته.

                    لقد تكلف هوشع ثمنًا ليسترد زوجته إليه، ودفعه عن طيب خاطر لمحبته لها. ومحبة المسيح كلَّفته ثمنًا باهظًا ليشترينا ويصيّرنا له. لقد «مضى وباع كل ما كان له واشترانا»، لقد صار عبدًا ليحررنا، وسفك الدم الكريم ليشترينا.

                    هوشع لم يَمُت لأجل امرأته. أما المسيح فقد ذُبح لأجلنا، وستكون ترنيمة المفديين جميعًا في السماء «مستحقٌ أنت ... لأنك ذُبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة، وجعلتنا لإلهنا ملوكًا وكهنة، فسنملك على الأرض» (رؤ 5: 9 ، 10).

                    أيها الأخ المؤمن .. هل تذكر دائمًا أنك افتُديت (تم فكك وتحريرك) «لا بفضة أو بذهب (أثمن الأشياء)، بل بدمٍ كريم، كما من حَملٍ بلا عيب ولا دنس، دم المسيح»؟ (1بط 1: 18 ، 19). هل الثمن الباهظ الذي تكلفه فاديك لينقذك ويحررك ماثل دائمًا قدام عينيك، فتهتف مع الرسول المغبوط «ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي»؟

                    فريد زكي
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #11
                      مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                      الاثنين 9 مايو 2005

                      الثلاثة الأبطال الأُول


                      --------------------------------------------------------------------------

                      فتأوه داود وقال: مَنْ يسقيني ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب؟ فشق الأبطال الثلاثة محلة الفلسطينيين واستقوا ماء من بئر بيت لحم(2صم 23: 15 ، 16)

                      الثلاثة الأبطال الأُول الذين لداود: واحد في يومه «هزّ رمحه على ثمان مئة قتلهم دفعة واحدة»، والثاني حارب «حتى كلَّت يده، ولصقت يده بالسيف»، والثالث، وقف في وسط قطعة حقل مملوءة عدسًا وأنقذها، وضرب الفلسطينيين، فصنع الرب خلاصًا عظيمًا (2صم 23: 8 - 12). عجائب تصنعها الأيادي عندما يكون من ورائها قلوب عامرة بالمحبة.

                      على أن ذلك وحده لم يكن سبب إعطائهم مركز الصدارة، بل قصة جمعت ثلاثتهم، ويقول عنها الوحي «هذا ما فعله الثلاثة الأبطال».

                      لقد نزلوا إلى داود، إلى حيث كان، إلى مغارة عدلام، قابلين الرفض معه، أو بالحري حاملين عاره. هناك، ولأنهم كانوا في موضع الشركة معه والقرب اللصيق منه، سمعوه يتأوه. نعم، يتأوه .. لا يأمر .. ولا يطلب .. بل لعلها كانت مُناجاة بينه وبين نفسه، يجتر فيها ذكريات الماضي. والثلاثة إن نفّذوا أوامره، فهم جنود أوفياء، وإن لبّوا طلباته فهم أصدقاء مُخلصين، لكن ماذا إذ سعوا لتنفيذ تأوه قلبه، وإن كلفهم ذلك حياتهم؟! إنها المحبة في أبلغ صورها.

                      إن أولى إظهارات الحب للسيد، هي: «الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني» فطاعة الوصايا المباشرة، المُعلنة في الكتاب المقدس، هي الإعلان الذي بدونه لا يمكننا أن نقول إننا نحب الرب. لكن إذ يقوى الحب، ويزداد القرب منه، تسمو المحبة في إعلانها «إن أحبني أحد يحفظ كلامي» (يو 14: 21 ، 23).

                      اسمع ما فعلته المحبة: لقد شق ثلاثة أبطال جيشًا بأكمله، ليعودوا بكأس ماء!! من أين لكم بتلك القوة الجبارة لتخترقوا صفوف واحد من أعتى الجيوش؟ إنها المحبة. كيف بهذه السهولة تضحون بأرواحكم؟ هي المحبة. كيف أعطيتم لمثل هذا الأمر البسيط، قيمة تساوي أعماركم؟ لا إجابة إلا المحبة. و«إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تُحتقر احتقارًا». وقد أعطوها، فيا للتقدير الذي نالوه! تأثر داود بما حدث، ورأى في الماء الذي أحضروه خليط من حبهم وحياتهم، حتى رأى أن لا أحد يحق له هذه المياه إلا الرب وحده. وأما أغلى محبتنا في عيني سيدنا! إنها لا تُقدَّر بثمن.

                      عصام خليل
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #12
                        مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                        الثلاثاء 10 مايو 2005

                        ريح الشمال وريح الجنوب


                        --------------------------------------------------------------------------

                        استيقظي يا ريح الشمال، وتعالي يا ريح الجنوب! هُبي على جنتي فتقطر أطيابها. ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس(نش 4: 16 )

                        إن كلمة "ريح" تُستعمل كثيرًا في الكتاب المقدس كإشارة إلى الروح القدس. فكأن الرب، له المجد، يريد أن يعمل بروحه بوسائل متنوعة في قلوب شعبه المحبوب «جنته» لكي تقطر أطيابها. سواء بريح الشمال أو بريح الجنوب. فقد يستخدم الرب عصفًا عاتيًا من الشمال أو لفحة هادئة من الجنوب لكي تقطر أطياب جنته ولكي يجد فيها ثمرًا نفيسًا، فكل الظروف المختلفة والمتنوعة التي يجتازها القديسون تؤول إلى نموهم في النعمة وفي الإتيان بالأطياب وبالثمر النفيس.

                        لقد هبت ريح الشمال عندما حدث اضطهاد عظيم على الكنيسة (أع 8: 1 - 3)، كما هبَّت ريح الجنوب عندما كان للكنائس سلام وكانت تُبنى في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر (أع 9: 31 ). وكذلك بولس وسيلا فإنهما اختبرا ريح الجنوب في بيت ليدية، ولكن عصفت عليهما ريح الشمال العاتية في سجن فيلبي (أع16).

                        ولا ريب في أنه في كلتا الحالتين قطرت هناك أطياب ذكية للرب الحبيب، فكل الظروف التي ترتبها المحبة الإلهية للقديسين، تؤول بكل يقين إلى الثمر المُبهج لقلب الرب «ونحن نعلم أن كل الأشياء (رو 8: 28 ).

                        ولقد ظهر الثمر في حياة العروس، ولذا تدعو حبيبها ليأتي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس، وهو ـ له المجد ـ يُجيبها على الفور: «قد دخلت جنتي» (نش 5: 1 ). إنه ـ تبارك اسمه ـ لا يرجئ الإتيان إليها، فلا يقول لها سأدخل، بل «دخلت»، فكأنه في اللحظة التي تدعوه فيها، تراه حاضرًا لأن قلبه على استعداد دائمًا أن يلبي نداء أحبائه.

                        «وبعد قليل جدًا» ستُنقل أغراس جنة الرب إلى الفردوس الأسنى، أو بالأحرى إلى بيت الآب نفسه حيث الهدوء والسلام والراحة الكاملة، وحيث لا تكون هناك حاجة إلى ريح الشمال العنيفة ـ ريح الضيق والتأديب. هناك لا يكون للخطية أثر، وبالتالي لا يكون هناك وجع أو حزن. هناك ترتوي أغراس الرب من ندى المحبة الأبدية، فلا تذبل أبدًا وتكون لبهجة قلب الآب ولمجد ربنا المعبود حيث الله الروح القدس معنا إلى الأبد.

                        متى بهنام
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #13
                          مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                          الأربعاء 11 مايو 2005

                          راحاب وعمل الإيمان


                          --------------------------------------------------------------------------

                          كذلك راحاب الزانية أيضًا، أما تبررت بالأعمال، إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر؟(يع 2: 25 )

                          لقد تحدَّث الرسول يعقوب عن الإيمان وحده (يع 2: 24 )، أي الإيمان الذي لا يصاحبه عمل الإيمان، وقال عنه إنه ميت في ذاته (يع 2: 17 ). وعندما تحدَّث يعقوب عن الذين تبرروا بالأعمال، ذكر لنا مثالين هما إبراهيم وراحاب. قال يعقوب إن راحاب تبررت بالأعمال إذ قبلت الرسل. وقبلها قيل عن إبراهيم في عبرانيين13 إنه أضاف ملائكة. وكلمة "ملائكة" تعني بحسب اللغة العبرية: رسلاً. وهكذا نجد تشابهًا بين إبراهيم وراحاب.

                          ومن اللافت أن العمل الذي ذكره الرسول لكل من إبراهيم وراحاب، لم يكن بحسب موازين البشر عملاً ممدوحًا، بل هو «عمل الإيمان»، وكان بما يتوافق مع إعلان الله الذي وصل إلى كل منهما. أجلْ، فهل ما عمله إبراهيم عندما همَّ بذبح ابنه، يُعتبر في ذاته عملاً يمدحه الناس عليه؟ العكس هو الصحيح، فهو عمل يعاقب عليه القانون البشري عقوبة قاسية، باعتبار مرتكبه قاتلاً من أردأ أنواع القتلة، إذ شرع في قتل ابنه. ومرة ثانية، هل ما عملته راحاب عندما خبأت الجاسوسين في بيتها، ولم تسلمهما لملك البلاد، يُعتبر عملاً صالحًا بمفهوم البشر؟ العكس هو الصحيح، فإن ذلك جريمة يعاقب عليها القانون أيضًا بالإعدام، باعتبار مرتكبه خائنًا لوطنه في زمن الحرب مع العدو. ولذلك فدعنا لا ننسى أن يعقوب لم يَقُل إن التبرير هو بالأعمال الخيرية جنبًا إلى جنب مع الإيمان، ولا هو بأعمال البر التي يقوم به الإنسان، لكنه قال إنه بعمل الإيمان، أي بالإيمان الحقيقي الحي، الذي لا يتوقف عند حد العقيدة أو حد الكلام.

                          ولذلك فإن راحاب لم تَقُل للجاسوسين: أنا أؤمن بأن الرب هو الله، وأنه أعطاكم الأرض، لكن لا تطلبوا مني شيئًا أكثر من ذلك، لأني في وضع لا يسمح لي بأن أعمل أي شيء. لقد سمعت راحاب أخبارًا عن الله وعن شعبه، وعن قصده من جهتهم، وهي لما سمعت تلك الأخبار صدقتها، من ثم فقد تجاوبت مع ما سمعت، واتخذت قرارًا وموقفًا. لقد قررت أن يكون الرب هو إلهها، وأن يكون شعبه هو شعبها. وبذلك فقد كان إيمان راحاب إيمانًا قلبيًا، كما كان حقيقيًا.

                          ولذلك، فكم توبخ راحاب جمهورًا لا يُحصى من مجرد المسيحيين المعترفين، ذوي الإدعاء الفارغ. فراحاب لم تكن من هذا النوع. وكانت أعمالها برهانًا على حقيقة إيمانها وحيويته.

                          يوسف رياض
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #14
                            مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                            الخميس 12 مايو 2005

                            استفانوس والنظر إلى المسيح الممجد (1)


                            --------------------------------------------------------------------------

                            وأما هو فشَخَص إلى السماء وهو ممتلئ من الروح القدس، فرأى مجد الله، ويسوع قائمًا عن يمين الله(أع 7: 55 ، 56)


                            توجد حقيقتان تمتاز بهما المسيحية، وهما:

                            أولاً: وجود إنسان ممجد في السماء، وثانيًا: سُكنى الله في الإنسان على الأرض. ولا شك أنهما حقيقتان خطيرتان مجيدتان خاصتان بالمسيحية دون سواها، ولم تُعرفا إلا بعد إتمام عمل الفداء وتبوء الفادي مكانه عن يمين عرش العظمة في السماوات. وحينئذ شُوهد ولأول مرة إنسان على عرش الله. ويا له من منظر عجيب ونتيجة باهرة لعمل الفداء الكامل! فقد ظهر العدو في موقف الظافر المنتصر عندما طُرد الإنسان الأول من الجنة. ولكن هوذا الإنسان الثاني قد دخل السماء غالبًا وجلس على عرش الله الأزلي. هذه الحقيقة العُظمى تقابلها حقيقة سُكنى الله «الروح القدس» في الإنسان على الأرض. وهما أمران لم يكونا معلومين في أزمنة العهد القديم. إذ ماذا كان يعرف إبراهيم أو غيره من مشاهير القدماء، عن الإنسان الممجد في السماء؟ لا شيء. وكيف يتسنى لهم ذلك ولم يكن الرب يسوع قد جلس هناك بعد. ولم يسكن الروح القدس في الإنسان على الأرض إلا بعد أن تمجد المسيح في السماء.

                            من يوحنا7: 39 حيث يقول: «لأن الروح القدس لم يكن قد أعُطيَ بعد، لأن يسوع لم يكن قد مُجِّد بعد» نرى اقتران هاتين الحقيقتين السالف ذكرهما اقترانًا واضحًا وحقيقيًا. فتمجيد المسيح في الأعالي، وسُكنى الروح القدس في الإنسان على الأرض، أمران لا ينفصلان عن بعضهما، يتوقف ثانيهما على أولهما، وركنان عظيمان تمتاز بهما المسيحية المجيدة المُعلنة في إنجيل الله.

                            «وأما هو فشَخَص إلى السماء وهو ممتلئ من الروح القدس، فرأى مجد الله، ويسوع قائمًا عن يمين الله. فقال: ها أنا أنظر السماوات مفتوحة، وابن الإنسان قائمًا عن يمين الله». وهنا نشاهد ظهور هاتين الحقيقتين الساميتين في إنسان تحت الآلام مثلنا؛ أعني به استفانوس، فقد كان ممتلئًا من الروح القدس وشاخصًا إلى الإنسان الممجد في السماء. هذه هي المسيحية بمعناها الصحيح، وتلك هي صورة المسيحي الحقيقي الأصلية. شخص ممتلئ من الروح القدس ناظر بالإيمان إلى السماء، ومشغول بالمسيح الممجد هناك. ولا ينبغي أن نرضى بمقياس دون هذا.

                            ماكنتوش

                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق


                            • #15
                              مشاركة: قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" - مايو 2005

                              الجمعة 13 مايو 2005

                              معجزة إشباع الجموع الثانية


                              --------------------------------------------------------------------------

                              وأما يسوع فدعا تلاميذه وقال: إني أشفق على الجمع ... ليس لهم ما يأكلون. ولست أريد أن أصرفهم صائمين لئلا يخوِّروا في الطريق(مت 15: 32 )


                              في الأصحاح الخامس عشر من إنجيل متى، نجد الرب يسوع يبدأ بمفاتحة تلاميذه بالكلام، ويُظهر قلبه المحب ويُسمعهم نبضات ذلك القلب العطوف. وهنا نرى أنه ما أبعد الفرق بينه وبينهم. وما أحلى أن نرى قلب يسوع يشترك في إعواز البشر ويرق لمشاهد فقرهم، ويتحنن ويعطف عليهم خلافًا لقلب الإنسان.

                              اصغِ إلى نبرات حنانه «أما يسوع فدعا تلاميذه وقال: إني أشفق على الجمع، لأن الآن لهم ثلاثة أيام يمكثون معي وليس لهم ما يأكلون. ولست أريد أن أصرفهم صائمين لئلا يخوّروا في الطريق» لأن «قومًا منهم جاءوا من بعيد» (مت 15: 32 ؛ مر8: 3)، فلم يَقُل اصرفوهم كما قالوا هم سابقًا (مت 14: 15 )، بل قال: «إني أشفق على الجمع» وقد عرف حزنهم بتدقيق وقدّر الوقت الذي صرفوه معه والسفرة الطويلة المزمعين أن يسافروها، والبُعد الذي أتوا منه (مر 8: 2 ، 3) وما أبدع الكمال البادي في هذا الحساب الدقيق الذي لا مثيل له في قلوب التلاميذ الذين أظهروا النقص نحو رفقائهم ونحو الرب، ولم يكن عندهم جواب يتفق مع قلب سيدهم. ولما بان قلب الرب الجميل انكشفت خيانة قلوبهم وحالاً نسوا إطعام الجموع حديثًا (مت 14: 14 - 21)، وامتلأوا بفكرة إطعام الجمع الغفير بالزاد اليسير، وما كنا نظن أنهم ينسون الدرس الماضي بغاية السرعة في ظروف مُشابهة، حقًا إن هذا يدعوا إلى الاستغراب والسؤال: كيف نسوا؟! ولكن يتراءى لي أن قلب الإنسان غير ميّال بالمرة لإظهار مجد الله، لذلك يتصامم عن صراخ الحزانى حوله ولا يعبأ بهم.

                              وها نحن قد نظرنا الإنسان والله ـ القلب الذي نحمله وقلب ربنا يسوع المسيح. إظهار قلوبنا يذلنا ويقودنا إلى التواضع، أما إظهار قلب يسوع يُبهجنا وينعشنا، ويلّذ لنا أن نرى قلب يسوع لم يكّل ولم يضجر مما ناله من الإنسان ورآه في الإنسان. فلم يُسلّم في التلاميذ بعد أن انكشفت قلوبهم الرديئة، ولكن ظل سائرًا معهم مُبديًا لهم صبر محبته وغنى نعمته وطول أناته إلى المُنتهى.

                              حقًا إنه لا مناص من تعلم الدرسين معًا؛ درس مَنْ هو الإنسان، وهذا فيه من المذلة ما فيه، ودرس مَنْ هو الله، وكم من التعزية والفرح والطمأنينة في ذلك.

                              بللت
                              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                              تعليق

                              من قاموا بقراءة الموضوع

                              تقليص

                              الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                معلومات المنتدى

                                تقليص

                                من يتصفحون هذا الموضوع

                                يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                  يعمل...
                                  X