بمناسبة الاحتفال بذكرى عيد الإصلاح في 31 ت 1 سنة 1937.
إن الكنيسة الإنجيلية قد لبست بعمل لوثيروس حلة فخار تبقى ما لبس النهار حلة الشمس وتاج مجد يدوم ما كلل البدر هامة الليل.
وما عساه يقال في لوثيروس الراهب السكسوني البابوي المخلص لدينه! وماذا حمله على أن يقاوم العالم وقوة السياسة. وأي الدنيويات تجعل الإنسان يخالف أوامر الذين يكرمهم ويخاطر بحياته ليكون عارا ويلقب بمبتدع هرطوقي ضال.
لا شيء حمل لوثيروس على اعتزال الكنيسة البابوية سوى تلك التجارة القبيحة التي قام بها الراهب تتزل Tetzel وأعوانه من بيع الغفرانيات مدعين أن كلامهم ككلام الله. ولما نزل تتزل على بضعة أميال من مدينة "وتنبرغ" حيث كان لوثيروس أصغى إليه كثير من العامة لسذاجتهم. ولم يجسر أحد من العلماء أن يعترض جهارا أو أن يقاوم هذه الخرافات. حتى قام العلامة لوثيروس مرسلا من قبل الله الذي يؤهل كلا منا للعمل الذي يفرضه عليه فيخلق للأعمال الشاقة أناسا أقوياء البنية ولقيادة الجيوش رجالا أشداء القلوب لا يهابون الأهوال وللاصلاح أفرادا صلتي الالسنة عابسي الوجوه لا يرهبون إنسانا.
إن لوثيروس على ما حواه من الأوصاف المحبوبة كان حاد الطبع قاسي الخلق وفي قيافته ما يدل على ذلك فإن ما اجتمع فيه من استدارة الوجه وغلظ العنق وانضمام الشفتين يدل على الإرادة الحديدية والقدرة على احتمال ما لا يحتمله إلا القليلون من المشاق وشدة الأعمال وقد أعده الله لمحاربة الأبالسة بأن آتاه طبعا ترجف الأبالسة منه خوفا فكان شجاعا باسلا لم يهب صغيرا ولا كبيرا غير أنه ولد ونشأ فقيرا وهكذا شب لوثيروس بين حقائق الأشياء المرة وكانت تلك الأشياء انفع مدرسة له تعلم سنة الحق وألف صحبة الحقائق وهذا واجبه في الحياة أن يعرف الحقيقة ثم يرجع إليها هذا العالم الكبير ليعلن أن عفو الله لا يحتاج إلى شفاعة إنسان ولا يباع في السوق بالذهب الرنان.
فثار لوثيروس على أوراق الغفرانيات الكاذبة فدمغ بالحق باطلهم ثم كتب الخمس والتسعين قضية وعلقها على باب كنيسة وتنبرغ من أعمال ألمانيا يبطل بها بيع الغفرانيات وقد أجرى ذلك في الساعة الثانية عشرة ظهرا يوم الجمعة في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول من السنة السابعة عشرة والخمسمائة بعد الألف. لله أنت يا لوثيروس. وقد أتيح لك أن تكون للخرافات البابوية ممزقا. ولنظامها مبددا. وللكنيسة مصلحا.
إن غيرة لوثيروس لم تكن لأجل المقاومة بل لأجل إعلان الحق وهو لم يخترع شيئا في الدين إنما كشف عنه نقاب البدع والأباطيل وأبان للناس الأسس القديمة التي كانت قد علاها الشوك والحسك. فبنى هيكل الله على الأسس التي وضعها الرسل وتابعهم أُلو الرأي المستقيم. وقد استمرت الكنيسة اللوثرية على الاحتفال بهذا اليوم التاريخي كعيد ميلاد للإصلاح.
لوثيروس هبة منحت للإنسانية وأعظم مفكر بين فلاسفة الأرض وعظمائها. أين الملوك والأمراء. أين الشعراء والخطباء. أين الفقهاء والفصحاء من لوثيروس؟
فهو الأستاذ الشهير. والكاتب التحرير. والخطيب القدير. والموسيقي الساحر. واللاهوتي الفريد. عجيب في صراحته وحرية ضميره وجسارته وثباته. ولولا ذلك لما استطاع تعليق الخمس والتسعين قضية على باب الكنيسة الباقية إلى هذا اليوم.
جدير به أن يدعى نبي القرن السادس عشر إذ ينطبق بالحق ولا يبالي بتلك المحكمة التي تألبت عليه. ولم يقف إنسان قط وقفته في محضر جماعة كهذه.
إذ كان فيها الإمبراطور تشارلي الخامس وأخوه فريدنند رئيس الأمراء. وستة من الملوك وأربعة وعشرون أميرا. وثمانية شرفاء وثلاثون من رؤساء الأساقفة وسبعة سفراء. ووكلاء عشر مدن حرة وعدد كبير من الأعيان والأشراف والجملة مئتان وأربعة.
قال لوثيروس أمام تلك المحكمة الرهيبة والعزم يتمشى في روحه. "إني لا أتنازل عن اعتقاداتي ما لم أقتنع ببطلانها من الكتاب المقدس" خصمان متوجهان الأول قوة العالم وجيوش الأرض والثاني رجل فرد هو لوثيروس قام في نصرة الحق خطيبا فتكلم ساعتين أبكم كلا من الحاضرين وأبان لهم أنه يخضع للحق وليس لغيره يخضع.
ألا ترون أن هذه كانت أخطر ساعة في التاريخ الحديث وأجل مشهد في تاريخ أوربا وأن عليها قامت دعائم الدستور الإنكليزي والحرية الأمريكية والثورة الفرنسية.
ولا يزال دفاع لوثيروس عن نفسه أمام المجلس الديني معدودا من أجل صفحات التاريخ والمنبع الذي منه فاض تاريخ المدنية الحديثة. فاينما لفت المرء فكره يدرك أن لوثيروس منشئ للحرية العصرية الحديثة. وأن البشر لم يعودوا بهائم عجماوات يسوقها الرعاة البابويون. وإلى شجاعته يرجع الفضل في إطلاق الفكر من قيوده والاعتراف بما للعقل البشري من الحقوق العظيمة. ولا نعلم قط في التاريخ الحديث والغابر إنسانا أشجع قلبا من لوثيروس!
ولما قال كلمته المأثورة أنه "لو كان عدد الشياطين في ورمس. أضعاف ما على السطوح من قرميد لابد لي من أن أدخلها" لم تكن هذه الكلمات لمجرد الافتخار بل كانت عن عقيدة راسخة بأن هنالك شياطين يعترضون عباد الله في عبادتهم. ومن يذهب إلى الغرفة التي كان يكتب فيها حيث كان قد ظهر له شيطان مخيف أتاه ليقعده عن ترجمة الإنجيل قثار لوثيروس ثورة جبار وأخذ الدواة فرمى بها الشيطان وأثر الدواة في الحائط باقٍ إلى الآن ومن كان لا يهاب شياطين الجحيم فهو أحرى أن لا يهاب ملوك الأرض وقواتها. خلاصة القول: إننا نعيش في عالم يختلف عن العالم الذي كان، وكاد يستمر عليه البشر لو لم يرسل الله لوثيروس!
فلنشكر الله تعالى لإرساله لوثيروس مصلحا للكنيسة ونتوسل إليه تعالى أن يجعل هذا اليوم مباركا على الكنيسة المسيحية وأن ينكس الراية الشيوعية الإلحادية وأن يلاشي من الكنيسة جميع البدع والتعاليم الكفرية ويحمينا من أحفاد آخاب الطماع ويهوذا الخائن وهيرودس الفاجر وفيلكس الدنيوي.
وأن يملأ قلب كل مسيحي بالمحبة والأمانة والتضحية لخدمة من أحبنا ومات عنا معلقا على خشبة الصليب الذي له ينبغي كل المجد والإكرام والسجود إلى أبد الآبدين آمين.
المرجع
مرجعنا هنا
إن الكنيسة الإنجيلية قد لبست بعمل لوثيروس حلة فخار تبقى ما لبس النهار حلة الشمس وتاج مجد يدوم ما كلل البدر هامة الليل.
وما عساه يقال في لوثيروس الراهب السكسوني البابوي المخلص لدينه! وماذا حمله على أن يقاوم العالم وقوة السياسة. وأي الدنيويات تجعل الإنسان يخالف أوامر الذين يكرمهم ويخاطر بحياته ليكون عارا ويلقب بمبتدع هرطوقي ضال.
لا شيء حمل لوثيروس على اعتزال الكنيسة البابوية سوى تلك التجارة القبيحة التي قام بها الراهب تتزل Tetzel وأعوانه من بيع الغفرانيات مدعين أن كلامهم ككلام الله. ولما نزل تتزل على بضعة أميال من مدينة "وتنبرغ" حيث كان لوثيروس أصغى إليه كثير من العامة لسذاجتهم. ولم يجسر أحد من العلماء أن يعترض جهارا أو أن يقاوم هذه الخرافات. حتى قام العلامة لوثيروس مرسلا من قبل الله الذي يؤهل كلا منا للعمل الذي يفرضه عليه فيخلق للأعمال الشاقة أناسا أقوياء البنية ولقيادة الجيوش رجالا أشداء القلوب لا يهابون الأهوال وللاصلاح أفرادا صلتي الالسنة عابسي الوجوه لا يرهبون إنسانا.
إن لوثيروس على ما حواه من الأوصاف المحبوبة كان حاد الطبع قاسي الخلق وفي قيافته ما يدل على ذلك فإن ما اجتمع فيه من استدارة الوجه وغلظ العنق وانضمام الشفتين يدل على الإرادة الحديدية والقدرة على احتمال ما لا يحتمله إلا القليلون من المشاق وشدة الأعمال وقد أعده الله لمحاربة الأبالسة بأن آتاه طبعا ترجف الأبالسة منه خوفا فكان شجاعا باسلا لم يهب صغيرا ولا كبيرا غير أنه ولد ونشأ فقيرا وهكذا شب لوثيروس بين حقائق الأشياء المرة وكانت تلك الأشياء انفع مدرسة له تعلم سنة الحق وألف صحبة الحقائق وهذا واجبه في الحياة أن يعرف الحقيقة ثم يرجع إليها هذا العالم الكبير ليعلن أن عفو الله لا يحتاج إلى شفاعة إنسان ولا يباع في السوق بالذهب الرنان.
فثار لوثيروس على أوراق الغفرانيات الكاذبة فدمغ بالحق باطلهم ثم كتب الخمس والتسعين قضية وعلقها على باب كنيسة وتنبرغ من أعمال ألمانيا يبطل بها بيع الغفرانيات وقد أجرى ذلك في الساعة الثانية عشرة ظهرا يوم الجمعة في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول من السنة السابعة عشرة والخمسمائة بعد الألف. لله أنت يا لوثيروس. وقد أتيح لك أن تكون للخرافات البابوية ممزقا. ولنظامها مبددا. وللكنيسة مصلحا.
إن غيرة لوثيروس لم تكن لأجل المقاومة بل لأجل إعلان الحق وهو لم يخترع شيئا في الدين إنما كشف عنه نقاب البدع والأباطيل وأبان للناس الأسس القديمة التي كانت قد علاها الشوك والحسك. فبنى هيكل الله على الأسس التي وضعها الرسل وتابعهم أُلو الرأي المستقيم. وقد استمرت الكنيسة اللوثرية على الاحتفال بهذا اليوم التاريخي كعيد ميلاد للإصلاح.
لوثيروس هبة منحت للإنسانية وأعظم مفكر بين فلاسفة الأرض وعظمائها. أين الملوك والأمراء. أين الشعراء والخطباء. أين الفقهاء والفصحاء من لوثيروس؟
فهو الأستاذ الشهير. والكاتب التحرير. والخطيب القدير. والموسيقي الساحر. واللاهوتي الفريد. عجيب في صراحته وحرية ضميره وجسارته وثباته. ولولا ذلك لما استطاع تعليق الخمس والتسعين قضية على باب الكنيسة الباقية إلى هذا اليوم.
جدير به أن يدعى نبي القرن السادس عشر إذ ينطبق بالحق ولا يبالي بتلك المحكمة التي تألبت عليه. ولم يقف إنسان قط وقفته في محضر جماعة كهذه.
إذ كان فيها الإمبراطور تشارلي الخامس وأخوه فريدنند رئيس الأمراء. وستة من الملوك وأربعة وعشرون أميرا. وثمانية شرفاء وثلاثون من رؤساء الأساقفة وسبعة سفراء. ووكلاء عشر مدن حرة وعدد كبير من الأعيان والأشراف والجملة مئتان وأربعة.
قال لوثيروس أمام تلك المحكمة الرهيبة والعزم يتمشى في روحه. "إني لا أتنازل عن اعتقاداتي ما لم أقتنع ببطلانها من الكتاب المقدس" خصمان متوجهان الأول قوة العالم وجيوش الأرض والثاني رجل فرد هو لوثيروس قام في نصرة الحق خطيبا فتكلم ساعتين أبكم كلا من الحاضرين وأبان لهم أنه يخضع للحق وليس لغيره يخضع.
ألا ترون أن هذه كانت أخطر ساعة في التاريخ الحديث وأجل مشهد في تاريخ أوربا وأن عليها قامت دعائم الدستور الإنكليزي والحرية الأمريكية والثورة الفرنسية.
ولا يزال دفاع لوثيروس عن نفسه أمام المجلس الديني معدودا من أجل صفحات التاريخ والمنبع الذي منه فاض تاريخ المدنية الحديثة. فاينما لفت المرء فكره يدرك أن لوثيروس منشئ للحرية العصرية الحديثة. وأن البشر لم يعودوا بهائم عجماوات يسوقها الرعاة البابويون. وإلى شجاعته يرجع الفضل في إطلاق الفكر من قيوده والاعتراف بما للعقل البشري من الحقوق العظيمة. ولا نعلم قط في التاريخ الحديث والغابر إنسانا أشجع قلبا من لوثيروس!
ولما قال كلمته المأثورة أنه "لو كان عدد الشياطين في ورمس. أضعاف ما على السطوح من قرميد لابد لي من أن أدخلها" لم تكن هذه الكلمات لمجرد الافتخار بل كانت عن عقيدة راسخة بأن هنالك شياطين يعترضون عباد الله في عبادتهم. ومن يذهب إلى الغرفة التي كان يكتب فيها حيث كان قد ظهر له شيطان مخيف أتاه ليقعده عن ترجمة الإنجيل قثار لوثيروس ثورة جبار وأخذ الدواة فرمى بها الشيطان وأثر الدواة في الحائط باقٍ إلى الآن ومن كان لا يهاب شياطين الجحيم فهو أحرى أن لا يهاب ملوك الأرض وقواتها. خلاصة القول: إننا نعيش في عالم يختلف عن العالم الذي كان، وكاد يستمر عليه البشر لو لم يرسل الله لوثيروس!
فلنشكر الله تعالى لإرساله لوثيروس مصلحا للكنيسة ونتوسل إليه تعالى أن يجعل هذا اليوم مباركا على الكنيسة المسيحية وأن ينكس الراية الشيوعية الإلحادية وأن يلاشي من الكنيسة جميع البدع والتعاليم الكفرية ويحمينا من أحفاد آخاب الطماع ويهوذا الخائن وهيرودس الفاجر وفيلكس الدنيوي.
وأن يملأ قلب كل مسيحي بالمحبة والأمانة والتضحية لخدمة من أحبنا ومات عنا معلقا على خشبة الصليب الذي له ينبغي كل المجد والإكرام والسجود إلى أبد الآبدين آمين.
المرجع
مرجعنا هنا
تعليق