إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدعوة الرعوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدعوة الرعوية

    الراعي والدعوة الرعوية: (أو الخادم ودعوته للخدمة)

    وهنا يكون الحديث عن الدعوة الالهية للفرز للخدمة والتخصيص لعمل الله. والمدعو من الله حتى وإن أراد الهروب سيعود مرة أخرى لتنفيذ الدعوة. وإن لم يكن الشخص مدعواً من الله حتى لو حاول بشرياً الاختراط بالدراسة اللاهوتية وحصل على أفضل العلامات ومارس الخدمة سيتركها إن آجلاً أم عاجلاً؛ لأن الفشل يكون نصيبه؛ وسيتسبب في دمار الخدمات القائمة. أعرف زملاء من الخدام المباركين الذين تركوا العديد من الكليات مثل كلية الطب والهندسة وغيرهما ليلتحقوا بكلية اللاهوت وهم خدام ناجحون الآن. وأعرف غيرهم الذين تركوا أعمالهم الناجحة ومراكزهم الرفيعة وتوجهوا للدراسة اللاهوتية؛ لأنهم تأكدوا من دعوة الله ونفذوها وهم أيضاً خدام ناجحون الآن. لكني أعرف بعض هؤلاء الذين تخرجوا في كلية اللاهوت لكنهم تركوا الخدمة وهم في ميدانها وتحولوا للعالم؛ فلم يكونوا مدعوين للخدمة. بل وأعرف بعض المرسلين الذين عادوا لأعمالهم الدنيوية لاعالة أسرهم ظناً منهم أن دخل الخدمة لا يكفي وللأسف لم يعولوا الأسر ولم يحافظوا على حتى وحدة أسرهم؛ لأنهم لم يكونوا مدعوين للخدمة الارسالية.
    إن الحديث سيدور حول دعوة خادم لخدمة معينة أو راعي لرعاية كنيسة معينة في مكان ما أو في خدمة معينة [رسالة معينة] في بلد ما. مكتوب: "افرزوا لي برنابا وشاول". بولس ينوى أن يذهب إلي آسيا شرقاً لكن الرب يرسله إلي أوربا غرباً. تحويل الاتجاه ليس بحسب تفكيرنا بل حسب تفكيره هو.
    والدعوة الصادقة من بدايتها هي التي تأتي من الله وليس من البشر. إنها دعوة لانسان معين يستطيع أن يقول: "لم أستشر لحماً أو دماً". وهي دعوة من الله لهذا الانسان لمكان معين أو رسالة معينة؛ هذه هي الدعوة الرعوية.
    مهمة الانسان في الخدمة هنا هي مهمة استكشافية وليست مجالاً للاختراع.
    هناك مجال لدخول ابليس للتشويش؛ لأنه لا يريد أحداً يسمع للدعوة الرعوية: فلماذا يضل البعض الطريق لصوت الله؟ البعض يقحمون الله مع خططهم: في أيام يشوع: "فأخذوا من زادهم ..." الجدعونيين: مكر وخداع. مكتوب :"من فم الرب لم يسألوا". عليك أن لا تخضع لمشورة البشر أساساً و لا تفسح المجال لتدخل ابليس. ضع نفسك أمام المشورة الالهية. لاتضع شيئاً مسبقاً وتحاول أن تمليه غلى الله وتخدع نفسك. لاتختار لنفسك. "اختار لوط لنفسه" فكان نصيبه الطرد والحرمان والهلاك لزوجته وآدميته.
    وأحب أن أطمئنك أن الله يساعدنا بروحه لكي نرتاح معه في قبول الدعوة. فلاتخف هو سيعينك. إذا أرسلك الله لبلد صعب؛ فاتكل عليه و لا تهرب؛ فهو يحضرك لمغامرة جميلة ويهيئك لنمو متزايد للتحمل والنجاح. كان بولس في خوف ورعدة من كورنثوس. وسابقاً كان خائفاً من أريوس باغوس، والنظرة البشرية تقول أن كان لا بد أن يفشل: لم تكن هناك كنيسة في أثينا. في كورنثوس الالهة فينيس؛ افروديت إلاهة الجمال والدعارة التي خصصوا لها ألف امرأة قدسن أنفسهن للدعارة لخدمة الوثن. وهناك أيضاً قال له الله: "لا تخف فإن لي شعباً كثيراً في هذه المدينة". فأطاع ومكث وبنيت كنيسة كبيرة هناك.
    عليك أن تتأكد من صوت الدعوة بحسب مقاييس الله وليس البشر. اترك المقاييس البشرية (كنيسة مرتاحة، قياس مادي).
    مواقف:
    كنيسة فقيرة متمسكة براع تحبه لكنه هو يريد كنيسة أكبر ليس حباً في خدمة أكبر تتسع لمواهبه بل حباً في دخل أكبر! يستحسن أن تتركه؛ لأنه باع الكنيسة لكن إذا كانت الكنيسة تستطيع أن تريحه مادياً فعليها أن تفعل وتتحمل الزيادة (على أن يتم النقاش المادي بينها وبينه و لا ينشر في دائرة أوسع فتعاق الخدمة). إذا كان مُصر من الممكن التجديد؛ لأنه واجب؛ لكن لنعلم أن الكنيسة لا تُبنى على شخص. والأمانة تقتضي ترك المكان الذي لا يتفق وارادة الله. موت بدون شهادة وفاة؛ وحياة بدون اثبات وجود حياة.
    إذا كانت الكنيسة مجدبة: فماذا ستفعل؟ وإذا ُفتح مكان آخر للخدمة؛ اذهب إليه آمناً.
    وإذا كانت الكنيسة متقدمة: استقر وابقى.
    وماذا عن الحقل الصعب الذي يأمرك الله أن تجلس فيه؟ طع وأمكث فيه وستجد البركات كثيرة جداً. وإذا قفل الله الطريق لابد وأن يفتح طريقاً آخر ببركات لا تنتهِ.
    ما هو نوع العلاقات التي ينبغي أن تكون عليها الكنائس مع رعاتها وخدامها رجال وسيدات: تعاون؛ منفعة؛ هدم أم ماذا؟ علاقات تعاون ومنفعة؛ لا هدم. لا مجال للانتقام أولأي سلوك مريض؛ فإن استحال الحل فلتفك الروابط الرعوية أو يتم البحث عن خدمة أخرى بسلام.
    من ناحية الكنيسة والدعوة:
    المقياس الضعيف هو دعوة الراعي بواسطة كنيسة ليعظ ؛ من الممكن أنه يكون منقي أحسن عظاته أو العظات المغشوشة والمنقولة، وبيكون تحت الاختبار. الأفضل أن تعرف الواعظ كفكرة عامة. الأفضل أنك تجعل 5 أو 6 أشخاص يذهبوا إلي كنيسة للوعظ والزيارات واللقاءات لفهم طبيعتهم وبعد الصلاة والصوم يتم الاختيار لمن هو مناسب لهذه الكنيسة؛ فلربما يكون هناك شخص رائع لكنه يناسب مكاناً آخر. الوعظ جزء واحد من المطلوب. قبل وبعد العظة انظر إلي اسلوبه وسلوكه في التعامل. ثم قدّم الدعوة له: إذا رفض بوداعة شيء جميل؛ وإذا رفض بكبرياء فهذا شيء سيء.
    وللخدام:
    كن كريماً عفيفاً طبيعياً بلا تكلفة. فهذا يجعل الكنيسة تتمسك فيك أكثر. لا داعي للئم. لا تستغل الظروف أو الأوضاع. لا تتدّعي الدروشة. وكن قابلاً للتعلّم وواضحاً في القبول ولاتظهر غير ما تبطن لأن كل شيء غير طبيعي يصبح كذباً.
    علاقة الراعي بالرعية: على أننا ونحن ندرس الراعي في علاقته بالرعية لابد أن نبحث أولاً وقبل كل شيء الدعوة الرعوية التي بدأنا الحديث عنها في مقدمة هذا الجزء. ومن واجبنا أن نعلم يقيناً بأن الله لم يخلق أي انسان عبثاً بل خلق كل انسان في الأرض لرسالة معينة. فإذا صح هذا أن يُقال عن جميع البشر فإنه أصح أن يُقال على المؤمنين قاطبة؛ إذ أن كل مؤمن على ظهر الأرض خُلق لرسالة وغرض معين عند الله. وإذا قيل هذا عن المؤمنين عامةً فإنه أولى أن يُقال عن الخدام (الرعاة) الذين اختصهم الله بخدمة الرعاية في كنيسة الرب يسوع. وهذه الخدمة لم يُدعى إليها كل مسيحي مؤمن بل دُعى إليها أشخاص مؤمنون معينون عينهم الله وأفرزهم الروح القدس للعمل الذي دعاهم إليه.
    والواجب الأول هو أن يتحقق المدعو من دعوة الله له من هذا القبيل. وعلينا أن نعلم أن هذه هي الدعوة ليست لمجرد استحسان الناس أو رغبتهم مهما تكن هذه الرغبة جميلة وعظيمة؛ ما لم نتبين أن هذه هي ارادة الله وعليه فمن الواجب أن تستبعد في الحال أن تكون هذه الدعوة لمجرد الوراثة كأن يتحتم أن يكون ابن الراعي راعياً أو يكون كذلك لمجرد استحسان الناس. مكتوب: "انما الرب يقيم كلامه" كما قال ألقانه لزوجته حنه. في وجود النذر من عدمه على الشخص نفسه التأكد من الدعوة. فالنذر يوضع أمام الله كما كان صموئيل لكن كان على صموئيل أن يتيقن: "تكلم يارب لأن عبدك سامع". فهل الدعوة هي لأرضاء خدمة أغراض اجتماعية أو أدبية أو ثقافية أو ما أشبه. إن الخدمة الرعوية هي دعوة معينة من الله لانسان معين ولمكان معين. ومن الواجب اداراك هذه الحقيقة والتمسك بها.
    التأكد من الدعوة:
    بادئ ذي بدء الدعوة شخصية شخصية وهي في صورتها وأسلوبها تختلف من شخص لآخر. لا يمكننا أن نجزم أن طريقة ما من الدعوة هي التي ينبغي أن تكون للجميع.
    وهنا لا بد أن نحذر من أسلوب الدروشة:
    كأن يقول أحدهم ـ وهو حديث في الإيمان ويحتاج لعمق الشركة مع الرب وكلمته؛ أن الرب دوخني بروحي وأراني في المنام كلمة (داخ) أكثر من مرة وهذا يعني أن الرب (د) دعاني و (ا) الرب و(خ) خدمة. فهل يليق هذا بالطبع لا. فالخدمة تأتي دعوتها واضحة وصريحة ومعها تأكيدها الذي لا يحتاج إلي تأويلات وتفسيرات يمكن إساءة استخدامها؛ وهي لمن يكون في روح الصلاة وحياة التكريس والاستعداد.
    ولكن السؤال الحيوي والجوهري هو:
    كيف يمكن ادراك هذه الدعوة والتأكد منها؟ وكيف يمكن التأكد من أن اسلوب الدعوة يختلف من انسان إلي آخر؟ ومع أن أهم جوانب التأكد هو من الجانب الروحي بروح الصلاة والصوم والارتياح الداخلي دون تحفظات وفي استعداد لتقبل كل أوضاع وأحوال الخدمة؛ إلا أن هناك بعض العلامات التي يمكن الاستعانه بها للتثبت من حقيقتها: وأول كل شيء هو الاقتناع الحقيقي الداخلي بالدعوة. وهذا هو الاقتناع الذي يجعلني أؤمن؛ يجعلني أنا أؤمن يقينياً وبلا تردد أو شك؛ يجعلني أنا أن أتيقن لا أبي أو أخي أو أختي أو أمي أو أقاربي أو أصدقائي بأني مدعو للخدمة؛ وهذا الاقتناع يأتي بعمل الروح القدس الداخلي في قلبي. على أن الاقتناع وحده لا يكفي بل ينبغي أن يكون هناك حب لعمل الخدمة نفسه؛ إذ لاينبغي أن يكون الدافع للخدمة الجاه أو النفوذ أو الثروة أو الشهرة أو السعي وراء مركز اجتماعي مرموق أو أنها مجرد مهنة مربحة لأني لم أجد أخرى مناسبة أو مربحة مثلها. بل ينبغي أن يكون هناك حب حقيقي للبر وحب حقيقي لخلاص النفوس ورغبة في الخدمة لإعلان مجد الله. وينبغي أن يكون للمدعو إلي جانب هذا كله أحساس معقول بالمؤهلات اللازمة للخدمة؛ وعلى الأقل من ثلاث نواحي: من ناحية الجسد والعقل والقلب. إذ أن الله عندما يدعو انساناً إلي عمل ما يؤهله بكل مستلزمات العمل. ومن ثم فإنه من الواجب أن يلاحظ المدعو للخدمة قدرته الصحية؛ وهل له من الطاقة الجسدية ما يمكنه من الخدمة. كما أن عليه أن يلاحظ مدى استعداده العقلي للدراسة اللاهوتية والاستيعاب؛ وكذلك رغبته القلبية في خدمة ملكوت الفادي.
    وهذا الاقتناع الداخلي لابد وأن يجد صداه في الخارج؛ إذ تكون له الشهادة من المؤمنين والملاحظين لهذا المدعو الذي يدعى لهذه الخدمة. إن اقتناع الشخص بمفرده لا يكفي إن لم يجد توافقاً مع من يخدمهم، فالواعظ مثلاً لا يستطيع أن يدرك مدى أصالته وقدرته كواعظ ما لم يجد احساساً من الآخرين بهذه المقدرة. وفي الدعوة الرعوية على الراعي أن يدرك أنه خادم وسفير للمسيح قبل أن يكون تابعاً لنظام كنسي بشري. وهذا يقتضي منه مراعاة هذه العلاقة المزدوجة الخاصة به في هذه الحالة: فمن واجبه أن يبذل كل ما في وسعه لأجل الرعية؛ وفي الوقت نفسه عليه أن يبلغهم الرسالة لا بالصورة التي ترضيهم أو ترضي النظام فقط بل كسفير للسيد ينبغي أن يعلن أمره وصوته ورسالته. إن الطبيب الذي يهتم بأوضاع المريض دون فعل ما هو واجب إزائه حتى لو كان هذا الواجب قاسياً ومريراً على المريض لا يصح أن يكون طبيباً على الاطلاق. وهكذا الراعي لابد أن يوصل الرسالة لخلاص النفوس حتى لو كانت قاسية أو غير مرغوبة من الناس؛ لأنها لخيرهم ولمصلحة حياتهم الأبدية.
    القس / الفريد فائق صموئيل
    قسيس إنجيلي

    D. Min. Studies, Fuller

من قاموا بقراءة الموضوع

تقليص

الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

    معلومات المنتدى

    تقليص

    من يتصفحون هذا الموضوع

    يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

      يعمل...
      X