تويت
بقلم : هايدي حنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج عادل من المنزل وقد اتخذ قرار صعب جداً ، يكاد يكون أصعب القرارت التي أتخذها في حياته ، وأخذ يمشي في بلدته وهي محافظة من محافظة الصعيد وكان يتأمل في كل ماحولها فهو لا يعرف متى ستتيح له الظروف ليراها مرة أخرى ......
هاهو عم سعيد صاحب البقالة التي طالما اشترى منها الحلوى لنادية حبيبته وخطيبته.... وعندما تذكر عادل نادية تنهد قائلاً :
_ كل هذا من أجلك أنتي يا نادية حتى لا تضيعي من يدي .
اقترب عادل من منزل نادية وأخذ يهيئ نفسه لكيفية أخبار نادية القرار التي أتخذه، طرق عادل المنزل ففتحت له الباب حماته وكانت عابسة الوجه حالها حال كل مرة تفتح فيها الباب لعادل .
_ مساء الخير يا حماتي الغالية .
_ مش باين
تجاهل عادل هذا الأجابة وقال :
_ يا ترى نادية موجودة ؟
_ يعني حتروح فين
_ طيب ممكن أدخل يا حماتي ولا هفضل على الباب !
_ أتفضل هو حد حاشك
_ شكراً
دخل عادل غرفة الضيوف وأنتظر نادية ..... هاهيّ نادية تتدخل الغرفة ... أه ما أجملها .... نادية فتاة جميلة شعرها بلون الليل وعيناها أيضاً .... ممشوقة القوام .... لا تضع مساحيق كثيرة على وجهها بل بسيط جداً مما يزيد من جمالها .... وعندما تمشي تهتز قلوب الشباب .... وقد تقدم لختبطها الكثير ولكن هيّ فضلت عادل فهيّ تحبه ... فهو شاب وسيم ....متعلم متدين وإن كان لا يهم والدتها ..... تشعر بالأمان عندما تكون بجانبه .... ولكنه ليس غني .... تنهدت نادية عندما شاهدت عادل لأنها تذكرت كلام والدتها :
_ يا بنتي الحب مش كل حاجة وعلى رأي المثل إذا دخل الفقر من الباب خرج الحب من الشباك
وهنا فاقت نادية من صوت عادل وهو يقول لها :
_ وحشيني جداً
_ وحشتك من إمبارح بالليل
_ انتي بتوحشيني بمجرد ان يقفل الباب ورائي
_ أه يا عادل ... إن كلامك جميل ينسيني الواقع ، ولكن يجب علينا أن نترك هذه الأحلام ونعيش في الواقع
_ افهم قصدك يا حبيبتي ... فقد وجدت الحل وأنا هنا لأحدثك عن القرار الذي أتخذته والذي سيحل لنا كل مشاكلنا
_ اسرع يا عادل وقل لي هذا القرار
_ سأسافر يا نادية
_ ماذا ؟!
_ من فترة أرسلت لفؤاد أبن خالتي حتى يبحث لي عن عقد عمل في دولة الخليج حيث يعمل هو
_ ثم ...
_ وجد لي عقد عمل في شركة .... صحيح الوظيفة لا تناسب مؤهلي الجامعي ولكن مرتبها كبير وكل هذا من أجلك .
_ ولكن ياعادل أنا لا أستطيع أن أعيش وانت بعيد عني
_ ولا أنا ولكن هذا هو الحل
_ بداخلي كلام ولكن اخشى أن تغضب مني
_ قولي يا نادية فأنا لا أغضب منك أبداً
_ يا عادل لماذا لا تجعل عمك يساعدك في مصروف البيت ، فأنه عبء عليك أن تصرف مفردك على والدتك وأختك فهذا حق لكم، وخصوصاً أن والدك لا معاش له لأنه كان يعمل فلاح بالأجرة في الأرض ، وليس عندكم أي مصدر رزق أخر
_ ماذا تقولي !!! ... إن أمي وأختي مسؤليين مني أنا فقط بعد موت والدي
_ ولكن يا عادل ....
_ ارجوكي يا نادية هذا الموضوع منتهي
_ حسناً يا عادل انا أعرف إننا قتلنا هذا الموضوع بحثاً ، ولكن موضوع سفرك ضايقني قل لي ياعادل كم سنة ستعمل هناك ؟
_ خمس سنوات وهيّ مدة العقد
_ ماذا ! .. خمس سنوات هذا كثير
_ لا أنها بالكاد مدة كافيه لأكّون نفسي .. فأنا أريد أن أجعلك ملكة في بيتك ، لذا سأخذ من مرتبي ما يكفيني لكي أعيش ،والباقي سأرسله لأمي وقد أتفقت معها أن تأخذ نصف المبلغ المرسل وتضع النصف الآخر في البنك.
_ حسناً ياعادل ربنا معك
_ لي ثلاث طلبات أرجو أن تلبيها لي
_ كلي آذان صاغية لك
_ أولا : ارجو أن تذهبي انتي وعمي معي للمطار حتى تكوني أنتي آخر شخص تراه عيني قبل السفر .
_ هذا يحتاج لموافقة بابا وماما ، وأعتقد موافقة ماما أمر صعب ونحن نحتاج لموافقتها فأنت تعرف انها هيّ الآمر الناهي في البيت وأبي لا يستطيع أن يعترض على قراراتها ولكننا سنحاول ...
_ ثانياً : أن تراسيليني دائماً
_ هذا أمر في يدي أنا لذا أعدك أنني أنفذ هذا الطلب لك
_ ثالثاً : وهو الأهم أن تعديني أن تكون لي وليس لغيري ، فأنا أعرف أن حماتي تحاول التفرة بيننا وتزويجك لشخص غني
_ لا تخشى فقلبي يحبك أنت ... وأعدك يا عادل انني لن أكون لغيرك
*****
سافر عادل وكان آخر وجه رأه هو وجه حبيبته نادية ، وأخذ عهد على نفسه أن يحقق كل أحلام نادية .... سيحاول ولن يكلّ إلا إذا نفذ وعده لنادية وهو أن يجعلها ملكة في بيتها ......
ودارت الأيام وكانت نادية تراسله كما أتفقا وذلك لمدة ستة أشهر ، ولكن بعد ذلك مرّ ثلاث اشهردون أن يستلم منها أي رد على رسائله الثلاثه التي أرسلها... وأصبح لا يعرف أي شئ عنها .......... ياترى ماذا حدث ؟..... وأخيراً قرر عادل أن يرسل لصديقه أيمن حتى يعرف الأخبار منه ....
*****
استلم أيمن الرسالة وقرر الذهاب لنادية حتى يعرف ماذا جرى .... ولكن عندما ذهب لها لم يستطيع مقابلتها وقابل والدتها التي اصرت على عدم مقابلة نادية له وقالت له :
_ ارسل لعادل وأخبره إننا سنرجع شبكته لوالدته ، لأن نادية ستتزوج من دكتور أد الدينا
_ ماذا تقولي ! .... وهل نادية موافقة على ذلك ؟
_ بالطبع حد يرفض شخص مثله ، فهو غني عنده شقة كبيرة مجهزة بأفضل وأفخم الأثاث...وعنده وعيادة يعمل بها في المساء.... ويعمل بمستشفى في الصباح وإيراده الشهري كبير جداً ، كما أن هذا الإيراد له ولها بمفرهم ، لا يقاسمهم فيه أحد من اهله
_ حسناً سأرحل وأبلغ عادل بالموضع
_ أنتظر دقيقة
_ انتظر ايمن دقائق قليلة وفوجئ بدخول نادية التي مدت يديها بشبكة عادل لأيمن وقالت :
_ اعطي هذا لوالدة عادل وقل لها الزواج قسمة ونصيب
_ هل بعتي عادل بمرتب كبير وشقة وأثاث فاخر
_ أنا لم ابيعه ولكن إذا انتظرته سأفقد أحلى سنيين حياتي وانا أنتظر
_ والحب الذي بينكما ؟!
_ كما تقول أمي إن دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك
_ لقد أخترتي الغنى إذن وتركتي الحب
_ نعم وهذا هو ما يقوله العقل
_ أتمنى لكي التوفيق ..... مااسم هذا الدكتور هل هو معروف
_ اسمه اشرف شكري
_ أتمنى لكي حياة سعيدة معه
ترك أيمن المكان وهو لا يعلم ماذا يقول لعادل .... فقرر أن يكتب له الحقيقة كلها حتى لا يعيش في وهم أسمه حب نادية.
ولكن وهو ماشي وقف فجأة ...
_ ماذا .... أشرف شكري أليس هو هذا ..... علىّ أن أسأل نوال أختي أولاً .
وهرع أيمن لمنزله ونادى بأعلى صوته:
_ نوال .. نوال
_ نعم ياأخي
_ ما أسم الدكتور الذي تقدم لخطبتك ورفضناه ؟
_ اشرف شكري أذكره جيداً بسبب ما سمعناه عنه ونحن نسأل عليه لماذا ؟ ماالذي ذكرك به الآن !!
_ لقد تقدم لخطبة نادية
_ ماذا تقول ؟
_ اليوم عرفت هذا الخبر
_ وماذا ستفعل؟
_ سأذهب الآن وأحذرهم منه
** للمرة الثانية دخل أيمن بيت نادية في هذا اليوم وصمم أن يقابل الجميع الأب والأم ونادية وتجمع الجميع ليسمعوا أيمن :
_ من فترة تقدم دكتور ميسور الحال لنوال ، وقبل أن نبلغه موافقتنا قررنا أن نسأل عنه أولاً.... فذهبت للمستشفى التي يعمل بها فلم أعرف شئ لأنه كان يعمل حديثاً فيها ولكنهم أكدوا أنه خرج بمشكلة من المستشفى التي كان يعمل فيها من قبل ، وهنا توجهت لهذه المستشفى ..... وأكتشفت المفاجأة فهو يقيم علاقات مع الممرضات ، وقد تم ضبطه هو وممرضة في وضع مخل بالآداب .... وتم التحقيق معه ونظراً لمستقبله طلبوا منه أن يطلب نقله لمستشفى أخرى ... هل تعرفوا من هو هذا الدكتور ...... إنه أشرف شكري .
وهنا أجابت والدة نادية بكل عصبية :
_ كذب ... أنت تحاول أن تسئ إليه حتى نرفضه وتبقى نادية مثل البيت الوقف للأستاذ عادل صديقك .
_ كلا هذا آخر شئ أفكر فيه فالزواج قسمة ونصيب لكني فعلاً اخشى عليها ... أرجوكي يا نادية صديقيني .
_ كفاك يا أيمن أنا لن أرفضه ولن اعود لعادل وفقره
_ ستندمين
_ لن أندم أبداً
_ حسناً ذنبك على جنبك
** تم الفرح وأعتقدت نادية إنها ستعيش في الجنه ، ولكنها أكتشفت الحقيقة المرة بعد أيام من الزواج ..... فهو عنيف معها في كل شئ .... لا يسمح بالنقاش في أي أمر .... بخيل .... يضربها ويهينها وإذا أعترضت يزيد في الضرب .... أما القشة التي قسمت ظهر البعير هو عدم ثقته بنفسه والتي أدت لشكوكه تجاه سلكوها فمنعها من الخروج حتى لا تتيح لها الفرصة أن تقابل عشيقها المزعوم ... وإن رأها تتكلم مع أحد في التليفون تنقلب الدنيا كلها رأساً على عقب ويضربها ضرب مبرح لإعتقاده أنها تتكلم مع عشيقها ، وحاولت نادية كثيراً أن تؤكد له الحقيقة وأنها مخلصة له ولكن هيهات .... وأخيراً قرر أن يقطع خط التليفون من البيت ومنعها من الكلام مع الجيران .... وهنا لم تستطع نادية أن تتحمل ، فتركت بيتها وذهبت منكسة الرأس لبيت أبيها بعد سنة كاملة من العذاب والأهانة والشكوك التي لا تحتمل ....
واستمرت في المحاكم لكي تحصل على الطلاق مدة سنة خرجت بعدها مطلقة ينظر إليها جميع الناس نظرة الشك ... وذلك لأن زوجها نشر في البلد أن سلوكها مشكوك فيه وانه عندما تزوجها كانت غير عذراء ولكنه ستر على هذه الفضيحة إعتقاداً منه إنها ستعيش معه بما يرضي الله ولكن كما يقول المثل : "ديل الكلب عمره ما ينعدل ولّو علقه فيه قالب ."
ونظراً لأن البلد صغيرة فقد أنتشر الخبر للجميع وكل البلد عرفت بما نشره الزوج.
وهكذا أصبحت نادية تسير منكسة الراس ... لا تجرؤ على الحديث مع أحد .
*****
مرت سنتين على طلاقها ولكن الناس لم تنسى فضيحتها ، وأينما ذهبت نادية يشيرون عليها ويقولون " هذه نادية الذي طلقها زوجها بعد ماعرف بسلوكها البطّال " .
*** رجع عادل للبلد وكان قد أشترى شقة وقام بتجهيزها ، وقرر أن يزور نادية.....
لم تصدق نادية نفسها عندما فتحت الباب ووجدت عادل أمامها ، ودخل عادل وجلس في الغرفة التي جلس فيها من خمس سنوات وهاهو على نفس الكرسي وامامه نادية كما من خمس سنوات ولكنها متغيرة ، فجمالها أصبح مصتنع ، المكياج يملئ وجهها ..... لبسها متكلف حتى أبتسامتها متكلفة ....
وكسر حاجز الصمت والد ووالدة نادية اللذان أستقبلاه بترحاب شديد على اعتقاد منهما أنه جاء ليعيد الود القديم ...
** بدأ عادل بالكلام :
_ منذ خمس سنوات وعديتني أن تنتظريني ولكنك أخلفت بالوعد
_ ليس لدي ما أقوله يا عادل فأنا حقاً مخطئة ، ولكني تعملت من هذا الدرس
_ أنا أيضاً تعلمت .... اسمع يا عمي وأنتي يا زوجة عمي لقد بعتم ابنتكم ، وللأسف بالخسارة ..... لقد أحببتها وكنت سأشتريها بحبي هذا ... والحب قيمته غاليه جداً ولكنكم استهنتم به ، وجاء من يشتريها بالمال وهذا بهركم ولكن هذا المال كلن مزيف .. وحاول ايمن أن يوجهكم ولكنكم أبيتم أن تسمعوا له وأصريتم على بيع أبنتكم بالخسارة .... ها أنا رجعت للبلد ومعي كل ما تحلمي به يا نادية ولكنه الآن ليس لكي ......اتمنى لكي التوفيق وأرجو أن تكوني تعلمتي فعلاً من هذا الدرس .
** خرج عادل وحاولت أن تلحق به نادية ولكن للأسف بعد فوات الأوان وبكت بكاء مرير وندمت على حبيبها الذي أضاعته بيدها ولكنها ندمت في وقت لا ينفع فيه الندم .
وكما يقول المثل :
" لقمة يابسة ومعها سلام خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام " أمثال 17 : 1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج عادل من المنزل وقد اتخذ قرار صعب جداً ، يكاد يكون أصعب القرارت التي أتخذها في حياته ، وأخذ يمشي في بلدته وهي محافظة من محافظة الصعيد وكان يتأمل في كل ماحولها فهو لا يعرف متى ستتيح له الظروف ليراها مرة أخرى ......
هاهو عم سعيد صاحب البقالة التي طالما اشترى منها الحلوى لنادية حبيبته وخطيبته.... وعندما تذكر عادل نادية تنهد قائلاً :
_ كل هذا من أجلك أنتي يا نادية حتى لا تضيعي من يدي .
اقترب عادل من منزل نادية وأخذ يهيئ نفسه لكيفية أخبار نادية القرار التي أتخذه، طرق عادل المنزل ففتحت له الباب حماته وكانت عابسة الوجه حالها حال كل مرة تفتح فيها الباب لعادل .
_ مساء الخير يا حماتي الغالية .
_ مش باين
تجاهل عادل هذا الأجابة وقال :
_ يا ترى نادية موجودة ؟
_ يعني حتروح فين
_ طيب ممكن أدخل يا حماتي ولا هفضل على الباب !
_ أتفضل هو حد حاشك
_ شكراً
دخل عادل غرفة الضيوف وأنتظر نادية ..... هاهيّ نادية تتدخل الغرفة ... أه ما أجملها .... نادية فتاة جميلة شعرها بلون الليل وعيناها أيضاً .... ممشوقة القوام .... لا تضع مساحيق كثيرة على وجهها بل بسيط جداً مما يزيد من جمالها .... وعندما تمشي تهتز قلوب الشباب .... وقد تقدم لختبطها الكثير ولكن هيّ فضلت عادل فهيّ تحبه ... فهو شاب وسيم ....متعلم متدين وإن كان لا يهم والدتها ..... تشعر بالأمان عندما تكون بجانبه .... ولكنه ليس غني .... تنهدت نادية عندما شاهدت عادل لأنها تذكرت كلام والدتها :
_ يا بنتي الحب مش كل حاجة وعلى رأي المثل إذا دخل الفقر من الباب خرج الحب من الشباك
وهنا فاقت نادية من صوت عادل وهو يقول لها :
_ وحشيني جداً
_ وحشتك من إمبارح بالليل
_ انتي بتوحشيني بمجرد ان يقفل الباب ورائي
_ أه يا عادل ... إن كلامك جميل ينسيني الواقع ، ولكن يجب علينا أن نترك هذه الأحلام ونعيش في الواقع
_ افهم قصدك يا حبيبتي ... فقد وجدت الحل وأنا هنا لأحدثك عن القرار الذي أتخذته والذي سيحل لنا كل مشاكلنا
_ اسرع يا عادل وقل لي هذا القرار
_ سأسافر يا نادية
_ ماذا ؟!
_ من فترة أرسلت لفؤاد أبن خالتي حتى يبحث لي عن عقد عمل في دولة الخليج حيث يعمل هو
_ ثم ...
_ وجد لي عقد عمل في شركة .... صحيح الوظيفة لا تناسب مؤهلي الجامعي ولكن مرتبها كبير وكل هذا من أجلك .
_ ولكن ياعادل أنا لا أستطيع أن أعيش وانت بعيد عني
_ ولا أنا ولكن هذا هو الحل
_ بداخلي كلام ولكن اخشى أن تغضب مني
_ قولي يا نادية فأنا لا أغضب منك أبداً
_ يا عادل لماذا لا تجعل عمك يساعدك في مصروف البيت ، فأنه عبء عليك أن تصرف مفردك على والدتك وأختك فهذا حق لكم، وخصوصاً أن والدك لا معاش له لأنه كان يعمل فلاح بالأجرة في الأرض ، وليس عندكم أي مصدر رزق أخر
_ ماذا تقولي !!! ... إن أمي وأختي مسؤليين مني أنا فقط بعد موت والدي
_ ولكن يا عادل ....
_ ارجوكي يا نادية هذا الموضوع منتهي
_ حسناً يا عادل انا أعرف إننا قتلنا هذا الموضوع بحثاً ، ولكن موضوع سفرك ضايقني قل لي ياعادل كم سنة ستعمل هناك ؟
_ خمس سنوات وهيّ مدة العقد
_ ماذا ! .. خمس سنوات هذا كثير
_ لا أنها بالكاد مدة كافيه لأكّون نفسي .. فأنا أريد أن أجعلك ملكة في بيتك ، لذا سأخذ من مرتبي ما يكفيني لكي أعيش ،والباقي سأرسله لأمي وقد أتفقت معها أن تأخذ نصف المبلغ المرسل وتضع النصف الآخر في البنك.
_ حسناً ياعادل ربنا معك
_ لي ثلاث طلبات أرجو أن تلبيها لي
_ كلي آذان صاغية لك
_ أولا : ارجو أن تذهبي انتي وعمي معي للمطار حتى تكوني أنتي آخر شخص تراه عيني قبل السفر .
_ هذا يحتاج لموافقة بابا وماما ، وأعتقد موافقة ماما أمر صعب ونحن نحتاج لموافقتها فأنت تعرف انها هيّ الآمر الناهي في البيت وأبي لا يستطيع أن يعترض على قراراتها ولكننا سنحاول ...
_ ثانياً : أن تراسيليني دائماً
_ هذا أمر في يدي أنا لذا أعدك أنني أنفذ هذا الطلب لك
_ ثالثاً : وهو الأهم أن تعديني أن تكون لي وليس لغيري ، فأنا أعرف أن حماتي تحاول التفرة بيننا وتزويجك لشخص غني
_ لا تخشى فقلبي يحبك أنت ... وأعدك يا عادل انني لن أكون لغيرك
*****
سافر عادل وكان آخر وجه رأه هو وجه حبيبته نادية ، وأخذ عهد على نفسه أن يحقق كل أحلام نادية .... سيحاول ولن يكلّ إلا إذا نفذ وعده لنادية وهو أن يجعلها ملكة في بيتها ......
ودارت الأيام وكانت نادية تراسله كما أتفقا وذلك لمدة ستة أشهر ، ولكن بعد ذلك مرّ ثلاث اشهردون أن يستلم منها أي رد على رسائله الثلاثه التي أرسلها... وأصبح لا يعرف أي شئ عنها .......... ياترى ماذا حدث ؟..... وأخيراً قرر عادل أن يرسل لصديقه أيمن حتى يعرف الأخبار منه ....
*****
استلم أيمن الرسالة وقرر الذهاب لنادية حتى يعرف ماذا جرى .... ولكن عندما ذهب لها لم يستطيع مقابلتها وقابل والدتها التي اصرت على عدم مقابلة نادية له وقالت له :
_ ارسل لعادل وأخبره إننا سنرجع شبكته لوالدته ، لأن نادية ستتزوج من دكتور أد الدينا
_ ماذا تقولي ! .... وهل نادية موافقة على ذلك ؟
_ بالطبع حد يرفض شخص مثله ، فهو غني عنده شقة كبيرة مجهزة بأفضل وأفخم الأثاث...وعنده وعيادة يعمل بها في المساء.... ويعمل بمستشفى في الصباح وإيراده الشهري كبير جداً ، كما أن هذا الإيراد له ولها بمفرهم ، لا يقاسمهم فيه أحد من اهله
_ حسناً سأرحل وأبلغ عادل بالموضع
_ أنتظر دقيقة
_ انتظر ايمن دقائق قليلة وفوجئ بدخول نادية التي مدت يديها بشبكة عادل لأيمن وقالت :
_ اعطي هذا لوالدة عادل وقل لها الزواج قسمة ونصيب
_ هل بعتي عادل بمرتب كبير وشقة وأثاث فاخر
_ أنا لم ابيعه ولكن إذا انتظرته سأفقد أحلى سنيين حياتي وانا أنتظر
_ والحب الذي بينكما ؟!
_ كما تقول أمي إن دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك
_ لقد أخترتي الغنى إذن وتركتي الحب
_ نعم وهذا هو ما يقوله العقل
_ أتمنى لكي التوفيق ..... مااسم هذا الدكتور هل هو معروف
_ اسمه اشرف شكري
_ أتمنى لكي حياة سعيدة معه
ترك أيمن المكان وهو لا يعلم ماذا يقول لعادل .... فقرر أن يكتب له الحقيقة كلها حتى لا يعيش في وهم أسمه حب نادية.
ولكن وهو ماشي وقف فجأة ...
_ ماذا .... أشرف شكري أليس هو هذا ..... علىّ أن أسأل نوال أختي أولاً .
وهرع أيمن لمنزله ونادى بأعلى صوته:
_ نوال .. نوال
_ نعم ياأخي
_ ما أسم الدكتور الذي تقدم لخطبتك ورفضناه ؟
_ اشرف شكري أذكره جيداً بسبب ما سمعناه عنه ونحن نسأل عليه لماذا ؟ ماالذي ذكرك به الآن !!
_ لقد تقدم لخطبة نادية
_ ماذا تقول ؟
_ اليوم عرفت هذا الخبر
_ وماذا ستفعل؟
_ سأذهب الآن وأحذرهم منه
** للمرة الثانية دخل أيمن بيت نادية في هذا اليوم وصمم أن يقابل الجميع الأب والأم ونادية وتجمع الجميع ليسمعوا أيمن :
_ من فترة تقدم دكتور ميسور الحال لنوال ، وقبل أن نبلغه موافقتنا قررنا أن نسأل عنه أولاً.... فذهبت للمستشفى التي يعمل بها فلم أعرف شئ لأنه كان يعمل حديثاً فيها ولكنهم أكدوا أنه خرج بمشكلة من المستشفى التي كان يعمل فيها من قبل ، وهنا توجهت لهذه المستشفى ..... وأكتشفت المفاجأة فهو يقيم علاقات مع الممرضات ، وقد تم ضبطه هو وممرضة في وضع مخل بالآداب .... وتم التحقيق معه ونظراً لمستقبله طلبوا منه أن يطلب نقله لمستشفى أخرى ... هل تعرفوا من هو هذا الدكتور ...... إنه أشرف شكري .
وهنا أجابت والدة نادية بكل عصبية :
_ كذب ... أنت تحاول أن تسئ إليه حتى نرفضه وتبقى نادية مثل البيت الوقف للأستاذ عادل صديقك .
_ كلا هذا آخر شئ أفكر فيه فالزواج قسمة ونصيب لكني فعلاً اخشى عليها ... أرجوكي يا نادية صديقيني .
_ كفاك يا أيمن أنا لن أرفضه ولن اعود لعادل وفقره
_ ستندمين
_ لن أندم أبداً
_ حسناً ذنبك على جنبك
** تم الفرح وأعتقدت نادية إنها ستعيش في الجنه ، ولكنها أكتشفت الحقيقة المرة بعد أيام من الزواج ..... فهو عنيف معها في كل شئ .... لا يسمح بالنقاش في أي أمر .... بخيل .... يضربها ويهينها وإذا أعترضت يزيد في الضرب .... أما القشة التي قسمت ظهر البعير هو عدم ثقته بنفسه والتي أدت لشكوكه تجاه سلكوها فمنعها من الخروج حتى لا تتيح لها الفرصة أن تقابل عشيقها المزعوم ... وإن رأها تتكلم مع أحد في التليفون تنقلب الدنيا كلها رأساً على عقب ويضربها ضرب مبرح لإعتقاده أنها تتكلم مع عشيقها ، وحاولت نادية كثيراً أن تؤكد له الحقيقة وأنها مخلصة له ولكن هيهات .... وأخيراً قرر أن يقطع خط التليفون من البيت ومنعها من الكلام مع الجيران .... وهنا لم تستطع نادية أن تتحمل ، فتركت بيتها وذهبت منكسة الرأس لبيت أبيها بعد سنة كاملة من العذاب والأهانة والشكوك التي لا تحتمل ....
واستمرت في المحاكم لكي تحصل على الطلاق مدة سنة خرجت بعدها مطلقة ينظر إليها جميع الناس نظرة الشك ... وذلك لأن زوجها نشر في البلد أن سلوكها مشكوك فيه وانه عندما تزوجها كانت غير عذراء ولكنه ستر على هذه الفضيحة إعتقاداً منه إنها ستعيش معه بما يرضي الله ولكن كما يقول المثل : "ديل الكلب عمره ما ينعدل ولّو علقه فيه قالب ."
ونظراً لأن البلد صغيرة فقد أنتشر الخبر للجميع وكل البلد عرفت بما نشره الزوج.
وهكذا أصبحت نادية تسير منكسة الراس ... لا تجرؤ على الحديث مع أحد .
*****
مرت سنتين على طلاقها ولكن الناس لم تنسى فضيحتها ، وأينما ذهبت نادية يشيرون عليها ويقولون " هذه نادية الذي طلقها زوجها بعد ماعرف بسلوكها البطّال " .
*** رجع عادل للبلد وكان قد أشترى شقة وقام بتجهيزها ، وقرر أن يزور نادية.....
لم تصدق نادية نفسها عندما فتحت الباب ووجدت عادل أمامها ، ودخل عادل وجلس في الغرفة التي جلس فيها من خمس سنوات وهاهو على نفس الكرسي وامامه نادية كما من خمس سنوات ولكنها متغيرة ، فجمالها أصبح مصتنع ، المكياج يملئ وجهها ..... لبسها متكلف حتى أبتسامتها متكلفة ....
وكسر حاجز الصمت والد ووالدة نادية اللذان أستقبلاه بترحاب شديد على اعتقاد منهما أنه جاء ليعيد الود القديم ...
** بدأ عادل بالكلام :
_ منذ خمس سنوات وعديتني أن تنتظريني ولكنك أخلفت بالوعد
_ ليس لدي ما أقوله يا عادل فأنا حقاً مخطئة ، ولكني تعملت من هذا الدرس
_ أنا أيضاً تعلمت .... اسمع يا عمي وأنتي يا زوجة عمي لقد بعتم ابنتكم ، وللأسف بالخسارة ..... لقد أحببتها وكنت سأشتريها بحبي هذا ... والحب قيمته غاليه جداً ولكنكم استهنتم به ، وجاء من يشتريها بالمال وهذا بهركم ولكن هذا المال كلن مزيف .. وحاول ايمن أن يوجهكم ولكنكم أبيتم أن تسمعوا له وأصريتم على بيع أبنتكم بالخسارة .... ها أنا رجعت للبلد ومعي كل ما تحلمي به يا نادية ولكنه الآن ليس لكي ......اتمنى لكي التوفيق وأرجو أن تكوني تعلمتي فعلاً من هذا الدرس .
** خرج عادل وحاولت أن تلحق به نادية ولكن للأسف بعد فوات الأوان وبكت بكاء مرير وندمت على حبيبها الذي أضاعته بيدها ولكنها ندمت في وقت لا ينفع فيه الندم .
وكما يقول المثل :
" لقمة يابسة ومعها سلام خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام " أمثال 17 : 1
تعليق