إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاجتهاد هو الحل‏...‏ بقلم‏:‏ د‏.‏ عبد المنعم سعيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاجتهاد هو الحل‏...‏ بقلم‏:‏ د‏.‏ عبد المنعم سعيد

    الاجتهاد هو الحل‏...‏
    بقلم‏:‏ د‏.‏ عبد المنعم سعيد

    --------------------------------------------------------------------------

    ما أن نشرت مجموعة من المقالات تناظر شعارات وبرامج جماعة الإخوان المسلمين‏-‏ المحظورة قانونيا والمشروعة واقعيا‏-‏ في مصر حتي وجدت ما يشبه الحملة المنظمة من الرسائل الإلكترونية والخطابات البريدية ترد علي ما كتبت بحجج شتي‏.‏ وفيما عدا رسالة وحيدة نعتت الإخوان بكل صنوف التخلف والبدائية والتبعية للأفكار الأصولية المتطرفة وحتي العمالة للولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ فقد كان واضحا أن الأغلبية ممن كتبوا لي كانوا من أعضاء الجماعة أو من المتعاطفين معها تعاطفا شديدا‏.‏ وبالتأكيد فإن الرد علي هذه الردود ليس هو مقصدنا في المقال‏,‏ وإنما طرح ما يفيد الساحة السياسية المصرية في لحظة حرجة وعصيبة من الانتخابات النيابية يختلط فيها اليأس بالأمل‏,‏ والقنوط بالرجاء‏,‏ والموت بالميلاد‏,‏ والتشاؤم بالتفاؤل‏.‏

    ومن بين الكثير من الحجج الواردة والمدافعة عن شعارات الإخوان ومناهجهم كانت هناك واحدة منها شائعة بقوة حتي كادت تأتي بنفس كلماتها في كل الرسائل تقريبا‏.‏ ودون ظن أن يدا واحدة قد كتبت أو أملت‏,‏ فإن المرجح هو أن الحجة داخل صفوف الجماعة قد وصلت إلي مرتبة القناعة الكاملة حتي تداولتها الجموع وصارت هي الحكمة الذائعة بذاتها ونصها‏.‏ وكان جوهر ما ذاع هو أن مصر‏-‏ والدولة العربية أيضا‏-‏ جربت النظام الرأسمالي الليبرالي في الفترة ما بين الحربين العالميتين‏,‏ كما جربت النظام الاشتراكي والقومي خلال الخمسينيات والستينيات‏,‏ وما بعد ذلك من زمن جربت خليطا بين هذا وذاك‏.‏ ولما كانت نتيجة كل ذلك هو الفشل الذريع‏-‏ أو هكذا تقول الحجة‏-‏ فإنه آن الأوان لاتباع المنهج الإسلامي في الحكم لعله يكون أفضل من سابقيه

    وننجح مرة واحدة في التعامل مع مشكلاتنا المزمنة التي استعصت علي التجارب السابقة‏.‏

    وهنا نجد أنفسنا في مواجهة مخالفة تاريخية كبري في الماضي والحاضر حيث ظل المنهج السياسي الإسلامي مطبقا منذ القرن السابع الميلادي وحتي مطلع القرن التاسع عشر حينما بدأت الدول ذات الغالبية الإسلامية تطعم قوانينها وقواعد الحكم فيها بسلسلة من القوانين والأحكام المقتبسة من الدول الأوروبية مع التأكد أنها لا تتعارض مع قواعد الشريعة الإسلامية‏.‏ ومن المعروف أن دولة الخلافة ظلت مستمرة من الناحية القانونية‏,‏ والفعلية في تركيا علي الأقل‏,‏ حتي عام‏1924‏ عندما وصل القنوط واليأس بالأتراك من إمكانية التقدم واللحاق بالدول الغربية إلي إلغائها كلية‏.‏ وفي العالم المعاصر‏,‏ فإن الغالبية الساحقة من الدول العربية والإسلامية جعلت من الإسلام دينا رسميا للدولة‏,‏ ومن الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع

    حتي ولو لجأت إلي مصادر أخري للتعامل مع الواقع المعقد‏.‏ ولكن ربما كان الأكثر نقاء في التجارب الإسلامية

    هي تلك التي رفضت الاعتماد علي مصادر التشريع الأخري وأعلنت بشكل واضح اعتزامها علي اعتبار الشريعة المصدر‏'‏ الوحيد‏'‏ للتشريع‏,‏ ورفعت بغير مواربة شعار الإسلام هو الحل‏.‏ وتم تطبيق هذه التجارب الإسلامية في المملكة العربية السعودية‏,‏ وأفغان ستان‏,‏ وإيران‏,‏ والسودان‏,‏ وكانت النتيجة لا تختلف في كثير أو قليل من حيث التقدم والتطور والتنمية والمنافسة في الإبداع والإنتاج‏,‏ ولا حتي من حيث انخفاض مستوي الفساد‏;‏ وبالتأكيد لم ترتفع في هذه التجارب معدلات الحرية والديمقراطية وتبادل السلطة واحترام حقوق الإنسان عما هو عليه الحال في البلاد الأخري‏.‏


    CC3333والمقطوعة أيديهم وأرجلهم من خلاف لأسباب شتي‏.‏ وبعد الانقلاب العسكري لعام‏1989‏ تزاوجت السلطة العسكرية المصممة علي مقاومة الفساد مع الجبهة القومية الإسلامية التي قادها الدكتور حسن الترابي الذي كان واحدا من أقطاب حركة ال
    إخوان المسلمين العربية‏.‏
    هذه التجربة السودانية القريبة زمانا ومكانا تحكي لنا وبتفاصيل مثيرة ومحزنة ما حدث عند تطبيق شعار‏'‏ الإسلام هو الحل‏'‏ عندما ساد الظن أن بمقدوره حل مشكلة الوحدة الداخلية في السودان لما للإسلام من قدرة علي إقامة العدل والمساواة‏;‏ وحل مشكلة التخلف السوداني المريع والذي يجعله قريبا دوما من حافة المجاعة طالما أن ما في الشرائع الإسلامية التي يعرفها الإخوان جيدا ما يكفي لتحويل الندرة إلي وفرة‏;‏ وحل معضلة مكانة الدول الإسلامية في العالم من خلال المؤتمرات الشعبية الإسلامية النشطة التي تضم كل الثوريين في العالم وتقود حركتها المثابرة إلي هز عروش الطغيان في الدنيا‏.‏

    وبالطبع فإن بقية القصة معروفة‏,‏ فالجنوب السوداني لم يبتلع مسألة القدرة غير العادية للجماعة الإسلامية علي تحقيق المساواة في السلطة والثروة‏,‏ وقاد حركة مسلحة لم تفلح معها القوافل الاستشهادية الشعبية‏.‏ وسرعان ما تبين أن المسألة لا تخص المسيحيين وغير المسلمين في الجنوب وإنما تخص المسلمين في غرب وشرق السودان الذين تمردوا لأنهم لم يهضموا قدرة الإخوان علي القيادة الرشيدة‏.‏ وظهر أن مركزية الثورة العالمية علي الطغيان والشياطين الكبيرة والصغيرة لا يزيد عن تجمع هائل للإرهابيين يوجهون إرهابهم للجيران وغير الجيران‏.‏ وأضاف السودان سببا إضافيا للإرهاب حينما كانت جماعة الإخوان السودانية تحتضن كارلوس
    وأسامة بن لادن في عاصمة واحدة‏,‏ فلم يعد الاستبداد وحده هو السبب الرئيسي كما قال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان في مصر وإنما وجود جماعة مؤمنة في السلطة‏.‏ وانتهي الأمر بالجميع إلي سودان جاهز للتفكيك ولا تزيد آماله الوحدوية عن دولة كونفيدرالية ضعيفة الروابط‏,‏ وتحتاج إلي عقود وأزمان طويلة حتي تتغلب علي آثار حروب أهلية طاحنة‏,‏ وإلي دولة متهافتة العلاقات الدولية بحيث لم يعد ما يحكمها مع العالم غير المعونات وجهود جمعيات الإغاثة المسيحية والبوذية‏.‏
    وحتي لا يسيء أحد الفهم فإن فشل التجارب التاريخية البعيدة والقريبة لا يجب أن يقع بالضرورة علي أكتاف جماعة الإخوان المسلمين المصرية ـ المحظورة والمشروعة ـ لأن الحجة المشهرة حينئذ هي أن كل ما جري قبل القرن التاسع عشر‏,‏ وكل ما حدث في القرن العشرين‏,‏ كان نتيجة المؤامرات الأجنبية وبالطبع والتطبيق الخاطيء لمصادر ومقاصد الشريعة‏.‏ وهنا تحديدا نصل إلي لب القضية كلها‏,‏ فالمباديء الدينية والمثالية في العموم لا تطبق نفسها بنفسها‏,‏ وإنما يطبقها بشر لهم مصالحهم وأهواؤهم‏,‏ وفوق ذلك لهم قدرات وكفاءات عقلية وذهنية لها القدرة علي التقليد أو الابتكار‏,‏ والمسايرة أو الإبداع‏.‏ والفارق بين المجتمع الناجح والمجتمع الفاشل‏,‏

    والمجتمع الموحد والمجتمع المفكك‏,‏ والمجتمع المتقدم والمجتمع المتخلف‏,‏ والمجتمع الذي يعطي المعونات ويقدم الإغاثة والمجتمع الذي يأخذ المعونات والإغاثة‏,‏ هو تلك القدرة علي استخلاص التجربة الناجحة من المثال السياسي‏,‏ والتطبيق الملائم للعصر والزمان من الشريعة الدينية أو ما يمكن تسميته بأنه‏'‏ الاجتهاد‏'.‏

    ومن المدهش أن جماعة الإخوان المصرية ـ المحظورة والمشروعة معا ـ لم تقدم الكثير الذي يقيم آفاق التجارب التي مارست وطبقت بقدراتها الخاصة شعار‏'‏ الإسلام هو الحل‏',‏ فلا عرفنا منها لماذا تخلف المسلمون حتي تكالبت عليهم الدول الأجنبية استعمارا واستغلالا‏,‏ ولا عرفنا منها لماذا جري ما جري في دول قريبة وبعيدة بعد تطبيق الشعار‏.‏ ومن الجائز تماما للجماعة المصرية أن تتملص من التجارب الأخري باعتبارها لم تشارك فيها‏,‏ ولكن ما ليس جائزا هو عدم القول لنا ذلك الذي سوف تفعله بطريقة مختلفة عن هذه التجارب‏.‏ وذلك تحديدا هو الاجتهاد الذي يبدو أنه هو الحل الوحيد للتعامل مع مشكلات معقدة ومركبة لا يمكن الهروب منها بأحاديث المؤامرة الأجنبية‏,‏ ولا الخلاص منها بإلقاء تبعاتها علي جماعات مخالفة في الرأي أو في الاعتقاد‏.‏ ومن حق الجمهور المصري أن يسمع وقد أعطي ثقته لكثيرين من أنصار الجماعة ـ رغم ما هو واقع عليهم من حظر قانوني ـ اجتهادا حقيقيا يقيم ما سبق ويطرح ما سوف يلحق‏.‏ فالقضية ليست مجموعات من الشعارات المرفوعة‏,‏

    والسيوف المشهورة‏,‏ والكتب المقدسة‏,‏ والبرامج العائمة الغائمة‏,‏ وإنما هي الاجتهاد فيما أنزل الله وما عرف البشر اقترابا من مشكلات ومعضلات تم تعريفها وتدقيقها‏.‏ ولكن‏,‏ وللحق‏,‏ وحتي لا تختلط الأمور فإن مهمة‏'‏ الاجتهاد‏'‏ لا تخص الإخوان المسلمين وحدهم‏,‏ فهي تخص الحزب الوطني الديمقراطي‏,‏ كما تخص كافة أحزاب المعارضة الكبير منهم والصغير‏,‏ والجماعات والحركات السياسية المختلفة سواء كانت حركة‏'‏ كفاية‏'‏ أو منظمات التغيير الأخري‏.‏ ففي خضم المعركة الانتخابية‏,‏ والاتهامات المتبادلة بالتزوير أو بالتشهير‏,‏ فإن فضيلة الاجتهاد والمناظرة السياسية تم الخسف بها لصالح المهاترة‏.‏ وربما آن الأوان للعودة إلي الاجتهاد مرة أخري‏!.
    christianvoice
    غدا يحيطه الضباب لكن الله يحيط بي وبكل من لي وبكل ما لي .

  • #2
    مشاركة: الاجتهاد هو الحل‏...‏ بقلم‏:‏ د‏.‏ عبد المنعم سعيد

    فاتني أن أذكر مصدر المقال السابق وهو:
    http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/WEEK555.HTM
    christianvoice
    غدا يحيطه الضباب لكن الله يحيط بي وبكل من لي وبكل ما لي .

    تعليق

    من قاموا بقراءة الموضوع

    تقليص

    الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

      معلومات المنتدى

      تقليص

      من يتصفحون هذا الموضوع

      يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

        يعمل...
        X