إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بقلم : د . وفاء سلطان - نبيّك هو أنت.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم : د . وفاء سلطان - نبيّك هو أنت.

    نبيّك هو أنت....لا تعش داخل جبّته! (1)


    ماهو الجهاز العقائدي وكيف يتشكل؟
    مامدى قوة تأثيره على حياة الإنسان؟
    لماذا ليس سهلا أن نتخلى عن عقائدنا؟
    كيف نستطيع أن نحسّن عقائدنها، أو أن نستبدلها بأفضل منها؟

    *************

    الجهاز العقائدي هو نسيج فكري متداخل ومعقد، يبدأ بالتشكّل منذ اللحظة الأولى للحياة ويستمر باستمرارها.
    كل خيط في ذلك النسيج هو خلاصة لتجربة ما، والنسيج برمته هو خلاصة التجارب التي يمرّ بها الانسان خلال حياته. لايمكن ان ينطبق جهاز عقائدي لانسان ما على جهاز عقائدي لإنسان آخر مهما تشابهت تجاربهما، اذ لا يوجد شخصان على سطح الأرض يعيشان نفس التجارب.
    كلّ خلاصة تمسك بالأخرى، وفي النهاية تشكل تلك الخلاصات نسيجا فكريّا متينا لا تستطيع أن تغيره سوى تجارب جديدة وخلاصات اخرى.
    هل بإمكانك أن تتصور بأن عليك أن تحيك قطعة من النسيج، ولديك حزمة من الخيوط المختلفة الألوان والأنواع. تسحب من تلك الحزمة خيطا خيطا وتربط الواحد بالآخر مرة إثر مرة، فتكبر قطعة النسيج في كل مرة تضيف خيطا جديدا، وتزداد صلابة وقوة وصعوبة في الفك وإعادة التركيب لو أكتشفت خللا ما فيها وقررت أن تعيد صياغته.
    هكذا يتشكل نسيجك الفكري، فكرة فكرة. لا تسطيع أن تعزل واحدة عن الأخرى مهما اختلفت في طبيعتها وظروف تشكلها. لنفرض جدلا بأن قناعة تشكلت لديك تقول بأن صديقك عدنان رجل ماكر وليس أهلا للثقة. تدخل تلك القناعة كخيط في نسيجك الفكري لترتبط بغيرها. في حقيقة الأمر لا تستطيع أن تفصل بين تلك القناعة وقناعة تشكلت، لنقل منذ عشر سنوات، تصر على أن الدسم الحيواني يضر بالجسم ويجب التخفيف منه.
    كلا القناعتين مختلفتان ولكنهما معا يشكلان خيطين في نفس النسيج، والتخلص من إحداهما سيخلخل وحدة النسيج بنفس المقدار.
    إذا النسيج الفكري يُشبه إلى حد بعيد لعبة الدمينو Domino set عندما يسقط خيط منه قد لا يسقط الخيط الذي يليه ولكن حكما سيتأثر ويتخلخل. لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل من السهل أن يسقط الخيط الأول، طبعا لا! وهذا ما سنحاول أن نتطرق اليه لاحقا.
    ********
    يمر الإنسان بتجربة ما فيخرج منها بقناعة ما، ثمّ يضيف تلك القناعة إلى سابقاتها وهكذا دوالييك.
    تصاب بنوبة زكام، يدخل جارك كي يطمئن عليك وفي يده حزمة من الأعشاب البرية، ثم يقترح عليك أن تتناول مغلي تلك الأعشاب فتفعل وتشعر فعلا بالراحة، إذ يخف ألم حنجرتك ويتحسن صوتك وتقل كمية المخاط الذي يتسرب من انفك. من خلال تلك التجربة تتولد لديك قناعة بأن هذا النوع من الأعشاب يفيد مرضى الزكام فتضيف تلك القناعة إلى جهازك العقائدي، ومع الزمن تنصح كل مصاب بالزكام بأن يتناول مغلي تلك الأعشاب.
    الوعي في حيز عقلك هو الذي قرر أن يستقبل الجار ويتبع نصيحته ولمس آثار تلك النصيحة، ولكن اللاوعي خرج بالخلاصة وسجلها لديه كي يضيفها إلى خلاصاته الأخرى.
    عندما تصاب مرة أخرى بالزكام لا تحتاج إلى جارك كي يدخل عليك مرّة أخرى وفي يده باقة من تلك الأعشاب كي ينصحك بشرب السائل المغلي منها، بل ستقوم بنفسك بتعميم خلاصة تجربتك السابقة وستركض إلى المطبخ كي تحضر المغلي دون الحاجة إلى تكرار التجربة السابقة. وقد تذهب في تعميمك لخلاصة التجربة أبعد من ذلك فكلما أحسست بتوعك صحي، حتى ولو لم يكن في طبيعته زكاما، تركض إلى المطبخ كي تتناول المغلي الساحر. تكرار الفعل دون الحاجة إلى خوض نفس التجربة يدعى بـ "البرمجة". فلقد تبرمج اللاوعي عندك على أن علاج الزكام يتم بشرب مغلي تلك الأعشاب.
    القسم الأكبر من عملية البرمجة تلك تتم في السنوات الأولى من العمر، ولذلك يصبح اللاوعي عند الإنسان في سنواته اللاحقة مبرمجا، ولم يعد قادرا على إعادة النظر في الخلاصة التي سُجلت لديه، فراح يعممها على كل التجارب المشابهة للتجربة التي أدت إلى تلك الخلاصة.
    أضرب مثلا آخر:
    لو اعطيت انسانا يعرف الانكليزيّة دون سواها كتابا بالعربية وطلبت منه أن يتطلع على صفحاته، سيقوم وبدون أدى تفكير بفتح الكتاب من اليسار الى اليمين.
    تجربته الاولى في القراءة والكتابة علّمته بأن يفتح الكتاب من اليسار الى اليمين، فراح يعمم الخلاصة التي خرج منها على أي كتاب يفتحه.
    والعكس صحيح لو اعطيت انسانا لا يعرف سوى العربية كتابا باللغة الانكليزية وطلبت منه أن يتطلع على صفحاته، سيقوم وبدون أدنى تفكير بفتح الكتاب من اليمين الى اليسار.
    تجربته الاولى في القراءة والكتابة علّمته بأن يفتح الكتاب من اليمين الى اليسار، فراح يعمم الخلاصة التي خرج منها على كلّ كتاب يفتحه.
    خلاصة التجربة تحولت الى فكرة استقرت في عمق اللاوعي عند الانسان الذي خاض تلك التجربة، ثمّ راحت تلك الفكرة تتحكّم بطريقة سلوكه عندما يتعرض لتجارب مشابهة.
    فتح الكتاب من اليسار الى اليمين فكرة استقرت في عمق اللاوعي عند الانسان الانكليزي، وكانت قد تشكلت كخلاصة من خلال تجربته الاولى في علم القراءة والكتابة. لقد عممّ تلك الفكرة على تجاربه المشابهة، التي قادته الى فتح كتاب بلغة أخرى لا تقرأ من اليسار الى اليمين.
    ونفس القول ينطبق على الانسان العربي الذي يفتح كتاب بالانكليزية من اليمين الى اليسار.
    ..............................
    قبل أن نتطرق إلى التعميم وفوائده ومساؤيه، سنعود للإبحار بعمق في كيفية تشكل الجهاز العقائدي.
    كل تجربة نمرّ بها تترك لدينا إما إحساسا بالألم وإما إحساسا بالمتعة وإمّا لا تترك إي إحساس فتسقط خارج اللاوعي. الدماغ وعند الخروج من التجربة، يسجّل لديه نوع الشعور الذي رافق تلك التجربة.
    عندما تحرق يديك بسطح ساخن ستتألم، وسيقوم الدماغ بتسجيل الخلاصة التي خرجت منها.
    سيتشكل لديك اعتقاد بأن لمس السطح الساخن يسبب ألما، هذا الاعتقاد سيمنعك من تكرار التجربة في المستقبل.
    لو لم يسجل دماغك تلك الخلاصة لما تبنيّت ذلك الاعتقاد، ولكنت ستلمس السطح الساخن مرّة اخرى كلما اقتربت منه.
    كيف تمت عمليّة التسجيل هذه؟!!
    الإحساس الذي نجم عن التجربة، والذي هو في النهاية خلاصة تلك التجربة تسجل في اللاوعي عندك. نجمت عن عملية التسجيل تلك تغيرات في تشريح وكيمياء الدماغ، هذه التغييرات تعتبر بمثابة شيفرا ترمز إلى الإحساس وتذكر به كلما واجه الانسان نفس التجربة.
    هذه الشيفرا هي الخلاصة أو الفكرة بشكلها المبرمج!
    تدعى العلاقة بين الفكرة والتغييرات التي رافقتها في الدماغ، أي الشيفرا، الإرتباط العصبي Neural associations.
    ولذلك عندما نقول فلان من الناس مبرمج (مغسول) الدماغ، يحمل ذلك التعبير دلالات عضويّة تشريحية وكيميائية وليس فقط دلالات عقائديّة فكريّة.
    ................
    لتوضيح تلك الفكرة قام الدكتور Merzenich في جامعة كاليفورنيا/ سان فرانسيسكو بتجربة على شمبانزي.
    استطاع أن يتوصل الى منطقة في دماغ الشمبانزي تسيطر على اصبعه الوسطى. فقام بتدريب الشمبانزي على استخدام اصبعه الوسطى دون الأصابع الاخرى عند التقاطه لطعامه.
    كان يشجعه بمنحه المزيد من الطعام كلّما استخدمها، ويمتنع عن ذلك كلما فشل في استخدامها.
    خرج الشمبانزي من التجربة باعتقاد رسخ في دماغه على أنّ استخدام اصبعه الوسطي يؤدي الى حصوله على المزيد من الطعام.
    التغييرات التي طرأت على منطقة الدماغ المرتبطة بالاصبع الوسطى، من جرّاء تسجيل ذلك الاعتقاد، أدت الى ازدياد حجم تلك المنطقة بمعدل 600 مرّة.
    الممتع في الأمر، عندما توقّف الطبيب عن مكافأة الشمبانزي على استخدام اصبعه الوسطى لم يتوفق الشمبانزي عن استعمالها.
    لقد فقد الشمبانزي المكافأة لكنّه لم يتوقف عن السلوك، لماذا؟
    لأنه اصبح مفسول الدماغ!
    كيف؟
    لم يعد الواقع هو الذي يتحكم بالسلوك، بل التغييرات الدماغية التي سببتها قناعة الشمبانزي بأن استخدام أصبعه الوسطى يدر عليه مزيدا من الطعام، هي التي تتحكم به.
    البرمجة الدماغية هي التي تتحكم بالأمر بغض النظر عن اسمترار الواقع الذي أدى إلى تلك البرمجة أو غيابه.
    تساءل الدكتور ميرزينخ: هل بالإمكان إعادة فك البرمجة؟ وفي محاولة لتحقيق ذلك حاول أن يمنع الشمبانزي من استخدام اصبعه الوسطى. بمعنى آخر، حاول أن يغيّر قناعته بأن استخدام اصبعه الوسطى يدّر عليه المزيد من الطعام.
    تساءل: كيف؟
    طبعا المتعة التي يشعر بها الشمبانزي عند تلقي الطعام هي التي أدت إلى تبني ذلك الإعتقاد، إذا لا شيء سيساعد على فكّ البرمجة والتخلص من ذلك الإعتقاد سوى الألم.
    وقال يحدث نفسه: دعني أسبب له ألما كلما استخدم اصبعه الوسطى حتى يتبنى اعتقادا مغايرا يقول بأن استخدام الأصبع الوسطى يسبب ألما.
    لم تشر التجربة إلى نوع الألم الذي سببه الطبيب على الشمبانزي كي يجبره على التخلي عن اعتقاده المبرمج ( ربما لأن الأمر يتعارض مع الشروط الأخلاقية التي تُفرض عند إجراء تجارب على الحيوانات، وخوفا من احتجاج منظمات الدفاع عن الحيوانات)
    المهم، أكد الطبيب أن تطبيق الألم أجبر الشمبانزي على التخلي عن اعتقاده ألا وهو ضرورة التقاط طعامه باصبعه الوسطى. عندئذ تبنى الشمبانزي اعتقادا مغايرا للإعتقاد السابق وهو أن استخدام الأصبع الوسطى يسبب ألما.
    إذا لا نستطيع أن نغير قناعة ما إلا إذا دخلنا في تجربة معاكسة للتجربة التي أدت إلى تلك القناعة.
    ...............
    الأفكار تجذب مشابهاتها.
    تلك حقيقة أثبتتها الدراسات التي أجريت على السلوك البشري. بمعنى عندما يتبرمج اللاوعي يتشكل حاجز بين اللاوعي والوعي يمنع تسرب أية فكرة من الوعي إلى اللاوعي مالم تتوافق تلك الفكرة مع مثيلاتها الموجودة سلفا في اللاوعي.
    أضرب مثلا:
    قد يعتقد انسان أبيض بأن الإنسان الأسود يميل إلى العنف وبالتالي أكثر إحتمالا لإرتكاب الجرائم، لكنه يدخل لاحقا في تجربة يتعامل من خلالها مع رجل أسود ويجده تماما عكس اعتقاده المبرمج، فيحاول أن يصرف نظره عن تلك الحقيقة ويصرّ على صحة اعتقاده السابق. الفكرة السابقة لم تسمح بدخول فكرة جديدة تتعارض معها. ومع الزمن يحاول الإنسان باللاوعي أن يتجنب خوض كل تجربة قد تثبت له عكس قناعاته المبرمجة.
    كان لي جارة عراقية شيعية هاجرت إلى أمريكا عقب حرب الخليج الأولى، وبعد أن هرس صدام حسين الشيعة في الجنوب وطاردهم حتى فرّ معظمهم إلى السعودية. في السعودية، وبناء على أقوال تلك الجارة، عوملوا بطريقة لا إنسانية، ولاحقا حصل معظمهم على إذن سفر وعمل في أمريكا.
    في كل مرة كنا نتقابل كانت تهتك عرض الأمريكان، وتندد باسلوب حياتهم وبأخلاقهم وبقيمهم، وكنت أصغي إلى أقوالها بإهتمام بالغ ليس حبا بما تقول وإنما رغبة في دراسة ذلك النمط من السلوك!
    مرة كنا في طريقنا من مدينة لاهويا في مقاطعة سان دياغو إلى مدينة كورونا في مقاطعة ريفرسايد، وكلا المقاطعتين في ولاية كاليفورنيا.
    لا يمكن أن أتصور بأن هناك طريقا في العالم أجمل من الطريق الذي يصل بين تلك المقاطعتين. يمتد حوالي مائة ميل، وليس هو سوى صورة فنية تعكس إبداع الخالق والمخلوق!
    عادة، عندما نسافر عبر تلك الطريق زوجي يقود وأنا أسترخي في مقعدي وأسرح ببصري عبر زجاج السيارة ثمّ أغرق في تلك الجنة المحيطة بي.
    في تلك المرة كنت أقود وكانت جارتي العراقية تتبوأ مقعدي. عندما وصلنا إلى المدينة التي نقصدها خرجت من الطريق العام عبر طريق فرعي. هناك وعلى الزاوية كان يقف رجلا شحاذا ويمد يده سائلا المارة كي يعطوه بعض النقود.
    أشارت جارتي العراقية بيدها إلى ذلك الرجل، ثم أطلقت ضحكة هستريائية وقالت: تلك هي أمريكا التي تدافعين عنها!
    شعرت بامتعاض لم أستطع أن أخفيه، فالتفت إليها وبهدوء قلت: أخشى أن تعيشي حياتك في أمريكا، ياسيدتي، ولا ترين منها سوى أمثال ذلك الرجل!!
    ............
    في عقر اللاوعي عند تلك السيدة قبع محمد نبيّ المسلمين وراح يقرّ اذنها بكل أحاديثه التي تلعن الكفار وتحرم التشبه بهم ولا تسمح بالعيش بينهم. منذ محمد وحتى الآن لم يسمح الحاجز الذي يفصل الوعي عند المسلم عن اللاوعي من أن يدخل ذلك اللاوعي سوى من يقرع طبل محمد من السلفين والخلفين.
    يعيش المسلم تجارب جديدة تؤدي إلى قناعات جديدة، لكنها وطالما تتضارب مع قناعاته التي تبرمج اللاوعي عنده، يرفض أن يتبناها ويصرّ على أنه لا يراها ولم يعشها.
    الطريق الجبلي المحاط بأجمل الأشجار والأحراج والمهندس وفق أحدث الطرق العلمية لا يعبر عن أمريكا ولا يعكس شيئا من عظمتها، لكن رجلا معتوها ومرميّا على قارعة الطريق يمثّل كلّ ما يعنيه ذلك البلد!
    ولذلك لم تستطع جارتي العراقية أن تتبنى قناعات جديدة، ووصل بها الأمر أن تعيش التجربة وتتظاهر بأنها لم تعشها.
    الحاجز الذي يفصل بين وعيها واللاوعي عندها حاجز اسمنتي ثخين، ولا يسمح لأية فكرة تتعارض مع أفكارها المسبقة بأن تتسرب إلى اللاوعي عندها.
    هي تبرمجت ولا تستطيع أن تعيش حياتها إلا وفقا لتلك البرمجة!


    مواضيع متعلقة

    متى ينفجر ذلك الدمل
    http://www.enjeely.com/vb/showthread.php?t=3451

  • #2
    مشاركة: بقلم : د . وفاء سلطان - نبيّك هو أنت.

    نبيّك هو أنت.. لا تعش داخل جبّته! (7)


    وفاء سلطان
    elsultana1@yahoo.com
    الحوار المتمدن - العدد: 2157 - 2008 / 1 / 11


    الطلقة التي تراها لا تصيبك، والفكرة كالطلقة!
    عندما نرفع مستوى وعينا لندرك أبعاد أية فكرة ترقص في ساحة وعينا وآثارها على سلوكنا سنكون قادرين على أن نقرر بعقلانية هل نسمح لها بدخول حيّز اللاوعي أو نمنعها!
    للتكرار سطوته، ومتى سمحت لفكرة ما أن ترقص طويلا في ساحة الوعي تزداد فرصة تسللها إلى اللاوعي مهما تعارضت تلك الفكرة مع البرمجة الأولية للاوعي.
    كما تنتعش الأسواق بكثرة العروض وتنافسها كذلك تنتعش العقول بكثرة الأفكار وتفاعلها.
    عندما تنفرد بضاعة ما في سوق ما تفقده جودته وتحدد نشاطه وتصيبه بالكساد ولاحقا بالإنهيار، وكذلك عندما تنفرد فكرة ما في حيّز العقل تحدد نشاطه وتصيبه بالكساد ولاحقا بالجمود.
    في حلبة التنافس الحر والمقونن تسود الفكرة الجيدة كما تسود البضاعة الجيدة، ويكون البقاء دوما للأفضل.
    احتكر الإسلام عقول معتنقيه ولم يسمح لهم بتبني أيّ فكر آخر، فساهم في تقزيم تلك العقول وأصابها بالكساد وأدى به إلى الجمود.
    تكررت لغة الإسلام، المليئة بخرافات وأخلاقيات اللحظة التي أنجبته، على مسامع أتباعه لمدة أربعة عشر قرنا من الزمن ولم تسمح للغة المنطق والعلم من أن تنافسها.
    أقصى بارفيز Aqsa Parvez شابة كنديّة من أصل باكستاني، لم تتجاوز بعد ربيعها السادس عشر، قتلها والدها المسلم منذ حوالي ثلاثة أسابيع بلا رحمة لأنها رفضت أن ترتدي الحجاب.
    لا شئ على سطح الأرض يبرر أن يتجرد الإنسان من عاطفته تُجاه فلذة كبده فيقدم على قتلها، إنّها البرمجة العقلية التي تهبط به إلى مستوى حيوان يدوس في بطن وليده ولا يعي ما فعل!
    هذا ما فعله الإسلام!
    عندما تناول الإعلام الغربي الحادثة جن جنون المسلمين في أمريكا وراحوا يزعمون بأنه لا علاقة لتلك الجريمة بالتعاليم الإسلاميّة، وإنّما الأمر قضيّة عادات وتقاليد فالإسلام لا يأمر الآباء بقتل بناتهن عندما يرفضن لبس الحجاب.
    والسؤال الذي يطرح نفسه في وجه ذلك الإدّعاء الكاذب:
    لماذا تقتصر جريمة القتل "دفاعا عن الشرف" على البلاد الإسلامية دون غيرها، علما بأن لتلك البلاد عادات وتقاليد تختلف بإختلافها؟
    ما الذي يجعل معدل تلك الجريمة في الباكستان هو نفسه في الضفة الغربية، ولكلّ من المنطقتين تاريخ وعادات وتقاليد تختلف عن الأخرى؟
    أليست التعاليم الإسلامية هي العامل المشترك بين جميع البلاد التي تعتمد القتل "دفاعا عن الشرف"؟
    أليست اللغة التي تبناها الإسلام هي المحرّض الأول والأخير لإرتكاب تلك الجريمة؟
    لغة الإسلام التي تتناول العلاقة بين الذكر والإنثى هي لغة مشحونة بالحقد والكراهية، وتبرمج الذكر على الرغبة في الإنتقام من اُنثاه بسبب أو بلا سبب.
    لا أحد يستطيع أن يتصور قوة الكلمة وتأثيرها على برمجة العقول والتحكم بالسلوك!
    عندما قال المسيح لأتباعه:"من كان منكم بلا خطيئة فليرميها بحجر"، برمجت عبارته تلك عقولهم وتحكّمت بسلوكهم منذ اللحظة الأولى وحتى تاريخ اليوم، فلم يُرتكب ذلك النوع من الجرائم في بلدان مسيحيّة!
    يبعد لبنان عن الضفة الغربية ضربة حجر ويربطه بها نفس العادات والتقاليد والتاريخ، ولكن كم عائلة مسيحيّة في لبنان قتلت بناتها دفاعا عن الشرف؟!!
    يتهمونني بأنني أبشّر بالمسيحية؟ وجوابي على اتهاماتهم: بل اُبشر بكل كلمة جميلة، أيا كان قائلها، طالما تساهم في الإرتقاء بالإنسان إلى مستوى انسانيّته!
    ...........
    قال محمّد نبيّ الإسلام: "يا معشر النساء إنكن أكثر أهل النار لأنكن إذا اعطيتن لم تشكرن وإذا ابتليتن لم تصبرن وإذا أمسك عنكن شكوتن".
    ألف وأربعة مائة عام وذلك الحديث يرقص في ساحة الوعي عند الرجل المسلم، فهل من عاقل يشكّ بأن الرجل المسلم مبرمج على أن يقتل بناته لأتفه سبب يتخيله؟!!
    النساء أكثر أهل النار؟ ما أعدل الإسلام، وما أبعد رجاله عن الإنتقام!!
    لا يمكن، وفي أي حال من الأحوال، أن تعمم صفة على كافة الجنس البشري أنثى، كان ذلك الجنس، أم ذكرا!
    الصفات البشرية هي إمّا وراثية وإمّا مكتسبة. إذا كانت المرأة بطبعها الموروث في جيناتها عاقة وكثيرة الشكوى ولا تعترف بالجميل، إذن لا حول لها ولا قوة! المفروض أن لا يحاسبها "الله" على تلك الصفة، فهل يحاسب الله إنسانا على لون عينيه أو جلده أو طول قامته؟!!
    أما إذا كانت صفة مكتسبة فهذا يعني بأن البيئة هي التي برمجت النساء لإكتساب تلك الصفات.
    إن المرأة في تكوينها البيولوجي والنفسي مجهّزة لأن تصبر وتسامح ولا تشكو، وإلا كيف ستحافظ على غريزة التناسل وتتحمل آلام الحمل والولادة؟
    تصوروا مخلوقا مبرمجا بيولوجيا على أن لا يتحمل ولا يصبر، هل سيتمكن من أن يمرّ بمصاعب الحمل والولادة، ناهيك عن الإعتناء بالطفل وتربيته؟
    هذا من جهة، أما من جهة أخرى وإذا اعتبرنا تلك الصفات مكتسبة فالمجتمع الذي أفرز تلك القناعة بأن المرأة كثيرة الشكوى قليلة الشكر، ثم زرعها في اللاوعي عند المرأة عليه أن يُعيد النظر في تلك القناعة ويحاول تنظيف اللاوعي عند نسائه، كي يُفلح في إنتاج امرأة أكثر فعالية وإيجابية.
    .............
    ماذا أنتجت تلك القناعة منذ أن زرعها محمد في اللاوعي عند أتباعه وحتى تاريخ اليوم؟!
    أنتجت امرأة معتوهة ورجلا أشدّ عتها، وبالتالي مجتمعا عقيما مريضا عاجزا على أن يجاري المجتمعات البشرية الأخرى في انسانيتها وتطورها.
    عندما تُبرمج المجتمع على قناعة تُسيء إلى نصفه، سيدفع النصفان ثمن تلك القناعة.
    هذه القناعة هي التي أنجبت المرأة المسلمة، والمرأة المسلمة بدورها هي التي أنجبت الرجل المسلم، وكلاهما بالتالي مخلوقان عاجزان....!
    وما تبقى لدى الرجل المسلم من عقل قضى عليه حديث محمّدي آخر:
    "لا تطعم المرأة أحدا دون اذن الزوج إلا إذا كان طعاما قارب على الفساد. فإن أطعمت عن رضاه كان لها مثل أجره وإن أطعمت بغير رضاه كان له الأجر وعليها الوزر"
    عندما تتولّد لدى المرأة قناعة بأنها غير مؤهلة عقليا لأن تتبرع بصحن طعام دون أن يضرّ الأمر باسرتها، هل سيبقى لدى تلك المرأة أثر لعقل يتحكم في تربيتها لأطفالها؟
    المرأة المبرمجة وفق تلك القناعة لا تستطيع أن تمنح أولادها أبسط ما يحتاجون إليه. فالمرأة غير المؤهلة عقليّا لأن تتبرع بلقمة لجائع، هل هي مؤهلة عقليّا لتربي أولادها؟!
    عندما تتولد لدى الرجل قناعة بأن زوجته غير مؤهلة عقليا لتطعم جائعا، وبأنه مؤهل "إلهيا" ليسرق أجرها لو فعلت ذلك دون اذنه، لن يبقى لدى ذلك الرجل مثقال ذرة من تواضع كي يُعيد النظر في أفعاله وتصرفاته؟
    لذلك كانت ولم تزل الحياة في المجتمعات الإسلامية نتيجة حتمية لقناعة سلبت المرأة عقلها وسلبت الرجل تواضعه. فدفعت الحياة في تلك المجتمعات ثمن عته المرأة وغرور الرجل بالإضافة إلى عتهه هو الآخر.
    ............
    لم ألتق في حياتي برجل مسلم أو امرأة مسلمة، مهما اتسعت مداركه أو مداركها، إلا ولمست لديه ولديها آثار تلك القناعات الدفينة التي تسللت من محمد إلى اللاوعي عندهما.
    في بداية نشري لمقالاتي على صفحات المواقع الإلكترونية تلقيّت رسالة تقدير من رجل مسلم، يُعتبر حتى تاريخ اليوم واحد من أكبر شيوخ "الليبرالية" في العالم العربي. طبعا رددت على رسالته برسالة شكر، ثم بدأنا منذ يومها نتبادل الرسائل والآراء، وإذ بي اُفاجئ ذات يوم برسالة منه تقول:
    عزيزتي وفاء:
    "يقولون بأنك رجل مسيحي يتخفى تحت اسم امرأة مسلمة، ولا أخيفك سرا بأنني أنا الآخر بدأت أشكّ بذلك"
    نزلت رسالته على رأسي كالصاعقة، لا لأنه شكّ بمصداقيّة هويتي، بل لأنه اعتبرني رجلا. لو قال لي: أنت امرأة مسيحيّة متخفية تحت اسم امرأة مسلمة، لغفرت له لأنه على الأقلّ احترم كينونتي كامرأة. ولكن أن يظن بأنني رجل كانت القشة التي قصمت ظهر ذلك "الليبرالي"، فكتبت له أقول:
    عزيزي فلان:
    "هناك مثل روسيّ يقول: الإنسان كالنهر، تراه أحيانا عميقا كالبحر وأحيانا أخرى ضحلا كالساقية. كنت أعتقد بأنك بحر، ولكنك تبدو في رسالتك الأخيرة وكأنك تمرّ بطور الساقية"
    فجن جنونه وأرسل لي بعدها رسالة حادة اللهجة يطالبني فيها أن أعتذر منه، فأسقطتها وأسقطته في سلة مهملاتي!
    مرّة، وخلال مؤتمر الأقباط الذي عُقد في العاصمة الأمريكية واشنطن، التقيت به وجهها لوجه. مددت يدي مصافحة وبشجاعة، لم يعهدها عند امرأة، قدّمت نفسي: أنا وفاء سلطان...أتشرف بمعرفتك أستاذ فلان...
    مدّ يده وهو يرتجف، وصافحني دون أن ينبس ببنت شفة، ثم هرب متواريا بين الحضور.
    لقد وقف غروره، الذي اكتسبه من القناعة التي تخوله أن يسرق أجر زوجته إن هي تصدٌقت على جائع دون اذنه، وقف حائلا أمامه فلم يسمح له أن يعترف بخطأه ويعتذر لي عن إهانته؟
    هل سمعتم رجلا مسلما يوما يعتذر عن إهانة وجهها لغيره؟ طبعا لا!
    فالرجل، المؤهل "إلهيا" أن يسرق أجر زوجته إن تبرعت برغيف خبز لجائع، هو رجل متغطرس إلى حد يفوق قدرته على الإعتذار!
    لا أمل يُرجى في إعادته تأهيل ذلك الرجل، مالم يرتقي بمستوى وعيه كي ينبش تلك القناعات المريضة من اللاوعي عنده ويلقيها في سلّة مهملاته، ثم يتبنى قناعات أكثر منطقيّة وإنسانية.
    تصوروا لو نبدأ اليوم بتنبي قناعات مغايرة، قناعات تقول بأن المرأة مخلوق مؤهل عقليّا ونفسيّا لأن يربي أجيال المستقبل وهي المسؤولة عن سلامة تلك الأجيال، ما الذي سنجنيه بعد جيلين من الآن؟!!
    ****
    كل شعب هو نتاج عقائده. برمجته العقلية تقوده إلى مستقبله.
    Eileen Collins كانت أول امرأة أمريكية تقود مركبة فضائية، وترأس في الوقت نفسه فريقها.
    أعتقد، ولست متأكدة، أنها هي المرأة التي كانت تتحكم بهبوط المركبة الفضائية الأمريكية Discovery عام 2005 في ولاية كاليفورنيا ومن مخبرها في وكالة ناسا. كانت أخبارها يومها تملأ كل الصحف الأمريكية.
    قرأت مقالة لكاتب أمريكي لم أعد أذكر اسمه في صحيفة لوس انجلوس تايمز، يحكي فيها عن الدور الرائد لتلك المرأة.
    يقول في مقالته: "كنت وطفلي البالغ من العمر خمس سنوات نتابع أخبار المركبة الفضائية أثناء هبوطها، ونراقب كيف تتحكم تلك المرأة بها. بدا طفلي أكثر غبطة مني وهو يراقب ما تعرضه شاشات التلفزيون.
    سألته، وهو في غمرة غبطته: هل تحلم أن تصبح يوما قائدا للمركبة الفضائية؟
    وبدهشة لا مثيل لها، سألني: ولكنني لست امرأة، هل تعتقد بأننّي أستطيع أن أفعل ذلك؟"
    ................
    بمجرد رؤية ذلك الطفل لتلك المرأة، تشكلت لديه قناعة بأن المرأة هي وحدها القادرة على أن تقود مركبة فضائية!
    هنيئا له! لم يسمع نبيّه يوما يقول: إذا مرّ كلب أو امرأة قبالة رجل يصلي ستفسد صلاته!
    عندما يكبر ذلك الطفل هل تتوقعون بأنه سيشكّ يوما في هوية امرأة لمجرد كونها قادرة على الكتابة؟ وهل تتوقعون بأنه سيكون عاجزا عن الإعتذار عندما يُسيء لتلك المرأة؟
    لنتصوّر معا طفلين: أحدهما ولد في مجتمع المرأة فيه رائدة فضاء، والآخر ولد في مجتمع المرأة فيه عشر عورات. هل سيخرج هذان الطفلان إلى الحياة رجلان يحملان نفس القيم والمبادئ، وبالتالي هل سيصلان إلى نفس المستقبل؟
    أعرفتم الآن الفرق بين إنسانهم وإنساننا؟
    أعرفتم الآن لماذا هم روّاد فضاء، ولماذا نحن روّاد الهاوية؟ أعرفتم ماذا فعلت عقيدة محمد بأتباعه؟!!
    المرأة في تلك العقيدة لا تصلح أن تتحكم إلاّ بطبق طعام فاسد تغشّ به فقيرا يبحث عن لقمة!
    والرجل في تلك العقيدة مهووس بحقه "الإلهي" الذي يخوّله أن يسرق أجر امرأة أطعمت جائعا بدون إذنه!
    المرأة كالكلب تفسد صلاة الرجل، والرجل أطهر من أن تمرّ بجانبه امرأة وهو يصلي!
    هذه الهوة الساحقة التي تفصل بين الرجل والمرأة كقطبين للحياة، لن تسمح لهذين القطبين بالإلتقاء من أجل تحسين نوعية تلك الحياة.
    لذلك يتباهى المسلمون اليوم، وخصوصا هنا في الغرب، بعددهم ولا يكترسون لنوعيتهم. يذكّرني ذلك التباهي بقول انشتاين:
    ليس كل شيء قابل للعد يجب أن نعدّه، وليس كل شيء نعدّه ذي قيمة!
    ......
    يقول الغزالي نقلا عن نبيّه: إنّ المرأة عشر عورات فإذا تزوجت ستر الزوج واحدة، وإذا ماتت ستر القبر التسع عورات!
    هل استطاعت امرأة مسلمة منذ محمّد وحتى اليوم، أن تتجاوز حدود قناعتها بأنها عورة؟ فهي تنتظر من يطرق الباب أملا في إخفاء عورة من عوراتها، ثم تنتظر حتفها كي يخفي القبر ما تبقى من تلك العورات.
    هل بإمكانكم أن تتصورا وضع مجمتع لا هدف لنسائه في الحياة سوى الزواج وإنتظار الحتف؟!
    على مدى أربعة عشر قرنا من الزمن لم يسمح المسلم لنفسه بأن يرتقي إلى مستوى السؤال: لماذا خلق الله المرأة عورة، وأين الحكمة من ذلك؟
    يقول مثل صيني: عندما تسأل سؤالا تبدو غبيا لبضع ثوان، وعندما لا تسأل تظلّ غبيا مدى الحياة.
    فهل قدر المسلم أن يرفض السؤال ويظل يدفع ثمن غبائه مدى الحياة؟!
    متى سيرتفع بمستوى وعيه إلى الحدّ الذي ينبش عنده تلك القناعات، ثم يرميها في سلة مهملاته ويستبدلها بقناعات تعيد إليه إنسانيته؟!!
    لا يستطيع أن يفعل ذلك ما لم ينبش "إلهه ونبيّه" ويلقيهما خارج حيّز اللاوعي عنده ثمّ يستبدلهما بمصدر آخر لقناعاته، مصدر أكثر مصداقيةأخلاقية!
    **********
    في كتابه The power of intention يقول المفكّر الأمريكي ويين داير:
    "في الأيام التي أعقبت حوادث الحادي عشر من أيلول كنت مارا في أحد شوارع نيويورك، وإذ بي أسمع رجلا مسنا يقول لحفيده:
    "في داخل كل منّا، يا بنيّ، كائنان أحدهما مملوء بالغضب والحقد والألم ويتمنى أن ينتقم، والآخر مملوء بالحب واللطف والشفقة ويتمنى أن يسامح.
    سأل الطفل جده: ومن فيهما سينتصر؟ فقال الجدّ: الكائن الذي تطعمه وتسقيه".
    وهنا يحقّ لنا أن نتساءل:
    أيّ كائن منهما ذلك الذي يُطعمه الإسلام ويُسقيه في داخل الرجل المسلم؟
    لو لم يغذي الإسلام ذلك الوحش في داخله، لما استطاع والد الشابة أقصى بارفيز أن يقدم على قتل فلذة كبده!
    عندما نغذي الخير في أعماقنا يطغى جماله على كلّ مظاهر الحياة لدينا، وعندما نغذي الشر تتطغى قباحته على كل مظاهر الحياة أيضا.
    ..........
    القناعة، أيّة قناعة، تموت مالم نطعمها ونسقيها. القناعة التي تسللت إلى عقل المسلم بأن المرأة عورة، لا تستطيع أن تبقى هناك وتتحكم بسلوكه مالم يرحّب بها ويدغدغها!
    صار يفرض على الأنثى في حظيرته متى ومن تتزوج، ويقفل عليها الباب حتى تموت!
    بأيّ حق يقول الأب للزوج: زوّجتك ابنتي؟ فعندما لا تكون المرأة مؤهلة عقليا لتزوّج نفسها، هي ليست مؤهلة عقليّا كي تتزوج؟
    يحق للأب أن يبارك زواج ابنته، لا أن يربطها بحبل من رقبتها ويعتقها لمن ومتى شاء، كي ترتبط بحبل ذلك الزوج حتى مماتها.
    إحدى الآيات القرآنية تقول:
    "وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا".
    لن أناقش هذا الحكم من حيث وحشيّته وجوره، بل يحق لي أن أتساءل: أين العدل في سجن اللاواتي يأتين الفاحشة، بينما يُترك الرجال الذين آتوا الفاحشة معهن حريّن طليقين؟
    هل تستطيع المرأة أن تأتي الفاحشة بدون رجل؟
    هذا هو حكمها، فلماذا لا يُمسك الرجل معها حتى يجعل الله لكليهما سبيلا؟
    هذا من جهة، أما من جهة أخرى فالقاعدة العامة تقول: إذا أخذ الله ما وهب أسقط ما أوجب!
    فالمجنون لا يعاقب على عدم القيام بواجباته، وقياسا على ذلك يجب أن يعاقب الإنسان حسب ملكاته العقلية، فإذا كانت إمكانيات المرأة العقلية أقل من الرجل ألا يُفترض أن يكون عقابها أخف؟
    طالما أنقص إله الإسلام ملكات المرأة العقلية، لماذا لم يُسقط عنها جزءا من العقاب، بدلا من أن يفرض عقابا أشد؟ ولماذا لم يفرض على الرجل عقابا أشد طالما خصّه بعقل أرجح؟
    لماذا راعى ذلك الإله محدوديّة إمكانياتها العقليّة عندما اعتبر شهادة الرجل مقابل شهادة امرأتين، ولم يُراع ذلك عندما قال: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا"؟!

    تلك الأحكام الجائرة هي التي غزّت قناعة الرجل والمرأة على حد سواء بأن المرأة مخلوق دونيّ، وكتبت لتلك القناعة أن تعيش أربعة عشر قرنا، وأن تتحكم خلسة بسلوك معتنيقها.
    الإنسان سجين جهازه العقائدي، ولن يستطيع أن يخرج منه مالم يُدرك حدود جدرانه.
    فمتى يُدرك الرجل المسلم جدران سجنه كي يتجاوزها وينطلق بنفسه إلى فضاء إنسانيّته الأرحب؟!!


    مقالة منقولة عن الموقع التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=121271

    تعليق


    • #3
      مشاركة: بقلم : د . وفاء سلطان - نبيّك هو أنت.

      غير المسيحيين لا يحق لهم المشاركة سوى في منتدى حوار الأديان فقط
      التعديل الأخير تم بواسطة Peter Abailard; الساعة 17-03-08, 07:02 PM.

      تعليق


      • #4
        مشاركة: بقلم : د . وفاء سلطان - نبيّك هو أنت.

        نعم فعلا سقط خيط من خيوط النسيج الفكري للاسلام , الا ان بقية الخيوط لم تتخلخل بل سحبت مع الخيط الاول و "تشربكت" مؤدية بالفكر المسلم الى حالة من الارتباك و فقدان الصواب و انعدام الاتزان فهنا قنابل بشرية و هناك قطع رؤوس . حالة من الهستريا الدموية يكاد المرء يجزم ان ابطالها فارين من مشفى للمجانين.

        تعليق

        من قاموا بقراءة الموضوع

        تقليص

        الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

          معلومات المنتدى

          تقليص

          من يتصفحون هذا الموضوع

          يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

            يعمل...
            X