إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في انتظار طائرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في انتظار طائرة

    في انتظار طائرة

    عماد حنا

    كانت تشعر بالتوتر الشديد وهي تنتظر الطائرة التي سوف تقلها إلى أمريكا، وكانت تستمع الى المذيع الذي ينقل المعلومات بإصغاء شديد في انتظار أن يسمحوا لها بدخول الطائرة. مشاعرها متناقضة ما بين رهبة السفر الطويل، وتحقيق الحلم الكبير .. لقد تعبت كثيرا من هذه البلد، وأيضا تعبت من الناس الذين في هذه البلد. كانت تشعر أن مشاعرها محطمة وثقتها في الناس معدومة.. صدمت من أقرب الأقربين وأصبح لسان حالها ما يتغناه المغني الشهير مدحت صالح إذ يقول " رافضك يا زماني يا مكاني يا أواني .. أنا عايز أعيش في كوكب تاني" كانت هذه هي مشاعرها بعد أن كسرت وجرحت وتحطمت. وتمنت لو تكون أمريكا هي ذلك الكوكب الثاني الذي تضع عليه كل آمالها وطموحاتها

    كانت تشعر أنها غير مفهومة، وكل من يحيط بها لا يتمنى لها سوى الضغينة والشر, فقدت ثقتها في الناس لذلك قالت أنها سوف تطلب الهجرة عن طريق القرعة التي تعملها السفارة الامريكية في الشرق الاوسط .. قررت أن تجرب حظها في مكان آخر مع أناس آخرين ربما تجد اختلاف في المعاملة وتقدير لشخصها الأمر الذي لا تشعر به الآن. وعندما قالت لزويها أنها وضعت اسمها بين الراغبين في السفر والهجرة قالوا أن الفرصة للمكسب ضعيفة جدا . وسط آلاف الناس المتقدمين لهذا الامر الراغبين في تحسين أوضاعهم .. ولكنها قررت أن تجرب


    وفوجئت أنها كسبت في تلك القرعة، وهي قلما تكسب في أي مسابقات فهي في هذا الأمر سيئة الحظ. ولكن ها هي تكسب الآن ... هل أراد لها الله أن يعطيها فرصة أخرى لتسمتع بالحياة في بلد آخر يبعد عن بلدها الحالي بآلاف الأميال؟ .. ربما.. ولكنها بعد أن كسبت ما ظلت تحلم به من جديد شعرت بالخوف.. هل هي فعلا ستشعر بالراحة في هذا الجو الجديد عليها.. باختلاف لأنماط الحياة واختلاف السلوكيات.. أهي مغامرة أم مقامرة على حياة اعتادتها وإن كانت لم تحبها كثيرا!!


    أسئلة بداخلها لا تجد لها اجابة ولكنها وضعتها في توتر شديد, وكلما يقترب موعد الطائرة تشعر بتوتر أكثر.شعرت بقليل من الندم لأنها رفضت أن يأتي أهلها لتوديعها على المطار.. لقد كانت حجتها لهم أنها لا تحب لحظات الوداع ولكنها في داخلها كانت تريد أن تبدأ حياتها الجديدة منذ لحظة دخولها المطار .. تنظر في ساعتها.. يبدوا أنها أتت مبكرا .. تشعر بالجوع تتجه الى أقرب متجر تشتري باكو بسكويت وتتجه الى مقعد قريب يمكنها من سماع صوت المذيع إذا أعلن عن طائرتها .. أغمضت عينيها وتخيلت أهلها وأصدقائها الذين تركتهم وثمانية وعشرين عاما من حياتها سوف يتحولون بعد قليل الى مجرد ذكرى .. يجلس بالقرب من مقعدها شاب آخر ويلقي عليها التحية ودون أن تنظر اليه ردت التحية بمثلها ولكن يشوبها بعض الجفاء ..


    توترها يزداد .. تنظر الى الرجل الجالس بجوارها .. كان يجلس هادئا ومبتسما .. أخذت تبحث عن باكو البسكويت

    - ترى أين وضعته

    نظر اليها الشاب متساءلا

    - ماذا ؟

    نظرت له شذرا .. كما لو كانت تريد أن تقتله لأنه تدخل فيما لا يعنيه ولكنها اكتفت بالرد المقتضب

    - لا شئ

    فعاد الشاب الغريب الى صمته .. بينما وجدت باكو البسكويت بجانبها على الطاولة التي بينها وبين الشاب .. ففتحت الباكو وتناولت حبة من البسكويت ووضعت الباكو مكانه .. ومما ادهشها أنها وجدت الشاب يبتسم في هدوء ويمسك بباكو البسكويت بدوره ويتناول حبة ويرجع الباكو مكانه ويأكل حبة البسكويت بمنتهى الهدوء .. بينما هي تنظر اليه وقد وصلت الى مرحلة الغليان!!!

    كعادتها صارت تمسك بيديها وتحك الكفين بعضهما ببعض عندما تنفعل، من هذا السمج الذي يقتحم الخصوصيات بدون استئزان .. انه أمر بسيط ولكنه وقح ...

    مشاعرها متناقضة بين تفاهة الشئ الذي هي غضبة لأجله وبين عدم استطاعتها أن تكمح غضبها .. تحاول ألا يظهر هذا الأمر على سلوكها أو على وجهها .. تمتد يدها الى باكو البسكويت لتنال قطعة أخرى وتفاجئ بصاحبنا هذا بنفس الهدوء تمتد يده ليتناول بدوره قطعة من البسكويت

    ودت لو تصرخ في وجهة

    " العنة عليك يا رجل .. لماذا تقتحم حياتي .. ماذا تريد ؟" .. وجهها يتحول لونه الى الأحمر القاتم من فرط الانفعال ولكنها تحاول أن تتمالك نفسها فالذي أخذه مجرد قطعة بسكويت ( لا راحت ولا جت) وسيضحك منها الناس اذا احتدت على هذا الأمر التافه.. لتمتد يدها وتأخذ قطعة جديدة من البسكويت لتجد انه هو أيضا مع تلك الابتسامة التي بدأت تستفزها يأخذ قطعة تاركين قطعة واحدة من البسكويت على الطاولة ..

    أخذت تنظر في ساعتها وتقول لنفسها متى أتخلص من هذا السمج .. كانت تحاول أن تتخلص من تلك المواجهة لشخص سخيف يحاول أن يأكل طعامها دون استئزان . قامت بعصبية وتحركت قليلا حول الكرسي وهي تتساءل . هل هو نوع من المعاكسة السخيفة لرجل يريد أن يتعرف على شابة؟ ربما ولكنه لم ينجح أبدا في جذب انتباهها بصورة ايجابية .. بهدوء رجعت الى مقعدها فوجدته قد انتهى من أكل قطعة البسكويت وامتدت يده على القطعة الأخيرة .. ليقسمها الى نصفين يأخذ النصف ويأكله ويترك النصف الآخر لها ، وكأنما بفعلته هذه أشعل الفتيل الذي يؤدي الى الأنفجار فقامت من مكانها ونظرت اليه شذرا وقبل أن تنطلق لتصب لعناتها عليه ملأ صوت المذيع الداخلي المكان

    - على المتجهين الى نيويورك التوجه الى .......

    أوقف المذيع كل ما كانت تنوي أن تفعله لحسن حظ الرجل فما كان منها الا أن قالت

    - هذه طائرتي

    وبهدوء ابتسم لها الرجل ابتسامته الودودة وقال :

    - في أمان الله يا آنستي .. سررت بمعرفتك

    ودت أن تقول شيئا .. أي شئ .. بداخلها غضب شديد .. ولكنها يجب أن تغادر .. ماذا تفعل لتفرغ شحنة الغضب التي لديها .. لم تجد شيئا .. قالت له بحنق شديد

    - سلام

    وتركت المكان مسرعة وفي يديها جواز السفر لتلحق معاملات الخروج من المطار ..




    * * *

    جلست الفتاة على مقعدها المريح وبداخلها كل تلك المشاعر تجاه شخص لم يتعامل معها سوى لحظات.. حتى أنه أنساها كل ما يعتريها من مخاوف تجاه أرض الغربة .. مدت يدها لى حقيبتها لتتناول بعض المناديل ونظارتها من حقيبة يدها لتجد باكو البسكويت الذي اشترته من المطار وقد وضعته في الحقيبة ..


    وكأن دلوا من الماء البارد سكب على رأسها


    لم يكن هو الذي تطفل عليها اذن .. بل هي التي تطفلت عليه .. ماذا يقول عليها الآن .. دمعت عيناها وأغمضتها دون أن تحاول أن تمسحها .. وفي مخيلتها .. شاهدت كثيرا من الذكريات التي تركت فيها أثرا .. أغضبتها من أصدقاء ومن زملاء .. وكان سؤالها الذي أثار حيرتها .. ماذا لو كانت كل هذه المواقف تشبه هذا الموقف الذي حدث بالذات... ماذا لو كانت هي المخطئة في حق الآخرين .. وملأت الدنيا صياحا وتذمرا ... ولكن لم تسنح لها الفرصة أن تكتشف هذا الامر مثلما حدث الآن


    والسؤال الحائر الذي ظل بلا إجابة .. لماذا لم يكن رد فعلها هو نفس ردة فعل الشاب .. ابتسامة بسيطة دون أن تفقد سلامها ... أيضا لم تجد إجابة


    ولكنها اكتشفت شيئا خطيرا.. تغيير الأرض وتغيير الناس وتغيير نمط الحياة لن يحلا مشكلتها فهذه الأمور ليست هي كل ما تحتاج .. انها تحتاج الى تغيير أخر.. أن تغير من ذاتها هي.. هل تستطيع؟!!
    أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
    Emad Hanna

  • #2
    مشاركة: في انتظار طائرة

    هذه القصة شاركت بها في أول سنة كانت في منتدي انجيلي ... ارفعها للذكري
    أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
    Emad Hanna

    تعليق


    • #3
      مشاركة: في انتظار طائرة

      موهوب يااستاذ عماد
      والحقيقة فى الأعادة افادة
      انا لسة جديد فى المنتدى وماقارتش القصة دى قبل كده
      للسكوت وقت وللتكلم وقت
      {جامعة 7:3 }

      تعليق


      • #4
        مشاركة: في انتظار طائرة

        شكرا لك على هذا التشجيع
        أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
        Emad Hanna

        تعليق


        • #5
          مشاركة: في انتظار طائرة

          بسم الله القوى0
          قصه بسيطه ولكن عميقه 0نعم ما يجب ان يغير هو ذالك الفكر المودى الى فقدان السلام0 نعم قال الرب غيروا اذهانكم 0 يارب انا لا استطيع فاعمل انت يا رب هذا لى 0 لك كل الشكر 0
          واشكر الاخ عماد حنا واطلب من يسوع المسيح ان يعطيه سوال قلبه
          والسلام لكم ونعمه الله تشملكم

          تعليق


          • #6
            مشاركة: في انتظار طائرة

            شكرا لك يا عزيزي على صلاتك ... ربنا يسمع منك وربنا يباركك
            أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
            Emad Hanna

            تعليق

            من قاموا بقراءة الموضوع

            تقليص

            الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

              معلومات المنتدى

              تقليص

              من يتصفحون هذا الموضوع

              يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                يعمل...
                X