إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكسندر الجديد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكسندر الجديد

    بقلم: عماد حنا





    قد يغير الرب من مصائرنا , واضعا علي قلبه هدف أسمى وغاية أنبل من وجودنا . في البداية لا نفهم فنصرخ " لماذا يا رب " وفي النهاية عندما نفهم ما يريده الرب منا نعود فنصرخ " ما أروعك أيها القدير "
    أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
    Emad Hanna

  • #2
    ها قد نشر الإعلان , أخيرا بعد كفاح وصبر طوال الثلاث سنوات الماضية . أخيرا تم ما أسعى إليه , ولكن هل ستنجح فكرتي ؟ , لم أشعر بالخوف مثلما شعرت به الآن . كنت فيما مضي أركب السيارة وأضع قدمي علي محركها وأنطلق . أتعرض لكثير من المخاطر وأحيانا أري الموت بعيني ولكن لا يغمض لي رمش .. أما الآن فقلبي يرتجف من الخوف لئلا أفشل .

    لم أعرف لماذا ذلك الخوف الذي لم أعتده , ربما لأن هذا المشروع وضعت فيه كل جهدي ومالي . وربما لأن هذا المشروع هو مستقبلي القادم بعد أن أصبحت أسير لذلك الكرسي المتحرك بعد أن فقدت ساقي .

    نظرت إلي الإعلان – طريق الانتصار – وسبح ذهني في تيار الماضي القريب , كانت هناك إعلانات كثيرة في الصحف تتحدث عن جون الكسندر وانتصارات جون الكسندر , فقد كنت بطلا رائعا في سباق السيارات ولم أعرف في حياتي معنى الخسارة سواء كنت على رأس فريق أو كنت في سباق فردي , ظلت نتائجي من أفضل النتائج طوال وجودي علي حلبة السباق , أما الآن فأنا لا أقود إلا ذلك الكرسي المتحرك الذي أصبحت أسيره بعد ذلك الحادث المشئوم .

    ابتسمت في أسي ونظرت من جديد الي تلك الجريدة , وأخذت أقرأ الإعلان وكأني كنت أكتبه لنفسي " دعوة لإثبات ذات " ومن جديد رن في أذني أصوات تصفيق المعجبين والمعجبات بعد أن أقوم بعبور خط النهاية فدمعت عيناي , وأنا أنظر إلي طريق سباق صغير كنت قد صنعته في فيلتي . ومرة أخري أرجع الي الجريدة " دعوة لإثبات ذات" وشرعت أقرا السطور . "إلي كل من أراد الله له عجزا جسديا فلا يستطيع السير إلا علي كرسي متحرك , إنها دعوة لسباق كبير – سباق الكراسي المتحركة , هذا السباق ليس المقصود منه إعلان من الفائز ولكنه دعوة لإثبات ذات , إثبات أنك لست أقل من الآخرين وأنك قادر علي التحدي والصمود , وأيضا الفوز .. ليس علي الآخرين فقط بل علي نفسك أيضا , إنها دعوة تأتيك من جون الكسندر بطل سباق السيارات السابق , والذي أصبح مثلك أسير الكرسي المتحرك , ولكنه أبى الاستسلام ويثق في أن يستطيع أن يكون مثل غيره من البشر , لد دور وهدف وعمل يفيد به المجتمع . وهو الذي يدعوك لأن تعلن تحديك أنت أيضا .
    هل تستطيع , ثق في ألهك وقل نعم أستطيع وتعال الي السباق
    اللقاء في حديقة منزل الكسندر " .


    ***

    تركت يداي تعصران عجلات المقعد المتحرك وتصل إلي الطريق الذي جهزته لبدء السباق , ومن جديد عدت بذهني إلي بوابة الزمن لأتذكر نفسي منذ ثلاث سنوات عندما كنت أشترك في سباق آخر , سباق هدفه الوحيد هو معرفة من يكون الفائز ليتوج بطلا , ويصفق له ويفوز بالجائزة المالية الكبرى , كنت علي وشك الفوز بهذا السباق .. كنت دائم التفاؤل وأشعر دائما بوجود الله قربي واثقا بمحبته نحوي , لذلك لم أخاف داخل حلبة السباق مرة واحدة إذ كنت أشعر بيده الحانية تحميني , ولكن في هذا السباق كان الوضع مختلفا .

    في هذا السباق كنت أتقدم الجميع , دقائق وينتهي السباق . انه أخر ملف ويعلن الفائز . وكنت أنا في المقدمة وكان من خلفي صديقي العزيز جورج , وكنا قد اعتدنا أن نكون كفريق واحد , نكسب معا أنا في المقدمة بصفتي الأكبر والأقدم والمعلم وهو يأتي من خلفي , ولكن في هذا السباق رفض هذا الترتيب ودون أن يقول لي حاول أن يتخطاني في الملف الأخير علي حساب كل شئ . بل علي جثتي .

    ولم أشعر إلا بصدمة كبير في وقت قاتل نحتني عن طريق السباق وحطمت عربتي وتقدم جورج ليكسب السباق وسط ذهول ووجوم المتفرجين . كسب جورج السباق ولكن لم يصفق له أحد .

    ***
    وقفت بكرسي المتحرك عند بداية الطريق - طريق السباق - وأغمضت عيناي وتذكرت ذلك اليوم الذي تعرفت فيه علي جورج , ومن أعماق السنين سمعت من بعيد صوت أحد العمال يصرخ
    - جون .. جون .ز الست داخل سيارتك الآن ؟
    وقتها ضحكت علي هذا التعليق وقد ظننته يمزح معي وقلت له
    - ها أنت تراني أمامك , فكيف أكون داخل سيارتي .
    فرد علي بجدية بالغة
    - إذن هناك من سرق سيارتك , لقد رأيتها تخرج من الورشة بسرعة واعتقدت أنك داخلها.
    - سرق أحدهم سيارتي ؟! هكذا تقول ببساطة , ماذا يفعل سارقها بسيارة سباق ؟
    وجرينا ناحية الورشة التي فيها تصلح السيارة ولكني سمعت حشرجة سيارة داخل حلبة السباق فأسرعت ناحية الصوت لنجد سيارتي تسير بسرعة كما لو كانت داخل سباق فصرخت
    - اللعنة علي هذا الشخص الذي يقودها , هي ليست جاهزة بعد .
    وبعد يدورانها تقف أمامنا السيارة ويخرج منها رجل لا يلبس أي زي واق , وبابتسامة كبيرة يستقبلنا .
    - والآن يا سيدي , ما رأيك فيما فعلت .
    صرخت
    - متهور , ألا تعلم إن السيارة هكذا كان من الممكن أن تنفجر بك ؟
    ولكن هدأ الجميع من روعي , هو نفسه اعتذر كثيرا وقال
    - حاولت أن أقنع الجميع بمهارتي ومقدرتي علي أن أخوض السباق وفشلت , وأنت أملي الوحيد
    - أملك في ماذا
    - ضمني إلي فريقك
    - أنا لا أعمل في فريق , أنني أسابق بمفردي , ولا أدخل في سباقات الفرق .
    ونظرت أليه , كانت نظرات الإحباط قد بدأت تعلو وجهه . لقد وضع رجاؤه علي , قلت له
    - حسنا .. سأجرب أن نعمل معا كفريق , ولكن هل تعرف معني هذا ؟
    - ما معناه يا سيدي
    - معناه أنني أجازف بسمعتي , فيجب أن ننهي السباق معا , وأنت تحتاج إلي كثير من التمرين والخبرة .
    ضحك بسعادة وصفق بيده قائلا
    - علمني
    - ستكون مطيعا ؟
    - جدا
    - ما أسمك ؟
    - جورج ستيفن
    احتضنته وقلت
    - سنكون أصدقاء يا جورج , سأعطيك خبرتي وتكون أنت خليفتي علي الحلبة
    وتزاملنا فترة طويلة . مرات داخل سيارة واحدة ومرات كفريق سيارات , وكثيرا ما تزوقنا حلاوة الانتصار , وصنع جورج لنفسه شعبية ليست بقليلة , ولو قال لي فقط أنه يريد أن يكمل مستقبله بمفرده لما غضبت ولما فقدت ساقي , ولكن كيف يطعنني في ظهري ؟ كيف ؟ .

    ***

    دائما طوال الثلاث سنوات كلما أتذكر هذا الأمر ينتهي بي إلي البكاء , وكثيرا ما هربت من هذه الذكري لأتذكر شخصا آخر .. أنه ستيف , خادمي العجوز , هو الذي عرفني كيف أعبد الهي عبادة حقيقية وهو الوحيد الذي بقي معي بعد تلك الحادثة المشئومة , وكثيرا ما كنت أدخل في نوبات هياج شديدة عندما أتذكر ما فعله معي صديقي المخلص فأجده يضمني إلي صدره بحنان بالغ … كثيرا ما كنت أصرخ
    - لماذا … لماذا ؟
    - ما الذي تريد أن تعرفه يا جون ؟
    - لماذا أراد الله لي هذا العجز ؟ لماذا لم يعد يحبني .. لماذا أسلمني في قبضة من وثقت به .. هل أراد تحطيمي ؟
    يحتضنني ستيف كطفل ويقول
    - الله يحبك أيها العزيز جون , وإذا كانت هذه الأمور لغز الآن ستفهم فيما بعد , حاول أن تعرف ماذا يريد الله منك ؟
    صرخت كثور هائج
    - ماذا يريد الله مني ؟! نعم ماذا يريد من شخص مقعد فاقد أطرافه ولا يستطيع أن يفعل شيئا .
    بهدوء يجيبني
    - الله غير من عملك ومن رسالتك الآن , أتذكر يا جون يوم أن بدأت علاقتك بالله , وأعلنت تسليم حياتك بالكامل له , هل تراجعت الآن ؟
    - غير الله من رسالتي !!
    صرخت
    - أي رسالة يطلبها الله من شخص معوق كسيح مثلي , أي رسالة أستطيع أن أؤديها وأنا حبيس الفراش . كلا يا ستيف , لقد مات جون الكسندر إلى الأبد .
    نظر إلي ستيف بحب وابتسم وقال
    - أنا لم أقل عكس ذلك يا جون .. أجل .. مت سائق السيارات الشهير جون , مات الرجل الذي تهلل له الملايين وهو ينتهز تلك الفرصة ويجمع الناس ويشهد بمحبة يسوع , كانت رسالة حلوة ولا شك ولكن انتهت الآن ولابد من رؤية جديدة لمستقبل آخر , يولد الكسندر آخر , له رؤية أخري بها يخدم سيده .

    وكان هذا اليوم هو ميلاد جديد , يقولون أن الإنسان يمكن أن يولد مرتين , مرة من بطن أمه , ومرة ولادة روحية فيها يصير ابنا لله , ولكني أعتقد أنه يوجد عدة ولادات أخري , يوم أن يعطي الرب لابنه رؤيا عظيمة ويجهز بأسلوبه الخاص لتحقيقها في هذا الميلاد الجديد . وأنا ولدت مرة ثالثة , تلك المرة التي عرفت فيها أن الله جهزني علي كرسي متحرك لكي أستطيع أن أخدم اليائسين والمعوقين والمحتاجين . كان لابد أن أكون مثلهم لكي أستطيع أن أفهمهم ويفهمونني , أدرك مشاعرهم ويصدقون كلامي .

    ميلاد ثالث يهلل له الله وتفرح به السماء , نعم ولد جون آخر يقول للعالم الكسير أن الله موجود ويحبك , ويسوع هو الصديق الألزق من الأخ , الصديق الذي لا يخون ولا يقتل في سبيل مصلحته , بل يموت لأجل أحباؤه .

    فتكون حياة جون هي الرسالة التي يقدمها الله للناس .

    ***

    أخذت أهذب الأشجار وأنا أتذكر ستيف الذي لم يشأ الرب أن يبق معي , فأخذه قبل أن يشاهد ثمرة فكرته , ولكني تعودت ألا أحزن , الله سوف يدبر شخص آخر يكمل معي الطريق , فأنا داخل المشيئة الإلهية لذلك لا أخاف شيئا .
    أخذت أتساءل
    - تري كم شخصا سيبدأ معي السباق ؟

    كان هذا السباق مجرد حجة سوف أكررها كثيرا لأتعرف بها علي أولئك الذين عجزوا أن يصيروا مثل الآخرين .

    ………. وأنا مشغول مع حديقتي , دخل الفيلا شخص , هذا الشخص أعرفه .. أنه جورج , الصديق الذي أراد قتلي , لماذا أراد أن يأتي الآن , هل يريد أن يشاهد حطامي ؟ لم أسمع عنه قط أنه فاز في أي سباق بعد الذي فعله معي , تري لماذا ؟

    مشاعري اضطربت وأنا أشاهد من حطم حياتي , أراه ينظر إلي ذلك الطريق ويتأمله , وفجأة أخذ يتراجع .. هل سيمضي ؟ كلا ..أشتاق أليه , صرخت

    - جورج

    نظر إلي , وبينما يداي تعصران عجلات الكرسي المتحرك بيدي رأيت دموعه تنهمر , أخذت أقترب , وهو مسمر في مكانه , لن تستطيع أن تهرب مني يا قاتلي .. وصلت أليه .. قال لي

    - جون .. ذلك الحادث لم يحطمك وحدك .. لقد تحطمت أنا أيضا معك .

    قلت له

    - أيها المجنون , ذلك الحادث ميلاد جديد لي

    ومددت يدي لأصافحه , ليندفع كالمجنون يعانقني .. تعانقنا كأحب الأصدقاء

    - لماذا لم أعد أسمع اسمك في سباق السيارات يا جورج

    مسح دموعه وقال
    - لم يعد يهمني الآن أي سباق , يكفي أنك سامحتني .

    وأشار بيده إلي ذلك الطريق الذي صنعته وقال
    - سأسير معك في هذا الطريق , وسننتصر سويا في طريق الحب .
    أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
    Emad Hanna

    تعليق

    من قاموا بقراءة الموضوع

    تقليص

    الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

      معلومات المنتدى

      تقليص

      من يتصفحون هذا الموضوع

      يوجد حاليا 2 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 2 زائر)

        يعمل...
        X