إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الممثلون - قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الممثلون - قصة قصيرة

    الممثلون



    بقلم عماد حنا


    لم يكن دوري قد حان بعد وأنا أنتظر في موقف الباصات لكي أحمله بالركاب , كان أمامي باصان علي الأقل . وفي هذا الوقت من النهار يكون عدد الزبائن قليل إذ رجع الجميع من أعمالهم , فاستلقيت داخل الميكروباس أغمض عيني كي أريحها من تعب النهار , ولكن ما أن هدأت قليلا حتى وجدت من يناديني .
    - ميخائيل .. ميخائيل
    هذا أسمي , نظرت فوجدت السائق إسماعيل يقف مع شاب في مقتبل العمر وجهه أحمر من الخجل , ماذا يريد إسماعيل مني !! لم يحن دوري بعد , فصرخت حتى يسمع
    - ماذا تريد يا إسماعيل
    - طلبية خاصة , إنهم خواجات أقارب لك يريدون الذهاب إلى كنيسة ما في طهطا .
    قلت في تثاقل
    - ليس دوري
    - أعرف , هو دوري أنا ولكني لا أعرف الطريق , وهم لا يريدون التوقف عند الموقف فقط بل يريدونني أن أوصلهم عند باب الكنيسة . أذهب أنت وأنا سآخذ دورك .
    - حسنا
    واتجه الشاب إلى عربتي ويبدو أنه استحسن أن أقوم أنا بالتوصيل , قال لي
    - معذرة يا عم ميخائيل , أفسدنا نومك
    ضحكت في وجهه قائلا
    - لا عليك أيها الشاب , أظن أنك لست وحدك
    - بالتأكيد , يوجد مجموعة من الأولاد الصغار عمرهم يتراوح من 12 :15 سنة
    - لكني مرتبط بعدد
    - لن يزيد العدد كثيرا إنشاء الله .
    - حسنا , هيا بنا
    وذهبنا إلى الكنيسة التي في سوهاج , وسرعان ما أصبحت عربتي كعلبة السردين , من داخلها معبئة بالأولاد والبنات وفوقها أجهزة كثيرة لا أعرف ما هي , وتجاهلت هذا الأمر بعد أن وعدني الشاب ببقشيش سخي , واتجهنا لمدينة طهطا , الشاب الذي اتفق معي بجانبي وشابة أخري مع كثير من الأولاد والبنات في الخلف .

    ***

    في الطريق حاولت اجتذاب أطراف الحديث مع الشاب ولكن يبدو أنه مقل في حديثه , ولكن علي من ؟ لابد وأن يحكي معي , في البداية أخذت أتكلم أنا وهو يستمع إلى
    كنت أقول له .
    - ما أروعكم أيها الشباب الصغير وأنتم تعرفون طريق الكنيسة من هذه السن , أنا لا أذكر
    أنني ذهبت إلى الكنيسة إلا مرتين , مرة يوم المعمودية , وفي هذا الوقت كنت صغيرا
    جدا لا أعي والمرة الثانية عندما تزوجت .
    وأخذت أضحك وأنظر له لأجده يبتسم ابتسامة صفراء باهته أوقفت الضحكة في حلقي , ولكني أكملت كلامي
    - فأنا تزوجت منذ ثمان سنوات ولي طفلتين جميلتين و …
    نظرت له , وجدته سارح ولم أجد أي تجاوب مني مجرد ابتسامات باهته فعدت أحاول من جديد .
    - أتعرف ؟ .. لن أكرر ما فعله والدي , سأشجع بناتي علي الذهاب إلى الكنيسة عندما يصلا إلى سن هؤلاء , بل أصغر , عندما يكبرا قليلا سأذهب بهن إلى الكنيسة , أنا لا أعرف شيئا عن الله وعما يريده الله مني , ولكني أحاول أن أرضيه بشتى الطرق , أنا لا أعمل شيئا يغضبه , وقلبي نظيف كاللبن الحليب , وأمانتي مشهود لها في الموقف كله , لذلك يحبني الجميع , لولا محبتهم لما تنازل لي إسماعيل عن دوره .
    ومرة أخري لم أجد سوي الصمت .
    الطريق طويل , هل سنظل هكذا ؟ نظرت إلى الأولاد والبنات من خلفي , كان كل ولد وبنت فيهم لديه ورقة صغيرة يقرأها في صمت وهدوء , كانوا كالملائكة ولكن كانوا خائفين بعض الشيء كما لو كانوا مقبلين علي امتحان , تري لماذا يذهبون إلى كنيسة في بلد أخري ويتكلفون مشقة الانتقال من مكان إلى مكان , أليست كنيستهم تكفيهم ؟ ماذا ينون أن يفعلوا ؟ .

    مرة أخري حاولت أن أسأله
    - معذرة أيها الصديق , لم أعرف أسمك بعد
    - شادي
    - وأنا ميخائيل
    - سبق وتعارفنا , أهلا بك
    وعاد الصمت , يا إلهي , هل أتكلم مع أخرس ؟! لكني لم أستسلم بعد سألته
    - لماذا تذهبون إلى الكنيسة التي في طهطا , ليس الوقت وقت موالد ولا كنيستكم معتادة علي إقامتها , فلماذا تذهبون ؟
    - نحن نذهب كي نقدم خدمة
    - خدمة ؟! ما هي .. هل هناك شخص مريض تريدون زيارته ؟
    وعندها أدرك شادي أنه لن يستطيع البقاء صامتا طوال الطريق فقال
    - كلا , إننا فريق نقدم عظات بطريقة جديدة , تحتوي علي الترانيم وتمثيل بعض المواقف من الكتاب المقدس نقدمها في كثير من الكنائس , والآن جاء الدور علي الكنيسة التي في طهطا .
    نظرت إلى الأطفال وقلت
    - حقا ما أجملهم , وأنا الذي أذهب عشرات المرات يوميا من سوهاج إلى طهطا وبالعكس لم أفكر في الذهاب إلى الكنيسة لا في سوهاج ولا في طهطا .
    قال الشاب والخجل مرتسم علي وجهه
    - أنت سوف توصلنا إلى الكنيسة , بدلا من أن تنتظر دورك في الموقف لماذا لا تدخل وتحضر الاجتماع وترجع بنا إلى حيث جئنا , سوف نضاعف الأجرة طالما ركبنا ذهاب وإياب .
    - هل يمكنني هذا فعلا ؟ هل يمكنني حضور اجتماعكم ؟
    - بالتأكيد يا عم ميخائيل تستطيع الحضور
    فرحت وأطلقت ضحكة سعيدة , وأخذت أصفر لحن أغنية شهيرة ثم أوقفت صفارتي خجلا من هؤلاء الملائكة الصغار , ولكن فجأة تذكرت شيئا هاما فقلت لشادي
    - ولكن الكاهن , إذا عرف أنني دخلت هذه الكنيسة سوف يحرمنني
    قال شادي ضاحكا وقد زال خجله
    - ومن سوف يقول للكاهن ؟ , ثم أنت أصلا لا تذهب إلى الكنيسة , ولا يوجد أي كاهن يعرفك .
    - بل كلهم يعرفونني جيدا , صحيح لم يفكر أحدهم في دعوتي لدخول الكنيسة رغم أني صباح كل أحد أقف علي باب الكنيسة أنتظر الركاب, ولكني لم أفكر في دخول الكنيسة ولم يفكر أحد في دعوتي , ولكني.. علي كل حال سأدخل , من سيقول للكاهن

    ***

    ووصلنا إلى طهطا , وفي الكنيسة سرعان ما دخل الأولاد في نشاط كبير ,وفي صمت بدءوا ينشئون مسرحا صغيرا , وبدأت في مشاركتهم وأنا سعيد جدا إذ شعرت أن لي أهمية في بيت الرب , وقد بدا لي أن هؤلاء الصغار هم محترفون في عملهم وشعرت بالفرحة تغمرني فقلت
    - أوه .. كما هذا العمل جميل
    وسمعت الشابة كلماتي فقالت مبتسمة
    - وعندما تري الخدمة سوف تفرح أكثر يا عم ميخائيل .
    - وحتى إذا كان لا يوجد خدمة شعوري أنني أرضي الله بأي وسيلة شئ رائع احتاجه دائما , طوباكم أنتم فأنتم عائشون للرب طوال الوقت .

    ***

    وبدأت الكنيسة تمتلئ بالحضور , وجلست في أخر مقعد إذ شعرت بأني لا أستحق هذا الشرف , وبدأت الخدمة , ويا لها من خدمة شعرت أني في السماء . ترنيمات جميلة وأصوات ملائكية .. وأولاد وضعوا أنفسهم في خدمة الله , لم أكن أعرف كيف أرضي الله , في البداية عرفت ما فعله الله من أجلي من خلال الترنيمات , ومن خلال التعليقات التي كانت بين الترنيمات , وأيضا من التمثيليات التي مثلوها والتي رأيت من خلالها يسوع مصلوبا لأجلي


    كثيرا ما سمعت عن صليب يسوع ولكني لم أعرف انه لأجلي إلا اليوم , حقائق كثيرة يتغاضى عنها الإنسان ولكن عندما تبرز أمام عينيه يشعر بأهميتها وأيضا يشعر بروعتها.
    و بعدها وقف الشاب وسأل لحاضرين ذلك السؤال " كيف نرضي الله ؟ .ز نعم , هذا هو السؤال الذي أبحث له عن إجابة طوال عمري , كنت أحاول إرضاؤه بأعمال كثيرة ولكن في داخلي أشعر بأن هذه الأمور غير كافية للوصول لمرضاة الله , يوجد شئ ناقص , ولكن لم أعرف ما هو و لم أعرف كيف أكمله .

    وكانت الإجابة علي لسان الشاب إذ قال
    - الله لا يريد أعمال , وان كانت مهمة , ولكن الله يريدك أن تعمل من خلاله , أن تسلم نفسك بالكامل له وأن تثق أنك بين أيدي الله وهي أيدي أمينة عليك كما وعد , وهذا ما يسمي بالإيمان , وبدون إيمان لا يمكن إرضاؤه , هكذا يقول الكتاب المقدس , وبعد هذا الإيمان دعه هو يعمل من خلالك , أعمالك مهما كانت فهي ناقصة بدونه , أما من خلال مشيئة الله هو يكمل كل شئ .
    قلت في نفسي " ولكن كيف أسلم حياتي " فكان الرد أيضا علي لسان ذلك الشاب
    - صلي له الآن .. بتوبة اطلب أن يستلم الله حياتك بالكامل , هي لك , لكن قل له يا رب أنا بدونك ضائع وخاطئ , أتوب عن أخطائي , وعن ماضي كله , وأعطيك حياتي بالكامل , هي لك .
    وفعلت ما قال , بتوبة صادقة ولهفة حقيقية كي أرضي الله وشعرت بجمال الله ومحبته وعظمته .
    قال الشاب
    - إن سلمت حياتك لله صرت ابنا له
    آذن فقد صرت ابنا لله , يا له من مجد عظيم , أردت أن أحتضن شادي , بل واحتضن إسماعيل السائق الذي أخذت مكانه لانه أراني شئ لم أكن أعرفه ولكني كنت أبحث عنه دائما . وجعلني في مرتبه لم أتخيلها , أن أكون ابنا لله .
    ولكن بداخلي أسئلة كثيرة , ومعلومات أريد أن أعرفها , عند رجوعهم سوف أسألهم الكثير وأعرف مواعيد اجتماعاتهم وأواظب عليها حتى أعرف الله أكثر وأعيش له أكثر

    ***

    وانتهت الخدمة , وفي نشاط ذهبت إلي الأولاد أهنئهم وكان الجميع يفعلون ذلك وكان سرور الأولاد واضحا ولهم الحق فهم يخدمون ملك الملوك , اتجهت إلى شادي سلمت عليه بحرارة . قال شادي لي
    - هل أعجبتك الخدمة يا عم ميخائيل ؟
    - أجل , ولقد اتخذت قرارا هاما في ..
    قاطعني
    - وما رأيك بالأصوات , هل كانت جميلة ؟
    - جدا , ولكني أردت أن أسأل
    قاطعني من جديد
    - تعال .. تعال معنا يا عم ميخائيل , يوجد مشروب وسندوتش , لنأكل ونشرب ونرحل , لقد تأخرنا ويجب أن لا نعطلك أكثر من هذا
    - أنتم لا تعطلوني , ولكن ..
    تركني ومضي , ولكني لن أتركه إلا وأفهم كل شئ , أخذت أنظر إلى المكان , وجدت في الركن مكتبة صغيرة ذهبت إليها , وجدت شاب ابتسم لي عندما أقبلت عليه وقال
    - هل تريد تسجيلا للعظة مع الترانيم ؟
    - بل أريد الإنجيل المقدس , أريد أن أقرأ كلام الله
    - هل تريد العهدين أم العهد الجديد فقط
    - لا أفهم
    - هل تريد الكتاب المقدس كله أم العهد الجديد فقط .
    أيضا لم أفهم ولكني قلت
    - أريد أن أقرأ عن ما فعله المسيح من أجلي وماذا يريد مني
    حينئذ أعطاني كتاب العهد الجديد أفتحه لأجد عبارة أتجيل متي , شعرت بسعادة وأعطيته ثمنه واتجهت إلى العربة أنتظر الفريق .

    ***

    من هؤلاء الذين يركبون معي العربة الآن , هل هم نفس الأشخاص الذين كانوا معي ونحن ذاهبون إلى الكنيسة , لماذا اختلفوا الآن ؟ أين الملائكة المصلين المنظرين خدمة يسوع ؟. أكيد ركب معي أولاد آخرون لم يعرفوا يسوع ولا يعرفون خدمته .
    الصوت العالي , وأولاد يصفقون ويغنون أغاني مبتذلة وإعلانات تلفزيونية غريبة
    قلت لشادي
    - هل هؤلاء هم من أتوا معنا أم ركب آخرون .
    قال شادي ضاحكا
    - بل هم
    سألته
    - لماذا لم يكن صوتهم ظاهرا عند ذهابنا ؟
    - لقد كانوا خائفين إذ كانوا مقبلين علي خدمة , أما الآن وقد انتهت فهم يعبرون عن فرحتهم .
    - يعبرون عن فرحتهم هذا ؟ أين الترنيمات الجميلة التي كانوا يرنمون بها ؟
    خجل الشاب شادي وحاول إيقافهم , ولكنه كلما حاول يزدادوا أكثر , فقلت له
    - أتركهم علي راحتهم , فما موجود داخل القلب لابد وأن يظهر علي اللسان .
    وبقيت صامتا طوال الطريق , لم أستطيع أن أسأل أي سؤال , ماتت الأسئلة داخلي تماما كما ماتت الفرحة التي اعترتني منذ قليل
    وصلنا إلى الكنيسة التي في سوهاج , نزل شادي وقال
    - شكرا يا عم ميخائيل , هل لديك تليفون بحيث نستأجر الباص كلما أردنا الذهاب إلى خدمة ؟.
    قلت له
    - عندما تذهب إلى ما تسميه خدمة اذهب إلى موقف الباصات وخذ الباص الذي عليه الدور ولا تدع السائق إلى حضور الاجتماع , أما إذا دعيته فلكي يستفيد من خدمتكم عليك أن لا ترجع بنفس الباص .
    قال شادي مستغربا
    - لماذا , هل آذيناك في شئ ؟
    - وأي أذية , علي العموم أني لا أعترض علي شئ , أنكم يا عزيزي ممثلون محترفون , تتقنون عملكم جيدا , حتى استطعتم أن تقنعوني , ولكن بعد انتهاء العل ترجعون إلى حياتكم العادية, والتي هي أسوا من حياتي , خدعتموني فظننت أن ما تقولونه هو أيضا حياتكم ,ولكني كنت مخطئا . آني أشكركم لأنكم أنرتم عيني علي شئ كان ينقصني , وأنا لا أنكر أني تعلمت منكم كثيرا عندما فتحتم إنجيلكم وتكلمتم من خلاله , والآن علي أن أمارس ذلك الذي تعلمته وحدي , فهذا أفضل , أو أن أبحث عن شخص يعرف كيف يعيش ذلك الكلام فيعلمني إياه , سامحكم الله .
    وتركته ومضيت لألحق بدوري في الموقف .
    أحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ... وقريبك كتفسك
    Emad Hanna

  • #2
    الرب يباركك ياأخ عماد
    قصتان مؤثرتان
    الممثلون
    وتزوجنى وإلآ

    رائعتان فى أسلوبهم وفى سرد حقائق وأخطاء نقع فيها بدون أن ندرى ونعطل عمل الرب الذى أئتمننا عليه ونعطل كرازتنا بأفعالنا أو بإهمالنا ولا نستيقظ إلآ بعد فوات الأوان وبعد أن يكون الصيد قد حط فى مكان يظن أنه أفضل له وبالتالى يتطلب مجهود مضاعف لأسترجاعه عن ما كنا عملناه فى حينه
    لعل هذه القصتان تفتح عيوننا لكيفية الأهتمام بعمل الرب وعن كيفية معاملة من نريد أن نجذبهم للمسيح
    كثير منا يقع فى هذه الأخطاء لعلنا نقرأها ونتعلم منها
    لان الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه
    ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين . رو 8:29
    الرب يباركك
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق

    من قاموا بقراءة الموضوع

    تقليص

    الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

      معلومات المنتدى

      تقليص

      من يتصفحون هذا الموضوع

      يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

        يعمل...
        X