هل يوجد لي مكان !!!
بقلم: هايدي حنا
وضعت سلوى رأسها على الوسادة أخيراً بعد يوم آخر من التعب في العمل، ولكن هذه الليلة مختلفة عن كل ليله فغداً ستذهب للكنيسة، ستجتمع مع المؤمنين التي طالما سمعت عنهم وعن محبتهم وأحتوائهم للمحتاج لهم، اغمضت عيناها ورجعت للوراء ثلاثة أشهر، كانت ليلة مثل كل ليلة تحتاج فيها للراحة بعد العناء طول النهار، ولكن النوم جافاها تلك الليلة فقررت أن تفتح الراديو لتتسلى، واخذت تقلب فيه حتى سمعت جملة "المسيح يحبك" فتوقفت عند تلك المحطة، وأعجبها الكلام ولمس قلبها لذا واظبت على سماع تلك البرامج حتى سلمت حياتها للمسيح، وبعدها قررت ان تنضم للكنيسة، أن تلتصق بجماعة المؤمنين حتى تتعلم منهم وتنضج في علاقتها مع المسيح، كما انه يراودها اسئلة كثيرة تحتاج لمن يجيب عليها، فهي تحتاج لمن يسمعها وتتحدث معه، لذا قررت أن تذهب لأقرب كنيسة لبيتها، وعندما ذهبت وجدتها مغلقة فسألت عن مواعيد الإجتماعات بها، وهاهي غداً يوجد اجتماع بالكنيسة وستذهب إليه، ستختبر مشاعر جديدة لم تختبرها من قبل مع جماعة المؤمنين، وأخذت تفكر بالأمر حتى غلبها النعاس ونامت.
ذهبت سلوى للكنيسة وهذه المرة سمعت أصوات الترانيم إن أصواتهم كالملائكة، دخلت على استحياء وحاولت أن ترنم معهم هذه الترانيم الجميلة حتى شعرت انها في السماء، ثم جاء وقت المتكلم وقد لمس الكلام قلبها، في نهاية الإجتماع وقف المسؤل ليرحب بكل شخص لم يسبق له الحضور للإجتماع، ولم يكن في ذلك الوقت سوى سلوى فقط، فطلب منها أن تقف وتعرف نفسها للآخرين، وقفت سلوى وقد علا الإحمرار وجهها وقدمت نفسها لهم، ثم أعلن المسؤل بأنه عليهم جميعاً أن يتقدموا لسلوى بعد الإجتماع ليتعرفوا عليها أكثر، انتهى الإجتماع ووقفت سلوى تنتظر وتنتظر ... ولكن اكتشفت انها تقف بمفردها ولم يهتم بها أحد، ولم يسلم عليها سوى من كانت تجلس بجانبها وتركتها بعد ذلك مباشرة دون أن تعرفها حتى بإسمها، وجاء المسؤل وسلم عليها وعرفها بنفسه أشرف وزوجته حنان وكل ما قاله لها جملة واحدة فقط "نحب نشوفك المرة القادمة"، ثم تركها ومضى وظلت سلوى بمفردها، وأخذت تنظر للآخرين وجدتهم واقفين في شكل مجموعات كل مجموعة تتكلم وتضحك ولا يبالي بها احد، شعرت سلوى بالضيق والخجل وانصرفت، لكنها حاولت أن تلتمس لهم العذر فالمؤمنين أولاد المسيح لا يهملون الآخرين إنهم دائماً يتكلمون عن محبة الغير والإهتمام بهم، لذا فهم لم يقصدوا اهمالها ولكن كل ما في الأمر انها جديدة لذا عليها أن تلتزم بالإجتماع حتى تتعرف عليهم ..... ألتزمت سلوى بالإجتماع لمدة شهرين، ولكن الحال ظل على ما هو عليه، عندما ينتهي الإجتماع يسلم عليها البعض بسرعة مع جملة حفظتها عن ظهر قلب "إزيك يا سلوى عاملة إيه أخبارك إيه كويسة" ثم يتركها ويمضي ولا يتنظر حتى أن تجيب على سؤاله إن كانت كويسة أم لا، لماذا يسأل إذن عن اخبارها إذا كان ليس في نيته أن يعرف فعلاً أخبارها أم هي مجرد جملة محفوظة فقط دون أن يعرفوا معناها، مر شهرين ومازالت لا تجد لها مكان وسط جماعة المؤمنين في الكنيسة، الجميع يقف مع بعضه شلة واحدة منغلقين على ذاتهم رافضين أن يدخل وسطهم عضو جديد، وسألت نفسها ترى لماذا لا تستطيع أن تنسجم معهم هل العيب منها أم منهم ؟، ظلت سلوى تسأل نفسها هذا السؤال حتى هذا اليوم ... كان أشرف مسئول الإجتماع هو المتكلم، فتقدم وقرأ من رسالة يوحنا الأولى 3 : 16 _ 18 " بهذا قد عرفنا المحبة ان ذاك وضع نفسه لاجلنا فنحن ينبغي لنا ان نضع نفوسنا لاجل الاخوة. و اما من كان له معيشة العالم و نظر اخاه محتاجا و اغلق احشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه. يا اولادي لا نحب بالكلام و لا باللسان بل بالعمل و الحق"، ثم تكلم بعدها عن المحبة، وكيف على المؤمنين والقادة في الكنيسة أن يحبوا ليس فقط بالكلام ولكن بالعمل، عليهم أن يفتحوا قلوبهم ويسمعوا لكل محتاج لأنه هكذا أوصاهم المسيح، فالجميع جياع وعطاش وهذه مسؤلية عليهم، عندما سمعت سلوى هذا الكلام شعرت انه كلام يتكرر، كلام تسمعه كثيراً منهم ولكن لا أحد يطبقه، ولأول مرة تخرج من صمتها وخجلها، وقفت أمام الجميع ووسط ذهولهم قالت:
_ هل تعمل يأخ أشرف بهذا الكلام الذي تقوله ..
بُهت أشرف بالسؤال وعقدت المفاجأة لسانه أما سلوى فلم تترك له مجال للكلام وأكملت حديثها ..
_ هل تعرف أي شيء عني سوى أن اسمي سلوى هذا إذا كنت مازلت تتذكره ...
ثم التفتت لزوجته وقالت:
_ هل تعرفي أي شيء عني ... هل حاولتي يوماً أن تتقربي مني أكثر وتعرفي احتياجي ...
ثم نظرت للجميع وقالت:
_ كلكم ترنمون وتعظون عن المحبة وأشعر وقتها أنني في السماء ولكن بمجرد أن ينتهي الإجتماع أعود على الأرض مرة أخرى وحيدة، كل شلة تلتف حول نفسها تتكلم وتتضحك ولا مكان لعضو جديد وسطكم لأنكم منغلقين، كنت اتمنى أن انضم إليكم واتعلم منكم ولكن الآن ..... ، عندما أتيت أول مرة هنا كنت أظن انكم ستكونون سبب بركة لحياتي لكن للأسف كنتم سبب عثرة لي لأنكم تتكلمون ولا تفعلون ... وأخيراً قبل أن اترككم غير نادمة لي سؤال : هل بهذه التصرفات تشعرون انكم تعكسون محبة المسيح للعالم !؟.
عزيزي القارئ : إن هذا المنظر يتكرر في كنائسنا، عندما يحضر شخص غريب يقف بمفرده ونقف نحن بعيداً عنه مشغولين بالحديث مع بعض ونتركه غير مبالين به، إن الشركة بين المؤمنين ضرورية ولكن مبدأ الشللية في كنائسنا يجب أن يكون مبدأ مرفوض لأن عواقبه خطيرة، فالشركة بين المؤمنين في الكنيسة شيء والإنغلاق والشللية وعدم قبول عضو جديد وسطنا شيء آخر، لذا دعونا نترك الكلام عن كيفية التعامل مع صغار النفوس ونبدأ بالعمل الفعلي، دعونا نكسر مبدأ الشللية في كنائسنا وننفتح على كل عضو جديد يحتاج لنا، لإننا جميعاً جسد واحد، ولنتمثل بالمسيح لقد كان قريب لتلاميذه وكانت له معهم شركة خاصة ومع ذلك لم يهمل الآخرين بل كان كل شخص يشعر أن المسيح يهتم به إهتمام خاص، لم تأخذه الأوقات الخاصة التي كان يقضيها مع التلاميذ من الآخرين، بل كان متاح لكل شخص يحتاج له، إن الله لا يُسَّر بالترانيم والتسابيح والوعظ والكلمات الجميلة بقدر مَسَّرته بالعمل والفعل وتقديم الرحمة والحب للآخرين .
وكما قال الملك سليمان في أمثال زمان:
"فعل العدل و الحق افضل عند الرب من الذبيحة" أمثال 21 : 3
بقلم: هايدي حنا
وضعت سلوى رأسها على الوسادة أخيراً بعد يوم آخر من التعب في العمل، ولكن هذه الليلة مختلفة عن كل ليله فغداً ستذهب للكنيسة، ستجتمع مع المؤمنين التي طالما سمعت عنهم وعن محبتهم وأحتوائهم للمحتاج لهم، اغمضت عيناها ورجعت للوراء ثلاثة أشهر، كانت ليلة مثل كل ليلة تحتاج فيها للراحة بعد العناء طول النهار، ولكن النوم جافاها تلك الليلة فقررت أن تفتح الراديو لتتسلى، واخذت تقلب فيه حتى سمعت جملة "المسيح يحبك" فتوقفت عند تلك المحطة، وأعجبها الكلام ولمس قلبها لذا واظبت على سماع تلك البرامج حتى سلمت حياتها للمسيح، وبعدها قررت ان تنضم للكنيسة، أن تلتصق بجماعة المؤمنين حتى تتعلم منهم وتنضج في علاقتها مع المسيح، كما انه يراودها اسئلة كثيرة تحتاج لمن يجيب عليها، فهي تحتاج لمن يسمعها وتتحدث معه، لذا قررت أن تذهب لأقرب كنيسة لبيتها، وعندما ذهبت وجدتها مغلقة فسألت عن مواعيد الإجتماعات بها، وهاهي غداً يوجد اجتماع بالكنيسة وستذهب إليه، ستختبر مشاعر جديدة لم تختبرها من قبل مع جماعة المؤمنين، وأخذت تفكر بالأمر حتى غلبها النعاس ونامت.
ذهبت سلوى للكنيسة وهذه المرة سمعت أصوات الترانيم إن أصواتهم كالملائكة، دخلت على استحياء وحاولت أن ترنم معهم هذه الترانيم الجميلة حتى شعرت انها في السماء، ثم جاء وقت المتكلم وقد لمس الكلام قلبها، في نهاية الإجتماع وقف المسؤل ليرحب بكل شخص لم يسبق له الحضور للإجتماع، ولم يكن في ذلك الوقت سوى سلوى فقط، فطلب منها أن تقف وتعرف نفسها للآخرين، وقفت سلوى وقد علا الإحمرار وجهها وقدمت نفسها لهم، ثم أعلن المسؤل بأنه عليهم جميعاً أن يتقدموا لسلوى بعد الإجتماع ليتعرفوا عليها أكثر، انتهى الإجتماع ووقفت سلوى تنتظر وتنتظر ... ولكن اكتشفت انها تقف بمفردها ولم يهتم بها أحد، ولم يسلم عليها سوى من كانت تجلس بجانبها وتركتها بعد ذلك مباشرة دون أن تعرفها حتى بإسمها، وجاء المسؤل وسلم عليها وعرفها بنفسه أشرف وزوجته حنان وكل ما قاله لها جملة واحدة فقط "نحب نشوفك المرة القادمة"، ثم تركها ومضى وظلت سلوى بمفردها، وأخذت تنظر للآخرين وجدتهم واقفين في شكل مجموعات كل مجموعة تتكلم وتضحك ولا يبالي بها احد، شعرت سلوى بالضيق والخجل وانصرفت، لكنها حاولت أن تلتمس لهم العذر فالمؤمنين أولاد المسيح لا يهملون الآخرين إنهم دائماً يتكلمون عن محبة الغير والإهتمام بهم، لذا فهم لم يقصدوا اهمالها ولكن كل ما في الأمر انها جديدة لذا عليها أن تلتزم بالإجتماع حتى تتعرف عليهم ..... ألتزمت سلوى بالإجتماع لمدة شهرين، ولكن الحال ظل على ما هو عليه، عندما ينتهي الإجتماع يسلم عليها البعض بسرعة مع جملة حفظتها عن ظهر قلب "إزيك يا سلوى عاملة إيه أخبارك إيه كويسة" ثم يتركها ويمضي ولا يتنظر حتى أن تجيب على سؤاله إن كانت كويسة أم لا، لماذا يسأل إذن عن اخبارها إذا كان ليس في نيته أن يعرف فعلاً أخبارها أم هي مجرد جملة محفوظة فقط دون أن يعرفوا معناها، مر شهرين ومازالت لا تجد لها مكان وسط جماعة المؤمنين في الكنيسة، الجميع يقف مع بعضه شلة واحدة منغلقين على ذاتهم رافضين أن يدخل وسطهم عضو جديد، وسألت نفسها ترى لماذا لا تستطيع أن تنسجم معهم هل العيب منها أم منهم ؟، ظلت سلوى تسأل نفسها هذا السؤال حتى هذا اليوم ... كان أشرف مسئول الإجتماع هو المتكلم، فتقدم وقرأ من رسالة يوحنا الأولى 3 : 16 _ 18 " بهذا قد عرفنا المحبة ان ذاك وضع نفسه لاجلنا فنحن ينبغي لنا ان نضع نفوسنا لاجل الاخوة. و اما من كان له معيشة العالم و نظر اخاه محتاجا و اغلق احشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه. يا اولادي لا نحب بالكلام و لا باللسان بل بالعمل و الحق"، ثم تكلم بعدها عن المحبة، وكيف على المؤمنين والقادة في الكنيسة أن يحبوا ليس فقط بالكلام ولكن بالعمل، عليهم أن يفتحوا قلوبهم ويسمعوا لكل محتاج لأنه هكذا أوصاهم المسيح، فالجميع جياع وعطاش وهذه مسؤلية عليهم، عندما سمعت سلوى هذا الكلام شعرت انه كلام يتكرر، كلام تسمعه كثيراً منهم ولكن لا أحد يطبقه، ولأول مرة تخرج من صمتها وخجلها، وقفت أمام الجميع ووسط ذهولهم قالت:
_ هل تعمل يأخ أشرف بهذا الكلام الذي تقوله ..
بُهت أشرف بالسؤال وعقدت المفاجأة لسانه أما سلوى فلم تترك له مجال للكلام وأكملت حديثها ..
_ هل تعرف أي شيء عني سوى أن اسمي سلوى هذا إذا كنت مازلت تتذكره ...
ثم التفتت لزوجته وقالت:
_ هل تعرفي أي شيء عني ... هل حاولتي يوماً أن تتقربي مني أكثر وتعرفي احتياجي ...
ثم نظرت للجميع وقالت:
_ كلكم ترنمون وتعظون عن المحبة وأشعر وقتها أنني في السماء ولكن بمجرد أن ينتهي الإجتماع أعود على الأرض مرة أخرى وحيدة، كل شلة تلتف حول نفسها تتكلم وتتضحك ولا مكان لعضو جديد وسطكم لأنكم منغلقين، كنت اتمنى أن انضم إليكم واتعلم منكم ولكن الآن ..... ، عندما أتيت أول مرة هنا كنت أظن انكم ستكونون سبب بركة لحياتي لكن للأسف كنتم سبب عثرة لي لأنكم تتكلمون ولا تفعلون ... وأخيراً قبل أن اترككم غير نادمة لي سؤال : هل بهذه التصرفات تشعرون انكم تعكسون محبة المسيح للعالم !؟.
عزيزي القارئ : إن هذا المنظر يتكرر في كنائسنا، عندما يحضر شخص غريب يقف بمفرده ونقف نحن بعيداً عنه مشغولين بالحديث مع بعض ونتركه غير مبالين به، إن الشركة بين المؤمنين ضرورية ولكن مبدأ الشللية في كنائسنا يجب أن يكون مبدأ مرفوض لأن عواقبه خطيرة، فالشركة بين المؤمنين في الكنيسة شيء والإنغلاق والشللية وعدم قبول عضو جديد وسطنا شيء آخر، لذا دعونا نترك الكلام عن كيفية التعامل مع صغار النفوس ونبدأ بالعمل الفعلي، دعونا نكسر مبدأ الشللية في كنائسنا وننفتح على كل عضو جديد يحتاج لنا، لإننا جميعاً جسد واحد، ولنتمثل بالمسيح لقد كان قريب لتلاميذه وكانت له معهم شركة خاصة ومع ذلك لم يهمل الآخرين بل كان كل شخص يشعر أن المسيح يهتم به إهتمام خاص، لم تأخذه الأوقات الخاصة التي كان يقضيها مع التلاميذ من الآخرين، بل كان متاح لكل شخص يحتاج له، إن الله لا يُسَّر بالترانيم والتسابيح والوعظ والكلمات الجميلة بقدر مَسَّرته بالعمل والفعل وتقديم الرحمة والحب للآخرين .
وكما قال الملك سليمان في أمثال زمان:
"فعل العدل و الحق افضل عند الرب من الذبيحة" أمثال 21 : 3
تعليق