سلوكيات دخيلة على مصر الأصيلة
بقلم: القس / الفريد فائق صموئيل
بقلم: القس / الفريد فائق صموئيل
تتغلت داخل مجتمع مصر بعض التصرفات النابعة من الفهلوة المصرية الحديثة. وهي تعتمد على أفكار غريبة تحوّلت إلي سلوكيات رهيبة تغزو جسد المجتمع الواحد لتمزقه. وهي نابعة من قيم جديدة سيئة ودخيلة على مجتمعنا ولم تكن موجودة من قبل في مجتمع مصر الأصيل والجميل. ماذا حدث لكِ يا مصر الجميلة؟ تعالوا ندرس بعض ما يحدث في مصر:
1) فتجد مثلا سائق ميكروباص أو حتى سائق سيارة ملاكي يقف في منتصف شارع رئيسي ويُعطّل السير ليشرب عرقسوس أو شاي أو ليتكلّم مع شخص وهو في السيارة؛ أو ليُنزل او يأخذ راكبًا ـ في حين يُوجد مكان للانتظار في الشارع. وكل هذا تحت شعار معلش أو هو يعني هايجرى إيه؟
2) وهناك ظاهرة غريبة موجودة في المجتمع وهي أن من حق من يفرح أو من يحزن أن يقفل شارع الاستوديو بكامله أو شارع العزاء بكاملة ناهيك عن الصوت المرتفع والمزعج لما بعد الثانية عشر مساءً وهذا مخالف للقانون. لكن منفذي القانون إما لاهون أو صامتون نظرا للرشوة. وكل هذا تحت شعار على الكل أن يفرح معنا أو على الكل أن يحزن معنا وعلى الجميع في كل الحالات أن يتصدّع ولا ينام ولايهم إن وُجد مريض أو مسن أو حتى عامل أو موظف يعمل بنظام الورديات؛ ولا يهم انتاج البلد الذي يرفع اقتصادها ومقامها بين الدول المتحضرة. وكأن شعار من يفعل ذلك هو: "أنا وبس ـ افرح! الكل بالارغام يفرح معي؛ أحزن! الكل بالإرغام يحزن معي ... وفي فرحي وحزني هازعجكم وهاقلق منامكم حتى لو كنتم مرضى وكبار السن وتعملون بالورديات وحتى لو كان هذا ميعاد نومكم"
3) وهناك أيضا ظاهرة افتتاح محل جديد وما يتبعه من مظاهر كلها ملوّنة في البهرجة ومزعجة على صوت الدي جيه؛ وعلى تعطيل المرور في أكثر من شارع رئيسي وجانبي. وكل هذا تحت شعار "أكل عيش؛ وحرام عليك تقطع أكل العيش". وتجد أن الافتتاح قد استهلك كهرباء بكمية رهيبة تكفي عشرات العمارات ومن أين جاء بها؟ كل من سألتهم قالوا أنها كهرباء مسروقة وبمعرفة شرطة الكهرباء. وتستمر ظاهرة الصوت العالي والمرتفع والمزعج موجودة في المجتمع مع محلات العصير والمطاعم وورش النجارة والحدادة الموجودة خارج المدن الصناعية المخصصة لهم. كلهم يستعملون مكبرات الصوت أو السماعات لإذاعة أو تليفزيون أو تسجيل أو صوت المنشار والصاروخ وفي أي وقت. وتُرسل شكاوي للمسئولين عن هذا فلا يسألون فيك ولا في شكواك.
4) وهناك ما يعرفه الجميع عن ركوب المواصلات العامة سواء الاوتوبيسات أو الميكروباصات والتسارع في الركوب والدوس على أقدام الآخرين والأسبقية في الركوب لأصحاب العضلات والصحة القوية والسرعة والشطارة؛ ناهيك عن الجملة المشهورة: "هذا المكان محجوز" ـ عايز يركب ويحجز للآخرين؛ و لايهم الباقين. وهناك ظاهرة جلوس الشبان والشابات وترك كبار السن والمرضى وقوف. ما كل هذا؟ هل هو شعار "أنا ومن بعدي الطوفان!"
5) وهناك القهاوي في الشوارع؛ فتجد زيادة في عدد الكافتيريات أو أعداد الكوفي شوب أو البورصات (يبدو أنها مشاريع ناجحة). وهي تحتل الشارع وتعطل المرور وتمنع وجود أماكن انتظار للسيارات وتمنع سكان العمارة من تنظيف بلكوناتهم؛ وتُحدث العديد من المشاكل؛ وتُسبب الخناقات الكثيرة. وعلى رأس هذه المشاكل هناك المعاكسات للبنات والسيدات. أين غض البصر؟ واين الأدب والاحترام؟ هل كل واحدة تسير في الشارع هي ملك لكل من في الشارع؟ إن الصمت الذي وُجد في المجتمع لردع هؤلاء شجّع الشباب على القيام بموجات التحرش علنا وفي وضح النهار حتى ضد المحجبات وضد السيدات في عمر الأمهات؛ ولا أحد يُعارض ولا أحد يتدخل! هل الشعار هو: "وأنا مالي" "دي مش مشكلتي". متى تسير شاباتنا وسيداتنا بحرية وتشعر في بالأمان في شوارعنا؟
6) وهناك ظاهرة الاهتمام بالبيت والشقة والمحل من ناحية النظافة؛ ولكن لا يهم نظافة باقي العمارة أو باقي المحلات في الشارع. فتجد عمارات فخمة كلها قذارة وشوارع بها محلات فخمة كلها قذارة؛ وفي نفس الوقت تجد الشقة الخاصة بصاحبها الموجود في العمارة شقة نظيفة ولا يريد أن يساهم في مصاريف العمارة للتنظيف والصيانة. وتجد صاحب المحل الفخم والموجود في الشارع الفخم يهتم بداخل المحل ولا يهتم بالشارع ولا يريد أن يساهم في نظافة وصيانة الشارع. ما هذا يا تُرى؟ هل كل هؤلاء لا يعلمون أن القذارة ستدخل إلي محلاتهم وشققهم؟
7) وتجد أصحاب هذه الظواهر وغيرها يخافون ويرتعبون عند وجود الشرطة في حالة قيامها بواجبها. هل يا تُرى نحن نقوم بتنفيذ القانون عن اقتناع أم خوفًا من وجود ممثل الحكومة؟ ما الذي يحكمنا: هل هو ضميرنا وحبنا لبلدنا واقتناعا بأن التقدم هو في تنفيذ القانون؟ أم نفعل ما نشاء وما هو على مزاجنا في كل وقت وأما عند وجود المسئول نخاف وننفذّ القانون؟
8) وهناك قلة من أصحاب وعمال المخابز وقلة من المسئولين عن إنجاز المهام في مختلف المصالح الحكومية والمنوط بهم تنفيذ القوانين؛ يُعطلون أو يطنشون المشتريات غير المحجبات؛ ولهن الحق كل الحق فيما يطلبون. للأسف استشرت معاملات سيئة على كافة المستويات ضد المسيحيين المعروفين من خلال اسمهم أو لبسهم؛ تصل لدرجة التعطيل والظلم والتمييز. وهذا مخالف للدستور وحقوق المساواة والعدل والمواطنة ـ وهذا يحتاج لمقالات ـ لأن الأمر لا يُحل للأسف في بعض الحالات إلا عن طريق جهاز مباحث أمن الدولة عن طريق العلاقات الشخصية أو ربما يصل الأمر إلي القضاء.
وهكذا تجد أقوال تحولت إلي أفعال وسلوكيات دمرت مجتمعنا، مثل: "معلش" "أكل العيش" "هو فيه إية؟" "يعني هو هايحصل إية؟" "أنا وبس" "أنا ومن بعدي الطوفان" "المهم بيتي وعائلتي وبس؛ مش مهم العمارة" "المهم دكاني ومش مهم الشارع" "اعمل اللي إنت عايزه ماحدش شايف" "ما تتأخرش تعال بسرعة ما فيش رادار في الليل" "طنشهم دول كفرة" " لا تساعد كافر" "لا تشتري من كافر" "عطّل مصلحة الناس حتى لو كان ذلك حقهم وانتفع من ورائهم ـ هي المرتبات عاملة إيه". فما هو العلاج في نظرك؟ ربما يحتاج العلاج لمقالات أخرى.
تعليق