إعـــــــلان

**BO3AZ ALIMALEKY** · 20-08-10, 10:43 PM

رد: تاريخ مصر بعيون مؤرخ قبطي-مخطوطة "ساويرس بن المقفع"..

من ذاكرة التاريخ - أبعاد المؤامرة ضد الأقباط في مصر

بقلم: د. سليم نجيب

رئيس الهيئة القبطية الكندية

دكتوراه في القانون والعلوم السياسية

14 مسرى 1726 للشهداء – 20 أغسطس 2010 ميلادية

لقد شهد العالم في القرن الماضي مؤامرتين راح ضحيتهما الملايين من الأبرياء نتيجة لمخططات عنصرية بربرية ساعد في تنفيذها عدم يقظة تلك الشعوب التي واجهت هاتين المؤامرتين.

المؤامرة الأولى انتهت بمذبحة الأرمن سنة 1915 وراح ضحيتها مليون ونصف أرمني على يد السلطات التركية. وقد بدأت هذه المؤامرة بتحطيم الأقلية الأرمنية في تركيا اقتصاديا وسياسيا، وذلك بالاستيلاء على ممتلكات أغنيائهم ومحاولة تشتيت زعمائهم المدنيين وكتابهم إلى خارج البلاد، تلى ذلك أن جندت السلطة شبابهم في الجيش التركي بأعداد كبيرة مع حرمانهم من المناصب القيادية، وقامت الحكومة بقيادة طلعت باشا بحملة تخويف للشعب الأرمني مستخدمة في ذلك العناصر المتطرفة. واستغلت الحكومة التركية الظروف المواكبة للحرب العالمية الأولى وبينما العالم كله مشغول بالحرب وغير منتبه لما يحدث داخل تركيا قامت الحكومة التركية بالقضاء على مليون ونصف أرمني أعزل في مذبحة بربرية وحشية طبقا للمخطط الاسلامي الذي سبق وأعدته.

وعندما أفاق العالم بعد النهاية المأساوية، أنكرت الحكومة التركية مسئوليتها وتنصلت من إشتراكها في التنفيذ، وألقت بالاتهام على العناصر الاسلامية المتطرفة وإدعت أنها مجرد حوادث فردية في الوقت الذي إتهمت الأقلية الأرمنية بالاستغلال الاقتصادي.

أما المؤامرة الثانية فقد إرتكبتها المانيا النازية بقيادة هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت أن إنتهت هذه المؤامرة أيضاً بمذبحة ضد اليهود، وراح ضحيتها ستة ملايين يهودي إتبع هتلر نفس المخطط الاسلامي التركي ولكنه تخفى في قناع الاشتراكية الألمانية، فأمم الشركات الكبيرة. وكان غرضه من وراء ذلك تحطيم القوة الاقتصادية للشعب اليهودي. أمر هتلر بطرد اليهود من المناصب العليا في الحكومة والجيش والشركات، وأمر بتحديد نسبتهم في الوظائف الفنية. وبعد ذلك أوعز إلى المنظمات الالمانية الارهابية بالاعتداء على اليهود وإنزال حالة من الرعب في قلوبهم، بينما كان في تصريحاته يستنكر هذه الاعتداءات حتى أن زعماء اليهود أنفسهم إنخدعوا بوعد أنه عندما يستقر هتلر في الحكم ويقوى فإنه سوف يقضى على هذه المنظمات المتطرفة. واقتنع اليهود بأن هتلر يعمل لصالحهم وأن وجوده في السلطة ضمان لعدم وجود شخص آخر أكثر تطرفاً منه.. ولكن ما حدث بالفعل بعد ذلك أن هتلر قضى على ستة ملايين يهودي، وليس على الجماعات المتطرفة.

والجدير بالذكر أنه عندما حاول كثير من الشباب اليهودي تنظيم مقاومة ضد هتلر كان بعض زعماءهم يعارضونهم بشدة. ولكن المقاومة إستمرت على الرغم من الاعتراضات الداخلية من زعماء اليهود أنفسهم والذين إنخدعوا بوعود هتلر. ولكن هذه المقاومة وحدها، والتي تصاعدت في أواخر عهد هتلر، هي التي أرغمت هذا الطاغية على الكف عن أعماله الاجرامية ضد الشعب اليهودي بل وضد معارضيه أيضاً.

نأتي إلى المشكلة القبطية، فنلاحظ أنه كان من المبادئ الظاهرية لثورة 1952 القضاء على الاقطاع والاستغلال. أما المبادئ السرية لمجموعة الضباط التي عرفت "بالضباط الأحرار" والتي كان من بين أعضاءها، أعضاء من جماعة الاخوان المسلمين فكانت تشمل بين أهدافها التخلص من الأقباط. ولقد تكونت لجنة آنذاك جاء في تقريرها سنة 1953 بأنه يمكن إفقار الشعب المسيحي وتحويله إلى الاسلام في خلال عشرة سنوات كما ذكر سكرتير المجلس الاسلامي (وكان من أعضاء مجلس الثورة) في تصريح له في المؤتمر الاسلامي الذي إنعقد في جدة بالمملكة العربية السعودية في نفس السنة، بأنه يمكن تذويب الأقلية المسيحية بمصر في الاغلبية الاسلامية في بحر عشرة سنوات. وكرر نفس الشخص إعتقاده هذا في مؤتمر مماثل عقد في بغداد عاصمة العراق سنة 1956.

وعلى الرغم من أن حسابات المتآمرين على الشعب القبطي لم تكن دقيقة، إلا أنهم ساروا في تنفيذها منذ تلك اللحظة. على أنه ربما يكون سبب التأخير في الانتهاء من مؤامرتهم هو تغيير في تكتيكهم نتيجة لوجود بعض المقاومة القبطية، ولذلك فضل المتآمرون إستخام الدهاء وإبتدأوا في التخطيط على أساس تنفيذ أهدافهم ضد الأقباط على مراحل وبخطوات ثابتة وعلى مدة طويلة حتى لا تثير المؤامرة ردود فعل عنيفة في مصر وفي العالم الخارجي.

وكانت أولى هذه الخطوات هو تحطيم الأقباط إقتصاديا وسياسياً، فأممت الحكومة الشركات وطردت المديرين المسيحيين وعينت بدلا منهم مديرين مسلمين حتى في الشركات التي كانت تملكها عائلات مسيحية. واستولت حكومة الثورة على أراضي الأغنياء من المسلمين والمسيحيين ولكن عند توزيع هذه الأراضي وزعت على المسلمين فقط. وفي نفس الوقت قضت حكومة الثورة على الزعامة المدنية للأقباط، بينما كانت القيادة الروحية ضعيفة في عهد الأنبا يوساب الثاني، وهو الأمر الذي مكن الدولة بالتدخل السافر في شئون الكنيسة عندما ألغت إختصاص المجالس الملية في الأحوال الشخصية للمسيحيين بإصدار القانون المشئوم والمعروف بالقانون رقم 462 لسنة 1955، واستولت على الأوقاف القبطية.

ومن الوسائل التي إستخدمتها الثورة والحكومات المتعاقبة لتسهيل تنفيذ المؤامرة تعيين بعض الأقباط من ذوي الشخصيات الباهتة بل والمعروف عنهم بضعف الشخصية وعدم إخلاصهم للكنيسة ليتولوا بعض المناصب الوزارية الثانوية لاسترضاء الأقباط، وخداعهم وتخديرهم، بل وكثيرا ما كان بعض هؤلاء الأقباط يعملون ضد مصالح الشعب والكنيسة، تحكمهم في ذلك مصالحهم الشخصية وقصر نظرهم.

وكانت الخطوة الثانية على طريق تنفيذ المؤامرة ضد الأقباط هو التحطيم العلمي والاجتماعي، فعملت الحكومات المتعاقبة على حرمانهم من البعثات الدراسية وبذلك يتحقق عدم قيام أية قيادات في المحيط القبطي في كافة مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها، في الوقت الذي أنشأت الثورة الجامعات الأزهرية حيث تدرس كافة العلوم من طب وهندسة واقتصاد وآداب، وقصرت القبول في هذه الجامعات على الطلبة المسلمين الذين أرسلوا الى كل جامعات العالم حتى جامعات الدول الشيوعية لكي ينالوا درجات الدكتوراه والماجستير ثم يعودوا إلى مصر ليحتلوا مراكز القيادة في كافة مناحي الحياة.

أما الخطوة الثالثة فهي إدخال الرعب في قلوب الأقباط وقادتهم، فمنذ أن قامت الثورة ودرج النظام المصري على استخدام بعض الشخصيات القبطية كأدوات لادخال الرعب في نفوس رجال الدين المسيحيين. أما الآن فإن النظام المصري أضاف إلى ذلك إستخدام الهيئات الدينية الاسلامية المتطرفة كسوط، أو ككلاب مسعورة تطلقها عليهم من وقت لآخر، لارهابهم وإيهامهم بأن العهد الحالي أحسن بكثير من أي عهد جديد قد يسيطر عليه الاخوان المسلمون. وكأن سكوت الأقباط على ما يتعرضون له من عسف سوف يضمن تثبيت هذه الحكومات وكأن اضطهاد الأقباط هو الوسيلة الفعالة لتثبيت العرش الحالي وكسب رضاء الحكومات العربية الرجعية.

ولكي تتضح ضحالة هذه السياسة وانكشاف نيتها الخبيثة تجاه الشعب القبطي، نطرح التساؤل الاتي: "إذا كان الرئيس السادات قد ذهب إلى اسرائيل العدو اللدود للأمة العربية، وذلك سعياً وراء السلام ورفاهية الشعب المصري (ونحن أيدناه في ذلك). وتحدى، بتصرفه هذا، معظم الدول العربية وبخاصة الرجعية منها، ألم يقدر سيادته أن يحقق المطالب المشروعة للأقباط، وهي مطالب سوف لا تكلف الدولة شئ، إلا العدل والمساواة بين المواطنين المصريين.

إننا نود أن نقول أن السلام يبدأ من الداخل أولا!!

ولا يخفى على أحد، أن الغرض من حملة تخويف الأقباط في السنوات الأخيرة هو تحطيم معنوياتهم حتى لا يمكنهم المقاومة عند تنفيذ الفصل النهائي من المؤامرة. وكم من مرة حاولوا تنفيذ هذا الفصل الاجرامي الدموي، ففي يونيو 1967 وأثناء حرب سيناء ذكر علي صبري نائب رئيس الجمهورية آنذاك أن اليوم يوم السبت وغدا يوم الأحد، أي أنه بعد القضاء على اليهود (أصحاب يوم السبت) سوف يتم القضاء على مسيحي مصر (أصحاب الأحد). وفي سنة 1973، إتهم سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المصرية أثناء حرب أكتوبر، اربعة من الضباط الأقباط بالخيانة لتغطية تطويق الجيش الثالث الذي نتج عن "الثغرة" وعبور القوات الاسرائيلية إلى البر الغربي للقناة. وأعدم هؤلاء الضباط الأربعة، وكان الهدف من وراء هذا الاتهام إثارة الشعب للفتك بالأقباط كما فعل طلعت باشا في تركيا سنة 1925 عندما إتهم الأرمن بأنهم متواطئون مع روسيا.

لقد إتضحت معالم ورؤوس تدبير المخطط بقيادة حسن التهامي مستشار رئيس الجمهورية وشيوخ الأزهر والدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب. هؤلاء وغيرهم يحركون الهيئات الاسلامية المنتشرة في جميع أنحاء مصر، تمولها المملكة العربية السعودية بالمال وليبيا بالسلاح يدعمها النظام المصري بالتواطؤ والسكوت على جرائمهم مثلما حدث في أواخر عام 1978.

ونعود هنا فنذكر أن إعلان مصلحة الاحصاء والتعبئة سنة 77 بأن تعداد الأقباط هو 2.340.000 هو جزء من هذا المخطط.

وذلك أنه إذا حدثت مذبحة ضد مسيحي مصر أو إذا إعتنق الأقباط الاسلام تحت إستمرار التهديد والاضطهاد فإن هذا التعداد أم ما يقرب منه سوف يكون منطقيا وصادقا أمام الرأي العام العالمي..

هذه ليست المرة الولى التي يواجه فيها الشعب القبطي مؤامرة ولكن المؤامرة هذه المرة مدروسة بدقة وحنكة، تنفذ على مراحل كلما سنحت الظروف المحلية والعالمية.

أما عن الاجتماعات الرسمية وعروض التليفزيون فما هي إلا وسيلة لتخدير الشعب القبطي وجعله يثق في أناس يتآمرون عليه وعلى مستقبل وجوده. كما تهدف هذه الاجتماعات إلى تضليل الرأي العام العالمي. وهنا نسترجع ما قاله ربنا يسوع المسيح "أن أبناء العالم أحكم من ابناء النور" (لو16: 8).

هذا هو مخططهم الشرير. فما هو دورنا نحن الشعب القبطي في كل بلاد العالم الحر وفي مصر؟

ليس أمامنا وسيلة لايقاف هذا المخطط الرهيب إلا الجهاد السلمي طبقاً للمبادئ المسيحية والمبادئ الانسانية. فلنعبئ الشعب القبطي في الداخل والخارج للمقاومة السلمية والدفاع عن النفس بكل الطرق المشروعة. فالمسيحية تؤيد الدفاع عن النفس والممتلكات ضد قوات الظلم والطغيان. ولكن يجب أن نتمسك بالرب الذي وعد وقال "لا تخف لأني معك".

وليعلم إخوتنا الأقباط في مصر أنه ليس لنا أن نخاف إلا من الخوف نفسه "كما قال الرئيس الأمريكي الراحل روزفلت..

إن حل المشكلة القبطية في يد الشعب القبطي. وإذا سمع العالم صوت الشعب القبطي في مصر، فسوف يتحرك كل أحرار العالم. وبمعنى آخر يجب ألا نتوقع من العالم المتحضر أن يدافع عن حقوقنا بينما يقبع أقباط مصر في دورهم يقيمون علاقات يعتبرونها طيبة مع الحكومات المصرية دون أن يقيموا للعدل والمساواة والحرية الدينية ميزان. إن مثل هذه العلاقات مع عدم رفض الظلم من أساسه هي العبودية ذاتها ولكن مقنعة. ونحن لا نرضى هذا لشعبنا المجيد أبناء الشهداء وورثة أعرق حضارة. ونحن نؤمن في حماية الله، ولكن يجب أن نعمل ليعمل الله فينا وليتحقق وعده الصادق والأمين "بأن قوتي في الضعف تكمل".

والله يعطينا جميعا القوة والحكمة لمجابهة هذا المخطط بشجاعة وبدون تردد حتى يفشل، وينتصر إسمه القدوس في مصر بصلوات أبينا القديس البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث.

تعليق

إعـــــــلان

تاريخ مصر بعيون مؤرخ قبطي-مخطوطة "ساويرس بن المقفع"..

تاريخ مصر بعيون مؤرخ قبطي-مخطوطة "ساويرس بن المقفع"..

تعليق

من قاموا بقراءة الموضوع

معلومات المنتدى

من يتصفحون هذا الموضوع