إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قرأت لك ـ من "طعام وتعزية" سبتمبر 2003

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    الثلاثاء 16 سبتمبر 2003


    البوق الأخير

    --------------------------------------------------------------------------------

    هوذا سر أقوله لكم. لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير. في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير. فإنه سيبوَّق فيُقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير(1كو15: 51،52)


    إن الرب ـ له كل المجد ـ الذي تكلم مرة بصوت النعمة عندما كان على هذه الأرض، وهو يتكلم الآن من السماء بنفس النعمة التي لم تتغير، سوف يأتي قريباً "بهتاف" لن يعرفه إلا خاصته، ولن يسمعه إلا أولئك الذين عرفوا قبلاً صوت الراعي (1تس4: 16). وفي لحظة في طرفة عين سيتغير الكل "وهكذا نكون كل حين مع الرب". يا لها من نغمة حلوة ستصل إلى مسمع المؤمن المُتعب الذي سار بأمانة في طريقه المتواضع المعيَّن له من الرب. ربما يكون قد أسند رأسه على صدر سيده و "رقد". وربما يكون موجوداً ضمن "الأحياء الباقين" وعندما يدوي صوت الرب "بهتاف" سيجده في حالة السهر منتظراً سيده، فيصل صوت الرب إلى أذنيه وإلى آذان كل المؤمنين ـ أحياء وراقدين، ويقودهم جميعاً إلى بيت أبيه في الأعالي.

    إنه سيجمع ذرات تراب قديسيه بقوته الفائقة، ورغم كل شيء لا بد أن تُسلم للرب كل غنائمه، وحتى البحر لا بد أن يسلم للرب الذين له من الذين دُفنوا في أعماقه. وكما قام الرب له المجد تاركاً الأكفان في مكانها دون أن تتحرك، هكذا سيأمر بحسب شدة قوته، وبنفس السكون والصمت، أن يقوم "الأموات في المسيح" من قبورهم، فيتركوا القبور كما فعل هو "كباكورة الراقدين". أما الأجناد الأحياء الباقون هنا على الأرض فسيسمعون صوته أيضاً، وحينئذ سيلبس هذا المائت عدم موت، وسينشد الجميع بهذه الترنيمة المُبهجة إجابة لصوت هتافه القوي "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟" (1كو15). ومثل أخنوخ قديماً فإن هؤلاء المؤمنين لن يُوجدوا لأن الله سيكون قد أخذهم.

    ما أبهج تلك اللحظات للذين للمسيح عند مجيئه، سواء أكانوا أحياء أم راقدين. لقد كانت قيامته له المجد برهاناً على كماله ومجده الشخصي، بينما ستكون قيامة المؤمنين الراقدين برهاناً على كمال عمله فوق الصليب، الذي على أساسه نقف مقبولين أمام الله في المحبوب، ويحق لنا في هذه الحالة أن نعزي بعضنا بعضاً بهذا الكلام.

    ليت هذا الرجاء المبارك يكون حافزاً لنا لخدمة الرب الذي ننتظره ـ الخدمة الأمينة التي هدفها مجده على الدوام، وإذ نعلم كجنود المسيح "مخافة الرب" (أو رُعبه" ننذر النفوس البعيدة ونحثها على التعرف به كالمخلص والفادي.


    ف.ج. باترسون
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #17
      الأربعاء 17 سبتمبر 2003


      فلك نوح


      --------------------------------------------------------------------------------

      بالإيمان نوح لما أُوحى إليه عن أمور لم تُرَ بعد خاف فبنى فلكاً لخلاص بيته، فبه دان العالم وصار وارثاً للبر الذي حسب الإيمان(عب11: 7)


      إن بناء فلك نوح كان بمثابة أطول موعظة تبشيرية عرفها التاريخ، فقد استمر نوح كارزاً للبر وهو يبني الفلك لمدة أكثر من 100 سنة هي الفرصة الأخيرة التي أعطاها الله للإنسان ليرجع إليه تائباً عن خطاياه، بعدما أطال الله أناته على العالم لمدة 1656 سنة ـ أي عمر الإنسان من آدم حتى مجيء الطوفان على الأرض. كانت أناة الله تنتظر "وهو لا يشاء أن يهلك أُناس، بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة" (2بط3: 9). لكن ماذا كانت نتيجة هذه الكرازة التي استمرت طوال هذه المدة "حين كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح، إذ كان الفلك يُبنى"؟ "خلص قليلون، أي ثماني أنفس" (1بط3: 2) هم نوح وزوجته وأولاده الثلاثة وزوجاتهم!! من كل ملايين البشر التي عاشت على الأرض في أيام نوح!! الذين "كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك. ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع" (مت24: 38،39). كانوا إما مستهزئين أو رافضين أو مهملين مؤجلين، لكن بالرغم من استهزائهم وسخريتهم، فقد استمر نوح كارزاً طوال هذه المدة دون أن يتعطل حتى أكمل بناء الفلك كما أمره الله، ثم دخل نوح وعائلته الفلك وأغلق الرب الباب عليهم بعد دخولهم. ولا شك أنهم جميعاً الذين دخلوا كانوا يشعرون بالأمان التام داخل الفلك لأن الذي أغلق الباب عليهم هو الرب نفسه (تك7: 16). ولقد شهد الروح القدس عن إيمان نوح قائلاً "بالإيمان نوح لما أوحى إليه عن أمور لم تُرَ بعد خاف فبنى فلكاً لخلاص بيته، فبه دان العالم وصار وارثاً للبر الذي حسب الإيمان" (عب11: 7).

      هذا ما حدث للعالم القديم، لكن ماذا عن عالمنا الذي نعيش فيه الآن؟ يعلن الروح القدس لنا أن "السماوات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجار" (2بط3: 7).

      فليتك أيها القارئ العزيز ترجع إلى الله متصالحاً معه مُحتمياً في دم المسيح فتدخل فلك النجاة الحقيقي حيث الأمان التام. نعم، لأن كل مَنْ احتمى في دم المسيح فقد صار في المسيح في أمان من الغضب والدينونة.


      أندرو ملر
      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

      تعليق


      • #18
        الخميس 18 سبتمبر 2003


        المسيح مع مريم

        --------------------------------------------------------------------------------

        ولما قالت هذا مضت ودعت مريم أختها سراً ... ولم يكن يسوع قد جاء إلى القرية، بل كان في المكان الذي لاقته فيه مرثا(يو11: 28-30)


        لقد مضت مرثا ودعت أختها مريم سراً، ربما لأنها علمت أن مريم كان يلزمها مقابلة خاصة مع الرب بعيداً عن أعين الغرباء. أو ربما لشعورها بأن معظم الحاضرين كانوا من اليهود الذين يُعادون المسيح ويبغضونه. لكن على أية حال أرادت مرثا شيئاً، وأراد الله شيئاً آخر. ومشيئة الرب هي التي ثبتت. فلقد أراد الله أن يشاهد معجزة إقامة لعازر من الأموات أكبر عدد من اليهود. فمع أن مرثا دعت مريم سراً، إلا أن كل اليهود الموجودين تبعوا مريم، بسبب ظن خاطئ، إذ ظنوا أنها ستذهب إلى القبر لتبكي هناك، فخرجوا جميعاً على إثرها، ليشجعوها ويواسوها. لكن الله قصد من خروجهم أن يكونوا جميعاً شهوداً لهذه المعجزة.

        كلا، فإن مريم لم تذهب إلى القبر لتبكي هناك، فما فائدة البكاء عند القبر؟ وهي لو ذهبت إلى القبر لتبكي عنده، لتركها القبر تبكي دون أن يرُّد الوديعة، ودون أن يواسيها أو يسندها. لكن مريم ذهبت إلى مَنْ هو "القيامة والحياة"، ذاك الذي أولاً بكى معها مُشاركاً إياها في حزنها، ثم أخذها معه إلى القبر لكي ما يفرحها هناك بإقامته لأخيها.

        وعبارة "لم يكن يسوع قد جاء إلى القرية" لها دلالتها الهامة. فالمسيح أقام لعازر قبل أن يدخل بيت عنيا. إنه لم يدخل بيت عنيا بدموعه على خديه، وبقلوب أحبائه مكسورة على فقد حبيبهم، بل دخلها في مشهد عجيب، ولعازر الميت برفقته. مَنْ فينا يتخيَّل روعة هذا المنظر وعظمته؟! الرب يسوع يمشي في مقدمة موكب الحياة، ومعه تلاميذه وأحبائه، وفي صُحبته لعازر ومريم ومرثا. واللافت للنظر أن الإنجيل يذكر هذا الأمر العظيم والعجيب في سرد بسيط، خالٍ من الإثارة تماماً.

        وهذا الذي حدث في بيت عنيا يُشبه ما سوف يحدث قريباً معنا. فلن يدخل المسيح هذا العالم إلا بعد أن ينتصر نُصرته النهائية على الموت، إذ في المرحلة الأولى لمجيئه الثاني، وهي تلك التي نسميها بالاختطاف، سيُقيم أحباءنا من الموت، وفي المرحلة الثانية لمجيئه الثاني، تلك المُسمَّاه بالظهور، سيدخل العالم معهم ومعنا. أما لقاؤنا نحن الأحياء به فلن يكون في هذا العالم، بل سيكون في الهواء.


        يوسف رياض
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #19
          الجمعة 19 سبتمبر 2003


          النعمة في قلب داود

          --------------------------------------------------------------------------------

          فقال رجال داود له هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب... فقال لرجاله حاشا لي من قِبَل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب(1صم24: 4،6)


          كانت لدى داود بعض الأسباب التي تشجعه على الانتقام من شاول منها:

          1 ـ أن شاول لم يكتفِ بأن يضمر له العداء في قلبه، بل كان باذلاً كل الجهد في قتله. فكان في إمكان داود أن يتخذ من تصرفات عدوه هذه مُبرراً للانتقام منه على مبدأ الدفاع عن النفس الذي يحبذه الكثيرون.

          2 ـ كون داود هو الملك الشرعي الممسوح من الله عوضاً عن شاول المعزول. فمساعي شاول العدائية، واغتصابه للعرش، وتمرده على الله والملك، وسوء إدارته للمملكة، كانت بواعث قوية تجعل داود بريئاً أمام ضميره لو قتل شاول لأنه كان بذلك يُريح نفسه ومملكته وربه من ملك طائش أرعن.

          ولكن كانت الأسباب التي تحمله على الصفح عنه بل وحمايته أيضاً أقوى من تلك التي كانت تحمله على قتله. من هذه الأسباب أن داود لم يقف عند حد أفكار البشر، بل سما في مستواه حتى أمكنه أن يكون له شركة في أفكار الله، فاستطاع وهو تحت الناموس أن يطبق على نفسه القول الوارد في الإنجيل "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مُبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم". فمعاملة الرحمة والنعمة هذه الموجودة أزلياً في قلب الله من نحو الإنسان انسكبت في قلب داود وظهرت في حياته، فكانت تصرفاته تليق بأولاد الله. وفي هذا نرى أن نعمة الله كانت باعثاً قوياً على إضعاف بل وإماتة تأثير البواعث الأخرى التي كان ينتظر أنها تدفع داود لينتقم لنفسه. وعلى قدر ما كانت هذه البواعث قوية ووجيهة، فبذات القدر أظهرت النعمة أمجادها في الانتصار عليها.

          وقد كان داود متشبعاً من روح سيده فلم يطلب النقمة بل رفض نهائياً كل فرصة قُدمت له من هذا القبيل. أما نحن فكثيراً ما نُخدع بالفرص التي يقدمها لنا العدو ليصطادنا بها بدعوى أن العناية هي التي رتبتها، ومن الجهل أن نضيّعها. أما داود فلم يؤخذ بشَرَك الفرصة.

          فيجب أن يكون لنا القلب المروَّض حتى نمتحن كل فرصة، فلا نقبل إلا كل ما تأكدنا أنه من يد القدير، كما كان سيدنا حين علم أن الناس مُزمعون أن يأتوا ويختطفوه ويجعلوه ملكاً قبل الوقت المعيَّن له من الله، فتركهم وانصرف.


          ولسلي جورجي
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #20
            السبت 20 سبتمبر 2003


            ثبَّت خطواتي

            --------------------------------------------------------------------------------

            أصعدني من جُب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجليَّ. ثبَّت خطواتي. وجعل في فمي ت رنيمة جديدة تسبيحة لإلهنا(مز40: 2،3)


            في العددين اللذين في صدر المقال: إقامة على صخرة، ثم خطوات على الطريق، ولقد كان خيراً أن نكف عن الصراع في طين الحمأة، وأن نستقر على الحجر الحي، صخر الدهور، لكن لنذكر أن الوضع الجديد لا يعترف بالتوقف، بل هناك ـ على المدى الطويل ـ ارتقاء في الخُطى. ذلك أن المؤمن ليس تمثالاً جامداً فوق قاعدة جامدة، وإنما هو شخص مسافر، وإنسان يتسلق القمم.

            وكلمة الرب لنا هي نفسها لأولئك في زمانهم "اصعدوا" فإن حياة الإيمان حياة كفاح وصراع وتقدم صوب الهدف، سير حثيث على الأقدام، وليس اتكاء على مركبات مُريحة. كما أنه ليست أمام الإيمان طرق مُعبَّدة، وإنما آثار أقدام فوق أرض سبخة قفراء، فوق صخور مُدببة تدمي القدم، وطوبى لأولئك الذين تعلموا الحقيقة العظيمة التي يعبِّر عنها المرنم في العددين اللذين أمامنا، وهي أن الله ـ على طول رحلة الحياة المُرهقة ـ يثبِّت خطوات أولئك الذين وضعوا كل ثقتهم فيه.

            فكِّر، أخي، في رقدة مريض، استطالت إلى ثمانِ وثلاثين سنة؛ في عجز تام عن الوصول إلى مياه الصحة التي يحركها الملاك، وعجز عن وقفة مستقيمة كأي رجل في الحياة. فكِّر في نظرة الأسى يلقيها المُقعد العاني على الرب يسوع وهو ينحني عليه في عطف وحنان ويقول له كلمات ذات سلطان. وإذا بالكسيح يقوم، يحمل سريره ويمشي. وهكذا خرج العاجز من حمأة الضعف واليأس؛ وقف على صخرة الخلاص، ثم تثبتت خطواته.

            والخطوات الثابتة ميسورة إذ تسير الأقدام على الصخرة، وليس كذلك في حمأة الطين. لقد تسنى لبطرس أن يضع ـ بثبات ـ قدميه على الأمواج السائلة بأمر السيد الرب، فكان بذلك شهادة عظيمة لقوة المسيح التي تعطي الإنسان أن يتسامى فوق قيود الطبيعة وحدودها. غير أن خطوات بطرس تعرجت عن سبيل الشهادة الأمينة عندما جلس في مجلس العبيد في دار رئيس الكهنة. لقد أخذت خطواته تنزلق. ولو انتبه الرسول إلى خطواته (أم14: 15) لسهر وصلى في جثسيماني وجنَّب نفسه موقع التجربة. لقد كادت تزل قدما بطرس، لولا قليل لزلقت خطواته (مز73: 2)، لكن الرب سنده وخلّصه (مز119: 117).


            و.ج. هوكنج
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #21
              الأحد 21 سبتمبر 2003


              ابنك ... الذي تحبه


              --------------------------------------------------------------------------------

              خُذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض المُريا واصعده هناك مُحرقة على أحد الجبال الذي أقول لك(تك22: 2)


              قام إبراهيم، الرجل الأمين، مبكراً، وشد على حماره وأخذ إسحاق والحطب إلى الموضع الذي قال له الرب. ولمدة ثلاثة أيام ظل سائراً في طريقه مع ابنه الطائع "وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيد" (تك22: 4)، أبصر إبراهيم الجبل الذي كان سيُصعد عليه ابنه إسحاق مُحرقة لله. وإسحاق هو النسل الموعود به، وهو رمز لنسل المرأة، ومن هنا نرى أن الذبيحة التي طُلبت من إبراهيم تُشير إلى محبة الله الذي لم يُشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين (رو8: 32).

              إن إسحاق وهو موضوع فوق المذبح، كما وهو مأخوذ أيضاً من فوق المذبح، له معناه الرمزي والنبوي. فالموت والحياة على جبل المُريا يشيران إلى موت وقيامة ربنا يسوع المسيح، الحَمَل الذي أعده "يهوه يرأه" (تك22: 14). فعندما يوضع إسحاق طواعية على المذبح وكنعجة صامتة لا يفتح فاه، وعندما تُرفع السكين فوقه في يد الأب الشيخ؛ إنما هذا يعادل تماماً موته عند إبراهيم. ولما أخذه إبراهيم حياً من على المذبح، إنما أخذه كمن أُقيم من الأموات إلى الحياة (عب11: 19).

              ولا ننسَ، بعد هذا المنظر العجيب، حقيقتين سُجلتا عن إسحاق: الأولى أن إسحاق بقى إلى جوار أبيه، والثانية أن إبراهيم جعل إسحاق وارثاً لكل شيء "وأعطى إبراهيم إسحاق كل ما كان له. وأما بنو السراري اللواتي كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحاق ابنه شرقاً إلى أرض المشرق وهو بعد حي" (تك25: 5،6). وذاك الذي مات وأُقيم في اليوم الثالث من الأموات، الابن الوحيد الذي صار بكراً من الأموات، هو الآن عن يمين الآب والمعيَّن وارثاً لكل شيء" (عب1: 2).

              وفي تكوين24 نجد أيضاً صورة جميلة لعبد أمين يذهب باحثاً عن عروس للابن الذي اجتاز الموت والقيامة في مثال، ويا لها من صورة مؤثرة لدعوة وقيادة الروح القدس للكنيسة وهي سائرة لمُلاقاة عريسها السماوي. ومهما طالت مدة السفر، فإن الذي وعد قائلاً: "ها أنا آتي سريعاً" لا بد أن يتمم الوعد. ولسان حال المؤمنين الآن:

              ألفانِ ولَّتْ ولا زلنا على سفرِ
              يا ضامنَ العهدِ أين غاية السفرِ؟


              فايز فؤاد
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #22
                الاثنين 22 سبتمبر 2003


                الكمال في الخدمة

                --------------------------------------------------------------------------------

                واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في ساردس .... لأني لم أجد أعمالك كاملة أمام الله(رؤ3: 1،2)


                إن الكلمة اليونانية المترجمة "كامل" هنا تعني "مُتمَّم" أو "مُنجَز" واستعمالها بالإشارة لأعمال كنيسة ساردس يعلمنا درساً خطيراً فاحصاً للقلب. فقد كان هناك اسم بالحياة ولكن الأعمال لم تكن مُتممة أمام عيني الرب. ولا يوجد أخطر على المسيحي من أن يكون له اسم. إنه فخ من العدو، وقد فشل كثيرون من المعترفين لمشغوليتهم بالاسم، وخرب كثيرون من الخدام النافعين لاجتهادهم في حفظ الاسم، فإذا حصلتُ على صيت في أي ميدان من ميادين الخدمة: كمبشر نشيط أو معلم ذي موهبة فائقة أو كاتب مؤثر جذاب أو رجل صلاة أو رجل إيمان أو شخص تقي مكرس أو إنسان مُحسن أو أي اسم كان، فإني في خطر عظيم لأن تتحطم سفينتي لأن العدو يقودني لأن أجعل الصيت غرضي عوضاً عن المسيح، فأكون عاملاً على الاحتفاظ باسمٍ عوضاً عن تمجيد المسيح، وأصير مشغولاً بأفكار الناس عوضاً عن عمل كل شيء تحت نظر الله المباشر.

                كل هذا يدعو إلى السهر والمراقبة الدقيقة على النفس. فقد أكون عاملاً أعظم الأعمال، ولكنها إذ لم تكن معمولة في حضرة الله تكون شَرَكاً مباشراً من العدو. قد أبشّر بالإنجيل وأزور المرضى وأساعد الفقراء وأتغلغل في دوائر النشاط الديني، ومع ذلك لا أكون في حضرة الله بالمرة. إذ قد أعمل هذه لأجل اسمٍ أو على سبيل العادة أو مُجاراة للوسط والتأثيرات المُحيطة أو تقليداً للآخرين. وهذا من الخطورة بمكان أيها القارئ المحبوب.

                إن الذات دائماً تبرز لنا ـ نعم، الذات ... الذات ... الذات حتى في أقدس الأمور، ومع ذلك نبدو كأننا في غاية النشاط والتكريس. لا يوجد شيء أشد رعباً من أن يوجد اسم ديني بدون حياة روحية، بدون المسيح، بدون أن يملك على النفس الشعور بحضور الله.

                أيها القارئ العزيز .. دعنا نتأمل في هذا. دعنا نلاحظ أن نبدأ وننهي أعمالنا تحت نظر السيد لأن هذا يعطي خدماتنا نقاوة وسمواً أدبياً فوق كل تقدير. إن هذا لا يعرقل مجهوداتنا بل يرفعها إلى مستوى سامٍ. ويا ليت الرب الصالح يعطينا نعمة لتتميم أعمالنا مهما كانت قليلة أو كثيرة، صغيرة أو عظيمة، في محضره المبارك.

                ماكنتوش
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #23
                  الثلاثاء 23 سبتمبر 2003


                  الآب السماوي

                  --------------------------------------------------------------------------------

                  فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس ... لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها(مت6: 31،32)


                  "إن أباكم يعلم" فالقِ بكل همك عليه. هل تظن أنه يحمل عنك تجاربك الثقيلة ويتركك لتحمل التجارب الخفيفة؟ كلا، فهو يطلب منك أن تلقي عليه كل همومك ـ الصغيرة والعظيمة، لأن ثقل العوالم كلها وثقل الريشة يتساويان عنده، إذ لا يوجد لدى الله فرق بين شيء عظيم أو صغير. فالقِ إذاً كل همك عليه، أسند ضعفك عليه لأنه يحب أنك تعتمد عليه اعتماداً كاملاً. هو القدير، ألا تستطيع أن تثق فيه وتعتمد عليه في كل تجربة، وبمجرد حدوث أية مشغولية؟ ضع كل ثقتك في الله مباشرة، أو بالحري ضع الله بينك وبين التجربة المزعجة، واطلب إليه أن يسندك وأن يرشدك وأن يطعمك وأن يكسوك وأن يسكنك، وهذه ليست مجرد تصورات بل حقيقة مسيحية فعلية اختبرها الكاتب والكثيرون غيره. انظر كيف يضيء وجه الله على نفسك دائماً فلا تكتم عنه شيئاً أو تدع شيئاً يحول بينك وبينه، إذ لا توجد صعوبة لا تستطيع يده الكريمة أن توجهها أو تعجز عن معالجتها، ولا يوجد احتياج أو بؤس معروف أو مجهول يؤثر سداده على موارده الغنية أو ينقصها، فنعمته لا يمكن أن تنقص أو تنتهي. إن الله هو المعطي العظيم والكريم ويجب أن يُعرف بصفاته هذه. فتعال إليه باحتياج كُلي وبإيمان شديد واطلب منه أعظم وأكبر الطلبات لأنك بذلك تكرمه.

                  تعال إليه لأنه أبوك، ومحبة الآب ولطفه، وحكمة الآب في العطاء أو في المنع، وعناية الآب وعطفه، كل هذه وأكثر منها هي لك لتختبرها وتتمتع بها عملياً، فتقدِم إلى حضرته بكل ثقة وجراءة سواء أكان للسجود (عب10: 19) أو لطلب المعونة في طريق الحياة (عب4: 16) لا تخف. انشر أمامه كل ظروفك واعرضها عليه واحدة فواحدة، افعل ذلك بكل بساطة وبكل حرارة وبإيمان كامل وبدموع إذا لزم الأمر، لا تستر أو تخفِ عنه شيئاً، قُل له كل شيء، ثم بثقة هادئة انتظر منه الإجابة التي ربما لا تأتي بالطريقة أو من الناحية التي كنت تنتظرها، إلا أنها لا بد أن تأتي، فاحتياجك حقيقي، ومعرفة الآب كاملة، استرح في الرب وعليه، "انتظر الرب واصبر له".


                  يا أيتها المحبة التي لا ترجعني خائباً عليكِ تستقر نفسي التعوبةُ دائماً


                  تشارلس سبرجون
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #24
                    الأربعاء 24 سبتمبر 2003


                    إيمان عجيب

                    --------------------------------------------------------------------------------

                    أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله. ثم قال ليسوع اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك(لو23: 41،42)


                    إن إيمان ذلك اللص الذي تاب وهو مُعلَّق على الصليب هو إيمان عجيب، ربما لم يرتقِ إيمان منذ بدء الخليقة نظيره. ويشتمل هذا الإيمان العجيب على سبعة أمور مجيدة:

                    أولاً: لقد آمن ذلك اللص بالخلود، وبأن هناك بعد الموت وجود. وإلا فما الداعي لأن يدعو زميله إلى خوف الله؟ وما فائدة خوف الله لشخص سيودّع الحياة بعد ساعات، إذا كان الموت هو نهاية كل شيء؟

                    ثانياً: آمن اللص أيضاً برحمة الله العجيبة، ولهذا فقد اعترف وأقرَّ بذنبه العظيم. عند البشر، يُعتبر الاعتراف هو سيد الأدلة، فيحاول الجاني قدر استطاعته أن يتجنب الاعتراف، أما عند الله فالإقرار بالذنب هو خطوة لا بد منها للحصول على الغفران، وذلك لأن البديل الكريم دفع الحساب عن كل تائب مؤمن "مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، ومَنْ يقرّ بها ويتركها يُرحَم" (أم28: 13).

                    ثالثاً: أقرَّ ذلك اللص ببر المسيح وبكمال ناسوته الفريد. فعندما تداعى إيمان الرسل، تشامخ إيمان اللص! وعندما أجمعت الأمة أن يسوع مستوجب الموت، أعلن ذلك البطل أن المسيح لم يفعل شيئاً ليس في محله!

                    رابعاً: اعترف اللص أيضاً بلاهوت المسيح وبربوبيته. لقد سمع تهكمات رؤساء الكهنة "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (مت27: 40). لكن ذلك اللص بالإيمان ـ لا بما تراه الأعين ـ رأى اللاهوت في ذلك المصلوب الأوسط، فقال له "يا رب".

                    خامساً: اعترف اللص بأن يسوع هو المخلِّص، فقال له "اذكرني". دون أن يحدد له الطريقة التي بها يذكره.

                    سادساً: اعترف اللص بأن ذلك المصلوب إلى جواره هو الملك، كما عرف أيضاً أن له ملكوتاً. فمع أنه كان مُعلقاً على صليب العار، لا مُكللاً بتيجان المُلك وأكاليل الفخار، ومع أنه كان مُعتبراً كأنه واحد من الأثمة، لا مُحاطاً بحاشية من الوزراء، وتخدمه مجموعة من العبيد والخَدَم، فإنه رغم ذلك رأى فيه ـ بالإيمان ـ ملك اليهود.

                    سابعاً: آمن بمجيئه الثاني عندما قال له "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" أو "متى جئت ملكاً" (رؤ19: 16). لقد تعلَّم من روح الله أن المسيح سيأتي ثانية ليؤسس مُلكه، أو كما قال المسيح عن نفسه إنه "ذهب إلى كورة بعيدة ليأخذ لنفسه مُلكاً ويرجع" (لو19: 12)



                    يوسف رياض
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #25
                      الخميس 25 سبتمبر 2003


                      نحميا مُصلياً

                      --------------------------------------------------------------------------------

                      فلما سمعتُ هذا الكلام جلستُ وبكيت ونُحت أياماً وصمت وصليت أمام إله السماء(نح1: 4)


                      لقد ابتدأ الله عملاً عظيماً بواسطة رجل واحد، إذ كان هذا الرجل؛ نحميا، ذا قلب منكسر أمام الرب ويعرف كيف يستخدم ركبتيه جيداً؛ ولذلك نقرأ قوله "جلست، وبكيت، ونُحت أياماً، وصُمت وصلَّيت أمام إله السماء". فدموعه كانت التعبير الخارجي لقلبه المنكسر، ونوحه كان شهادة لاشتراكه الفعلي في آلام شعب الله، وصومه كان دليلاً على أن الحزن عميق في نفسه لدرجة أنه ترك مباهج الحياة. ولكن كل ما اعتمل في داخله وجد مَخرجاً له في الصلاة. لقد عرف قوة هذه الكلمات التي نطق بها يعقوب بعد ذلك الوقت بمدة طويلة "أعلى أحد بينكم مشقات فليُصلِّ" (يع5: 13).

                      ونحميا في صلاته يبرر الله ويعترف بخطايا الأمة ويتشفع للشعب:

                      أولاً: يبرر نحميا الله في طرقه وفي صفاته. فهو "الحافظ العهد والرحمة لمُحبيه وحافظي وصاياه" (ع5).

                      ثانياً: يعترف بخطايا بني إسرائيل. وهو إذ يفعل ذلك يضم نفسه معهم قائلاً ".. أخطأنا .. أنا وبيت أبي قد أخطأنا .. لقد أفسدنا أمامك ..." (ع6،7) ولذلك فقدوا حقهم في رحمة الله على أساس الطاعة.

                      ثالثاً: تشفع من أجل الشعب، مستنداً على أربع حجج:

                      الحُجة الأولى هي أمانة الله لكلمته. فلقد طلب نحميا من الله أن يذكر كلمة وعده التي أعطاها عن طريق موسى والتي قال فيها "إن خنتم فإني أفرقكم ... وإن رجعتم إليَّ وحفظتم وصاياي وعملتموها، إن كان المنفيون منكم في أقصاء السماوات، فمن هناك أجمعهم وآتي بهم إلى المكان الذي اخترت لإسكان اسمي فيه" (ع8،9).

                      والحُجة الثانية: هي أن الذين يدافع عنهم نحميا هم عبيد الله وشعب الله (ع10).

                      والحُجة الثالثة: هي أنهم ليسوا شعب الله فقط، ولكنهم شعب الله عن طريق الفداء (ع10).

                      وأخيراً يختم شفاعته بأن يضم إليه كل الخائفين اسم الله ويطلب رحمة الله (ع11).

                      وهكذا، فبعد أن برر نحميا الله واعترف بخطايا الشعب، فإنه طلب لأجل الشعب من الله وذلك لأجل خاطر كلمته وشعبه وعمل فدائه ورحمته.


                      هاملتون سميث
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #26
                        الجمعة 26 سبتمبر 2003


                        كنز في أوانٍ خزفية

                        --------------------------------------------------------------------------------

                        جلس (إيليا) تحت رتمة وطلب الموت لنفسه وقال قد كفى الآن يارب خُذ نفسي(1مل19: 4)


                        ما هذا الكنز؟ إنه "إنارة معرفة مجد الله" (2كو4: 6). ولكن لماذا يوضع هذا الكنز الثمين في أوانِ خزفية زهيدة القيمة؟ لكي لا نفكر في الإناء أكثر من تفكيرنا في الكنز الذي بداخله. من الممكن أن يفكر الشخص في جودة غلاف كتاب أكثر من تفكيره في الحق الذي يحويه هذا الكتاب. إن الله يحب أن يرى أجمل وردة في أوانِ بسيطة وعادية جداً، ويحب أن يضع جواهره في وعاء زهيد القيمة بسيط المنظر، وكثيراً ما يجعل نور مجده يشع من مصابيح لا تستلفت النظر. ولِمَ هذا؟ حتى لا يطغي على الكنز جمال مظهر الإناء الذي يحويه، وحتى لا يُضعف من قوة الحق، المركز الاجتماعي للشخص الذي يُعلنه، أي حتى لا يضيع ما هو إلهي بسبب تداخل ما هو بشري، نعم "ليكون فضل القوة لله لا منا".

                        ويضع الرب كنزه في أوانِ خزفية عندما يمسح بالروح القدس ما يُرى أمام الناس كلاماً بسيطاً، كلام جهالة. يمكن أن نرى إناء من ذهب الفصاحة ولكنه لا يحوي كنزاً ولا تعمل قوة الروح القدس فيه. قد تكون الفصاحة كالطبل الأجوف، بينما يكون اللسان المتلعثم مُحملاً ببركات الله. أنا لا أريد أن أقلل من قيمة العلم الزمني لأن الله أحياناً يُعلن حقائقه السامية بواسطة لسان فصيح. ولكني أريد أن أوجه الالتفات إلى خطر جذب الإناء الذهبي الالتفات إلى ذاته عوضاً عن أن يتحول النظر إلى الكنز نفسه. فقد تشير الفصاحة إلى ذاتها، بينما "الكلام الحقير" قد يشير إلى الله. قد يتحول النظر إلى المتكلم بسبب لغته الفُصحى وطلاقة لسانه عوضاً عن السيد، لهذا يختار الرب الشخص البسيط أو الأُمي الذي يشير بأصبعه إلى الملك.

                        ويضع الرب كنزه في أوانِ خزفية عندما يضع قوته ونعمته في أجساد مشوهة وضعيفة. لقد ازدُري بالرسول لأن حضور الجسد كان ضعيفاً (2كو10: 10) ولم يكن هذا غريباً لأنه صدر من شعب له شُهرة رياضية. إن الله أرسل إلى اليونان يهودياً لا جمال له، فقد وضع الكنز في إناء خزفي مُحتقر ما أقربه من الكسر. وكم من مرة يشع نور مجد الله بقوة خلال أضعف أفراد العائلة صحياً.

                        إن الرب يحب أن يستعمل الأشياء الضعيفة والأواني المُحتقرة، يحب أن يضع كنوز نعمته في الجهلاء والضعفاء.


                        إدوارد دينيت
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #27
                          السبت 27 سبتمبر 2003


                          ثبَّت خطواتي (2)

                          --------------------------------------------------------------------------------

                          أصعدني من جُب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجليَّ. ثبَّت خطواتي. وجعل في فمي ترنيمة جديدة تسبيحة لإلهنا(مز40: 2،3)


                          صعوداً من الحمأة إلى قمة الجبل حيث تنعكس أمجاد المسيح الصاعد؛ صعوداً من جُب الخزي إلى الصخرة الثابتة ـ هناك في مرتفعات النعمة ينشد مفديو الرب، ولو كانوا في البرية، أناشيدهم الجديدة السماوية، بعيداً عن صَخَب الأرض ونزاعاتها؛ حتى ولو لم يدخلوا بعد ديار السلام الأبدي فإنهم بالإيمان يتمتعون بالسعادة الغامرة.

                          فهل حياتنا الجديدة ـ إذاً ـ أنشودة لا تتوقف؟ نعم؛ وينبغي أن نرنم، وبلا انقطاع. بيد أنه قد تتخلل أناشيدنا وقفات. لأن في طريقنا ـ صوب المجد ـ قمماً نرقاها، ومخاوض نجوزها، وقفاراً نقطعها.

                          ونحن لا نستطيع أن نخطط ـ بدقة ـ سبيل مستقبلنا، إلا إننا لا نكون مخدوعين لو توقعنا طرقاً خشنة. لكن ذاك الذي ـ بلغة العهد القديم ـ يثبِّت خطواتنا، هو الذي ـ بأسلوب العهد الجديد يقول: "تكفيك نعمتي". وليس عبثاً أننا نتوقع منه بركة سبط أشير "حديد ونحاس مزاليجك، وكأيامك راحتك" (تث33: 25). وهكذا حبقوق وهو في حمأة المجاعة حيث لا موضع للاستقرار، استطاع أن يغني "الرب السيد قوتي، ويجعل قدميَّ كالأيائل، ويمشيني على مرتفعاتي" (حب3: 19).

                          وحين تتثبت خطوات الإنسان، فإن مسالكه تكون مستوية، وتقدمه ثابتاً، ويعرف مواقع خُطاه. وحينئذ تكون خطوات التلميذ شبيهة بخطوات معلمه (1يو2: 6). والرب قادر أن يجعل الرجل الأعرج الرجلين يركض في سبيل غير ملتوِ، ومرقس الهياب المتراجع يصبح أميناً في الخدمة.

                          نحتاج إلى استخدام قوة الرب لتثبيت خطواتنا كما فعل مع أولئك. ولقد وعدنا سيدنا بأنه لا يهملنا ولا يتركنا؛ لكنه ينبغي علينا أن نشعر بحاجتنا إلى أمانة محبته في مُساندة وقيادة حية. أولئك احتاجوا إلى إرشاد في رحلاتهم لأنهم لم يكونوا يعرفون الطريق، ولأنهم كانوا عُرضة أن يضلوا، ولذلك أمسك بيدهم وقاد خطواتهم (إر31: 32). هكذا أخذ الرب يسوع بيد الأعمى وأخرجه (مر8: 23). أَوَ لسنا كذلك بحاجة إلى لمسة شخصية من الأعالي؟

                          يا رب المحبة المبارك، خلال أيامي المُحصاة في الأرض

                          أمسك بيدي

                          حتى تنتهي بي خطوات الاغتراب إلى وطني أخيراً

                          و.ج. هوك
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #28
                            الأحد 28 سبتمبر 2003


                            يسوع مثالنا الأعظم

                            --------------------------------------------------------------------------------

                            ولما مضوا به إلى الموضع الذي يُدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين ... فقال يسوع: يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون(لو23: 33،34)


                            عندما يذكر لنا الوحي اسم "يسوع" يريد أن يذكِّرنا بذلك الإنسان (فيسوع هو اسمه الإنساني). إن ذلك الإنسان "يسوع" كان قد علَّم الناس في بداية خدمته أسمى التعاليم وأرقى المبادئ "أحبوا أعداءكم ... وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم". وطالما نبّه المسيح على ضرورة العمل بكلامه لا الاستماع إليه فقط. لكن السؤال هو: هل عمل يسوع نفسه بهذه التعاليم، أم اكتفى بأن يلقنها لغيره؟ لقد أتى قبل المسيح أولئك الذين جلسوا على كرسي موسى، وكانوا يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم، وكانت خُلاصة مشكلة أولئك المُرائين أنهم "يقولون ولا يفعلون" (مت23: 3). وقبل هؤلاء أيضاً جاء فلاسفة الإغريق، وعلَّموا البشر أيضاً تعاليم أخلاقية راقية، وكانت مشكلتهم أيضاً أنهم يقولون ولا يفعلون، إذ تواجههم كلمة الله بالقول: "لأنك في ما تدين غيرك تحكم على نفسك. لأنك أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور بعينها!" (رو2 :1).

                            حقاً، كم يسهل علينا أن نردد أعظم التعاليم التي لم نختبرها! فهل كان المسيح هكذا؟ كلا ألف مرة! فالمسيح ليس فقط علَّم الحق، بل كان هو نفسه الحق الذي علَّمه. لقد عمِل بما علَّم، وعاش كما قال، وفعل ما نادى به. إنه لم يترك لنا فقط تعاليم إلهية، بل ترك لنا أيضاً مثالاً إلهياً. وتبرهنت بهذه الصلاة كلماته الرائعة التي كان قد قالها سابقاً "أنا من البدء ما أكلمكم أيضاً به" (يو8: 25).

                            يسوع مُصلياً. إنه الإنسان وكلماته إنسانية تماماً، لكن فيها شموخ النُبل الإنساني الذي لم يعرفه أحد قبله.

                            يا للمستوى الراقي، صحيح، لقد صلى إبراهيم خليل الله لأجل أهل سدوم الخطاة، لكنه صلى لأجلهم من أجل لوط ابن أخيه. وصلى موسى كليم الله لأجل الشعب المُخطئ، لكنهم أيضاً شعبه. لكن مَنْ قبل المسيح صلى لأجل أعدائه؟ وإن كان شهداء المسيحية ساروا بعد ذلك على نهج المسيح القدوة، كما فعل مثلاً استفانوس الشهيد (أع7: 59،60)، فإنما يظل المسيح هو الأصل والمصدر، والكل تعلموا منه، كما أنه لم يبلغ أحد القمة نظيره.

                            يوسف رياض
                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق


                            • #29
                              الاثنين 29 سبتمبر 2003


                              خوذة الخلاص

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تُطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص...(أف6: 16، 17)


                              في ترس الإيمان نرى الثقة الكاملة للنفس المؤمنة في الله كما هو في ذاته ـ في طبيعته غير المتغيرة. أما خوذة الخلاص ففيها نرى ما فعله الله لأجلنا. هذا العمل الذي عندما تعرفه النفس وتتمتع به، تصبح واثقة تماماً من النتائج المترتبة عليه، والتي ستتحقق في القريب العاجل. كما تشعر النفس بالحرية في ميدان المعركة وتسير في طريقها دون أدنى خوف ويمكنها أن تفكر في الآخرين الذين يسعى عدو الخير لهلاكهم. إنها تختبر القوة والفرح اللذين في كلمات المرنم الجميلة "ظللت رأسي في يوم القتال" (مز140: 7). قد يثور العدو ضد المؤمن ولكنه لا يستطيع أن يخترق تلك الخوذة المنيعة الصلبة ـ خوذة الخلاص. إن خلاص الله خوذة فوق الرأس وضعها الله بنفسه، تجعل القلب ثابتاً جريئاً بدون خوف أمام العدو.

                              ويمكننا أن نجد توضيحاً جميلاً لخوذة الخلاص في حالة بولس في أعمال26 حيث نراه بعد أن قضى فترة في السجن محروماً من الخدمة التي أحبها وعاش فيها، لا يزال يذكر بفرح اللحظة الأولى لاهتدائه وتغيره. فعندما وقف مقيداً بالسلاسل أمام فستوس والملك أغريباس وبرنيكي، كشف لهم بكل جرأة ودون تردد قصة خلاصه وإرسالية خدمته. إن هذا الفريسي المتعصب الذي كان من جهة البر الذي في الناموس بلا لوم، والذي عاش بضمير صالح بينما كان يصنع أموراً كثيرة مضادة لاسم المسيح الناصري ـ هذا المُضطهد القاسي لكنيسة الله، وقف هناك مستحوذاً على انتباه الحاكم الروماني بكلماته الملتهبة الموجهة للملك (أع26: 24-29). ووقف ذلك الشاهد الأمين؛ بولس، يشهد لقوة الخلاص الذي به ظلل الله رأسه.

                              إن قيود ذلك السجين لم تستطع أن تضعف من الفرح السماوي الذي ملأ قلبه، فهو بقلب طليق لابساً خوذة الخلاص على جبهته استطاع أن يفكر في بركة الآخرين وخلاصهم، وليس في الخلاص من قيوده. وهو لم يرغب فقط في أن يكونوا مسيحيين كما ظن الملك أغريباس (ع28 )، لكنه رغب أيضاً أن يصيروا هكذا كما هو، أي يكون لهم نفس الفرح العميق الذي ملأ قلبه، ونفس الخلاص الذي حصل عليه "ما خلا هذه القيود".

                              ف.ج. باترس
                              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                              تعليق


                              • #30
                                الثلاثاء 30 سبتمبر 2003


                                الله صاحب السلطان

                                --------------------------------------------------------------------------------

                                فقال الرب للشيطان هوذا كل ما له في يدك وإنما إليه لا تمد يدك.... فقال الرب للشيطان ها هو في يدك ولكن احفظ نفسه(أي1: 12؛ 2: 6)


                                الإيمان يفهم جيداً أن الأحداث التي يضعها الشيطان، لا بد أولاً أن يَمثُل بها أمام الله لكي يحصل منه على تصريح بها، وإذا لم يحصل على هذا التصريح من الله يستحيل عليه البتة أن ينجز شيئاً منها. والمؤمن يعرف جيداً أن الله، قبل أن يعطي مثل هذا التصريح للشيطان، لا بد أن يجري تعديلاته ويضع لمساته الشخصية على الحَدَث، ذلك لكي لا يفعل بالمؤمن بعد وصوله إليه أكثر أو أقل مما حددته حكمة الحكيم وحده. نعم قد يحدث وتصيب البلوى واحداً من أولاد الله، وعندما يفحص المؤمن هذه البلوى لا يجدها تحمل توقيع الله، لكنه إذ يفحص جواز مرورها يجده موقَّعاً منه. وعندئذ يقبلها على أنها من الرب بغض النظر عن مكان أو مصدر صنعها. نعم بلوانا لا تصنعها السماء لنا، لكن جواز مرورها يحمل توقيع السماء.

                                هذا ما حدث مع أيوب، فالبلوى قبل أن تصل إليه مَثَلت هي وصانعها أمام إله أيوب طالبة منه الإذن والتصريح، ولم تحصل على هذا الإذن من ملك الدهور إلا بعد أن حدد هو شكلها وحجمها وأبعادها بدقة. ذلك لكي لا تفعل بأيوب أي شيء غير الذي يريده إلهه. ولقد فهم أيوب بسهولة هذا على الرغم من قسوة التجربة وصعوبة البلوى. ففي أول رَّد فعل له خرَّ على الأرض وسجد وقال "عرياناً خرجت من بطن أمي، وعرياناً أعود إلى هناك، الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركاً" (أي1: 21).

                                لاحظ أنه نسب العطاء للرب ونسب الأخذ أيضاً للرب، مع أنه من الواضح جداً أن الشيطان هو الذي أخذ، إلا أن أيوب فهم بالإيمان أن البلوى مَثَلت أمام الله قبل وصولها إليه لتستأذنه، وطالما أنها وصلت، فهذا يعني أن الرب يريد ذلك، وعليه فليس السبئيون ولا الكلدانيون، لا النار ولا الريح ولا حتى الشيطان، بل الله هو الذي أخذ. وعندما وبَّخ امرأته لسبب جهلها أفهمها أنه يقبل هذا الشر خاضعاً، لا على أنه من يد الشيطان، بل من يد الرب، فيقول لها "أ الخير نقبل من عند الرب والشر لا نقبل؟". وحتى اخوته وأخواته عندما أتوا ليعزّوه بعدما ردّ الرب سبيه، يقول الكتاب عنهم إنهم رثوا له وعزوه عن كل الشر الذي جلبه الرب عليه (أي42: 11)، ولم يَقُل الشر الذي جلبه عليه الشيطان!


                                ماهر صموئيل
                                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                                تعليق

                                من قاموا بقراءة الموضوع

                                تقليص

                                الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                  معلومات المنتدى

                                  تقليص

                                  من يتصفحون هذا الموضوع

                                  يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                    يعمل...
                                    X