إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

    الثلاثاء 16 فبراير 2010

    وجهًا لوجه سنراه!


    وهم سينظرون وجهه واسمه على جباههم ( رؤ 22: 4 )

    بعد قليل جدًا سنكون مع المسيح ومثله في مجده الموهوب له. ويا له من فرح عميق سامٍ يملأ قلوبنا عندما نرى حبيبنا مُكللاً بالمجد والكرامة من أجل أنه احتمل الخَجل والموت! بل يا له من سرور يُشرق في وجوهنا عندما تحدّق أبصارنا فيه هناك! ستتثبت فيه كل عين، وينسبي كل قلب بمجده وجماله. وهذا الفكر، بأننا ما وصلنا إلى هناك إلا بسبب آلامه وخجله وعاره، سيشد أوتار قلوبنا لكي تعزف عليها أشجى الألحان وأرخم النَغم وأعلاها.

    فلنا الوعد الكريم بمجيئه ( يو 14: 2 ، 3)، ولنا أيضًا الصلاة العظيمة التي رفعها إلى الآب ( يو 17: 24 ) وكلاهما يُظهر ما في قلبه من نحونا. فسبيلنا إذًا أن نستيقظ ونسهر، ونشتاق لمجيئه، ونحِّن لرؤياه، ونتوق للقائه. وهو لم يعيّن يومًا ولا ساعة، وغرضه أن نعبر الطريق منتظرين. فلا يليق بنا أن ننتظر صعابًا وتجارب وأهوالاً، ولا ننتظر الموت، ولكن ننتظره، ننتظر الرب نفسه، إذ لنا الوعد الكريم «آتي أيضًا وآخذكم إليَّ». فلا يليق أن يوجد بين قلوب التلاميذ ورجوع الرب شيء. هو آتٍ إلينا. وينبغي أن يكون هذا هو غرض ورجاء شعبه الخاص، نظير المؤمنين في تسالونيكي، إذ رجعوا إلى الله من الأوثان، ليعبدوا الله الحي الحقيقي، وينتظروا ابنه من السماء. فالأشواق تقود المؤمنين أن يصلّوا قائلين: «آمين، تعال أيها الرب يسوع».

    حتى متى يا ربنا نَبقى هنا بالانتظارْ
    فيا دقائقُ اعبُري وَقرِّبي ذاكَ النهارْ

    وفي رؤيا 4 نرى الوعد وقد تم، والصلاة أُجيبت، والأشواق شبعت، والإيمان الذي تمسك بهذا الوعد قد تحقق. ونرى مفديي الرب حول العرش جالسين على عروش، ولابسين أكاليل، ساجدين عابدين. ومع أنه يخرج من العرش بروق ورعود وأصوات، ولكن لم تضطرب قلوبهم، ولم تنزعج حاسياتهم. ولماذا؟ لأنهم في البيت في اطمئنان مع المسيح الذي حضوره جعل السماء بيتًا لهم. فالوعد قد تم، وفاز الرب بمَن هم موضوع محبة قلبه. فقبل فك أي ختم، وقبل الضرب بأي بوق، وقبل انسكاب أي جام، ستُخطف الكنيسة من ههنا، سيأتي الرب بنفسه ويأخذها إليه إلى بيت الآب في الأعالي. فهي في أمان داخل الحجاب.

    داربي
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #17
      رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

      الأربعاء 17 فبراير 2010

      اخرج من سفينتي يا رب!

      أمسكوا سمكًا كثيرًا جدًا ... فلما رأى سمعان بطرس ذلك خرَّ عند ركبتي يسوع قائلاً: اخرُج من سفينتي يا رب، لأني رجلٌ خاطئ ( لو 5: 6 - 8)

      وجد بطرس نفسه في نور المحضر الإلهي الذي فيه فقط يمكن رؤية النفس على حقيقتها، والحكم عليها. قد سمع سمعان أقوال الرب يسوع إلى الجمع الذي كان محتشدًا على الشاطئ، وقد شعر بالجمال الأدبي والنعمة الحلوة التي أظهرها الرب يسوع من نحوه عندما طلب السفينة منه، وها هو قد شاهد ظهور القوة الإلهية في أعجوبة السمك المُدهشة. كل هذا قد أثرّ تأثيرًا قويًا في قلب سمعان وضميره، وجعله يخرّ على وجهه أمام الرب. هذا هو العمل الذي هو بحق عمل نعمة الله في القلب، فنرى سمعان في مكان الحكم الحقيقي على الذات ـ المكان المبارك ـ المكان الذي يجب على الجميع أن يبدأوا منه إذا كانت عندهم الرغبة في أن يكونوا نافعين في عمل الرب، أو إذا كانوا يودّون أن يُظهروا ثباتًا وصبرًا في طريق الحياة المسيحية. إننا لا يمكن أن ننتظر أي نجاح وقوة حقيقية ما لم يكن هناك عمل في الضمير بواسطة الروح القدس. فالأشخاص الذين ينتقلون بسرعة إلى ما يسمّونه سلامًا، هم مُعرَّضون للخروج منه بنفس السرعة. فمن المهم جدًا أن نأتي بأنفسنا في نور حضرة الله ونفتح عيوننا لنرى حقيقة تاريخنا الماضي، وحالتنا الحاضرة، ومصيرنا في المستقبل. هذا ما حدث مع سمعان بطرس، ومع كل الذين وصلتهم المعرفة عن المسيح المخلِّص. تأمل مثلاً في كلمات إشعياء عندما رأى نفسه في نور الحضرة الإلهية: «ويلٌ لي! إني هلكت، لأني إنسانٌ نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعبٍ نجس الشفتين، لأن عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود» ( إش 6: 5 ). وأيضًا ما قاله أيوب: «بسمع الأذن قد سمعت عنك، والآن رأتك عيني. لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد» ( أي 42: 5 ، 6). هذه الكلمات الجليلة تدل دلالة واضحة على عمل حقيقي في نفس كلٍ من إشعياء وأيوب، والحال كان بعينه مع الرسول بطرس عندما صرخ من أعماق قلبه «اخرُج من سفينتي يا رب، لأني رجلٌ خاطئ!».

      نعم. إذا كان سمعان سيُدعى فيما بعد صفا (أي حجر) فكان يلزمه أن ينكسر كسرًا، ويعرف حالته تمامًا. وإذا كان سيُدعى لصيد الناس، كان يلزمه أن يعلم حقيقة الإنسان. وإذا كان سيُعلِم الآخرين أن «كل جسدٍ كعشبٍ» ( 1بط 1: 24 )، كان عليه أن يتعلم تطبيق هذا المبدأ على نفسه أولاً.

      ماكنتوش
      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

      تعليق


      • #18
        رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

        الخميس 18 فبراير 2010

        لوط وإبراهيم


        فرفع لوطٌ عينيه ورأى كل دائرة الأردن أن جميعها سقيٌ... فاختار لوطٌ لنفسه كل دائرة الأردن... ونقل خيامه إلى سدوم ( تك 13: 10 - 12)

        إن ثياب إبراهيم تدنست ولبس أحيانًا ثوبًا مختلطًا ( تث 22: 11 )، لكنه تنظف من لوثته وخلع ثيابه. أما لوط فلم يعمل ذلك، لأنه كان خائنًا لدعوة الله، استوطن حيثما كان يجب أن يكون غريبًا، واختار أرض السقي، واختار بيته في مدينة، بينما كان الله يرى إبراهيم يجول من مكان لآخر، ومن خيمة إلى خيمة، ومن مسكن إلى مسكن، وما أقل السواد الذي عَلا صحيفته البيضاء.

        كان لوط رجل المبادئ المختلطة كل أيامه، أما إبراهيم فكان مُخلصًا لدعوة الله. لوط ساقته مبادئه الكاذبة إلى الخجل والبؤس والشقاء، قد أُخذ أسيرًا من بلدته وكان على حافة الهلاك، لولا أن إبراهيم أنقذه، وهذا ما نراه في الكنيسة، فكم من شاهد قام فيها فنجّاها، ولكنها نظير لوط الذي خلُص كما بنار بادت التعزية من نفسه البارة وحل العذاب مكانها. فأين بهجة الأفراح في لوط؟ وأين الوجه المُنير وأين الفرح؟ بل أين القوة وأين النُصرة؟ بل أين الظَفَر؟ أين هتاف الروح؟ بل تهليل العواطف؟ مسكين لوط وأي مسكين!! قصدته الملائكة تُقدم رِجلاً وتؤخر أخرى نافرين منه، بينما كان ربهم وسيدهم في لذيذ الحديث مع إبراهيم، والألفة والدالة مع عمه.

        كان يكفي لوط أن ينجو بحياته غنيمة، بينما كان إبراهيم ماكثًا في الأعالي يرى من هناك سقوط الدينونة ووقوعها. أ ليس في هذا معنى لنا؟ ألا نقرأ فيه درسًا؟ ألا نأخذ لنا منه تعليمًا؟ فبعد أن اتخذ لوط مَسلَكه وتشرَّبت روحه من المبادئ المختلطة، أصبح حائدًا ضالاً عن سبيل دعوة الله التي لو أطاعها لحفظته؛ فاقدًا الشركة بينه وبين إبراهيم، ذلك البطل الذي يركض لمعونة أخيه في يوم بؤسه؛ أخيه الذي استُهدف للخطر من جراء مبادئه الفاسدة، دون أن تكون شركة بينهما أو تتلاقى أرواحهما. قديس الله يعترف به كقريبه ويعمل له عمل الوالي، ولكن لا شركة ولا عِشرة، وهذا هو الجاري في يومنا. هكذا كان لوط، فلم يجعل دعوته واختياره ثابتين، وما كان لشعب الله أن يعتقد في صحة إيمانه لولا شهادة الروح القدس غير العادية عنه ( 2بط 2: 6 - 9).

        طوبى لمَن يخشى العلي ربَ السماءِ البارْ
        ولا يكونُ تابعًا مشورةَ الأشرارْ
        يَلهَجُ في قولِ العَلي في الليلِ والنهارْ
        يكونُ مِثلَ شَجَرٍ بجانِبِ الأنهارْ

        بللت
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #19
          رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

          الجمعة 19 فبراير 2010

          لا تفشل أبدًا!


          المحبة لا تسقط أبدًا ( 1كو 13: 8 )

          المحبة، تلك الكلمة الرائعة والتي تبعث في النفس أجمل المشاعر، هي في نوعها الإلهي، ومصدرها السماوي، ومفعولها الروحي لا تفشل أبدًا.

          1ـ لا تفشل في اتجاهها: فالمحبة الإلهية إلى جميع الناس من كل الأجناس «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد» ( يو 3: 16 ). تتجه نحو الفاجر وتتجه نحو المتدين المستقيم، فكما أنه لا فرق فالجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله ( رو 3: 12 ، 13)، هكذا أيضًا محبة الله ونعمته اتجهت إلى الجميع دون تفرقة ( رو 10: 12 ، 13)، ”ولم تفشل أبدًا“.

          2ـ لا تفشل في بحثها: لاستعادة خروف واحد ضل ( لو 15: 4 - 7). وسواء كانت محاولات المحبة مع خاطئ ضال كأنسيمس، أو مع مؤمن تاه كنُعمي، سواء كانت معاملات اللطف أو الإمهال، أو الشدة والتحذير، فهي ”لا تفشل أبدًا“.

          3ـ لا تفشل في تأثيرها: وعندما تلمس هذه المحبة القلب، فهي ”لا تفشل أبدًا“ في مفعولها المُبدل للحال، والمُصحح للمسار، والمُغير للمصير. إنها لم تفشل في التأثير على أول الخطاة ( 1تي 1: 15 لو 22: 61 )، ولم تفشل في التأثير على أفشل تلميذ، إذ ردّ الرب نفس بطرس (لو22: 61).

          4ـ لا تفشل في توقيتها: فهي من حيث لمستها ”لا تتأخر أبدًا“. فحتى آخر لحظة، أظهر الرب يسوع ليهوذا الإسخريوطي المحبة عندما غمس اللقمة في الصحفَة وأعطاه إياها بيده الكريمة علامة مؤثرة على المحبة في عشاء الفصح الأخير ( يو 13: 21 - 27). وكأني بها طوق النجاة الأخير يلقي به المسيح في وجه الغارق في خيانته لسيده، بعد أن أكد له بأنه الوحيد بين كل الجالسين، العارف لحقيقة نفسه، والمُدرك لخفايا قلبه.

          5 ـ لا تفشل في دوامها: كل شيء يتغير وقريبًا سينتهي، إلا المحبة، والمحبة وحدها هي التي «لا تسقط أبدًا» فلا سبب يقدر أن يخمدها، لا في إنسان، ولا في شيطان، ولا في ظروف. ولا مؤثر يقدر أن يقلل من تأثيرها؛ لا زمان، ولا مكان، إنها باقية بقاء الله مصدرها، والمسيح ـ المحبة المتجسدة ـ مُعلنها، إلى أبد الآبدين.

          القارئ العزيز .. هل تمتعت بهذه المحبة؟ وهل شبعت بها إلى الدرجة التي جعلتك تفيض حبًا لكل مَن هم حولك دون تفرقة؟ وهل تثق في نوعيتها الفائقة وكفايتها المُطلقة لك، حال كونها ”لا تفشل أبدًا“؟

          إسحق إيليا
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #20
            رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

            السبت 20 فبراير 2010

            السجود والختان


            لأننا نحن الختان الذين نعبد الله بالروح، ونفتخر في المسيح يسوع، ولا نتكل على الجسد ( في 3: 3 )

            قبل أن يُقدم إبراهيم سجوده المقبول لله ( تك 18: 2 تك 17: 9 )، كان الرب قد أعطاه أولاً عهد الختان (تك17: 9- 14). وما معنى هذه العملية؟ معناها وضع حكم الموت على الإنسان في الجسد، معناها موت الجسد قدام الله، والكف عن العمل بموجب استحسانات ومتطلبات الطبيعة البشرية.

            وهكذا كان الختان «خَتْمًا» لبر الإيمان لإبراهيم ( رو 4: 11 )، أما الختم الموضوع على المؤمن الآن فليس مجرد علامة خارجية في الجسد، بل «روح الله القدوس الذي به خُتمتم ليوم الفداء» ( أف 4: 30 ). والختان الحقيقي هو «ختان القلب بالروح ... الذي مَدحه ليس من الناس بل من الله» ( رو 2: 28 ، 29).

            وفي فيلبي3: 3 يعرض الرسول بولس ثلاث خصائص للذين يشكّلون الختان الحقيقي.

            (1) «نعبد الله بالروح» أو ”نسجد بروح الله“: والسجود بالروح ليس هو عبادة تقوم على النطق بعبارات مخصوصة أو تكرار طقوس معينة، فهي ليست شكلية ولا جسدية، فالسجود الحقيقي يفيض من ذاته في القلب، من التأمل البهيج في المسيح، حين يأخذ الروح القدس مما له ويُخبرنا، فتنشغل قلوبنا بشخصه، وتفيض منها ينابيع المدح والتسبيح. وهكذا فإن سجودنا يتأثر إلى حد كبير بما يُحزن الروح القدس من سلوك مُستهتر غير مدقق ( أف 4: 30 )، أو بما يُطفئ الروح القدس من سلوك بحسب النظام والاستحسان البشري ( 1تس 5: 19 ).

            (2) «ونفتخر في المسيح يسوع» أي أن لنا غرض السجود الروحي، المسيح يسوع: إن الختان الحقيقي يفتخرون في المسيح يسوع، فهو وحده محط اعتزازهم. إنهم لا يتباهون بإنجازاتهم الشخصية، ولا بخلفيتهم الثقافية، ولا بأمانتهم في حفظ الفرائض والطقوس الدينية ( في 3: 4 -11)، إنهم لا يفتخرون إلا بشخص الرب يسوع المجيد.

            (3) «لا نتكل على الجسد» أي أننا لا ننسى أن فينا عائقًا يعوق عبادتنا بالروح والحق، أعني به الجسد الذي هو ضد الروح القدس ( غل 5: 17 ). ورائحة الموت الكريهة تنبعث من كل ما يصدر عن الإنسان الطبيعي، وهكذا يجب أن نتخلى عن كل ثقة في الذات والجسد حتى لا يُعاق قبول سجودنا.

            فايز فؤاد
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #21
              رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

              الأحد 21 فبراير 2010

              يسوع الفريد

              كله مشتهيات (أو كله جميل) ( نش 5: 16 )

              كان المسيح جميلاً في اتضاعه. لقد كان هو الوحيد الذي له حق اختيار كيف وأين يُولد في هذا العالم، ولكنه اختار أن يولد بين الفقراء. وكم كان وديعًا ومتواضعًا! قال:«أنا بينكم كالذي يخدم». وقد غسل أرجل تلاميذه، وإذ شُتم لم يشتم عوضًا. كان كشاةٍ تُساق إلى الذبح وكنعجةٍ صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه.

              ولكن جماله يبدو أروع ما يكون في طريقه مع الخطاة. كم هو لطيف، ولكن كم هو أمين في الوقت نفسه! أتى إليه نيقوديموس الرئيس المُعتد بمركزه، ولكنه لم يخرج من لدُنه إلا وقد عرف جهله بأول خطوة في طريق الملكوت، على أنه لم يسمع كلمة قاسية ولا لفظًا جارحًا.

              اتبعوه إلى بئر يعقوب في وقت الظهيرة، واسمعوا حديثه مع المرأة السامرية، كيف شرح لها أعمق الحقائق بكل أناة، وكيف قادها بكل لطف وبكل محبة إلى اكتشاف داء الخطية الذي دمّر نفسها!

              وفي غمرة آلامه على الصليب، استطاع أن يسمع استغاثة اللص الملهوف، وكما يرجع القواد الظافرون من حروبهم في البلاد البعيدة ومعهم أشهر أسراهم، اكتفى الرب يسوع بأن يرجع إلى السماء ومعه نفس لص قاتل.

              نعم «كله مشتهيات». فكل عناصر الأخلاق الكاملة كانت فيه منسجمة في توازن جميل. فلُطفه لم يخالطه ضعف، وشجاعته لم تمتزج بالقسوة. تأملوه أمام رئيس الكهنة وأمام بيلاطس وأمام هيرودس. انظروا إليه مُكللاً بالشوك ومضروبًا على الوجه ومجلودًا ومُحتقرًا، وهو في كل ذلك لا يفقد هيبته وجلاله.

              وإني أسأل الخطاة الذين لم يخلصوا للآن، أن يتبعوه إلى ما هو أبعد من هذا، إلى هناك خارج أبواب أورشليم، وينظرونه مُسمرًا على الصليب، ويسمعونه يطلب من الآب الغفران لقاتليه، ويقول: «قد أُكمل». وما معنى كل هذا؟ إنه «حَمَل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة» ( 1بط 2: 24 ). ومَن يؤمن به له حياة أبدية.

              إنه مخلِّصي وحبيبي، وحقًا «كله مشتهيات»!

              فهل تقبله أنت مخلِّصًا وحبيبًا لك؟

              ومُعلَمٌ في رِبوةٍ وفيهِ أعجبُ الصِفاتْ
              وَحلقُهُ حلاوةٌ وكلُهُ مشتهياتْ

              سكوفيلد
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #22
                رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

                الاثنين 22 فبراير 2010

                تكلفة الخدمة

                نحن جهَّال من أجل المسيح .. ضعفاء .. بلا كرامة! .. نجوع ونعطش ونعرَى ونُلكم وليس لنا إقامة .. نُشتم .. نُضطهد .. يُفترى علينا.. صرنا كأقذار العالم ووسخ كل شيء ( 1كو 4: 10 - 13)

                في 1كورنثوس4، الأصحاح الذي يُفتتح بالقول: «فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح»، أراد بولس أن يقدم أوراق اعتماد خدمته للكورنثيين، الذين انصاعوا لحملة التشكيك في رسوليته وصِدق خدمته. وبدلاً من أن يبيِّن نقاط تميزه ومواهبه المتعددة، ودعوته المُميَّزة، والكثير من امتيازاته التي يعوَّل عليها، إذ به يقدم لهم كشف تكاليف. إنه يدلل على صحة خدمته بحجم ما تكلف فيها!! فماذا عن خدمتنا إن قسناها بهذا المقياس؟!

                وقبل أن نبدأ في الحديث عن تكاليفه، يجدر بنا أن نذكر أننا نتكلم عن «رسول»، بكل ما تحويه الكلمة من كرامة واجبة، وفي الوقت ذاته هو صاحب امتيازات دينية وعائلية وأدبية ليست بقليلة ( في 3: 4 - 8؛ أع21: 39..)، وهذا سيضفي بُعدًا أعمق للتكلفة.

                أول كُلفة في طريق الخدمة نراها في قول بولس: «نحن جهَّال من أجل المسيح .. ضعفاء .. بلا كرامة! .. نُشتم .. نُضطهد .. يُفترى علينا.. صِِرنا كأقذار العالم ووسخ كل شيء». باختصار، في سبيل الخدمة هناك تنازل عن الكرامة الشخصية، والحقوق المشروعة، والاحترام الواجب، وكم بالأحرى الرغبات التي ينشئها الجسد، من تمحور حول الذات، وحب للظهور، ورغبة في الانتقام، وغيرها من نواتجه الفاسدة. فهل نحن على استعداد لتحمل مثل هذه التكلفة؟! كم عطلتنا كبرياؤنا عن الكثير من الإثمار لمجد الله؟! وفي مقابل عدم المساس بكرامتنا وافتخاراتنا، كم أَضعنا من نفوس، وعثَّرنا آخرين، وكدَّرنا صفو الوئام بين جماعة القديسين؛ وبقينا في الوقت ذاته معدودين من الخادمين؟!

                ثم يكمل بولس: «نجوع ونعطش ونَعْرَى ونُلكم وليس لنا إقامة». لقد كان على استعداد أن يتنازل، في سبيل خدمته، عن أبسط حقوقه، بل أبسط مقومات الحياة الطبيعية: الأكل، والشرب، والملبَس، ومحل الإقامة. ويا له من امتحان!! هل نحن على استعداد أن نضحي، ولو بجزء فقط، من احتياجاتنا الضرورية لأجل عمل الرب؟ هل نقبل احتمال، لا أقول العطش، بل ظروف إقامة صعبة مثلاً في مكان الخدمة؟ هل يمكن أن يتم فينا القول: «لم تتيسَّر لهم فرصة للأكل»، حتى نوفر الوقت لخدمة السيد؟ هل نحن على استعداد، لا أن نعْرَى، بل أن نعطي الثوب الثاني من أجل مجد الله ( لو 3: 11 )؟ وهل نتخلى عن ”دائرة الراحة“ ونتعب عاملين بالمحبة؟!
                عصام خليل
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #23
                  رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

                  الثلاثاء 23 فبراير 2010

                  بائسٌ ومسكينٌ


                  وأبقي في وسطك شعبًا بائسًا ومسكينًا فيتوكلون على اسم الرب ( صف 3: 12 )

                  عزيزي، ربما عندما تقرأ هذا العنوان، تتساءل متأوهًا أو حتى متنهدًا: ”ولماذا يسمح الله بالبؤس والمسكنة؟“ وأقول لك ”متأوهًا ومتنهدًا“، مستخدمًا لغة كتابية: لنعرف أن الله الذي نتعامل معه، يُقدِّر تعبيراتنا الخارجية التي تدل على آلامنا الداخلية ويعرف كيف يعالجنا. فهوذا داود يعبِّر عما كان يجيش بصدره من أحزان قائلاً: «يا رب أمامك كل تأوُّهي وتنهدي ليس بمستورٍ عنك» (مزمور 38: 9). وهوذا المُختبرون يخاطبون الله قائلين: «تأوُّه الودعاء قد سمعتَ يا رب. تثبِّت قلوبهم. تُميلُ أُذُنَك» (مزمور10: 17). ولكننا نعود فنتساءل: ”لماذا البؤس والمسكنة؟“ إن الإجابة واضحة وضوح الشمس من الآية موضوع تأملنا: «فيتوكلون على اسم الرب».

                  وأوَدُ يا قارئي أن تأخذ في الاعتبار، أن نبوة صفنيا كُتِبت قبل السبي البابلي، وموضوعها هو يوم الرب، وفيها نقرأ عن القضاء الذي كان وشيكًا أن ينصَّب على أورشليم آن السبي، وعلى أورشليم أيضًا والشعوب الأممية، التي أظهرت عداوة للرب ولشعبه، مستقبلاً في يوم الرب، ثم نقرأ عن الوعود والبركات المستقبلية التي للبقية الأمينة من شعب الرب.

                  لكن هذه الآية موضوع تأملنا، أَ هي لغة الوعد، أم الوعيد؟ أ تُعَّد ضمن مناظر القضاء، أم مناظر البركة المستقبلية؟ أؤكد لك يا عزيزي أنها لغة الوعد والبركة، لا لغة التهديد والوعيد، فكوننا نصل إلى حالة البؤس والمسكنة، فنتعلم كيف نتكل على الرب، فهذا منهاج وسبيل المُطمئنين الذين في مسكَنتهم يهتفون: «… إليك يُسلِّم المسكين أمره. أنت صرت معين اليتيم» (مزمور 10: 14)، إن هذه الصفات، أقصد البؤس والمسكنة، اتصف بها سيدنا المعبود في اتضاع ناسوتهِ. أ لَم يُكتَب عن لسانه بالنبوة: «أما أنا فمسكين وبائس، الرب يهتم بي، عوني ومنقذي أنت يا إلهي لا تُبطئ» (مزمور 40: 17)؟ أوََ لم يكن لسان حاله هو أيضًا كالإنسان: «وأيضًا أنا أكون متوكلاً عليه» ( عب 2: 13 )؟ فنحن «نُحسَبُ مستأهلين» أن نوصف بعين ما اتصف به السيد.

                  فليتنا نرتضي ما يسمح لنا به الرب من بؤسٍ ومسكنةٍ، فنتعلَّم كيف نتكل عليه والوعد يملأ قلوبنا: «البائسون والمساكين طالبون ماءً ولا يوجد لهم. لسانهم من العطش قد يبس. أنا الرب أستجيب لهم، أنا إله إسرائيل لا أتركهم» (إشعياء 41: 17).

                  بطرس نبيل
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #24
                    رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

                    الأربعاء 24 فبراير 2010

                    مجيئان

                    الرب قد مَلَك .. قدامه تذهب نارٌ وتحرق أعداءه حوله. أضاءت بروقه المسكونة. رأت الأرض وارتعدت. ذابت الجبال مثل الشمع قدام الرب ( مز 97: 1 - 5)

                    عزيزي القارئ: لقد أتى المسيح مرة من ألفي عام، وصنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا ( عب 1: 3 )، وبناء عليه أمكن للمبشرين أن يتجهوا بالأخبار السارة لكل ربوع الأرض. فلقد أكمل المسيح العمل ( يو 19: 30 )، وكل المطلوب منك أن تأتي كما أنت، فتنال عطية الغفران والحياة الأبدية. يقول الوحي الكريم: «كل مَن يدعو باسم الرب يخلُص» ( رو 10: 13 ).

                    على أن القصة لم تنتهِ عند هذا الحد. فسيأتي الرب عن قريب مرة ثانية. وسيكون الأمر مختلفًا تمامًا في هذا المجيء الثاني.

                    لقد أتى مرة متضعًا ليتألم ويموت، وسيأتي ثانيةً بقوة ومجد كثير ( مت 24: 30 ). في مجيئه الأول حمل مبذر الزرع وذهب ذهابًا بالبكاء، وفي مجيئه الثاني سيحمل حزمه ويمتلئ فمه بالترنم ( مز 126: 6 )! .. في مجيئه الأول وضع نفسه وأطاع ( في 2: 8 )، وُضِعَ قليلاً عن الملائكة ( عب 2: 9 )، وفي مجيئه الثاني سيأتي في مجده وجميع الملائكة القديسين معه ( مت 25: 31 ).

                    إذًا، هو سيأتي المرة الثانية في صورة مختلفة عما رأيناه عليها في المرة الأولى. فلن يأتي في ضعف بل في قوة، لا في صمت بل في هتاف، لا ليتألم بل ليملك، لا ليخلِّص بل ليدين!

                    نعم لا بد أن يجيء المسيح مرة ثانية كما أتى المرة الأولى. إن ذاك الذي أتى في المرة الأولى ليموت نيابة عن الخطاة الذين أحبهم، سيأتي في المرة الثانية ليدين الخطاة الذين رفضوه واحتقروه.

                    وأختم حديثي بسؤال: إن كان المسيح سوف يأتي، وسوف يُظهر قوته العظيمة، فما الذي منعه أن يفعل ذلك حتى الآن؟ .. الإجابة: ليس لعدم امتلاكه للقوة، بل ليعطيك فرصة للتوبة.

                    سوف يظهر المسيح من السماء، وسوف ينصهر هذا الكون المادي ويذوب! يعلن لنا الوحي المقدس أن يوم ظهور المسيح ستذوب الجبال مثل الشمع ( مز 97: 5 )! لكن الأخطر من ذلك أنه في ذلك اليوم سيذوب لحم الأشرار، وتذوب عيونهم في أوقابها، وسيذوب لسانهم في فمهم ( زك 14: 12 )! ساعتها لن تفيدك التوبة، سيكون الوقت قد فات. وسيمضي الرافضون وغير المؤمنين إلى عذاب أبدي «ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين» ( رؤ 14: 11 ). ليتك تسرع بالتوبة والإيمان، نحو ذاك الذي أتى من قمة مجده إلى الأرض ليبحث عنك، والذي مات فوق الصليب ليخلِّصك.

                    يوسف رياض
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #25
                      رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

                      الخميس 25 فبراير 2010

                      أبفرودتس أَخي


                      أبفرودتس أَخي، والعامل معي، والمتجند معي، ورسولكم، والخادم لحاجتي ( في 2: 25 )

                      نجد مثالاً رائعًا لروابط المحبة الحقيقية التي ربطت القديسين الأوائل معًا في « أبفرودتس»؛ الأخ الفيلبي، الذي كان مسرورًا أن يقطع رحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر، ليُحضر للرسول بولس، عطايا المحبة من القديسين في فيلبي ( في 2: 25 في 2: 25 ). ولقد قادته تلك الرحلة إلى مُجازفة حقيقية بحياته، وعندما سمع الفيلبيون بمرض رسولهم، كانوا قلقين جدًا وحزانى من أجله. وأبفرودتس ـ من جانبه ـ كان مغمومًا عندما فكَّر في مشغوليتهم من جهته. ولذلك رجع إلى فيلبي حاملاً معه رسالة الرسول بولس الثمينة، وأيضًا مدح الرسول الواضح لأجل خدمته (في2: 25- 30). ويعطيه الرسول خمسة ألقاب مختلفة تتحدث عن نفسها: «أخي، والعامل معي، والمتجند معي، ورسولكم، والخادم لحاجتي». والرسول بولس أعطى لقب «أخ» لأفراد آخرين، لكنه لم يَقُل «أخي» إلا نادرًا.

                      إن ما ذُكر لنا عن أبفرودتس هو توضيح للحق المُعلن في 1كورنثوس12: 25، 26 «...تهتم الأعضاء اهتمامًا واحدًا بعضها لبعض. فإن كان عضوٌ واحدٌ يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضوٌ واحدٌ يُكرَّم، فجميع الأعضاء تفرح معه».

                      إن أبفرودتس هو مَنْ ينقل العطايا والفرح ( في 2: 28 ، 29؛ 4: 18). وقد طلب منه بولس العودة إلى فيلبي. وبالرغم من مخاطر الطريق، كان أبفرودتس دائمًا مستعدًا ومُتاحًا مثل «الرسول الأمين لمُرسليه» ( أم 25: 13 ).

                      أحبائي .. كم يلزم أن نكِّن كل التقدير لمثل هؤلاء الخدام «فاقبلوه في الرب بكل فرح، وليكن مثله مُكرَّمًا عندكم» ( في 2: 29 ). إنه قارب الموت «من أجل عمل المسيح»، شارك في ذبيحة وخدمة إيمان أهل فيلبي، وسُرَّ بها الرسول وفرح معهم أجمعين ( في 2: 17 ، 18). لم تَعُد الأسفار الطويلة ضرورية في زمننا هذا لنقل عطايا الاجتماعات لخدام الرب العاملين في الحقول البعيدة، لكن إخوتنا القائمين بهذا الأمر يقومون بعمل كبير في المراسلات وتقديم العون والإرشادات المفيدة والبنَّاءة، كما ينتقلون لتلك الأماكن البعيدة ليتفهموا ما هي طبيعة الاحتياجات هناك، وهل توجد عوامل مشجعة أم لا، وكيف استجاب الرب للصلوات المرفوعة لأجلهم ليقوموا بدورهم. ويا لها من خدمات ينبغي أن تُنفذ بكل أمانة ( رو 15: 27 )!

                      جورج أندريه
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #26
                        رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

                        الجمعة 26 فبراير 2010

                        مقاصد الله


                        وكان نعمان رئيس جيش مَلك أرام رجلاً عظيمًا عند سيده مرفوع الوجه، لأنه عن يده أعطى الرب خلاصًا لأرام. وكان الرجل ... أبرص ( 2مل 5: 1 )

                        المألوف أن الرب كان يعطي الخلاص لإسرائيل، أما الآن فلأول مرة نقرأ أنه يعطي خلاصًا لأرام. فذلك الذي كان يتقدم أمام جيش إسرائيل نراه الآن يتقدم جيوش أَرام، وهكذا فإننا نقرأ أن الرب ـ على يد نعمان ـ أعطى خلاصًا لأَرام. هذه هي أول حلقة من سلسلة مقاصد الله المذكورة في هذا التاريخ.

                        ثم مَنْ كان نُعمان؟ كان رجلاً جبار بأس، عظيمًا عند سيده ومرفوع الوجه. فأي شيء في العالم يحتاج إليه بعد ذلك؟ كان له مركز رفيع وكرامة وصيت وغنى وكل ما يمكن للعالم أن يعطي بعد تاج الملوك. ولكن شيئًا واحدًا أعوزه، وهذا ما لا يمكن للعالم أن يمنحه، وهو الصحة. فقد كان أبرص. ولو أنه باع جميع امتيازاته وكل ما يملك، بالثمن الذي يرغبه، لَمَا استطاع أن يشتري الصحة عوضًا عنها. فكانت يد الرب ظاهرة عليه لا ليمنع عنه مُشتاه بل ليمنحه إياه، ولكن قبل منحه كان لا بد لنعمان أن يتنازل ويطلب هذه البركة في الأرض التي انتصر عليها، ومن خادم ذلك الإله الذي ظَفَر (نعمان) على شعبه.

                        ولكن كيف يتسنى له أن يسمع عن النبي الذي يشفيه من برصه؟ وهنا تظهر الحلقة الثالثة من سلسلة مقاصد الله. في الحرب بين أَرام وإسرائيل سُبيت فتاة صغيرة وأُخذت لتخدم امرأة نعمان. بنت إسرائيلية صغيرة مسبية في أرض أَرام، ماذا تستطيع أن تعمل؟ كيف تستطيع أن تؤدي خدمة لله؟ ومَن ذا يميل لسماع صوتها؟ إن عمرها لا يُوجه إليها الالتفات، ومركزها لا يعطي لكلماتها قيمة، وبحسب الظاهر لا يمكن لها أن تعمل عملاً، ولكنها قد عملت ما قدرت عليه، وكان هذا هو كل المطلوب. أخبرت سيدتها أنه يوجد نبي في السامرة، وقد وصلت كلماتها إلى أذني ملك أَرام، فأرسل نُعمان إلى السامرة ليبرأ، بل ليحصل على أكثر مما يطلب كما هو الحال دائمًا عندما يتنازل الرب بنعمته ليعطي. فقد طلب الصحة فحصل على النور. اشتاق إلى الشفاء فنال الحياة، إذ عرف مَن هو الإله الحقيقي، وصار ساجدًا ليهوه.

                        ليستِ الرِّفعَةُ تَحمي من شقا لا ولا الأموالُ كنزًا ذا بَقا
                        في رِضى الرب لَنا كلُّ الغِنى بركاتِ الربِّ عدِّد شاكِرًا

                        كاتب غير معروف
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #27
                          رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

                          السبت 27 فبراير 2010

                          العمل الحَسَن


                          أما يسوع فقال: اتركوها! لماذا تزعجونها؟ قد عملت بي عملاً حسنًا! ... عملت ما عندها ( مر 14: 6 ، 8)

                          بينما كان المسيح متكئًا ساعة العشاء في بيت سمعان الأبرص، جاءت مريم أخت مرثا ومعها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن، وكسرت القارورة وسكبت الطيب على رأسه. ولقد عبَّرت مريم بذلك عن تقديرها للمسيح وعن عواطف محبتها تجاهه، وعن بُعد نظرها الروحي. ولقد أظهرت بذلك معرفة وفهمًا فاق فهم باقي التلاميذ.

                          فبعد أن ربحها المسيح بنعمته وجذَبها بمحبته، جلست عند قدميه لتسمع كلامه. ولقد أنشأت فيها محبة المسيح ونعمته المحبة له، كما أعطى كلامه لها فهمًا روحيًا عميقًا ومتميزًا. ولفرط محبتها للمسيح تمكنت أن تُدرك تزايد عداوة اليهود له، وقدمت بعملها شهادة عن تقديرها وحُبها للمسيح في نفس اللحظة التي عبَّر فيها الناس عن بُغضهم الشديد له. ولقد كشف تكريم مريم للمسيح عما في قلوب البعض من الحاضرين.

                          وفي إنجيل يوحنا12 نرى أن يهوذا كان قائد أولئك الذين وجهوا اللوم لمريم، فما كان ربحًا للمسيح كان خسارة بالنسبة ليهوذا. يستطيع الناس أن يقدّروا الأعمال الصالحة التي تُقدم للناس، ولكنهم لا يرون أية قيمة للأعمال التي لا تستهدف إلا مجد المسيح. وكم يجب علينا أن نحترس من أن ننشغل بالتبشير للخطاة والاهتمام بالقديسين فقط، دون أن نُظهر أي تقدير للسجود لشخص المسيح وحده.

                          ومع أن عمل مريم كان موضوع انتقاد الناس، إلا أنه نال التقدير من الرب إذ شهد بأنها «قد عملت بي عملاً حسنًا!».

                          نقرأ في لوقا10 أن مريم اختارت «النصيب الصالح»، ونرى هنا أنها قد عملت «عملاً حسنًا». النصيب الصالح هو في الجلوس عند قدمي الرب والاستماع لكلامه، والعمل الحسن هو ذلك العمل الذي يستهدف شخصه المبارك. ولم يمتدح الرب العمل الذي قامت به مريم من أجل الدافع المجيد الذي ورائه فقط، ولكن أيضًا لأنها «عملت ما عندها». ونحن لا يجب علينا أن نحجم عن تقديم أية خدمة للرب مهما بَدَت صغيرة ومختفية، إذ أننا كثيرًا ما نسرع إلى الخدمة التي لها طابع ظاهري وفيها تعظيم للذات. ألا يشجعنا هذا المنظر الجميل أن نعمل على قدر ما عندنا مهما كان قليلاً، على شرط أن يكون الدافع لنا هو مجد المسيح!

                          هاملتون سميث
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #28
                            رد: من "طعام وتعزية" - فبراير 2010

                            الأحد 28 فبراير 2010

                            أغوار آلام الجلجثة

                            إلهي، إلهي، لماذا تركتني، بعيدًا عن خلاصي، عن كلام زفيري؟ ( مز 22: 1 )

                            ماذا تعنيه تلك الصرخة القوية التي صدرت، لا من اللّصين عن جانبي الصليب، بل من المسيا المرفوض المُعلَّق بينهما؟ «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟». إن أقسى مرارة في تلك الآلام التي لا مثيل لها، هي هذه: العبد البار المحبوب، متروكًا من إلهه في الوقت الذي فيه مرفوضًا من شعبه، مُستهزأً به من الأمم، مهجورًا من تلاميذه. أي نعم، لماذا ـ بعد أن ظل الرب طوال خطوات طريقه في التجربة والأحزان متمتعًا بضياء وجه الله بلا انقطاع، لماذا يُحجب عنه ذلك الضياء، في الوقت الذي كان فيه أشد حاجة إلى إشراقه وتعزياته؟ لقد كان الرب يعرف السبب جيدًا، ولكنه ترك الجواب للإيمان يستخرجه من قلوب أولئك الذين كانوا أمواتًا ولكنهم استطاعوا الآن بفضل ذلك الذي حَمَلَ هو نفسه خطاياهم في جسده على الخشبة، أن يعترفوا بأنه لم يكن لديهم سوى خطاياهم. حقًا ما كان أعمق إثمنا! ولكن أعمق منه بكثير كانت محبة الله الذي أرسل ابنه فقط كحياة للأموات، بل كفارة لخطايانا مهما كان الثمن. وقد كان الثمن أعظم من أن يُقاس: تعييرات، وازدراء، وضحك، واستهزاء، وسهام سخرية تطعنه من كل جانب، من رجال الدين والسياسة والجندية، بل حتى من ذينك المجرمين المصلوبين، ثيران كثيرة، أقوياء باشان اكتنفته، كلاب وجماعة من الأشرار أحاطت به، آلام بدنية زاده إحساسه بها ولم يخفف وقعها عليه كماله الشخصي، حينما انسكب كالماء وانفصلت كل عظامه، وذاب قلبه كالشمع، ويبست مثل شقفة قوته، ولصق لسانه بحنكه. ولكن ما هذا كله مجتمعًا بالمقابلة مع تركه من إلهه كما أحسّ هو واعترف به تبارك اسمه؟

                            لقد لاقى الكثيرون من قديسيه آلامًا بدنية مُبرحة من الأمم ومن اليهود، وكانوا في ذلك العناء الثقيل مملوئين صبرًا وسرورًا، أما سيدنا فهو وحده الذي يعترف بفمه أن الله تركه، ويعترف بذلك لله في شدة أوجاع الصليب وأهواله العنيفة باعتباره أعمق وأقسى وَبَل جازت فيه نفسه، ويعترف به بصوت عظيم وصرخة داوية حتى يسمعها الأعداء ولو أنهم لم يدركوا من معنى تلك الصرخة وذلك الاعتراف أكثر مما أدركه أحباؤه، إلى أن أوضح الرب المُقام كل شيء، وأيَّدَه بعد ذلك الروح القدس بقوة لسلام المؤمنين والشهادة للجميع.

                            وليم كلي
                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق

                            من قاموا بقراءة الموضوع

                            تقليص

                            الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                              معلومات المنتدى

                              تقليص

                              من يتصفحون هذا الموضوع

                              يوجد حاليا 1 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 1 زائر)

                                يعمل...
                                X