إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

    الخميس 16 سبتمبر 2010

    دعوة صموئيل

    وقبل أن ينطفئ سراج الله، وصموئيل مُضطجع في هيكل الرب ... الرب دعَا صموئيل، فقال: هأنذا ( 1صم 3: 3 ، 4)

    فجأة وبينما الكل نيام ما عدا راعى إسرائيل، تصدر الدعوة في الليل لصموئيل. إن عيني الكاهن الضعيفتين واقتراب سراج الهيكل من الانطفاء، ليسا بلا دلالة، بل تلك كانت الحالة التي اقتضت تدخلاً جديدًا من قِبَل الرب.

    أما بالنسبة لصموئيل فقد كان الصوت شيئًا مسموعًا. وكان في الوقت نفسه صوتًا بشريًا، بحيث حسب الغلام أن عالي هو المتكلم؛ ولثلاث مرات يتكلَّم، لأنه لم يكن قد تعلـَّم بعد كيف يُميِّز صوت الرب. أما عالي الكاهن فقد فهم في المرة الثالثة أن الرب هو المتكلِّم، قبل أن يبلِّغه صموئيل فحوى الرسالة. ولو أن قلبه، على ما يبدو، كان يتكهن بها.

    على أن هذا الصوت الإلهي البشري ما أعذبه! وفي جميع التدابير على مداها هو أبدًا عذب. نعم، وحلو كذلك حين يدعو إنسانًا باسمه، لأنه يعرف خرافه الخاصة بأسماء. ولكن ألا يحدث أننا نحن، نظير صموئيل هنا، قد نخطئ الصوت الإلهي لأنه بشري، ونحسبه بعيدًا ونخطئه لأنه قريب!

    وماذا كان كلام الرب مع صموئيل؟ لقد أكد من جديد القضاء السابق إعلانه على بيت عالي. وما جدوى هذا التكرار؟ أ لم يكتفِ الله بمرة واحدة؟ يمكن أن نفهم أن تكراره يعني انتظار الله للتوبة من جانب الإنسان حتى بعد صدور القضاء. لكن عالي، مع أنه خضع، لكنه لم يتحول إلى الرب نادمًا. فقد تبلَّد إحساسه الروحي بحيث لم يقدر أن يُميِّز نغمة العطف الأسيفة التي تنطوي تحت التهديد بالغضب، ولا كان له من النشاط بحيث يستخدم السلطان الـمُسلَّم له ويعمل لله الذي طالما تجاهله، فأخذ القضاء مَجراه.

    أما صموئيل، والخوف الطبيعي يتملكه، فقد برهن على قدرته للوقوف بجانب الله، فأخبر عالي بكل شيء. وقد كانت أولى رسائله خاصة بالشر وموجهة لأولئك الذين نشأ بينهم. ومع تهيبه لكنه لم يرفض المسؤولية المُلقاة عليه، بل نفذها بأمانة.

    وهكذا كان الرب معه، والرب أعلن ذاته عن طريق صموئيل. ومع أن إعلان القضاء لم يَحُلْ دون وقوع الكارثة، غير أنه استطاع أن يحفظ الإيمان في بقية، ويقود بعض القلوب إلى الإله الحي، والله آخر الأمر مجَّد ذاته.

    ف.و. جرانت
    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

    تعليق


    • #17
      رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

      الجمعة 17 سبتمبر 2010

      محبة المسيح وغيرته

      لأن المحبة قوية كالموت. الغيرة قاسية كالهاوية. لهيبُها لهيبُ نارِ لظى الرب ( نش 8: 6 )

      «لأن المحبة قوية كالموت». نعم، فكما أن الموت يُمسك بمَن يقبضهم ولا يفلتهم من يده إذ لا توجد قوة تستطيع أن تنتزعهم منه، هكذا المسيح ـ له كل المجد ـ فإنه لن يتخلى عن أحبائه، ولا توجد قوة تستطيع أن تنتزعهم من يده. إن محبة المسيح لا ترخي ولا تهمل أولئك الذين هم عطية الآب له: «وأنا أعطيها حياةً أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحدٌ من يدي ... ولا يقدر أحدٌ أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد» ( يو 10: 28 - 30).

      حقًا ما أعجب محبة ربنا يسوع، فإنها إذ التقت بالموت في صراع عنيف فوق الصليب، انتصرت المحبة وانهزم الموت إلى الأبد.

      «الغيرة قاسية كالهاوية. لهيبُها لهيبُ نارِ لظى الرب»، إنها غيرة المسيح المقدسة ـ غيرة محبته الشديدة، التي لا تحتمل أن يختلس قلوبنا أي شيء سواه. وكم هو بغيض لديه أن يوجد ما يفسد أذاهننا عن البساطة التي في المسيح يسوع، نحن الذين خطبنا لنكون عذراء عفيفة له. إنه يَغَار علينا «غيرة الله» ( 2كو 11: 2 ، 3)، وما يقدمه لنا من تحريضات وتحذيرات وتأنيبات وتأديبات هي من الأدلة القوية على غيرة محبته التي هي «كالهاوية» ـ أي التي لا تستطيع أية قوة أن تؤثر عليها أو تُضعفها، إذ ليس في كل الخليقة ما يستطيع أن ينتزع من الهاوية مَن قد استحوذت عليهم وامتلكتهم. إن غيرته الشديدة علينا تعمل معنا بوسائل متنوعة، وكثيرًا ما تكون معاملاته قاسية كما لو كانت «لهيب نارِ لظى الرب». وهذا يذكِّرنا بذلك الفصل الذي يتحدث كثيرًا عن ”تأديب الرب“ ويُختم بهذه العبارة الخطيرة «لأن إلهَنا نارٌ آكلة» (عب12). ولكن هناك دائمًا من وراء تلك المعاملات الإلهية، مهما كانت مُذللة وقاسية، تلك المحبة القوية والمضطرمة التي لا تُطفأ، تلك المحبة التي تقف حائلاً ضد كل المؤثرات التي تحاول أن تلهينا أو تحوِّلنا عن الحبيب. إنها المحبة التي تعمل دائمًا على مُلاشاة كل تلك المؤثرات ولو «بلهيب نار» إذا لزم الأمر، وذلك لتحريرنا من تلك المؤثرات ومن قوتها حتى نستطيع أن نتمتع ونبتهج فرحًا بمحبة المسيح.

      مَحبةُ الابنِ الحبيبْ كالموتِ في قوتِها
      فالموتُ ما استطاعَ أن يطفي لَظَى لهيبها

      متى بهنام
      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

      تعليق


      • #18
        رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

        السبت 18 سبتمبر 2010

        السجود والإعلان

        أنتم تسجدون لِما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لِما نعلم. لأن الخلاص هو من اليهود ( يو 4: 22 )

        باعتبارنا نحترم الوحي اللفظي للكتاب المقدس، ويهمنا بشدة المعنى المباشر لكل كلمة، والذي قصده الروح القدس من استعمالها، يمكننا القول إن المعنى البسيط والمباشر الذي نستخلصه من الكلمات التي استعملها الوحي عن السجود والعبادة في العهد الجديد هو: ”حالة من الاحترام والتقوى الحقيقية تملأ كيان الساجد، يُعبَّر عنها بتقديم الذبائح والتقدمات لله“ ( تث 6: 13 ؛ مت4: 10؛ مت2: 2؛ يو4: 23، 24).

        ومن يوحنا4: 20- 22 نتعلم أن هذه الحالة من التقوى والخشوع يُنتجها في نفس الساجد إعلان الله عن ذاته للساجد، يقول الرب للمرأة السامرية: «أما نحن فنسجد لِمَا نعلم» أي أنه سجود مبني على العلم بطبيعة وصفات الإله الذي نسجد له، لذلك كان سجود اليهود سجودًا بالحق، لأنه مبني على إعلان حقيقي عن الله، بينما كان سجود السامريين باطلاً لأنهم كما قال الرب للمرأة أيضًا: «أنتم تسجدون لِما لستم تعلمون». كذلك كان سجود الأثينويين سجودًا باطلاً لأنهم يعبدون إلهًا مجهولاً، فكانوا يتقون مَنْ يجهلون، كما قال لهم بولس الرسول ( أع 17: 23 ).

        من هذا نستنتج أنه لكي يكون هناك ساجد حقيقي لا بد من أن يعلن الله ذاته أولاً لهذا الشخص، ليجعله يمتلئ بأحاسيس الحب والاحترام والخشوع لله، فيصبح ساجدًا بالحق. ومَنْ لم يتوفر له هذا الإعلان الخاص من الله في لقاءات فردية معه، لن يصبح ساجدًا حقيقيًا أبدًا، مهما كان شكل السجود الذي يقدمه صحيحًا وكتابيًا. ومعرفة الله من خلال إعلانات الله للآخرين، لن تحوِّل الشخص إلى ساجد، مهما كان سمو هذه الإعلانات وصدقها. فلم يعرف بطرس حقيقة المسيح بسبب رؤية العين والتلامس المباشر معه، بل من خلال إعلان الآب عن حقيقة مَنْ هو الابن ( مت 16: 17 ). ولم يعلم التلاميذ مَن هو الآب إلا من خلال إعلان الابن لهم ( مت 11: 27 ). فإن كان لا سجود بدون معرفة الآب والابن، فلا معرفة حقيقية لهما بدون إعلان.

        وقد تكرر قديمًا هذا القول عن الآباء إبراهيم وإسحاق ويعقوب «وظهر له الرب» أو «قال له الرب»، «فبنى مذبحًا للرب الذي ظهر له» (تك12؛ 13؛ 26؛ 35). ومن هذا يتضح أنه لا عبادة بدون إعلان.

        ماهر صموئيل
        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

        تعليق


        • #19
          رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

          الأحد 19 سبتمبر 2010

          البدَلية والفداء

          ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: إيلي، إيلي، لَمَا شبقتني؟ أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 46 )

          نلاحظ أن الرب اعتاد في حياته أن يصلي إلى الله مُخاطبًا إياه «يا أبتاه»، أو «أيها الآب». أما هنا، في صرخة المسيح في ساعات الظلمة، فلا يقول له «يا أبتاه»، بل هنا نحن نسمعه لأول مرة يقول: «إلهي إلهي». ذلك لأن المسيح، في هذا الموقف، كان ممثلاً للإنسان أمام الله، ديان كل الأرض. هنا، وفي هذا السؤال، نفهم أحد معاني الكفارة.

          ويمكننا أن نقول إن المسيح لم يصرخ من فوق الصليب إلى «يهوه» بل إلى الله «إيلوهيم»، وذلك لسببين:

          (1) اسم «يهوه» هو اسم علاقة الله بشعبه إسرائيل. والمسيح فوق الصليب لم يكن يتألم لأجل خطايا إسرائيل فحَسَب، بل لأجل كل الخطايا التي ارتُكبت من بداية التاريخ.

          (2) لأن هذه الصرخة تصوِّر لنا البُعد الذي وضعت الخطية فيه الإنسان، وليس العلاقة الخاصة والقرب الذي يُستفاد من اسم «يهوه».

          وعندما يسأل المسيح: «لماذا؟»، ولا يتلقى على سؤاله هذا جوابًا، فلا تتوقَّع أني أنا المحدود لديَّ الجواب. ولكننا مع ذلك، إذا سرنا قليلاً في المزمور الذي يُفتتح بصرخة المسيح هذه، فإننا نجد في العدد الثالث منه ما يمكننا أن نعتبره الردّ على هذا السؤال الذي بلا جواب، إذ يقول: «وأنت القدوس» ( مز 22: 3 ). فالله لم يترك المسيح ظلمًا. حاشا! بل تركه لأنه القدوس. أ تسأل: ولماذا الله ـ باعتباره القدوس ـ يترك المسيح فوق الصليب؟ الإجابة: ليس لأن في المسيح أي شيء لا يتوافق مع الله وقداسته. كلا البتة، بل لأنه ـ تبارك اسمه ـ قَبِلَ ان يمثِّل الخطاة، وكانت خطايانا موضوعة عليه في ذلك الوقت.

          يستطرد المسيح فيقول: «وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل». فكيف لله القدوس أن يسكن وسط تسبيحات شعب خاطئ إلا على أساس الكفارة؟ أ ليس هذا أمرًا عجيبًا ومجيدًا؟! لقد تُرك ليكون لنا نحن علاقة وشركة مع الله. وفي المزمور عينه الذي يبدأ بصرخة الترك، نقرأ عن تسبيحات الشركة، فيقول المسيح: «أُخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الجماعة أسبحّك». وتتكرر التسبيحات في هذا المزمور من جميع المفديين ( مز 22: 22 ، 23، 25، 26)، وكلها بناءً على صرخة الفادي في أول المزمور. لذا كان ينبغي أن يذوق المسيح الموت بكل رُعبه وهوله، يذوقه بنعمة الله، ليكون هو بنفسه الكفارة لشعبه.

          يوسف رياض
          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

          تعليق


          • #20
            رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

            الاثنين 20 سبتمبر 2010

            الاستعداد قبل التجربة

            وحدث بعد هذه الأمور أن امرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف وقالت: اضطجع معي. فأبى ( تك 39: 7 ، 8)

            يخطئ مَن يظن أن النُصرة والنجاح يأتيان فجأةً، إنه ليس أن نعيش كما يحلو لنا، ثم عند وقت التجربة نصرخ إلى الرب ونحن تحت ضغط نفسي وعصبي شديد لعله ينقذنا، والمؤسف أننا كثيرًا ما يكون هذا مسلكنا، والنتيجة أننا قليلاً ما نختبر النُصرة. لكن يوسف يبدو أمامنا هادئًا وواثقًا، الأمر الذي يؤكد، أنه إن كانت المرأة الفاجرة قد سبقت هذا الموقف باستعداد مؤكد، هو تركها للأهواء وللأفكار النجسة تسيطر عليها بلا رادع، وبلا عقل يحسب النتائج، وما أخطر أحلام اليقظة والهوى! نقول إن كانت المرأة استعدت لسقطتها، فإن يوسف كان مستعدًا للنصرة بالشركة القوية مع الرب.

            أحبائي .. إن امتحان عمق شركتنا مع الرب قد لا تكشفه خدماتنا، وعبادتنا، ونشاطاتنا، لكن تكشفه بكل تأكيد التجارب التي تأتينا، وفي توقيت غير متوقع! إننا نُكشف على حقيقتنا، وعندئذٍ يظهر عمق علاقتنا بالرب حقيقة. لقد نجا يوسف لأنه كان مستعدًا قبل التجربة، وليس لأنه استعد عندما أتت. قال أحد رجال الله مُعلقًا على هذه الحادثة: ”لقد ترك يوسف ثوبه في يدها ... ولكن أين كان هو؟ لقد كان «في يده» «جميع قديسيه في يدك» ( تث 33: 3 )“. ليتنا نوقن أن هذا هو حصن أماننا: أن نسكن في ستر العلي، ونبيت في ظل القدير ( مز 91: 1 ).

            إن طريق النصرة واضح ومضمون ومؤكد لمَن اعتاد حياة التقوى ومخافة الرب. إن اعتبار الله ومهَابته، توقيره وإكرامه في حياة يوسف، هو ما حفظه طاهرًا رغم وجوده في أشر مكان، وهذا يثبت خطأ إدعاء الكثيرين بأنهم لا يستطيعون الحياة بالتقوى والأمانة للرب لسبب شر الأماكن التي يسكنون فيها أو يعملون بها. ففي أقدس الأماكن يمكن للشرير أن يمارس شره (انظر مثلاً أولاد عالي الكاهن في خيمة الاجتماع ـ 1صم2)، وفي أشر الأماكن يمكن للقديس أن يعيش منتصرًا (مثل يوسف، ودانيال).

            لقد جاءت التجربة إلى يوسف ولم يسعَ هو إليها، جاءته ولا أحد من الناس يرى أو يعرف. فلا أهل، ولا السيد، ولا أحد من العبيد هناك، فما الذي يمنعك يا يوسف؟ الإجابة الوحيدة: مخافة الرب، إنه يراني! ليتنا اليوم كله نكون في مخافة الرب ( أم 23: 17 ). وإن مَن تعلَّم أن يقول لنفسه لا أمام رغباته المشروعة لعدم توافرها، سيسهل عليه أن يقول لا أمام رغباته غير المشروعة رغم توافرها.

            إسحق إيليا
            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

            تعليق


            • #21
              رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

              الثلاثاء 21 سبتمبر 2010

              نفحات السماء

              والسيد الرب يُعينني، لذلك لا أخجل ( إش 50: 7 )

              في الإنجيل المدوَّن باسمه، يُبرز لنا لوقا أكثر من غيره من البشيرين حياة الرب يسوع كالإنسان. لقد انفرد بالحديث عن آلام الإنسان الكامل، الرب يسوع المسيح لا سيما في ساعاته الأخيرة قُبيل موت الصليب، حيث يرسم لنا البشير صورًا دقيقة لذلك الغريب السماوي وهو يجتاز طريقه إلى الصليب، وقد لفح جسده ونفسه وروحه الرقيقة الكثير من أنواع المُعاناة.

              إلا أن الآب من السماء أرسل ”نسمات باردة“ أعانت وشجعت نفس ذلك الغريب وهو في طريقه ليموت فوق الصليب.

              ففي جثسيماني وجد تلاميذه نيامًا، أما الآب فقد كان ساهرًا، رآه وهو يذرف الدمع سخينًا، وصراخه الشديد شق كبد السماء، وإذ بدأ جسده في الخوار، أرسلت السماء نجدتها. فقد أرسل الآب ملاكًا يحمل إمدادًا بالقوة لمسكينٍ أعيا ( لو 22: 43 ).

              ثم وهو في طريقه إلى الجلجثة حاملاً صليبه ـ سخَّر الجُند الروماني ـ سمعان رجلاً قيروانيًا ليحمل عنه خشبة الصليب إلى حين يلتقط أنفاسه. لقد أتت السماء في الوقت المناسب بهذا الرجل ليخفف عن جسد الرب ثقل الخشبة.

              عزيزي .. أ لم يرسل لك أبونا يومًا سمعانًا قيروانيًا حمل عنك البعض من ثقل وهموم الحياة! ( لو 23: 26 ).

              وفي ذات الطريق ها هُنّ بعض النسوة ذوات العواطف الرقيقة يستشعرون آلامه وأحزانه، أما كانت عواطفهن الرقيقة نسمات وقد هبَّت على تلك النفس الوحيدة فأنعشتها! ( لو 23: 27 ).

              عزيزي .. أ لم يُرسل لك أبونا وأنت في أحلك الأوقات أرق النسمات!

              وفي الختام نجد الرب فوق الصليب، وقد ظهر للعيان أن كل خدمة السيد قد كُتب عليها الفشل. فها هو مُعلَّق على خشبة مثل المُذنبين، وكأنه واحدٌ منهم.

              كلا، فليس الأمر كذلك بالنسبة لأبيه. فهو يرى أن ابنه ما زال يواصل عمله وخدمته حتى وهو على الخشبة. فها هي باكورة إنتاج الصليب، مُذنبًا يجاهر بإيمانه بالمصلوب ربًا ومخلِّصًا ومليكًا. فهذا ما نفحت به السماء إلى قلب ذلك المصلوب.

              عزيزي .. كم من مرة وأنت في طريق الخدمة قد تملكك الشعور بالفشل فوجدت السماء وقد جادت عليك ببعض الأثمار فجددت الآمال لمواصلة السعي. إنها نفحات السماء.

              جوزيف وسلي
              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

              تعليق


              • #22
                رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                الأربعاء 22 سبتمبر 2010

                ابعُد إلى العُمق

                فدخل إحدى السفينتين التي كانت لسمعان، وسأله أن يبعد قليلاً عن البَرّ، ثم جلس وصار يعلِّم الجموع من السفينة ( لو 5: 3 )

                تأمل في النعمة المُدهشة المتلألئة بجمالها في ثنايا كلمات الرب لسمعان: «وسأله أن يبعد قليلاً عن البَرّ». مع أنه رب الخليقة كلها مالك السماوات والأرض، ولكنه كالإنسان السامي الأخلاق يعترف لسمعان بحق الملكية، ويسأله على سبيل المعروف والجميل أن يبعد قليلاً عن البَرّ. حقًا إن هذا هو مُنتهى الجمال الأدبي، وبلا شك قد ترك أثرًا في قلب سمعان.

                «ولما فرغ من الكلام قال لسمعان: ابعُد إلى العُمق والقُوا شباككم للصيد» وهكذا سيأخذ سمعان أجرة حسنة على إعارة سفينته للرب. وما دامت الشبكة ستُلقى على كلمة الرب، ففي ذلك الكفاية وكل الكفاية. وهكذا لم تكن شبكتهم ولا سُفنهم قادرة على احتمال أثمار القوة الإلهية وما فيها من كرم، إذ «أمسكوا سمكًا كثيرًا جدًا».

                ولنتأمل لحظة في النعمة الغنية المتلألئة بجمالها في مُعاملة الرب لسمعان بطرس. فالشعور بالخطية كان عميقًا وحقيقيًا في نفس بطرس، فالسهم قد اخترق قرار القلب، ووصل إلى أعماقه. ولهذا اعترف بطرس بأنه رجل مملوء بالخطية، وشعر أنه ليس بمستحق أن يقف بالقرب من شخص كالرب يسوع. ولو أننا نثق تمامًا أنه لو أُعطيَ العالم كله، لَمَا فضَّل الوجود في أي مكان آخر خلاف هذا. نعم، إنه كان مُخلِصًا تمام الإخلاص في قوله: «اخرُج من سفينتي يا رب، لأني رجلٌ خاطئ!». ولكننا نعتقد تمام الاعتقاد أنه كان متأكدًا في داخل نفسه أن الرب المبارك سوف لا يعمل عملاً كهذا، ولو فعل لكان مُحِقًا، ولكن حاشا ليسوع أن يفارق الخاطئ المسكين المكسور القلب. فقد كانت كل أفراحه محصورة في أن يسكب من بلسم محبته ونعمته على النفوس الجريحة، ويعصب القلوب المنكسرة، فهو قد مُسح لهذا العمل، وكان طعامه وشرابه في تتميمه.

                «فقال يسوع لسمعان: لا تخف! من الآن تكون تصطادُ الناس!». هذا هو جواب النعمة لصراخ القلب المنسحق التائب. ولو أن الجرح كان عميقًا، إلا أن النعمة كانت أعمق، وقد انسكبت عليه بلسمًا شافيًا من يد المخلِّص اللطيفة. فسمعان لم يشعر بفساد نفسه فقط، ولكنه نال نعمة الخلاص في الحال، إذ إنه وإن كان قد شعر بأنه رجل مملوء بالخطية، إلا أنه رأى المخلِّص مملوءًا بالنعمة، وهذه النعمة لا تعجز دون الوصول لخطيته. نعم، فكما أن دم يسوع فيه قوة للخلاص، هكذا في قلبه توجد نعمة مُتسعة لقبول أعظم الخطاة.

                ماكنتوش
                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                تعليق


                • #23
                  رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                  الخميس 23 سبتمبر 2010

                  برنابا

                  كان رجلاً صالحًا وممتلئًا من الروح القدس والإيمان ( أع 11: 24 )

                  نقرأ في أعمال4: 36 أن اسمه الحقيقي هو ”يوسف“، وأن برنابا اسم أطلقه عليه الرسل. ومعنى هذا الاسم الجديد ”ابن الوعظ“، ولا شك أن هذا الاسم يلقي ضوءًا على شخصية برنابا ونوع الخدمة التي كان يقوم بها في أورشليم. والرسل، لا الجماعة، هم الذين دعوه ”ابن الوعظ“ أو ”ابن التعزية“ وهذا الاسم له كرامته وقيمته.

                  وكان برنابا ينتمي إلى سبط لاوي. وقد أعطى برهانًا عمليًا على أنه خادم أمين للرب، فمع أنه كان من حق اللاوي أن يأخذ عشورًا من بقية الأسباط، إلا أن برنابا سار على مبدأ آخر فنجد أنه تنازل عما يمتلكه للآخرين. لقد كانت النعمة تعمل في قلبه حتى أنه رضيَ أن يبيع حقلاً يدّر عليه دخلاً ليسدد احتياج إخوته المؤمنين، وبهذا أظهر محبة أخوية حقيقية تعطي وتضحي لصالح الآخرين.

                  وموطن برنابا الأصلي هو جزيرة قبرص، وقد كان يعرف نوع الديانة التي يتدين بها الوثنيون، وهذا لا شك ملأ قلبه بالعطف على الذين يعيشون في الظلام، فكان يبشر لهم بالإنجيل. ولكنه أنفق شبابه في قبرص، فقد كان يعرف اللغة اليونانية، وقد أفاده هذا كثيرًا عندما رجع إلى قبرص فيما بعد لكي يعظ ويبشر.

                  كان برنابا مملوءًا بالروح القدس، وهذا مكَّنه بصفة خاصة لأن يكون شريكًا لرسول الأمم العظيم في خدمته. ومن أعمال9: 27 نعرف أن برنابا علم قبل الرسل الإثنى عشر بتغيير شاول الطرسوسي وتبشيره في دمشق، إذ إن شاول عندما حاول أن ينضم إلى جماعة المؤمنين في أورشليم لم يثقوا به إذ كان من الصعب عليهم أن يصدّقوا أن شاول مضطهد الكنيسة العظيم قد أصبح تلميذًا للمسيح. وهنا ظهر برنابا وقدَّمه للتلاميذ، وأقنعهم أن الذي كان قبلاً عدوًا للمسيح، ها هو قد تجدد، ومن هذا يتضح لنا أن برنابا كان يحوز ثقة التلاميذ وكل الجماعة في أورشليم.

                  وقام برنابا أيضًا بخدمة من هذا النوع بخصوص المؤمنين الذين آمنوا حديثًا بالمسيح في أنطاكية، وقد وقع عليه الاختيار من المؤمنين في أورشليم ليقوم بمهمة التأكد من إيمان هؤلاء في أنطاكية، وبعد وصوله إلى أنطاكية شكر الله من أجل نعمته العاملة فيهم، ووعظ المهتدين حديثًا وشجعهم، «أن يثبتوا في الرب بعزم القلب» ( أع 11: 22 - 24). وقَبِلَ المؤمنون في أورشليم حكم برنابا، وثقتهم فيه قد زادت.

                  كاتب غير معروف
                  نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                  تعليق


                  • #24
                    رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                    الجمعة 24 سبتمبر 2010

                    الحجر الحي

                    الذي إذ تأتون إليه، حجرًا حيًا مرفوضًا من الناس، ولكن مختارٌ من الله كريم، كونوا أنتم أيضًا مبنيين ـ كحجارة حية ـ بيتًا روحيًا ( 1بط 2: 4 ، 5)

                    مَن هو الرب الذي أتينا إليه؟ إنه «حجر حي». وهو لقب هام لربنا. وهذا اللقب يقدِّم الرب لنا كمَن فيه الحياة، الذي صار إنسانًا، والذي بموته وقيامته صار رأسًا ومؤسسًا للبيت الجديد الذي يبنيه الله مكوَّنًا من أُناس يحيون به وفيه. وهو «حجر زاوية مختارًا كريمًا» (الآية6) و«رأس الزاوية» (الآية7). وأولئك الذين «كحجارة حية» بُنوا في «البيت» بِناءً حيًا، قد صاروا هكذا بالإتيان إلى المسيح، الحجر الحي.

                    ومن الواضح، أن الرسول بطرس لم ينسَ أبدًا أول مقابلة له مع الرب يسوع، كما هي مسجلة في الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا، الذي يقدم الرب يسوع لنا «كالكلمة» والذي «فيه كانت الحياة» والذي «صار جسدًا» لكي يموت «كحَمَل الله»، ثم بقيامته يعمِّد بالروح القدس ( يو 1: 1 ، 4، 14، 29، 33). وقد جاء أندراوس بأخيه بطرس إلى يسوع بوصفه المسيح ( يو 1: 41 ، 42). والرب يسوع، وهو يعرف مَن الذي أمامه، ولمعرفته بنفسه هو ـ سواء عرف سمعان هذا أو لم يعرف ـ أعلن في الحال امتلاكه له، وغيَّر اسمه إلى «بطرس» ومعناه ”حجر“ (وليس ”صخرة“). وكأن الرب يقول له: ”بمجيئك إليَّ بالإيمان ـ مع أن إيمانك جزئي وناقص ـ صرت من نفس طبيعتي“ (أي «حجرًا حيًا» 1بطرس2: 4).

                    ولم ينسَ بطرس أبدًا المقابلة اللاحقة المسجلة في متى16: 16 والتي اعترف فيها بالمسيح قائلاً له: «أنت هو المسيح ابن الله الحي». وهو اعتراف يتساوى تمامًا مع الاعتراف به كالحجر الحي. وردًا على هذا يذكِّر الرب يسوع سمعان أن اسمه الحقيقي الآن هو «بطرس» ـ أي ”حجر“ ـ بينما هو نفسه ”الصخرة“، وأن بطرس كحجر لن يبقى منعزلاً، بل يُبنى مع الآخرين في الكنيسة، التي ينسبها المسيح لنفسه ويسميها «كنيستي» ( مت 16: 18 ).

                    عندما تكلم الرب يسوع هكذا مع بطرس، كان كل شيء عن المستقبل، فهو يقول: سأبني كنيستي. والآن، بطرس يكتب إلى الآخرين الذين أتوا أيضًا إلى المسيح، وبذلك صاروا حجارة حية، وهو يتكلم بصيغة المضارع عن شيء قائم وإن كان لم يكتمل تمامًا بعد. فيقول: «مبنيين، كحجارة حية، بيتًا روحيًا». فهم بيت روحي ولكنه لم يكتمل بعد، لأنه لا يزال يُضاف إليه باستمرار حجارة حية جديدة.

                    ف.ب. هول
                    نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                    تعليق


                    • #25
                      رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                      السبت 25 سبتمبر 2010

                      حُسن الختام
                      أما أنا فكادت تزل قدماي. لولا قليل لزلقت خطواتي ( مز 73: 2 )أما أنا فالاقتراب إلى الله حسنٌ لي ( مز 73: 28 )

                      إن اختبارات الأتقياء متغيرة، تتأرجح بين القوة والضعف. إنها تتضمن ضحكات الانتصار ودموع الانكسار، فيها الارتقاء إلى الذُرى، وفيها الانحدار إلى الحضيض. ومزمور73 يتضمن هذا كله، فنرى هشاشة آساف، واستعادته للقوة: نشاهد تيهانه عن إلهه، ثم استرداد شركته معه، نستمع إلى أنينه، ثم إلى ترنيمه. وهو يحتوي أوضح كلمات الانحراف: «غِرت من المتكبرين، إذ رأيت سلامة الأشرار»، ويحتوي أيضًا أصدق كلمات الاعتراف: «أنا بليدٌ ولا أعرف. صِرت كبهيمٍ عندك». كما أنه يتضمن بالإضافة إلى ذلك واحدًا من أعذب تعبيرات الشركة الصادقة مع الله: «مَن لي في السماء؟ ومعكَ لا أريد شيئًا في الأرض»!

                      وهناك مُباينة كاملة بين بداية هذا المزمور ونهايته، إنها مباينة بين ”صياح الكسرة، وصياح النُصرة“! فهو يبدأ المزمور بالقول: «أما أنا فكادت تزلُّ قدماي» لكن يختمه بالقول: «أما أنا فالاقتراب إلى الله حسنٌ لي».

                      وكأنه في هاتين الآيتين يقول: إني كدت ـ بجهلي وشهواتي ـ أنزلق في سيري، وأبتعد بعيدًا عن الله، ولكن الآن وصلت إلى القناعة بأن أعظم شيء في الحياة هو الاقتراب إلى الله. ما عُدت أحسد الأشرار، وما عاد يعنيني من أمر الأشرار شيءٌ، فأنا أريده هو، وهذا يكفيني.

                      والفارق بين أول المزمور وآخره، يذكّرنا بتغيير آخر حَدَث في أعمال9، في حياة شاول الطرسوسي، حيث نقرأ: «أما شاول فكان لم يَزَل ينفثُ تهددًا وقتلاً على تلاميذ الرب» (ع1)، لكن الرب التقاه في طريق دمشق، وأحدث فيه تغييرًا عجيبًا، من ثمَّ فإن الوحي يسجل: «وأما شاول فكان يزداد قوة، ويُحيِّر اليهود الساكنين في دمشق، مُحققًا: أن هذا هو المسيح ابن الله» (ع22).

                      في سفر الأعمال، في قصة شاول، نجد ”إيمان الخلاص والتغيير“، والجسر العظيم الذي بُنيَ بين حالة شاول قبلاً، وحالته بعد الإيمان ( 1تي 1: 13 ). وأما في مزمور73 نرى ”إيمان الثقة والشركة“، والجسر العظيم الذي بُنيَ بين حالة مؤمن رأى فغار، وكاد إيمانه ينهار، والمؤمن نفسه عندما دخل مقادس الله، واكتفى بالرب نصيبًا.

                      ومن هذا نتعلم درسًا هامًا، وهو أنه كما يحتاج الخاطئ إلى تغيير، هكذا المؤمن أيضًا.

                      يوسف رياض
                      نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                      تعليق


                      • #26
                        رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                        الأحد 26 سبتمبر 2010

                        خدمة الشيطان والصليب
                        فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس ( عب 2: 14 )

                        لا شك أن مجيء ربنا يسوع إلى الأرض كان يمثل رُعبًا وقلقًا للشيطان، لأنه طوال حياته على الأرض كان ينقض أعمال إبليس ( 1يو 3: 8 ). فكان شوق الشيطان «متى يموت ويبيد اسمه؟» ( مز 41: 5 ). لذلك نرى محاولات قتل ربنا كثيرة جدًا، ولكن لم يستطع الشيطان أن يفعل شيئًا «لأن ساعته (المسيح) لم تكن قد جاءت بعد» ( يو 7: 30 ). إلى أن جاءت ساعته، وحينئذٍ سمح الله للشيطان بالعمل. فنراه يعمل بكل ما له من قوة ومكر؛ فدخل في يهوذا وجعله يتفق مع رؤساء الكهنة وقواد الجُند، ونرى لأول مرة تحالف بيلاطس مع هيرودس، واتفاق اليهود مع الرومان على قتل المسيح ملك اليهود! وإمعانًا في احتقار المسيح، اختار الشيطان الصليب كوسيلة لقتله. ومع الفوضى التي ظهرت في المُحاكمات والصليب، قد نتصوَّر أن الله ترك الشيطان يفعل ما يشاء، ولكن الله كان مسيطرًا تمامًا على الأحداث، فترك الشيطان يُفرِّغ كل ما في جُعبته، طالما سيؤول هذا في النهاية لتنفيذ مشيئته وإتمام النبوات. ولكن الله لن يسمح لكائنٍ مَن كان أن يقف ضد مشيئته، فعندما أراد الأشرار إزالة العنوان المكتوب فوق الصليب: «هذا هو يسوع ملك اليهود» ( مت 27: 37 )، تدخَّل الله مستخدمًا بيلاطس حتى يتمم مقاصده. كما نراه أيضًا يستخدم يوسف الرامي لكي يُبطل إرادتهم الفاسدة بدفن المسيح مع الأشرار. وهكذا نرى أنه عندما يستخدم الله الشيطان، فهو يضع له حدودًا لا يتعدّاها.

                        وإذ كان هدف الشيطان أن يبيد اسم المسيح بالموت، نرى النتيجة عكس ذلك تمامًا، إذ نجد أن المسيح هو الذي «يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس» ( عب 2: 14 ). أما عن المسيح «فتطول أيامه» ( إش 53: 10 ). بل أتى الصليب بنسل كثير. ويقينًا ما فعله الشيطان في الصليب كان بسبب جهله بمحبة الله، فلم يكن يخطر على باله مُطلقًا، أن يكون لإله عظيم بهذا المقدار الاستعداد أن يموت بدلاً من العبيد!

                        وهكذا نرى الشيطان، مع كل ما له من مكرٍ ودهاء، يُفسد بالصليب كل ما عمله هو مع آدم، فالصليب يزيل كل نتائج دخول الخطية، أما نتائج عمل الصليب فلا يمكن أبدًا أن تُزال، بل سيظل تأثيرها إلى أبد الآبدين، شاهدة على قصور الشيطان وعجزه عندما يتقابل مع حكمة الله وقدرته.

                        يوسف عاطف
                        نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                        تعليق


                        • #27
                          رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                          الاثنين 27 سبتمبر 2010

                          أين يكمن كنزك؟
                          لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزًا في السماء ( مت 6: 19 ، 20)

                          إن كنزك يكمن إما في السماء أو على الأرض. كل ما لديك سوف تخسره في النهاية. وكل ما تستثمره في النفوس، فسوف تحفظه وتُبقي عليه. وستدخل السماء إما شديد الفقر وليس لديك أي شيء، أو لك ميراث سماوي تحقق نتيجة للعطايا والمساهمات التي قمت بها أثناء وجودك على الأرض.

                          هذا يذكِّرني بأسطورة تُحكى عن امرأة شديدة الثراء وسائق مركبتها. كانت المرأة تتوقع قصرًا في السماء، لكنهم أعطوها كوخًا متواضعًا بجانب أحد القصور. وعندما سألَت عن مالك القصر، قيل لها إنه يخص سائقها! وعندما عبَّرت عن دهشتها واستيائها، قيل لها إنه كان يرسل إلى السماء الكثير من مواد البناء طوال حياته على الأرض حيث كان يستثمر ماله في الوصول إلى النفوس. ولكن بالنسبة لها فلم ترسل سوى القليل جدًا حتى إنهم اضطروا لبذل الجهد لكي يُكملوا لها هذا المقر المتواضع باستخدام مواد البناء القليلة التي لها.

                          البعض منا يُسرع الخُطى للخروج من الحياة على الأرض. ليس لدينا سوى القليل جدًا من الوقت الذي يمكننا فيه أن نضع كنزنا في السماء. لذا من الأفضل أن نبدأ في الحال وإلا فقد يفوت الميعاد. كل ما يمكننا أن نرسله إلى السماء قبل أن نرحل، سوف يكون في انتظارنا وسنسترده إلى جانب أرباحه عندما نصل إلى السماء.

                          هناك عدد ضخم من الناس لديهم اعتقاد أنه باستطاعتهم أن ”يوصوا“ بتوجيه أموالهم بعد وفاتهم إلى العمل المُرسَلي، وبذلك فهم يستحقون المكافأة. لكن هل تعلم أن الله لا يَعِد أبدًا بأية مكافأة لمَن يتبرعون بأموالهم بعد موتهم؟ لماذا يُكافأون على شيء لم يَعُد بمقدورهم أن يتصرفوا فيه؟ الله يقول بكل وضوح بأننا نُكافأ عن ”الأعمال التي عملناها في الجسد“. بمعنى آخر، نحن نُكافأ فقط على ما فعلناه بينما كنا على قيد الحياة.

                          أريد أن أعرف ما الذي تفعله نقودي! إذ إنني لن أرغب في أن أوصي بها لصالح العمل المُرسَلي ثم أترك عائلتي تتشاجر وتتقاتل عليها بعد موتي! ويحصل المحامون على القسم الأكبر منها في أثناء هذه الصراعات! بل أريد أن أتأكد من أن معظم مالي يذهب الآن إلى الأمور محل اهتمامي وأنا ما أزال على قيد الحياة، وإلا فليكن في عِلمي أنني لن أحصل على أية مكافأة نظير التوصية بمالي بعد وفاتي.

                          أزوالد سميث
                          نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                          تعليق


                          • #28
                            رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                            الثلاثاء 28 سبتمبر 2010

                            تأثير الرجاء على الحياة
                            وكل مَن عنده هذا الرجاء به، يُطهِّر نفسه كما هو طاهر ( 1يو 3: 3 )

                            كلما تطلعنا بأشواق إلى الرجاء المبارك، كلما انعكس هذا على حياتنا العملية، وظهر في تصرفاتنا وسلوكنا. والرجاء المسيحي هو الحق المؤثر في حياة المؤمن. وثمار الرجاء هي: الأمان، القوة، المثابرة، القداسة، تقييم الأمور بالمنظور الأبدي، الفرح.

                            (1) الأمان والطمأنينة: فالرجاء المسيحي هو «كمرساةٍ لِلنفسِ مؤتمنَة وثابِتةٍ» ( عب 6: 18 ، 19)، وهو أيضًا الخوذة الواقية ( 1تس 5: 8 ).

                            (2) القوة والعزيمة: لأنه مكتوب «وأَما منتظرو الرب فيجددون قوةً. يرفعون أجنحةً كالنُّسورِ. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون» ( إش 40: 31 ).

                            (3) المثابرة والجهاد: نقرأ في رسالة تسالونيكي الأولى عن صبر الرجاء «وصبر رجائِكم، ربنا يسوع المسيح، أمام اللهِ وأبِينا» ( 1تس 1: 3 ) ولنا أيضًا التحريض النافع «إِذًا يا إِخوتي الأحباء، كونوا راسخين، غير مُتزعزِعين، مُكثِرِين فِي عملِ الربِّ كل حينٍٍ، عالِمِين أَن تعبكم ليس باطلاً في الرب» ( 1كو 15: 58 ).

                            (4) التقوى والقداسة: الرجاء المسيحي هو أعظم حافز لحياة القداسة العملية. بعد حديث بطرس عن الرجاء في رسالته الأولى، نجده يحرّض إخوته على حياة التقوى والطاعة والقداسة ( 1بط 1: 14 ، 15). والرسول يوحنا أيضًا يحلـّق بإخوته في أجواء الأبدية السعيدة ويقول: «إِذَا أُظهِر نكونُ مثلَهُ، لأننا سنراه كما هو»، ثم يحرِّضهم: فلنحترس أيها الأحباء «أن نكون مرضيين عنده» ( 2كو 5: 9 ).

                            (5) تقييم الأمور بالمنظور الأبدي: مَنْ ينظر إلي الأمور التي لا تُرى ( 2كو 4: 18 )، سينظر بعين الاحتقار إلى كل ما هو تحت الشمس، فتتنقى حياته من البُطل والمنظور ومحبة المال ( 1تي 6: 17 ؛ مت6: 19).

                            (6) الابتهاج والفرح: مَنْ يتطلع إلى هذا اليوم، لا بد أن يمتلئ قلبه بالتعزية والفرح وسط هموم الحياة، ويشتاق إلى ذلك العريس الذي سيخرج قريبًا للقائنا ( 1بط 1: 6 -9؛ 1تس4: 18).

                            وها أنا آتـي سريعًـا بغتةً

                            إيَّاك أنْ تنسَـى مـجيِئـيَ لـحظـةً

                            بلْ فانْتظـرْهُ دَقيقَةً فَدقيقةً

                            حتَـى أُقيـمَ للعروسِ وليمةً

                            هيَّأتُها لـجميـعِ مَنْ حَبُّونـي
                            جورج هوكي
                            نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                            تعليق


                            • #29
                              رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                              الأربعاء 29 سبتمبر 2010

                              الشعور بالاحتياج
                              فقال لهم يسوع: أنا هو خبز الحياة. مَن يُقبل إليَّ فلا يجوع، ومَن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا ( يو 6: 35 )

                              لا بد لكي يقبل الخاطئ المسيح مخلِّصًا وبديلاً شخصيًا له بعمله الكفاري على الصليب، لا بد أن يتولد لدى هذا الشخص شعور عميق بالاحتياج أولاً. وهذا الشعور بالاحتياج قد يسير في خط أو أكثر من الخطوط التالية:

                              (1) الشعور بالمذنوبية ( لو 5: 8 ؛ 18: 3)

                              (2) الشعور بالخطر ( أع 2: 37 ؛ 16: 30)

                              (3) الشعور بالفراغ والحاجة إلى الشبع ( لو 15: 17 ).

                              ومع بعض النفوس سنجد أن واحدًا من هذه المشاعر له الأولوية، ومع البعض الآخر سنجد خليطًا من اثنين وربما الثلاثة مشاعر معًا. فمع نيقوديموس تحدث الرب مُولِّدًا فيه الإحساس بمذنوبيته إذ أعلن له بوضوح تام أنه لن يرى ملكوت الله ما لم يولد ثانيةً، ثم وضع أمامه عمله الكفاري على الصليب، ومحبة الله التي دفعته ليبذل ابنه ليموت لأجل الخطاة، وأخيرًا أعلن الوعد الخاص بهبة الحياة الأبدية لكل مَن يؤمن به ( يو 3: 1 - 6).

                              وعلى الجانب الآخر نرى يوحنا المعمدان يوقظ ضمائر النفوس، ويُشعرها بالخطر والحاجة إلى التوبة، وذلك بتحذيرهم من الدينونة العتيدة والغضب الآتي ( مت 3: 10 ). والرب نفسه ـ له المجد ـ فعل الشيء ذاته بعد ذلك، عندما حذر النفوس من رُعب «النار التي لا تُطفأ والدود الذي لا يموت» ( مر 9: 42 - 48).

                              أما بالنسبة للمرأة السامرية (يو4) فقد واجه المسيح احتياجها إلى الشبع. فهذه المرأة التي اندفعت لاهثة باحثة عن لذة الخطية ومُتعتها، في محاولة يائسة منها لملء فراغ قلبها ونفسها، وقد انتهت إلى الفشل والإحباط. ولو كنا نحن مكان الرب أمامها، لربما تحدثنا معها عن خطيتها الشنيعة وعن إثمها المُشين. ولكن الرب لم يفعل ذلك، بل نراه يتحدث معها عن عطية الله؛ الماء الحي الذي يُروي بالتمام ويُشبع احتياجات النفس. الأمر الذي ولدّ فيها شعورًا بالاحتياج إلى ذلك الماء الفريد.

                              وبعد ذلك، وفي يوم العيد العظيم ( يو 7: 37 )، استأنف الرب مواجهته لاحتياج النفوس إلى الشبع، وذلك بأن أعلن شيئًا يُشبع أكثر مما يمكن أن تقدمه الأرض (التي لا تقدم في الواقع إلا ما يزيد العطش). كذلك نرى الأمر نفسه في إشعياء55: 1؛ رؤيا22: 17؛ يوحنا6: 35، وهنا نجد موته الكفاري مُقدمًا، ليس إزاء الشعور بالمذنوبية، بل بالحري لسد احتياجات النفوس العطشى والجائعة.

                              أ. س. هادلي
                              نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                              تعليق


                              • #30
                                رد: من "طعام وتعزية" - سبتمبر 2010

                                الخميس 30 سبتمبر 2010

                                شمشون وفقدان الانتصار
                                وأنامته (دليلة) على ركبتيها ودَعَت رجلاً وحلقت سبع خُصل رأسه، وابتدأت بإذلاله، وفارقته قوته ( قض 16: 19 )

                                قلبي على شمشون النائم على ركبتي دليلة! أين لنا بمَنْ يصرخ في وجهه بكل ما أوتي من قوة: «استيقظ أيها النائم»! إنك مثل النائم في زورق يغرق! أنت على وشك الوقوع في الشَرَك، فاستيقظ قبل فوات الأوان! قبل أن يُقص شعرك. قبل أن تقع في الأسر مع مَنْ لا يرحمون! قبل أن يقلعوا عينيك وتمسي في عمى كامل! قبل أن تنتهي شهادتك قبل الأوان، وتضطر أن تنهي حياتك بيديك!

                                على أنه لا طائل من الصراخ الآن في وجه شمشون، لذلك فإني أتحول إلى كل شخص في مثل وضع شمشون النذير، يُنتظر منه الكثير. أصرخ في وجه كل شاب يقترب من نار الشهوة المدمرة برجليه، وأصرخ به: تنبَّه ماذا أنت فاعل. تحذَّر فإن معظم النار من مُستصغر الشرار. تذكَّر كلمات الحكيم: «أ يأخذ إنسان نارًا في حضنه ولا تحترق ثيابه؟ أَوَ يمشي إنسان على الجَمر ولا تكتوي رجلاه؟» ( أم 6: 27 ، 28).

                                وما أن نام شمشون حتى جاء الحلاق، وكان جاهزًا بالموسى لينقَضّ على شعر النذير. وبعد أن قص شعره، سمع شمشون الصرخة الأثيرة: «الفلسطينيون عليك يا شمشون». فقام وانتفض كما في المرات الأُول «ولم يعلم أن الرب قد فارقه!».

                                وما قاله شمشون لدليلة في قضاة16: 17 عن مُفارقة قوته له، يُعَد كارثة كبرى. لكن قمة المأساة في الحقيقة، التي لم يعمل لها شمشون حسابًا، ما يسجله الوحي في ع20 أن «الرب قد فارقه» وهي يقينًا أكثر عبارات سفر القضاة حزنًا، وربما تكون واحدة من أكثر العبارات في كل الكتاب المقدس مدعَاة لذرف الدموع!

                                ثم يقول الوحي: «فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه، ونزلوا به إلى غزة»! ومأساة شمشون هذه تكررت بعد ذلك مع مدينة بأكملها، تركها الرب نتيجة خطاياها. ويحكي لنا إرميا مأساتها فيقول عنها إنها: «تبكي بُكاءً في الليل، ودموعها على خديها ... أصحابها غدروا بها، صاروا لها أعداء» ( مرا 1: 2 ). لقد جاء نبوخذنصر الذي لا يرحم، وسوَّى بها الهوايل. ومن فرط رحمة الرب أعطى هذه المدينة الآثمة فرصة ثانية، وأتى إليها رب المجد بنفسه، فرفضوه وصلبوه، من ثم جاء تيطس الروماني وفعل بها ما تشيب لهوله الولدان! والدرس الأسيف المتكرر دائمًا وأبدًا، أن الذين يلعبون بالخطية، لا يفكرون في عواقبها المُرّة ( تث 32: 28 ، 29).

                                يوسف رياض
                                نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس . 1 بطرس 1:9

                                تعليق

                                من قاموا بقراءة الموضوع

                                تقليص

                                الأعضاء اللذين قرأوا هذا الموضوع: 0

                                  معلومات المنتدى

                                  تقليص

                                  من يتصفحون هذا الموضوع

                                  يوجد حاليا 2 شخص يتصفح هذا الموضوع. (0 عضو و 2 زائر)

                                    يعمل...
                                    X