علاقة بالله أثمرت فيه

كل علاقة حقيقية تُشكل فينا إما بالإيجاب أو بالسلب وعندما تتشابك حياتنا بأشخاص تتلامس حياتهم وكيانهم مع الله بعلاقة حقيقية، لتُنتج كيان مسيحي حقيقي وهذا ما لمسته في حياة القس عزت عفيفي. فعبر علاقتي به اقتربت بعمقٍ شديد من شخصه فرأيت علاقته بالله، التي هي أساس قناعاته الإيمانية به، والتي أثمرت فيه:

هوية حقيقية


مُنذ أن اختار أن يتبع الرب ويخدمه بقراره دخول كلية اللاهوت سنة 1993م. تعلم الطاعة الكاملة لله؛ فعاش الحياة في المسيح والموت عن الذات (كولوسي ٣: ٣)، وكان يربط بين عمق الاتحاد بالمسيح والهوية، وهذه الهوية الشخصية جعلته يشعر بالشبع والقوة؛ فكان يصلي صلاة شكرٍ دائمًا فيقول: «بشكرك لأنك أبي، هذا يسعدني ويرضيني، يشبعني ويقويني، وبنعمتك تكفيني.» وكان يرى -هذا الاتحاد بالمسيح- ضامن الحياة والمستقبل المجهول، كما يجعله يرى الطريق، ليس من خلال منظوره البشري فحسب، لكن من منظور إلهي نابع عن اتحاده، فيقول: «الالتصاق بالرب، يضمن لي رؤية الحياة من خلال عينيه.»؛ فرأى في اتحاده بالمسيح عمق الحياة وما يبحث عنه، وأن فيه وحده كل كفايته. فكتب كلمات تشي بانبهاره بعظمة حياته وحياة كل من يتحد بالمسيح، ويتخذه ربًا ومخلصًا لحياته قائلًا: «في أمان أكتر من كده! في نعمة أكبر من كده! في ضمان أعظم من كده! إن حياتي متخبيه فيه.»69450282_2470412753235130_2813519018458087424_n.jpg

رجاء في الحياة

عاش القس عزت حياة الثقة يؤمن بأن العلاقة مع الله تبدأ بالثقة في الله وتنتهي بالثقة في الله أيضًا، وأن سلوكنا في حاضرنا ينبُع من محبتنا له التي تُبنى على هذه الثقة. وهذه هي كلماته: «تبدأ العلاقة مع الله بالثقة (هذا هو الإيمان)، وتنتهي حياتنا الأرضية بالثقة في الأبدية معه (هذا هو الرجاء)؛ وبين هاتين الثقتين، يجب أن تكون كل تصرفاتنا في الحياة مبنية على ثقتنا فيه (هذه هي المحبة) (١ كورنثوس ١٣: ١٣). وأن هذه الثقة المبنية على الرجاء، هي التي تجعلنا مرتبطين بالعلاقة الحية مع الله رجاؤنا فهي تصنع فرقًا في العلاقة بيننا وبين الله. الثقة تُرينا أنفسنا على حقيقتها بأننا بشر محدودون، محتاجون لإله محب، وحكيم، قادر». وكان يُصلي أن يكون لنا رجاء في النصرة، وأن يكون لكل منا «...ترنيمة خاصة به، ينشد لحن النصرة، لحن الفرح والثقة، على آلة التعاملات الإلهية، وسط خيوط الزمن المتشابكة، والمبهمة كالألغاز.»

قوة شافية حقيقية

رأى القس عزت أن الإنسان في وجوده هو معجزة الله التي يمتن لها، وأن مرض الإنسان الحقيقي هو الخطية التي أفسدته، ونادى بأن القوة الشافية الحقيقية في الخلاص الذي صنعه الله لنا في المسيح وأتمه. ويستطيع الإنسان أن يلتصق بالمسيح ويحصل على حقه في هذا الشفاء. وفي أثناء مرضهِ الشديد كان يدعوا الآخرين إلى أهمية الشفاء الروحي رغم انتظاراته للشفاء الجسدي، وإيمانه بأن المعجزة الحقيقية هي استرداد الإنسان لشفائه الحقيقي من مرض الخطية. كتب أن انتظاراتنا أحيانًا للشفاء الجسدي فقط لا يُقارن بالمعجزة الكبرى والحقيقية التي صنعها المسيح لأجلنا. وكتب عن عظمة معجزة إقامة لعازر، وشفاء المفلوج. وحيثُ أن يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ. (عب ١٣: ٨) فهو لديه انتظارات في معجزة مرضه. وإذ سئل حول ما هي المعجزة التي ينتظرها؟
أجاب أنه -كإنسان تحت الآلام- ينتظر شفاءه الجسدي، لكنه كان يرى هذه الصلاة طلب سطحي جدًا من إله عظيم جدًا؛ فكتب إيمانه عن المعجزة الحقيقية الشافية التي ينبع فيها إيمانه الشخصي حول المعجزة الأكبر التي يبحث عنها الله ليحققها في حياتنا هي: هي تغيير شخصياتنا، المعجزة الروحية في داخلنا، الإنسان الخفي، لأن الظاهر ليس الدائم، هو يفنى، وإن لم يفنى بالمرض سيفني بالزمن والشيخوخة. لكن الداخل يتجدد. لعازر تغير روحيًا صار يجلس مع المسيح في المجلس الروحي مع مريم ومرثا، لم يكن يجلس معهم قبل قيامته. غفر الرب يسوع للمفلوج خطاياه قبل شفاء جسده.
أؤمن بالمعجزة الالهية، أؤمن بالشفاء الإلهي، لكن لا أقبل شفاء لجسد سوف يفنى دون شفاء لروح ستبقى، دون عمل إلهي في شخصيتي الداخلية لتصير أكثر شبها به.... أؤمن بشفاء إلهي متكامل علي قدر عظمة هذا الإله.
لذلك من البداية صليت أن يساعدني الله أن أجعل مرض الأورام فرصة لي معه، لن أسمح بأن يستغلني السرطان في البعد، أو الشكوى، أو التذمر، أو تدميري وعائلتي ونفسيتي، أو حتى خدمتي. لكن أنا من سأستغله لتمتلئ حياتي بالشكر، ولنمو إيماني، سأستغل المرض لأعرف جانبًا مهمًا في شخصية الله وسط الألم، أريد أن أعرف إلهي كما يريدني هو أن أعرفه، وليس ذلك الإله الذي صنعه خيالي أو خيال آخرين، أو الإله الذي أريده على طريقتي، بل سأحاول أن أكون أنا ما يريدني هو أن أكونه. وهنا لا أدعي البطولة لكن أحاول أن أضع فلسفتي في الحياة...وفي العلاقة الحقيقة معه. لذلك أرجو أن نعدل دائمًا صلاتنا، من أجل المرضي وكل الذين في مواضع مؤلمة، بأن ينقذ الرب الأجساد من الألم، وينقذ الأرواح من سجنها، ويتقابل المتألم وجها لوجه مع الله، هنا ستنتهي كل آلامه. وتتغير كل حياته ويتحقق قصد الله فيه بأن ترجع صورة الله المفقودة إليه وإلى العالم المشتاق أن يري الله متجسدًا في بشر.


صفات الله في سلوكه كمؤمن حقيقي

كتب يزن ملكونيان: «الفهم السليم عن الله وطبيعته وصفاته، يقود إلى فهم سليم عما يدور من أحداث في العالم. وتبدأ أهم جزئية في السعي إلى محاولة فهم طبيعة الله وصفاته في نفوسنا نحن.»110111382_3111768525547665_5652586658102339615_n.jpg
لم ينظر القس عزت لله بعيدًا عن حياته وعلاقته به، فكان يقرأ الكتاب المقدس ليعرف الله وصفاته وكانت محرك له أيضًا في خدمته. فرأى جود الله، وكرمه ورحمته يرتبطان بحياته. فلم تكن صفات الله مجرد نظريات يتكلم عنها، لكنه كان يربطها بحياته ويُصدقها وتملئه لذا فاضت في حياته ومن حوله، قال في إحدى صلاته: «شكرًا لأنك تعهدت أرضي، بعهد أبدي، معتمد على أمانتك الغير محدود، وجعلت حياتي في هذه السنة تفيض بالخير الوفير، والاستخدام الإلهي، رغم قحالتها. شكرًا لإنك ملتزم بها. تنقيها لتأتي بثمر أكثر. شكرًا لإكرامك، وخيرك، وتعويضك الرائع.»
كان يرى أننا في الله «لا نختبر النصرة بلا حرب.... ولا سلام الله إلا وسط الانزعاج والاضطراب. ليس أجمل من متعة أن تشعر بالنصرة، أن تختبر فرح ونشوة الرفعة وسط الحرب، أن تري من حولك إبليس يتساقط كل يوم، وتختبر سَحْقهِ الذي سَحَقهُ المسيح علي الصليب، سحق أفكاره الهدامة، وحيله المدمرة، وكذبه المستمر، ورغبته الشريرة في تدميرنا...لكنه كائن مهزوم في حياة مختبري النعمة الإلهية... أنت وأنا وسط حرب، لكن لنا سلام الله، ولنا نعمة المسيح التي تقوينا وتسندنا. اختبر.. وأفرح...وأشهد...» (رو 16: 20).
أكد كثيرًا على أهمية الثقة في ثبات الله وصفاته مهما تغيرت الظروف فنادى أن: «اليقين الوحيد وسط تغير السنين، والظروف والبشر هو يقين ثبات الله (فلنتكل عليه).»
كانت هذه مقتطفات من شخص ربط هويته ووجوده بالله خالقه وبالمسيح فاديه؛ فتلامس معه في حياته، وفي رجائه، وفي خبرة ألمه ومرضه أعلن لنا صفات الله التي آمن بها فصارت ظاهرة في حياته. أيها القارئ العزيز إذا قرأت هذه الكلمات، أعلم أن الله يسعى إلى أن يقودك لرحلة حياة متميزة تختبر فيها علاقة حقيقية مع الله ليكون لك قصتك المميزة مثلما عاش حبيبنا القس عزت.