ic

السباق الأخير
كان الطفل كله شقاوة وحيوية وهو يلعب بدراجته، بينما كان جاره الذي في شرخ الشباب يراقبه ويراقب شقاوته في إعجاب شديد، نظر إليه الطفل فجأة وابتسم بعيون مشرقة، وفجأة اتجه الطفل إليه وببساطة قال له:
- عمو ... تسابقني؟
نظر الرجل إلي الطفل بضحكة بدت ساخرة في البداية، ولكن أمام ابتسامته الشقية البريئة من ولد صغير لم يرد أن يرفض طلبه، وقال بتحدي أحبه الولد وهو يرد
- لنفعلها ... أنا قادم ..
لم يكن الرجل يريد هذا التحدي وليس له أي معنى بالمسبة له، لكنه ما أن شاهد طفلاً صغيراً جريئاً وبنفس الوقت قد يكون هذا الطلب هو حلم بالنسبة له لذلك قرر ألا يكسر بخاطره ..
وبدا السباق
وبدأ الطفل بأقصى ما لديه بينما الرجل لم يحاول أن يسبقه.. هو شعر أن ذلك الانتصار سيجعل من الولد اسعد مخلوق في الدنيا
وانتهى السباق بانتصار مدوي الطفل
وبعد صيحة الانتصار الكبيرة التي أفللت من فم الطفل، اتجه اليه كأي رياضي منتصر، يسلم على الرجل المبتسم له في سعادة، والتقت العيون بنظرة لم ينسها الطفل ابدا.
***
سنوات كثيرة مرت على هذا الموقف ... سنوات صنعت من هذا الطفل رجلا مسؤولاً وناجحاً ، وتركت الأيام آثارها في جسد الرجل، ليحل الوهن والضعف محل القوة، لتضيف الأيام الى الرجل صديق جديد هو كرسي متحرك لا يفارقه مطلقه
وفي يوم من الأيام ذهب الطفل السابق مع والدته العجوز في المستشفي لإجراء فحوصات لها
ليرى رفيق السباق وقد صار مقعدا و يسير على كرسي متحرك ووراءه شاب يدفع الكرسي .. وتلاقت النظرتان لاول مرة منذ هذا السباق وبعد لحظات من التفكير تعرفا على بعضهما ... وبالنفس التقلائيةخرجت العبارة من فم الشاب
- عمو تسابقنى؟.
نظر إليه القعيد وسكت ، مع ابتسامة كلها ألم و تعب، ظن أن الشاب غير جدي في عرضه، ولكن بكل تحدي اكمل المتحدي شروط التحدي:
- فقط لوحدك بدون أي مساعدة..
قالها وهو يشير إلى المقعد والشاب الذي وراء المقعد فرد العجوز
- ولكنني لا أستطيع..
لم تزل عيون التحدي تلمع وفي حماسة بالغة قال
- صدقني تستطيع فأنت مازلت شباب..
و بالفعل وافق ..وقف المتسابقان ...أرجل ثابتة ضد أرجل تقف بمنتهى الصعوبة ولكنها لا تزال متشددة ... ويبدأ السباق وينتهي بانتصار المقعد العجوز
وتتلاقى النظرات من جديد. وبنفس تلك النظرة القديمة التي نظرها نظرا بهما إلى بعضهما ولكن هذه المرة من عيون مليئة بالدموع والامتنان، وبدلا من ذلك السلام الرياضي كان الحضن الكبير، الحضن الذي يمنع الرجل من الوقوع، وبرفق اجلسه على كرسيه المتحرك من جديد، ثم قال له الشاب
- أنت مازلت بكامل عافيتك وشبابك وأسرع مني.
وبصوت ضعيف قال المقعد:
- شكرا لك
- سوف تكون بخير، ولنا سباق آخر أريد أن أعوض خسارتي
ابتسم العجوز ولم يعلق، فقد كان يعرف الحقيقة كان يعرف أن هذا السباق هو السباق الاخير
#قصةقصيرة #عمادحنا #سأسير_معك_في_هذا_الطريق